لا يمكن لأي مؤسسة إدارية، عامة كانت أو خاصة، تحقيق نجاحها وأهدافها، وتحسين وتطوير جودة وخدمات أدائها المؤسسي، ورفع إنتاجيتها، إلا من خلال تفعيل سياسات إدارية فعّالة تقوم بقياس وتقييم أداء موظفيها بشكل دوري، مبنية على دعائم وأسس وركائز ثابتة، أهمها النزاهة والشفافية والإنصاف والعدالة، وخلق بيئة عمل مليئة بالحوافز التنافسية والتشجيعية، تسهم في رفع معدلات الإنتاج والابتكار في المؤسسات، وتطوير وتحسين جودة العمل، ومراعاة الظروف الاجتماعية والمعيشية للموظف.

لنعد بالزمن إلى الحقبة الماضية، والتي كانت المؤسسات الحكومية المدنية تستخدم فيها آلية خاصة بقياس وتقييم أداء الموظف العام سنويًا، تُعرف بـ«الجدارة»، تستند إلى قواعد وأحكام قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، وذلك قبل اعتماد منظومة الإجادة الحالية، حيث كان يتم الاعتماد على مؤشرات ونتائج تقييم نظام الجدارة لترقية الموظف العام، ويتكون النظام من عنصرين يُطلق عليهما عنصرا الجدارة، وهما:

1- عنصر الكفاءة، والمحدد بنسبة 70% من نسبة الجدارة.

2- عنصر الأقدمية، المحدد بنسبة 30%.

فبالرغم من اشتراط وتحديد ضوابط آلية قياس الأداء الفردي للموظف العام سابقا، وتحديد عناصر التقييم ونسبة كل منهما، التي يتم الاعتماد عليها لمنح الترقيات والمكافآت، إلا أن الترقيات كانت تُمنح وبشكل متساوٍ لجميع الموظفين العاملين في جميع الوحدات الحكومية المدنية دون استثناء، بناءً على عنصر الأقدمية فقط، مراعاةً لعوامل اجتماعية تكفل ضمان العيش الكريم للموظف المواطن، وذلك بالاعتماد على الوضع الاقتصادي والمالي العام للدولة في كل سنة مالية، ورصد عشرات الملايين من الريالات سنويًا لتغطية مخصصات ترقيات عشرات الآلاف من الموظفين في كل سنة، خاصة في سنوات سابقة يُطلق عليها في العرف الإداري العام بـ«دفعة السنة المعينة الماضية» أو «أقدمية السنة المعينة».

وكانت لتلك السياسات المالية ميزة وإيجابية واحدة فقط، وهي تحسين الظروف المعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية لجميع الموظفين وترقيتهم على أساس الأقدمية، إلا أن للنظام العديد من السلبيات، تتمثل في غياب العدالة والإنصاف من خلال مساواة المجيدين والمنتجين في العمل مع غيرهم من ضعيفي وعديمي الإنتاج، وانعدام الحوافز التنافسية التشجيعية بين الموظفين في جميع المؤسسات الحكومية، وخلوها من روح الابتكار والتطوير والإبداع والتغيير والتعلم، وإضعاف طموح أصحاب الكفاءات والخبرات والمهارات في العمل، وضعف الإنتاجية المؤسسية العامة.

ولننتقل إلى وقتنا الحالي، والذي تم فيه إعداد واعتماد منظومة «الإجادة» كنظام إداري تقييمي جديد للأداء الفردي والمؤسسي، وتفعيلها في جميع وحدات الدولة المدنية، والتي كانت الغاية من اعتمادها وتفعيلها مواكبة التغيير، وخلق بيئة عمل جديدة تنافسية تشجع على الابتكار والتطوير والإبداع والتغيير لتحسين جودة العمل، ورفع الإنتاجية أو خفض التكاليف، وتطوير مهارات الموظفين وتقييم أدائهم واختصاصاتهم الوظيفية، والمساهمة في تطوير خطط وبرامج واستراتيجيات الوحدة الحكومية.

وبالنظر إلى منظومة «الإجادة» بكونها منظومة إدارية خاصة بتنظيم وتقييم أداء الموظف، فمن الطبيعي جداً أن تواجه المنظومة العديد من الانتقادات وحالات الاستياء والتذمر من قبل البعض بنتائج تقييمها لهم، وعدم تقبلهم لتلك النتائج، فـرِضا جميع الموظفين غاية لا تدركها أية إدارة. وأنا لا أتحدث هنا من هذه الزاوية، بل سأتحدث من منظور عام يُلخّص حصيلة التجارب والآثار التي أحدثتها المنظومة منذ انطلاقها وتفعيلها وإلى وقتنا الحالي، وذلك من عدّة أوجه، معللًا الأسباب والعوامل وآثارها السلبية لاحقا بإذن الله في الجزء الثاني من هذا المقال.(يتبع)

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وتقییم أداء

إقرأ أيضاً:

جامعة خليفة تنظم «مؤتمر نيتشر: قياس الشيخوخة الصحية»

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة فتح باب التسجيل للدورة الثالثة من برنامج «قيادات نافس» اختتام أعمال المؤتمر الثالث للسكري والغدد الصماء بأبوظبي

تعتزم كلية الطب والعلوم الصحية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، بالتعاون مع مؤسسة نيتشر للمؤتمرات التابعة لـ «نيتشر بورتفوليو»، وبدعم من دائرة الصحة ودائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، تنظيم «مؤتمر نيتشر: قياس الشيخوخة الصحية»، وهي فعالية بارزة ضمن النسخة الثالثة من «ندوة حياة طويلة صحية».
وقالت الدكتورة حبيبة الصفار، عميدة الكلية: تعكس الندوة التزام جامعة خليفة بالابتكار والتعاون الدولي، بما يضمن تحويل أحدث المستجدات في مجالات القياس والتكنولوجيا إلى حياة أطول وأكثر صحة. ومع اقتراب النسخة الثالثة من انعقادها، تظل هذه الندوة واحدة من أبرز التجمعات العلمية في المنطقة، كما تُعد شراكتها هذا العام مع نيتشر للمؤتمرات وبتعاون وثيق من دائرة الصحة ودائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، إنجازاً كبيراً.

مقالات مشابهة

  • «الاتحاد للمعلومات الائتمانية» تصدر 17 مليون تقرير وتقييم ائتماني سنوياً
  • بتوجيهات من الانتقالي.. الخدمة المدنية تصدر تسريح قسري لآلاف الموظفين الحكوميين في تعز ومأرب
  • المدير العام للحماية المدنية يحل بسطيف
  • المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً
  • مدبولي: تحويل جميع أتوبيسات النقل العام إلى كهرباء
  • مدير الأمن العام: النهج المؤسسي والتكامل عزز كفاءة منظومة الحج
  • جامعة خليفة تنظم «مؤتمر نيتشر: قياس الشيخوخة الصحية»
  • مدير الأمن العام: النهج المؤسسي والتكامل بين الجهات أسهم في تعزيز كفاءة منظومة الحج 
  • مدير الأمن العام: "الداخلية" تضع سلامة ضيوف الرحمن في مقدمة أولوياتها