دول الرباعية: يد تمد السلاح وأخرى الوساطة.. من يصنع الحرب هل يحقق السلام؟
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
دول الرباعية حريصة على الإمساك بخيوط الملف السوداني لتضمن إدارة الراهن وتحافظ على مستقبلها- وفق ما يرى خبراء.
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
بينما تجلس دول الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات ومصر) في طاولة مفاوضات للوصول إلى هدنة إنسانية في السودان؛ ينقسم الوسطاء أنفسهم في دعم طرفي الصراع، الجيش وقوات الدعم السريع مع مراقبة واشنطن للوضع دون التدخل بقرارات دولية لإيقاف تدفق السلاح للطرفين.
وعلى الرغم من تحدث وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مؤخراً عن ضرورة إيقاف الدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع؛ إلا أنه لم يذكر دولة الإمارات صراحة.
قيادي بالمؤتمر السوداني: التدخلات الإقليمية ستقود لتقسيم البلاد وتمزيقها.. ولابد من استعادة القرار الوطني
دعم طرفي الصراعكشف تقرير نشرته المنظمة الأمريكية “ذا سنتري” الخميس، عن تزويد قوات المشير خليفة حفتر لقوات الدعم السريع بالوقود مقابل الدعم الإماراتي لها. وأكد التقرير إشراف صدام حفتر بنفسه على حماية مرور الدعم العسكري المقدم من الإمارات لحميدتي عبر شرق ليبيا.
من جانبه، كشف مستشار لجنة الدفاع والأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة الليبية العميد عادل عبد الكافي لـ(التغيير)، عن تدفق الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع والذي يشمل الأسلحة والوقود والمرتزقة عبر الأراضي الليبية من بنغازي تحديداً حتى لا تنهار أمام تفوق الجيش بالسلاح الجوي.
وأكد عبد الكافي أن الإمارات تسعى إلى تأمين المثلث الحدودي الذي يربط بينا ليبيا وتشاد والسودان، وبين كل من ليبيا، السودان ومصر بوصفه منطقة استراتيجية مهمة تؤمن مرور الإمداد العسكري ويحقق مشروع تقسيم السودان.
من جهة، ثانية كشف تقرير لموقع “ميدل ايست آي” البريطاني تصعيد مصر وتركيا لدعمهما العسكري لصالح الجيش السوداني بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
ونقل التقرير عن مصدر رفيع في الاستخبارات العسكرية المصرية قوله إن “التعاون جارٍ بين الجيشين المصري والسوداني لتشكيل قوة قيادة مشتركة لردع قوات الدعم السريع ومنع أي تسلل محتمل إلى مصر عبر الحدود مع السودان أو ليبيا”.
وأكد المصدر تكوين غرفة عمليات مشتركة في شمال كردفان، بالإضافة إلى أنظمة رادار جديدة للإنذار المبكر، وتزامنت هذه الخطوات مع زيارتين متتاليتين لرئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد فتحي إلى السعودية وبورتسودان خلال 24 ساعة فقط، حيث نسّق مع القيادات السودانية الخطط الميدانية على الحدود المشتركة.
ووفقا لذات الموقع؛ فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعتزم طلب تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال لقائهما المرتقب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، من أجل بحث الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع.
خبير عسكري ليبي: لابد من تقليم أظافر الإمارات بالعقوبات لتوقف دعمها لحميدتي
ضرورة العقوبات“لابد من تقليم أظافر الإمارات عبر العقوبات” هذا ما أكده مستشار لجنة الدفاع والأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة الليبية العميد عادل عبد الكافي بوصفه ضرورة لوقف التعزيزات العسكرية التي تقدمها أبوظبي لحميدتي، مؤكدا أن العقوبات ستمثل المدخل لإعادة الاستقرار للسودان.
وقال عبد الكافي في حديثه لـ(التغيير)، إن مصر تدعم الجيش لأنها تركز على أمنها القومي الذي ترى أن تقسيم السودان وتمدد الصراع مهددا له، فيما تدعم السعودية الجيش حرصا منها على تماسك الدولة السودانية.
من جهة ثانية يرى الخبير العسكري أن تدفق الدعم العسكري والوقود والمرتزقة للطرفين لن يقود إلى إنهاء الحرب بل سيعمل على توسيع رقعتها ويحقق مشروع تقسيم السودان الذي تعمل عليه الإمارات تحديداً.
وحذر مستشار لجنة الدفاع والأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة الليبية، من استغلال المفاوضات من أطراف لتسريب الدعم لقوات حميدتي حتى يستمر في القتال بقوة قتالية أقوى، مشيرا إلى أن بلاده مرت بذات التجربة.
“مررنا بذات التجربة في ليبيا ومع ذلك لم تنته الإشكالية لجهة وجود أطراف تستغل المفاوضات كأداة لتحقيق مصالح بعينها كتقديم مزيد من الدعم”.
العميد عادل عبد الكافي: تدفق الدعم العسكري للطرفين يوسع رقعة الصراع ويقسم السودان
انقسام استراتيجيالعلاقات الخارجية الاستراتيجية بين طرفي الصراع والداعمين الإقليميين لم تبدأ بعد اندلاع الحرب؛ فالتقارب الكبير بين الجيش ومصر على سبيل المثال بدأ من تدريبات حماة النيل المشتركة بين الجيشين في مايو من العام 2021.
وفي ذلك الوقت كشف مصدر عسكري رفيع لـ(التغيير)، عن مطالبة الجيش المصري بعدم اشتراك قوات الدعم السريع في التدريبات.
وأكد القيادي بحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان وضوح الانقسام الإقليمي بين طرفي الحرب قبل اندلاعها لجهة أن كل طرف نسج علاقات خارجية خاصة به لتعزيز نفوذه الإقليمي والدولي في إطار صراع النفوذ والسلطة.
“لم يكن مستغرباً انخراط أطراف إقليمية في دعم طرفي الحرب، في محاولات لحسم المعركة عسكرياً وسياسياً”.
وحذر عثمان من نزع الدعم الخارجي لأطراف الحرب للقرار السياسي المتعلق بوقفها من الداخل للخارج كما يمكن أن يشجع أطرافاً إقليمية ليست طرفاً مباشراً في النزاع على تأسيس أو دعم جماعات مسلحة جديدة داخل السودان لتعزيز نفوذها السياسي، وهو ما يزيد الأزمة تعقيداً وتشعباً.
شريف محمد عثمان: الدعم الخارجي لأطراف الحرب نزع القرار المتعلق بوقفها من الداخل السياسي
وقطع القيادي بالمؤتمر السوداني بأن توسعة الوسطاء من منبر جدة الذي انحصر بين السعوديين والأمريكان جاء بهدف إدخال أطراف ذات نفوذ سياسي وعسكري مباشر على مسار الحرب، ووضع مصالحها في قلب العملية السياسية ومستقبل البلاد بعد الحرب.
وأضاف في حديثه لـ(التغيير): غير أن الجهود التي بُذلت في الأيام الأولى لإيقاف القتال عبر صناعة توافق بين طرفي الحرب، تعقدت لاحقاً بفعل الحاجة إلى توافق إقليمي بين الأطراف الخارجية أولاً، قبل الانتقال إلى التوافق الداخلي.
وأكد عثمان مواجهة الرباعية لتحديات حقيقية بوجود أطراف خارجها ذات تأثير مباشر في الصراع السوداني يجب ضمها رسمياً لمبادرات الحل أو عبر مشاورات جادة تضمن مصالحها.
وطالب القيادي في المؤتمر السوداني بضرورة منع هذه التدخلات الإقليمية من أن تقود لتقسيم البلاد وتمزيقها وأهمية العمل على استعادة القرار الوطني للداخل وبناء علاقات خارجية تضمن مصالح الشعب السوداني وتحقق أمنه.
خبير استراتيجي: مصالح بعض الدول الإقليمية يهددها التحول المدني الديمقراطي في السودان
ازدواجية معايير الرباعيةمصالح الدول الإقليمية في الرباعية يهددها التحول المدني الديمقراطي في البلاد بصورة مباشرة أو غير مباشرة خاصة المحاور التي تعتمد على سياسة “الصفقات في الظلام”- وفق الخبير الاستراتيجي المختص في إدارة الأزمات محمد إبراهيم كباشي.
وقطع كباشي بوجود دور مخابراتي كبير عمل على تحضير المشهد بدءاً من الانقلاب العسكري في 2021 لإيجاد منتج يسهم في الحفاظ على مصالح بعض الدول خاصة مصر التي رأت في التغيير تخلصاً من قوى تتعارض استراتيجياً مع مصالحها.
وقال الخبير الاستراتيجي لـ(التغيير)، إن “من يصنع الحرب يتحدث عن السلام”- في إشارة إلى أن دول الرباعية حريصة على الإمساك بخيوط الملف السوداني لتضمن إدارة الراهن وتحافظ على مستقبلها، محذرا من دعم تلك الأطراف لمكونات تحمل بذور التناقض بداخلها في معسكري بورتسودان ونيالا.
“يظهر التماسك اللحظي داخل تلك التحالفات لكنها تحمل مجموعة من التناقضات والصراعات الأفقية والرأسية”.
وأضاف أن تحالف تأسيس يعاني من متناقضات ذات بعد تاريخي، وأن جميع هذه التحالفات تكتيكية وتحمل بذرة الصراعات على المدى الاستراتيجي.
محمد إبراهيم كباشي: هناك دور مخابراتي إقليمي كبير عمل على تحضير المشهد بدءاً من الانقلاب
وأكد كباشي وجود صراعات داخل دول الرباعية الساعية لإيقاف الحرب بيد وتدعم طرفيها باليد الأخرى وأنها تديرها من خلال هذه التحالفات الهشة كأدوات تكتيكية لحفظ وإدارة مصالحها.
وحذر الخبير الاستراتيجي من سيطرة الحسم العسكري على الذهنية العسكرية لدى الطرفين ما يؤدي لاحتمالية زيادة الدعم الإقليمي لأحد الأطراف لتغيير توازن الضعف القائم حالياً والوصول لصفقة سياسية خاصةً وأن الحرب تؤثر على أمن البحر الأحمر وأفريقيا والشرق الأوسط.
وأضاف: ربما تكون هناك صفقات بين أطراف دول الرباعية تكشف عن حالة الازدواجية في مواقفها.
الوسومالآلية الرباعية الإمارات الجيش الدعم السريع السعودية السودان العميد عادل عبد الكافي المثلث الحدودي انقلاب اكتوبر 2021 حزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان ليبيا مصر منبر جدةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الآلية الرباعية الإمارات الجيش الدعم السريع السعودية السودان المثلث الحدودي انقلاب اكتوبر 2021 حزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان ليبيا مصر منبر جدة قوات الدعم السریع دول الرباعیة لـ التغییر فی الصراع دعم طرفی
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية السودان يوضح موقف الخرطوم من الرباعية
قال وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني محيي الدين سالم إن مجموعة الرباعية لم تصدر بقرار من مجلس الأمن أو أي منظمة دولية، وبالتالي لا تتعامل معها الحكومة السودانية بصفة رسمية.
وفي 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أعلنت قوات الدعم السريع في السودان موافقتها على "الانضمام إلى الهدنة الإنسانية" التي اقترحتها دول "الرباعية" التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
وأشار سالم إلى أن السودان "يتعامل مع أشقائه في مصر والسعودية ومع الأصدقاء في الولايات المتحدة الأميركية بصفات ثنائية، ويجد كل التفاهم وينسق معهم".
وجاءت تصريحات الوزير بعد جلسة مباحثات ثلاثية مشتركة في مدينة بورتسودان جمعته بوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي وتوم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
وقال سالم إن المباحث ركزت على الأوضاع التي استجدت بعد دخول قوات الدعم السريع إلى مدينة الفاشر و"ما أعقب ذلك من نزوح أعداد كبيرة من المواطنين خوفا من أعمال القتل والسحل والاغتصاب التي تمارسها تلك المليشيا".
ولفت الوزير إلى أن اللقاء "ناقش الأوضاع الإنسانية التي يعانيها النازحون في منطقتي الدبة وطويلة، فضلا عن أوضاع المحاصرين في بابنوسة وكادوقلي والدلنج" جنوبي البلاد.
وقال إن الآراء "تطابقت تماما خلال الاجتماع الثلاثي حول ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته والضغط على المليشيا المتمردة وعلى الدول الداعمة لها".
وأشار الوزير إلى أن الاجتماع تناول أيضا "ملف المرتزقة الذين تستقدمهم المليشيا من دول مختلفة، من كولومبيا والغرب الأفريقي وبعض دول الجوار"، داعيا إلى "تناول هذا الأمر بجدية والتعامل معه بما ينبغي حسب نصوص القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وعبر عن اعتقاده بأن زيارة فليتشر "لها ما بعدها من الخطوات الجادة على الأرض"، مشددا على أن الحكومة السودانية "ستواصل مساعيها لإخراج المليشيا والمرتزقة من البلاد".
إعلانوقال إن ما يجري في السودان "غزو مباشر من أعمال قتل وسحل ونهب"، مضيفا "إن كان المجتمع الدولي يريد مخاطبة الأمور في السودان حقيقة عليه أن يتناول هذه الأمور بهذه الوصفية وبهذا الحجم".
وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وارتكبت مجازر بحق مدنيين، وفق مؤسسات محلية ودولية، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء استمرار حرب دامية بين الجيش وقوات الدعم منذ أبريل/نيسان 2023 أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.