ليبيا بين صمت الدولة وصوت الشعب.. من يملك القدرة على قلب المعادلة؟
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
من الواضح اليوم أن البيانات الحكومية والقرارات الرسمية لم تعد تمتلك القدرة على تغيير مسار الأزمة الليبية ولا على كبح جموح البعثة الأممية ولا الحد من نفوذ الدول الخمس المستفيدة من استمرار المشهد الليبي معلقاً بين الفوضى والإدارة الخارجية.
فقد تحولت هذه البيانات إلى طقوس روتينية تقرأ في المساء وتنسى في الصباح بينما تستمر البعثة في ممارسات تتجاوز أحيانا حدود التفويض، وتستمر القوى الدولية في الاستثمار السياسي والاقتصادي في معاناة وطن لم يتح له حتى الآن أن يختار مصيره بإرادته الحرة.
الواقع أكثر مرارة مما يظهر في نشرات الأخبار. فالمأساة الليبية تعاد تعبئتها عاما بعد عام وتصدر للعالم بنفس العناوين القديمة. خلافات سياسية انقسامات مؤسساتية فشل في المسار الدستوري صراع على الشرعية وتدخلات خارجية تحت لافتة “الدعم الدولي”.
لكن ما لا يقال هو أن هذه الدائرة المغلقة ليست صدفة وليست نتاج سوء إدارة فقط بل أصبحت جزءا من هندسة مقصودة لإبقاء ليبيا في حالة عدم استقرار تتيح للآخرين التدخل وتضمن استمرار نفوذهم وتفتح لهم أبوابا واسعة لاستثمار الأزمة في ملفات إقليمية ودولية.
وسط هذا التعقيد يبدو جلياً أن الدولة الليبية بكل مؤسساتها الرسمية عاجزة عن فرض إيقاع جديد أو تغيير ميزان القوى داخل المشهد الدولي.
فليس هناك موقف موحد ولا خطاب سياسي قادر على التأثير ولا رؤية دبلوماسية تضع الدول المتدخلة أمام مسؤولياتها.
وهذا الفراغ هو ما جعل الأطراف الخارجية تتعامل مع ليبيا كما لو كانت أرضا بلا صاحب وملفا يمكن سوقه في أي اتجاه يخدم مصالحها.
لكن الحقيقة التي يحاول الكثير تجاهلها هي أن مفتاح الحل لم يعد في يد الحكومات ولا في يد البعثات ولا في يد الوسطاء الدوليين.
مفتاح الحل — وربما لأول مرة منذ سنوات — أصبح بيد الشارع الليبي ذاته.
فالتحركات الشعبية ليست مجرد تجمعات عفوية بل يمكن أن تكون قوة ضغط سياسية حقيقية إذا جاءت منظمة وواعية ومسنودة بخطاب موحد وصوت واحد. الصوت الذي يصل إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى برلمانات الدول المتدخلة وإلى وسائل الإعلام الكبرى التي تُصنع فيها الروايات هو القادر على إعادة تعريف الأزمة الليبية من جديد: من أزمة تديرها الأطراف الدولية، إلى قضية شعب يرفض أن يتحول إلى موضوع تفاوض أو ورقة مساومة.
الدبلوماسية الشعبية، بما تمتلكه من عفوية وصدقية تستطيع أن تفعل ما عجزت عنه البيانات الحكومية.
تستطيع أن تضع المجتمع الدولي أمام سؤال واحد: لماذا تدار ليبيا من الخارج بينما شعبها لم يمنح فرصة حقيقية ليقول كلمته؟ ولماذا يُسمح لدول بعينها أن تستفيد اقتصادياً وسياسياً من استمرار الأزمة بينما يدفع الليبيون وحدهم ثمن الفوضى والانقسام؟
وليبيا مهما حاول البعض تصويرها ليست ساحة مفتوحة لتصفية الصراعات الإقليمية ولا ممراً لصفقات خلف الأبواب المغلقة ولا مسرحاً لامتحان الإرادات الدولية. ليبيا بلد له هوية وله شعب يعرف ماذا يريد، وشعب تعب من الانتظار، ويدرك أنه إن لم يرفع صوته اليوم فسيجد نفسه غدا متفرجا على وطن يعاد تشكيله دون إرادته.
إن القوة الحقيقية ليست في السلاح ولا في المؤسسات المنقسمة بل في الإرادة الوطنية عندما تتوحد. وحين يقرر الشعب أن يكسر حاجز الصمت لن يبقى للبعثة الأممية ولا للدول المتدخلة سوى الاعتراف بأن زمن التلاعب بالمشهد الليبي قد انتهى وأن دائرة العبث التي استمرت عقدا من الزمن لم يعد لها مكان في مستقبل بلد يستحق الاستقرار والسيادة.
الشارع الليبي اليوم أمام لحظة تاريخية فاصلة إمّا أن يكون صوتا يغير قواعد اللعبة أو يكون شاهدا على استمرار الفوضى لسنوات أخرى.
والاختيار — مهما حاول البعض إخفاءه — لم يعد بيد الساسة بل عاد إلى أصحابه الحقيقيين… إلى الشعب. لكم تحياتي أيها الشعب العظيم
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
“افحيمة” يحذّر من تعطيل المسار الانتخابي ويؤكد أن الأزمة أزمة إرادة سياسية
الوطن | متابعات
أكد عضو مجلس النواب صالح افحيمة أن غياب الإرادة السياسية لدى الأطراف المحلية والدولية أدى إلى تعميق الأزمة الحالية، مشددًا على أن استمرار الانسداد السياسي يمثل تهديدًا مباشرًا للاستقرار وأن الأزمة في جوهرها ليست أزمة قوانين بل أزمة إرادة حقيقية للمضي نحو الانتخابات.
ودعا افحيمة جميع الأطراف إلى تجاوز حالة الخوف من الاستحقاقات الانتخابية والتعامل معها كخيار وطني لا كتهديد للمواقع الحالية، مناشدًا ضرورة توحيد الجهود للضغط نحو مسار واضح يمكّن البلاد من الانتقال إلى مرحلة أكثر استقرارًا.
وأشار إلى أن غياب موقف دولي موحد وعدم ممارسة ضغط فعّال لدفع العملية السياسية ساهم في استمرار التعثر، مؤكدًا أن المسارين الفني واللوجستي جاهزان لإجراء الانتخابات متى توافرت الإرادة السياسية.
وأكد افحيمة أن الحوار المهيكل يمكن أن يشكّل إطارًا منظمًا لدفع العملية السياسية، شريطة ألا تكون مخرجاته ملزمة بل إرشادية، مشيدًا بالجهود الرامية إلى إنهاء حالة الجمود والعودة إلى مسار انتخابي يعبّر عن الإرادة الشعبية ويعيد الثقة في المؤسسات.