رسالة محبة وبناء إلى جميع الاحزاب والحكومة الأردنية
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
صراحة نيوز- بقلم المحامي حسام العجوري
نبدأ بتحية إجلال وإكبار إلى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حفظه الله ورعاه، رمز الوحدة الوطنية والقيادة الحكيمة، الذي جمع بين الحزم واللين، بين الرؤية الثاقبة والرحمة، ليظل الأردن صرحًا شامخًا ومصدر فخر لأبنائه، ومرجعًا للحق والخير في المنطقة.
أيها الإخوة ، أحزاب الاردن السياسية ، وأيها القائمون على مؤسسات الحكومة الأردنية، إن هذه الرسالة دعوة صادقة من القلب إلى التكاتف والعمل المشترك، مستلهمة من قول الله تعالى:
﴿وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾.
لن يتحقق الخير للوطن إلا إذا وضعنا المصلحة العليا للأردن فوق أي حساب حزبي أو مؤسسي، وعملنا بروح التشاركية الحقيقية بين الحكومة والأحزاب، بما يضمن أن تكون كل خطوة في مسيرة البناء الوطني متسقة مع تطلعات شعبه.
ندعو الجميع إلى ترك التعصب والخلافات جانبًا، والعمل على نشر المحبة، وتعزيز البناء، وتقديم النصيحة الصادقة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون بلين وحكمة، بطريقة تجذب القلوب وتجمعها، لا تفرقها وتضعفها.
إن قوة أي حزب أو أي مؤسسة حكومية ليست في التشدد أو الصرامة، بل في القدرة على التواصل، الاستماع، التعاون، وابتكار الحلول العملية التي تخدم الوطن والشعب.
رسالتنا واضحة: لن نسمح للانقسامات أو الضغائن أن تعيق مسيرة الوطن. فلنكرس جميع جهودنا للتعاون المشترك من أجل نهضة الأردن، وتعزيز وحدته، وبناء مستقبل أفضل لكل الأردنيين.
وخذوا من مسيرة النبي ﷺ في الإصلاح والتعاون بين الناس قدوة، حيث كان يجمع القلوب، ويصلح بين المتخاصمين، ويعمل دائمًا على بناء مجتمع متماسك قائم على العدل والمحبة، ولنجعل هذا النهج دستورنا في الإصلاح .
إن الوطن لا يُبنى بالكلام وحده، ولا تُحفظ وحدته بالتقاعس أو الانقسامات. قوة الأردن تكمن في قلوب أبنائه النقية، وعقولهم الواعية، وأيديهم المتعاونة. لن يكون الإصلاح إلا عبر العمل المشترك، والنصيحة الصادقة، والتخلي عن التعصب والاختلاف الضار.
إن على كل حزب، وكل مؤسسة حكومية، وكل مواطن حر أن يدرك أن المحبة ليست ضعفًا، والبناء ليس خيارًا، والتشارك ليس ترفًا، بل هو واجب وطني مقدس. من يزرع المحبة يجني الوحدة، ومن يعمل مع الآخرين بإخلاص يجني الإنجازات، ومن يسعى لإصلاح الخلافات يجد الطريق واضحًا نحو مستقبل مشرق.
فلنجعل من هذه الرسالة شرارة عمل ومبادرة، ونقف جميعًا معًا، كما علمنا نبينا ﷺ، على قيم الإصلاح، والرحمة، والحكمة، والعدل، لنكتب للأردن فصلًا جديدًا من التقدم والازدهار، فصلًا يليق بتاريخه، ويحقق طموحات شعبه، ويترك أثرًا خالدًا للأجيال القادمة.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام
إقرأ أيضاً:
علم صناعة القدوة.. علم الإنسان وبناء الأثر
القدوة وبناء الإنسان
من أين تبدأ النهضة الحقيقية؟ إنها لا تُقاس بحجم المباني أو تطور الأنظمة بل تبدأ من حيث يبدأ الإنسان ولهذا تبدأ النهضة من الإنسان لا من البنيان فالمجتمعات لا تقاس بحجم مشاريعها بل بوعي أجيالها وقدرتهم على حمل المسؤولية، ولأن الإنسان يتلقى بعينيه قبل أذنيه والشاب يتأثر بما يراه أكثر مما يسمعه فقد جاء التوجيه القرآني ليعكس هذه الحقيقة في قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) وفي التحذير (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) ليؤكد أن النموذج الحي هو أقوى وسائل التربية وأن القول بلا فعل يهدم القيمة وهكذا يصبح بناء القدوة ضرورة لحماية الوعي وتوجيه الأجيال.
العلوم و صناعة القدوة
لقد تحول مفهوم القدوة إلى علم متكامل مع التطور العلمي المعاصر هذا العلم يجمع بين تخصصات متعددة ليصنع إنساناً مؤثراً فمن جهة يوضح علم النفس كيف يكتسب الإنسان سلوكه بالمشاهدة وكيف ينسخ الدماغ الأفعال قبل المفاهيم بينما يبين علم الاجتماع كيف تنتقل القيم داخل الجماعات وتشكل السلوك وعلم التربية ينظم دور الأسرة والمدرسة ثم يأتي الإعلام ليصنع الصورة الذهنية للنموذج وتبرز القيادة لتحول تأثير الفرد إلى تأثير مؤسسي وتأتي الخدمة الاجتماعية لتوفر البيئة التي تستقر فيها القيم وتستمر، وهكذا تعمل هذه العلوم معاً في منظومة واحدة تبني الإنسان من داخله.
قوة الدليل الحي
التعلم بالمشاهدة هو أهم وأسرع طريق لاكتساب السلوك ولهذا السبب أثبتت الدراسات الحديثة صحة هذه الرؤية ففي دراسة منشورة في Journal of General Internal Medicine صرح 90% من طلاب الطب أن سلوك أساتذتهم لا محاضراتهم كان العامل الأكبر في اختيارهم لتخصصاتهم وفي دراسة أخرى نشرت في BMC Medical Education (2022) ذكر 78.5% من المتدربين أن قدوة إيجابية واحدة غيّرت مسارهم المهني كما أظهرت دراسات في مجالات العلوم والتقنية STEM أن وجود “قدوة واقعية قريبة” يرفع من ثقة الطلاب بأنفسهم وطموحهم العلمي بشكل ملحوظ وهذه النتائج تجعل من القدوة أداة تعليمية ونفسية واجتماعية في آن واحد لأن النموذج الحي يعيد ترتيب العقل ويوجه الإدراك ويؤثر في السلوك أكثر من أي منهج نظري مهما كان متقناً.
خصائص القدوة المؤثرة
القدوة المؤثرة ليست مجرد شخصية ناجحة بل نموذج متكامل يقوم على خمسة أركان أساسية وهي الصدق والثبات والجاذبية والمهارة والرسالة فالصدق يبني الثقة والثبات يصنع الاطمئنان والجاذبية الإنسانية تخلق القبول والمهارة تثبت قيمة النموذج والرسالة تمنح الاتجاه وهكذا تتكون القدوة التي تتبع ولا تعجب فقط.
تكوين القدوة ومسارات التأثير
تكوين القدوة رحلة تبدأ بالأسرة وتمر بالعديد من الدوائر وصولاً إلى الإعلام الحديث فالأسرة تقدم النموذج الأول الذي يراه الطفل والمدرسة تضبط السلوك نظامياً والمعلم يظهر فيها بوصفه قدوة معرفية وأخلاقية ثم الأصدقاء الذين يشكلون دائرة الانتماء الاجتماعي لكن في العصر الحديث يبرز الإعلام التقليدي والحديث وخاصة السوشيال ميديا التي أصبحت أخطر أدوات تشكيل القدوات وأكثرها انتشاراً فبينما كان الإعلام التقليدي يقدم النماذج ضمن نطاق محدود تضخّم السوشيال ميديا الأشخاص خلال ثوان وتضخم القدوات الصحيحة والزائفة بلا ضوابط وهكذا تتشكل القدوة عبر كل دوائر المجتمع.
الاتساق الأخلاقي
الاتساق في القول والعمل هو قلب القدوة وروحها وهو الشرط الجوهري لاستمرار الأثر لأن الناس تغفر الخطأ ولا تغفر التناقض وقد أشار القرآن الكريم إلى خطورة هذا التناقض في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ) فالإنسان الذي يتحدث عن القيم ولا يعيشها يفقد تأثيره والاتساق هنا لا يعني الكمال بل يعني أن تكون الأفعال امتداداً للكلمات حتى يصبح السلوك أقوى من الخطاب.
التعدد في القدوات والاتزان
الحكمة تقتضي التعدد في القدوات لأن الكمال مستحيل ولهذا السبب فإن الاعتماد على قدوة واحدة يجعل الشخصية هشة وقد يعرض المتأثر للانهيار عند أول خطأ يرتكبه هذا النموذج ولهذا تتشكل الشخصية المتوازنة من شبكة قدوات في الأخلاق والعلم والانضباط والإبداع وهذا يحمي من الانبهار الكامل ويعطي العقل فرصة للتمييز.
سقوط القدوة ودرس النضج
يجب أن يُنظر إلى سقوط القدوة كجزء من التجربة الإنسانية فالقدوات بشر وقد يتعثرون ولكن القدوة التي تعترف بخطئها وتصححه تعود أقوى وتقدم تأثيراً أعمق من قدوة تتظاهر بالكمال والنهوض بعد التعثر أرقى من عدم السقوط أصلاً وهذا يمنح الشباب نظرة واقعية ويحميهم من الاضطراب عند رؤية أخطاء من يتاثرون بهم.
القدوة وبناء الهوية
القدوة هي الأداة الهادئة التي تشكل الهوية الشخصية والجمعية فهي التي تحدد مفهوم الإنسان عن النجاح وتمنحه صورة عن ذاته وما يمكن أن يصبح عليه والقيم التي تتجذر من خلال القدوة تتحول إلى قيم داخلية ثابتة يصعب زعزعتها وهذه أهم مراحل بناء الإنسان في التاريخ العربي حين رأى الشاعر رؤبة بن العجاج عدي بن حاتم يسير على نهج أبيه في الكرم قال: “بأبيه اقتدى عدي في الكرم، ومن يشابه أباه فما ظلم”، فحاتم الطائي مات تاركاً سمعة الكرم لكن ابنه عدياً لم يحتج إلى وعظ بل نسخ السلوك بالمشاهدة وعاش القيم التي رآها وهذا يؤكد أن القدوة ليست إلهاما عابرا بل بذرة تُزرع في الجيل وتثمر في الأجيال التي بعده.
القدوة وبناء المستقبل
في الختام صناعة القدوة هي الطريق الاستراتيجي لبناء المستقبل لأن القدوة هي بذرة كل قيمة ومحرك كل نهضة ونقطة البداية لكل تغيير وحين تصنع الأمم قدواتها الصحيحة تصنع شبابها وتبني مستقبلها وتستعيد دورها في صياغة التاريخ.
أخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.