الذكاء الاصطناعي يعيد صياغة تشخيص الأمراض النفسية
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
كشفت دراسة دولية قادها البروفيسور جوزيف كامبايتس والبروفيسور كاي فوغِلي من كلية الطب بجامعة كولون والمستشفى الجامعي في كولون، أن النماذج اللغوية الضخمة يمكن أن ترفع جودة الاستبيانات المستخدمة في تشخيص الاضطرابات النفسية عبر تحسين دقة رصد الأعراض وتقليل التداخل بين الأسئلة. ونُشرت الدراسة، تحت عنوان «البنية التجريبية للاعتلال النفسي كما تمثلها النماذج اللغوية الضخمة»، في مجلة Nature Mental Health.
وتعتمد عملية التشخيص النفسي على الأعراض التي يقدمها المرضى في استبيانات سريرية، إلا أن اختلاف صياغة الأسئلة بين أداة وأخرى يُحدث تفاوتًا قد ينعكس على دقة التشخيص. ورصد الباحثون وجود تكرار وفجوات واضحة في الأسئلة المستخدمة لاكتشاف الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب ومؤشرات الذهان، ما يصعّب مهمة الأطباء ويرفع احتمالات الخلط بين اضطرابات تتقاطع في أعراض متشابهة.
ويشير البروفيسور كامبايتس إلى أن تأثير صياغة الأسئلة على قرارات الأطباء لا يزال غير مفهوم بشكل كافٍ، موضحًا أن اختلاف النتائج قد يكون مرتبطًا بتباين حالة المرضى ضمن الفئة نفسها أو باختلاف أدوات التقييم السريرية.
محتوى مشابه.. اختبار منخفض التكلفة.. الذكاء الاصطناعي في مواجهة الزهايمر
وبحسب موقع «ميديكال إكسبريس» المتخصص في الأبحاث الطبية، استعانت الدراسة بنماذج لغوية متقدمة، من بينها GPT-3 وLlama وBERT، لتحليل محتوى وبنية أربعة استبيانات سريرية، اعتمادًا على قاعدة بيانات تضم أكثر من 50 ألف استبيان تغطي الاكتئاب والقلق ومخاطر الذهان والتوحد.
وأظهرت النتائج أن النماذج اللغوية قادرة على التعرّف إلى الأعراض التي تظهر عادة معًا، مثل ارتباط فقدان الدافع بفقدان المتعة، حتى دون الوصول إلى بيانات سريرية مباشرة. فقد كانت صياغة الأسئلة وحدها كافية لالتقاط هذه الارتباطات، ما يفتح الباب أمام تطوير استبيانات أكثر دقة واختصارًا، خالية من التكرار، وتُسهِّل عملية التشخيص لكل من الطبيب والمريض.
قد يهمك أيضا.. 5 أسئلة تعيد رسم العلاقة بين الأطباء والذكاء الاصطناعي
ويؤكد البروفيسور فوغِلي أن الذكاء الاصطناعي قادر على تمثيل المعرفة الطبية والبنى الأساسية للاضطرابات النفسية، معتبرًا ذلك خطوة مهمة لدمج التقنيات الرقمية في علوم الأعصاب وتطوير أدوات الطب النفسي.
ويختتم البروفيسور كامبايتس بالتأكيد على أن «الكلمة المنطوقة تظل عنصرًا محوريًا في التشخيص والعلاج النفسي»، مشيرًا إلى مشاريع بحثية جديدة تستكشف استخدام النماذج اللغوية في كتابة التقارير وتحسينها، وصولًا إلى محاكاة الجلسات العلاجية، مع توقعات بمزيد من التقدم في هذا المجال.
أسامة عثمان (أبوظبي) أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نماذج الذكاء الاصطناعي الاضطرابات النفسية الصحة النفسية الذكاء الاصطناعي الأمراض النفسية النماذج اللغویة
إقرأ أيضاً:
بلومبيرغ: الذكاء الاصطناعي لن ينقذ الاقتصاد الأميركي
أكد الكاتب الأميركي والرئيس الأسبق لبنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك بيل دَدلي -في مقالة رأي نشرها في بلومبيرغ- أن الطفرة الاستثمارية في الذكاء الاصطناعي تعزز سوق الأسهم والاقتصاد الأميركي حاليا، لكنه يرى أن الصورة بعيدة المدى "على الأرجح ستكون أقرب إلى التعادل"، وأن الذكاء الاصطناعي "لن يحل المعضلة المالية الخطيرة التي تواجهها البلاد".
ويقول دَدلي في عموده إن تقييم الأثر المستقبلي للتقنية يحتاج إلى الإجابة عن 3 أسئلة أساسية:
ما مدى تأثيرها على الإنتاجية والنمو؟ ما آثارها على سوق العمل والبطالة؟ ما انعكاسها على أسعار الفائدة؟ إنتاجية مبهمة للذكاء الاصطناعيوحسب بلومبيرغ، لا يوجد إجماع حتى الآن حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الإنتاجية.
ويذكّر دَدلي بأن التكنولوجيات الكبرى تحتاج إلى وقت طويل قبل أن تعيد تشكيل الاقتصاد، مستشهدا بتحولات الكهرباء التي استغرقت عقودا، واقتباس الاقتصادي روبرت سولو عام 1987 بأن الحوسبة تُرى "في كل مكان باستثناء إحصاءات الإنتاجية".
ويشير المقال إلى تباين تقديرات الخبراء، إذ إن الحائز على نوبل دارون أسموغلو يرى أن الأثر لن يتجاوز "أقل من 1%" خلال عقد، بينما قدر اقتصاديون في "غولدمان ساكس" زيادة بنحو 15% عند "اعتماد التقنية بالكامل ودمجها في الإنتاج القياسي".
ويرجح دَدلي أن الزيادة ستكون "متواضعة في البداية، ثم تتسارع تدريجيا" مع انتشار التطبيق الفعلي في العمليات الداخلية قبل الخارجية.
الذكاء الاصطناعي سيستبدل العمال أم سيساعدهم؟ويرى دَدلي -في مقاله المنشور على بلومبيرغ- أن السؤال المركزي في سوق العمل يدور حول إذا ما كانت التقنية ستستبدل العمال أم ستساعدهم على أداء مهامهم.
ويطرح مثال البرمجة، إذ "تُسرع الأدوات الذكية عملية كتابة الشيفرة وتقلل عدد العاملين المطلوبين"، لكنها في الوقت نفسه "تزيد الطلب على البرمجيات" مع انخفاض كلفة التطوير.
إعلانويحذر من أن البطالة قد ترتفع إذا تسببت التحولات السريعة في فقدان عدد كبير من الوظائف خلال فترة قصيرة، مما يؤدي إلى "فترة انتقالية يقف فيها العمال في منطقة رمادية بحثا عن اختصاصات جديدة"، وهو ما قد يرفع معدل البطالة المتوافق مع استقرار الأسعار.
تأثير الذكاء الاصطناعي على أسعار الفائدةويفصل دَدلي أن تأثير الذكاء الاصطناعي على أسعار الفائدة "أكثر مباشرة"، لأن الابتكار يرفع العائد المتوقع على الاستثمار، وفي الوقت نفسه يتطلب "استثمارات ضخمة" في البنى التحتية للطاقة والحوسبة، وهو ما يزيد الطلب على رأس المال ويرفع الفائدة الحقيقية.
ويستحضر الكاتب مثال طفرة الإنترنت في تسعينيات القرن الماضي حين ارتفعت الفائدة الحقيقية إلى أكثر من 3% بفعل بناء الشبكات الوطنية للألياف الضوئية.
وحسب بلومبيرغ، يتوقع دَدلي أن يكون تأثير الذكاء الاصطناعي "مقدما زمنيا" بسبب سرعة التوسع والحجم الهائل المطلوب للبنية التحتية.
معضلة مالية لا يحلها الذكاء الاصطناعيويرى الكاتب في مقاله أن الأثر المركب للتقنية "لن يكون قادرا على إصلاح المسار المالي غير المستدام" للحكومة الأميركية. فارتفاع الإنتاجية والنمو قد يزيد الإيرادات ويخفض نسبة الدين إلى الناتج، لكن "ارتفاع أسعار الفائدة سيزيد تكاليف خدمة الدين، ويدفع في الاتجاه المعاكس".
ويختتم دَدلي مقاله في بلومبيرغ بالتأكيد أن الذكاء الاصطناعي "مهم بلا شك"، لكنه "لن يغير جذريا آفاق الاقتصاد الأميركي طويلة الأجل"، مضيفا: "يمكن للمرء أن يأمل بالأفضل، لكن الأمل ليس إستراتيجية".