(1)
* مع بزوغ خيوط الشمس الأولى في صباح بارد، كنت أفتح خزائن أشعار وأسرار صديقنا الشاعر السوداني المرهف عبد العال السيد دون سابق ميقات، تبادلنا تحايا الصباح (أون لاين) عبر مجموعة (السلطة السادسة) على (الواتس آب) لأباغته بسؤال عن تاريخ كتابة أغنيته الدافئة (افتقدتك) ومناسبتها، بطريقة تجعلني أبحر في النص أكثر، وبلا إفصاح كامل يفضح كثيراً من خصوصية الشاعر، التي يسعى للحفاظ عليها كجزء ربما يكون من تاريخ تجاربه إذا كان في الذاكرة متسع ومساحات وبعض وقفات.
(2)
* كتب عبد العال مجيباً وكدت أسمع تلاحق أنفاسه بين الحروف التي ضخت الدم في أوردة الأسافير:
“أوووه يا صديقي الجميل لِمَ تفتح الجُرح في هذا الصباح؛ وصباح جدة يتنفس بقايا شتاء هارب من الذاكرة؛ أذكر أيامها كنت بالدوحة. تَذَكَّرَ الرجل وهو يشرب قهوة غيابه الطويل عن الوطن من كانت تنتظره على رصيف الفراغ والصمت اللعين، كان الرجل الهارب من غربة إلى غربة يُدرِك تماماً أنه لن يلتقي بها مجدداً؛ وذات مساء كتب لها ترنيمة الفقد والدموع، ولم يكن يتصور أن (نَصَّ الاستبداد) سوف يرقص عليه الناس، فقد توسعت مخدة الغربة مُرة ومؤلمة؛ وبعدها عبرت عربة السنين وجرت مياه كثيرة تحت جسور العمر؛ وحينما مللت الدوحة عدت إلى السودان ومنه إلى جدة، التي وجدت فيها نفسي، وفي جدة لم أكن أدري أن (افتقدتك) شكلت الوعي الجمعي لدى المحبين؛ وسمعت الأغنية بعد نحو خمس سنوات من انطلاقها في فضاء الشهرة وطاقات السهر، وترنم بها معظم المطربين الشباب أيامها.
* ما زلت حينما أستمع لـ(افتقدتك) أجد نفسي أركض في مسارات الأمس مثل بعير في متاهات الصحراء الكبرى، نعم أفتقد نفسي حينما كان العمر بلون البنفسج يووووه يا لها من أيام!).
(3)
* ختم عبد العال السيد حديثه متأسفاً كونه يكتب دون ترتيب؛ بينما كانت أوراق الأمس تتبعثر لتكشف أن الشعر نزيف الروح؛ فحرف التجربة واحد من مستحضرات الألم..!
* عقبت على رد (صاحب افتقدتك) في ذات اللحظة وأشعة شمس الخرطوم تتسلل معلنة بدء يوم عمل جديد:
“يا سلااااااااام يا صديقي .. خاطرة توازي النص روعة وتسرق من الذكريات همس القوافي، وأمل اللقيا، وتعب السنوات، وجميل السفر، وبعض حقائب مُستفة بالألم والخدر والوخز بالإبر مع كثير من الدروس والعبر..!
* افتقدتك أغنية سودانية متجاوزة – في وقتها – حملت على متنها هموم الهجرة والبعاد وقلق البحث في الزحام؛ وعاصفة الأشواق عندما تشخص العيون أمام شاعر مرهف (فيفتقد) قبل النظرة همس المقل و(بليغ الكلام).. يستوقفني حد التأمل مقطع:
افتقدتك لما زاد الشوق عذابي.. وافتقدتك في أسايا وفي شقايا في اغترابي.. افتقدت الابتسامة.. والعيون الساحرة يوم يسحر كلامها.
* نحن من جيل رقص على حروف فجيعة الشاعر دون أن يقف برهة عند:
(اكتبي لي عن سنينك .. كل يوم وأيام تمر بتزيد حنيني).. بصراحة من حفاوتنا بالأغنية و(أنانيتنا) لم يكن (حنينه وأنينه) وقتها يعنينا كثيرًا.. كانت الموسيقى تحلق بنا في فضاء الحلم بمستقبل أخضر، وعاطفة متقدة، وغد أنضر. كنا نردد خلف المغنين باختلاف حناجرهم:
(اكتبي لي عن مشاكلك.. قولي لي عن أي شيء في الدنيا شاغلك)، ونحن لا نملك حلا لمعضلة، ولكننا ننتظر رسالة من أنثى لا تريد منها (اهتماما بك) غير عرض مشكلتها عليك لتجتهد معها في حل أنت لا تملكه، و(المشاكل الخاصة بك على قفا من يشيل)..!
haythamcapo77@gmail.com
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
الأنروا: 300 ألف طالب غزاوي بحاجة لدعم نفسي واجتماعي عاجل
شاركت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في أعمال الدورة (110) للجنة البرامج التعليمية الموجهة للطلبة في الأراضي العربية المحتلة، والتي تنظمها الأمانة العامة (قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة)، اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بمقر الأمانة العامة بالقاهرة، مؤكدة أن الاجتماع ينعقد في مرحلة "بالغة الأهمية" وسط تصاعد غير مسبوق للعنف والتحديات التي تهدد قدرة الوكالة على أداء رسالتها.
يشارك في أعمال الدورة بجانب فلسطين وجامعة الدول العربية، كل من: جمهورية مصر العربية، المملكة الأردنية الهاشمية، منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الأسيكو)، وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة(الألسكو)، اتحاد إذاعات الدول العربية، وزارة التربية والتعليم المصرية، اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، إذاعة فلسطين- صوت مصر.
وأشار الدكتور عباس سبيحي خبير المناهج وممثل الأونروا - خلال كلمة وجهت للأمين العام لجامعة الدول العربية وممثلي الدول المانحة والمضيفة - إلى أن الأزمة الحالية، التي تصاعدت منذ الأول من أكتوبر 2023، قد أدت إلى تهجير وعنف، مما شكل تحدياً غير مسبوق أمام تقديم الخدمات الأساسية للإغاثة والصحة والتعليم.
سلطت الوكالة الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجه نظامها التعليمي، خاصة في قطاع غزة، حيث أشارت التقديرات إلى أن 80% من الطلاب (ما يزيد عن 300 ألف طالب) باتوا بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي عاجل نتيجة الصدمات النفسية التي تعرضوا لها.
كما أشارت الكلمة إلى الاعتداءات المتكررة على المنشآت التعليمية وعمليات الاقتحام التي تعيق العمل، وحاجة المدرسين والطلاب على حد سواء للدعم النفسي والاجتماعي، مؤكدة استمرار الوكالة في تنفيذ برامج التعليم الطارئ واستخدام طرق مبتكرة (مثل التعليم عن بُعد) لضمان استمرارية العملية التعليمية.
وشددت الأونروا على أن دعم اللاجئين الفلسطينيين ليس مجرد عمل إنساني أو قانوني، بل هو "واجب أخلاقي وسياسي" يقع على عاتق المجتمع الدولي لضمان استمرار قدرة الوكالة على أداء رسالتها النبيلة.
ودعت الوكالة إلى تعزيز الدعم السياسي والمالي لضمان استدامة الخدمات الحيوية، والوفاء بالالتزامات التعاقدية لتمكين فرقها من الاستمرار بمهنية عالية ومرونة ملحوظة.
وعبرت الأونروا عن خالص امتنانها لموقف جامعة الدول العربية والدول المضيفة، وفي مقدمتها الأردن، لوفائها بـ "أعلى معايير النزاهة الإنسانية"، مؤكدة أن هذا الدعم يبعث “رسالة واضحة للعالم بأن قضية اللاجئين الفلسطينيين ستبقى حية”.
ودعت الكلمة إلى حوارات مثمرة تؤدي إلى تعزيز الدعم والتضامن، وحفظ الحق الثابت للاجئين الفلسطينيين في التعليم والحياة الكريمة، بما يعكس قيم العدالة والإنسانية.