في لحظة تحمل دلالات سياسية وإنسانية عميقة، هنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره المصري الرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة عيد ميلاده، مؤكداً تقديره الشخصي لقيادة السيسي ودوره في تعزيز مكانة مصر إقليمياً ودولياً. وجاءت هذه التهنئة خلال حدث بالغ الأهمية تمثل في مراسم وضع هيكل الاحتواء للوحدة الأولى من محطة الضبعة النووية، وهو المشروع الذي يعتبر أحد أكبر المشروعات الاستراتيجية بين البلدين في العقود الأخيرة.

لم تكن المناسبة احتفالية فحسب، بل جاءت محمّلة برسائل سياسية واقتصادية، وبإشادات روسية واضحة بدور الرئيس السيسي في إطلاق المشروع منذ بدايته، وصولاً إلى المراحل المتقدمة التي بلغها اليوم. وبين تصريحات رسمية ورؤى هندسية متخصصة، يتضح أن مصر تقف على أعتاب مرحلة جديدة في مستقبل الطاقة المستدامة.

العلاقات المصرية الروسية.. تعاون يترسّخ مع الزمن

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اعتزازه بالعلاقات الاستراتيجية بين مصر وروسيا، مؤكداً أن التعاون الجاري في مشروع الضبعة النووي يعكس مستوى الثقة والحرص المتبادل على تحقيق مصالح الشعبين.

وأكد بوتين أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان صاحب المبادرة الأولى لإطلاق مشروع المفاعل النووي في الضبعة، مشيراً إلى أن تقدم العمل في المشروع بهذه الوتيرة المتسارعة يعكس جدّية الطرفين ورغبتهما في الوصول بالمشروع إلى أعلى مستويات التنفيذ والدقة.

وخلال كلمته، أوضح بوتين أن الوحدة الأولى من المحطة ستضيف 35 ألف كيلو وات من الطاقة الكهربائية إلى الشبكة المصرية، وهو ما يمثل خطوة استراتيجية نحو دعم القدرات الإنتاجية لمصر من الكهرباء، وتقليل الأعباء على الشبكة القومية.

مشروع الضبعة النووي.. بنية تحتية تقود المستقبل

أكد الرئيس الروسي أن محطة الضبعة النووية تمثل نقطة تحول محورية في بنية الطاقة بمصر، مشيراً إلى أنها تعتمد على أعلى معايير السلامة الدولية، وتتماشى مع أحدث التقنيات في مجال المفاعلات النووية من الجيل الثالث المطور.

ويعد المشروع واحداً من أكبر المشاريع المشتركة بين البلدين منذ عقود، ويأتي ضمن رؤية مصر لتطوير منظومة الطاقة اعتماداً على مصادر نظيفة وآمنة وموثوقة.

تحولاً استراتيجياً لمستقبل الطاقة في مصر
وفي تعليق يحمل رؤية هندسية واقتصادية متكاملة، أكد الدكتور المهندس محمد أحمد ضبعون، عميد كلية الهندسة بجامعة حورس، أن الخطوة الأخيرة في مشروع محطة الضبعة النووية تمثل تحولاً استراتيجياً لمستقبل الطاقة في مصر، مشيراً إلى أن ما أُعلن عنه خلال مراسم وضع هيكل الاحتواء للوحدة الأولى يعكس مرحلة حاسمة تعزز ثقة الخبراء في الجدول الزمني ودقة تنفيذ المشروع.

 الطاقة النظيفة والآمنة

وأوضح د. ضبعون أن تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تسارع العمل والمشاركة الروسية الفعّالة يعكس حجم الجدية والمصداقية التي يتمتع بها هذا التعاون، مشيراً إلى أن دخول المشروع هذه المرحلة يعني أن مصر باتت على أعتاب امتلاك أحد أهم مصادر الطاقة النظيفة والآمنة، وهو ما سيحقق طفرة حقيقية في بنية الطاقة الوطنية. واعتبر أن قدرة المفاعل على توليد 35 ألف كيلو وات من الكهرباء عند تشغيل الوحدة الأولى تمثل خطوة قوية في طريق تقليل الضغط على الشبكة ورفع كفاءة الإمداد الكهربائي.

الأمان النووي وتقنيات الجيل الثالث المطور

وأشار عميد كلية الهندسة بجامعة حورس إلى أن مشروع الضبعة لا يقتصر على كونه مجرد محطة لإنتاج الكهرباء، بل يُعد من منظور هندسي نقلة نوعية في مستوى التكنولوجيا التي تدخلها مصر، حيث يعتمد على أحدث معايير الأمان النووي وتقنيات الجيل الثالث المطور، مما يعزز مكانة الدولة كواحدة من الدول التي تسير بثبات نحو المستقبل في مجال الطاقة النووية السلمية.
 

وأضاف أن ما كشفه بوتين حول المبادرة المصرية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنشاء المحطة يؤكد أن المشروع هو رؤية وطنية قبل أن يكون تعاوناً دولياً. وأوضح أن هذا التعاون المصري الروسي يعكس علاقة استراتيجية متينة تعود بالنفع على البلدين، وتفتح الباب لمزيد من نقل الخبرات وبناء القدرات البشرية في مجال شديد الحساسية والأهمية مثل الطاقة النووية.
 

واكد د. ضبعون أن المكاسب الاقتصادية للمشروع ستتجاوز إنتاج الكهرباء، إذ ستسهم المحطة في خفض الاعتماد على الوقود التقليدي وتقليل فاتورة الاستيراد، مما ينعكس بشكل مباشر على الموازنة العامة للدولة. كما ستوفر المحطة آلاف فرص العمل، وتدعم الصناعات المحلية المرتبطة بالتشييد والصيانة والتجهيزات الهندسية.

رؤية مصر 2030 نحو اقتصاد أكثر استدامة

واعتبر أن ما يجري في الضبعة اليوم هو رسالة واضحة بأن مصر تسير في مسار تنموي مدروس يضعها في مصاف الدول التي تمتلك بنية طاقة مستقرة وقادرة على دعم النمو الصناعي والعمراني. كما أن المشروع يُعد محوراً رئيسياً في تحقيق رؤية مصر 2030 نحو اقتصاد أكثر استدامة يعتمد على مصادر طاقة متنوعة وآمنة، مما يشجع عمليات الاستثمار الدولية.
 

واختتم د. ضبعون تصريحه بالتأكيد على أن محطة الضبعة النووية ليست مجرد إنجاز هندسي أو تعاون دولي فحسب، بل هي استثمار استراتيجي في مستقبل مصر، وركيزة أساسية لضمان أمن الطاقة لعقود طويلة، مما يجعلها واحدة من أكثر الخطوات تأثيراً على المسار الاقتصادي والتنموي للدولة.

مع التقدم الكبير الذي تشهده محطة الضبعة النووية، تسير مصر بخطى ثابتة نحو مستقبل طاقة أكثر أماناً واستدامة. وبين إشادة الرئيس الروسي بدور الرئيس السيسي، ورؤية الخبراء وعلى رأسهم د. ضبعون، تتجلى قيمة هذا المشروع الذي لم يعد مجرد تعاون دولي أو إنجاز هندسي، بل استثمار استراتيجي في مستقبل الدولة وركيزة لضمان أمن الطاقة لعقود قادمة.

إنها خطوة تؤسس لعصر جديد في تاريخ الطاقة المصرية، وتضع البلاد على خريطة الدول المتقدمة في استخدام الطاقة النووية السلمية، لتبقى محطة الضبعة رمزاً للتنمية والشراكة الدولية والمستقبل الواعد.

طباعة شارك الضبعة النووية مصر التكنولوجيا الكهرباء السيسي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الضبعة النووية مصر التكنولوجيا الكهرباء السيسي محطة الضبعة النوویة مستقبل الطاقة الرئیس الروسی مشروع الضبعة فی مستقبل إلى أن

إقرأ أيضاً:

خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز وطني يرفع راية الفخر لمصر

أشاد الإعلامي خالد أبو بكر، بجهود جميع العاملين والفنيين والمهندسين في مشروع محطة الضبعة النووية، مؤكدًا أن الأضواء الإعلامية قد تكون غائبة عنهم اليوم، لكن الأجيال الحالية والمستقبلية ستفخر بما تم إنجازه، وسيروي أبناؤهم لأحفادهم أنهم كانوا جزءًا من هذا العمل الكبير.

وأضاف أبو بكر، مقدم برنامج "آخر النهار"، عبر قناة "النهار"، أنّ فكرة المشروع بدأت في عام 2015، في وقت كانت فيه مصر تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك الإرهاب وعمليات أمام جامعة القاهرة، وانخفاض الاحتياطي النقدي، بالإضافة إلى علاقات مقطوعة مع بعض الدول.

واستطرد: ورغم هذه الظروف الصعبة؛ اتخذ الرئيس السيسي قرارًا جريئًا بإطلاق مشروع محطة الضبعة النووية، ليكون إنجازًا تاريخيًا يُحسب لمصر على مستوى الطاقة النووية.

وأشار خالد أبو بكر إلى أن تكلفة إنشاء المحطة تمويلها عبر قرض ميسر جدًا، لا يضاهي أبدًا تكلفة الكهرباء التقليدية من الغاز الطبيعي، وهو ما يعكس حكمة القيادة في اختيار التوقيت والقرار المناسبين لتنفيذ المشروع، الذي يُعد مثالًا للتخطيط الاستراتيجي المستقبلي.

واختتم خالد أبو بكر حديثه، مؤكدًا أن المصريين سيشهدون ثماره بدءًا من عام 2028 وحتى قبل عام 2030، وأن هذا المشروع يمثل علامة مضيئة في تاريخ مصر المعاصر، ويجسد رؤية وطنية لتأمين مصادر الطاقة المستدامة والأمنية للأجيال القادمة.
 

طباعة شارك خالد أبو بكر مشروع محطة الضبعة النووية الرئيس السيسي الدول الطاقة النووي الكهرباء

مقالات مشابهة

  • محطة الضبعة النووية.. سياسيون: إنجاز تاريخي يرسخ قوة الدولة المصرية وشراكتها الدولية
  • نواب البرلمان: مشاريع الطاقة النووية ركيزة أساسية لاستقرار الكهرباء وتأمين مستقبل الاقتصاد المصري
  • خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز وطني يرفع راية الفخر لمصر
  • النواب: الضبعة ركيزة صناعية جديدة.. ومصر تدخل نادي الدول المنتجة للطاقة المتقدمة
  • بطاقة 4800 ميغاوات.. مصر وروسيا تطلقان مرحلة جديدة بمشروع «الضبعة النووية»
  • بوتين: ننطلق إلى مرحلة تعزيز قدرات محطة الضبعة من أجل إنتاج الطاقة النووية
  • الرئيس السيسي: أشكر صديقي بوتين على دعم مشروع الضبعة النووي
  • الرئيس السيسي: محطة الضبعة النووية صفحة جديدة في تاريخ مصر
  • الرئيس السيسي: محطة الضبعة النووية حلم تحقق ومرحلة جديدة لمصر في مجال الطاقة