في ذكرى يوم الجلاء .. كيف خطفت السعودية والإمارات استقلال الجنوب اليمني
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
في الوقت الذي يحتفل فيه اليمنيون لإحياء ذكرى يوم الجلاء ، يوم خروج آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن ، يفجر تحالف العدوان السعودي الإماراتي المحتل ، في حضرموت وعدن موجة من التوترات العسكرية الحادة بين مرتزقتها، هذا التوتر بات يتخذ شكل تحريك مليشيات، حشود عسكرية، وانفجارات سياسية تُذكّر اليمنيين بأنهم، رغم مرور 57 عامًا على رحيل المحتل البريطاني، ما زالوا يعيشون في دوامة احتلال جديد لا يقل قسوة ولا تطاولًا على السيادة، وهكذا، تتبدد بهجة اليمنيين بذكرى التحرر من الاستعمار، لتحل محلها خيبة الاستعمار المُعاد إنتاجه، بأسماء عربية وبأدوات يمنية.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
من استعمار قديم خرج مطروداً إلى احتلال جديد دخل بأيدي المرتزقة
تحمل ذكرى الجلاء رمزية وطنية كبرى في نفوس اليمنيين، فهي تعني لهم أنها الذكرى التاريخية الخالدة التي حملت بحق كل معاني الاستقلال، السيادة، الكرامة الوطنية، لكن الأحداث الحالية في حضرموت وعدن جعلت المناسبة تتحول إلى تذكير موجع بأن الجنوب لم يعد سيد قراره.
إن مظاهر التحشيد العسكري، وبسط النفوذ عبر مليشيات وفرق أمنية تابعة للمحتلين الجدد من السعودية والامارات، تُظهر أن اليمنيين لم يغادروا مربع الوصاية، بل استبدلوا استعمارًا بآخر، أكثر التواءً وتعقيدًا.
السعودية والإمارات، اللتان دخلتا اليمن تحت لافتة إعادة الشرعية، تمارسان اليوم نفوذًا واسعًا يجعل من الجنوب ساحة سباق نفطي وبحري لا يختلف كثيرًا عن سباق الإمبراطوريات قديمًا على الموانئ والمضائق.
حضرموت .. الجائزة الكبرى في صراع الرياض وأبوظبي
لا يمكن فهم التوتر في حضرموت بمعزل عن ثرواتها وموقعها، فهي المحافظة الأغنى بالنفط والغاز، وأهم موانئ التصدير على البحر العربي، ومنفذ بحري استراتيجي يطل على خطوط التجارة من المحيط الهندي.
هنا بالضبط تتقاطع أطماع الطرفين، فالإمارات تسعى إلى تأمين نفوذ بحري طويل الأمد، يضمن لها التحكم بالموانئ اليمنية، وتكريس دورها كقوة ملاحية إقليمية، والسعودية تريد وضع يدها على وادي حضرموت والصحراء، لتأمين حدودها الجنوبية، وتحقيق منفذ مباشر للبحر عبر الأراضي اليمنية، بعيدًا عن ابتزاز مضيق هرمز.
وبين المشروعين، تتحرك مليشيات وألوية وقوات قبلية، تُدار عبر غرف عملياتها ومصالحها المتضاربة، وتجعل حضرموت أقرب إلى منطقة نفوذ تحت التنافس الحاد منها إلى محافظة يمنية تمتلك قرارها.
عدن .. تحولت إلى ساحة تصفية حسابات
عدن، التي كان يُفترض أن تكون مركزًا لإدارة حكومة تحالف العدوان ، أصبحت مختبرًا لمشروعين متنازعين، مشروع إماراتي يقوم على تمكين المجلس الانتقالي وسياسة المربعات الأمنية، ومشروع سعودي يعمل على إعادة بناء نفوذ سياسي وعسكري موالٍ لها، ولو على حساب شركائها السابقين.
نتيجة هذا الصراع تُترجم على الأرض، اشتباكات، اعتقالات، إزاحة قيادات، إدارة موانئ عبر التفويض وليس السيادة، وكأن عدن تتحول تدريجيًا من مدينة إلى ملف تفاوضي.
يوم الجلاء .. ذكرى وطنية تُدهس فوق مدرعات الخارج
كيف يمكن لشعب أن يحتفل بذكرى الاستقلال بينما، مليشيات تنسب نفسها للوطن تتحرك بأمر دول محتلة، وثرواته تُدار من خلف حدود اليمن، وموانئه تُغلق أو تُفتح اعتمادًا على قرار من السعودية أو الامارات، وحقول نفط تُدار وفق أولويات السوق السعودي والاماراتي .
لقد تحوّل يوم الجلاء، الذي يفترض أن يُعزز شعور اليمنيين بوحدتهم واستقلالهم، إلى مناسبة تكشف حجم العجز والخضوع،
والمفارقة هنا مؤلمة، البريطانيون غادروا مطرودين في يوم واحد بينما النفوذ الإقليمي يتغلغل اليوم بطريقة أعمق من أي احتلال مباشر.
التدخل السافر .. أبعاد تتجاوز اليمن إلى البحرين الأحمر والعربي
السعودية والإمارات لا تتحركان بدافع له علاقة بأي شأن يمني، بل بدافع، التحكم بممرات الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وضمان منافذ استراتيجية بديلة للطاقة، لتوفر غطاءً تقدر من خلاله على تأمين خطوط التجارة والبنية التحتية لمشاريعهما العملاقة التي هي في الأساس غطاء لمشاريع مشتركة مع كيان العدو الصهيوني، وبالتالي، فإن اليمن بالنسبة لهما جزء من خريطة نفوذ إقليمي كبرى، وما يجري في حضرموت وعدن هو تنفيذ مباشر وبقوة السلاح، لهذه الحسابات العابرة للحدود.
استقلال بلا سيادة .. وبلد يُختطف مرتين
ذهب الاحتلال البريطاني، لكنّ الجنوب اليوم يُحاصر بنفوذ المحتلين الجدد المتشابك الذي يطغى على السياسة والاقتصاد والأمن، ومع كل توتر عسكري أو تحريك لمليشيات، يدرك اليمنيون أن ذكرى الجلاء ليست احتفالًا بقدر ما هي جرس إنذار، تؤكد أن السيادة منتهكة، والثروة مستباحة، والقرار مرهون، والمشهد يعيد إنتاج الاستعمار بأدوات محلية وبأختام سعودية وإماراتية خبيثة،
إن الاستقلال الحقيقي في جنوب الوطن لا يُقاس بذكرى خروج آخر جندي بريطاني فحسب، بل بقدرة الشعب على حماية أرضه وثروته وقراره.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: یوم الجلاء فی حضرموت
إقرأ أيضاً:
حزام الأسد: ما يجري في حضرموت صراع نفوذ بين أدوات العدوان لخدمة الأطماع الأجنبية
يمانيون |
أكد عضو المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد، أن ما تشهده محافظة حضرموت والمناطق الجنوبية المحتلة يعكس بوضوح طبيعة الصراع الدائر بين أدوات الاحتلال الإماراتي والسعودي، مشيرًا إلى أن الهدف الفعلي لهذا التصعيد ليس سوى بسط النفوذ والاستحواذ على الثروات اليمنية تحت إشراف مباشر من الأمريكي والبريطاني.
وأوضح الأسد في تصريح له، أن الواقع الميداني يؤكد أن التشكيلات العسكرية المنتشرة في تلك المناطق – من ألوية الإمارات والعمالقة ومرتزقة السعودية وصولًا إلى “درع الوطن” – مجرد أدوات تتحرك وفق أجندة واحدة هدفها نهب الموارد والسيطرة على المواقع الجغرافية ذات الحساسية الاستراتيجية.
وأضاف أن الإمارات تركز على الساحل الجنوبي الغربي وأجزاء من عدن وشبوة، بينما تسعى السعودية إلى تعزيز حضورها في حضرموت والمهرة، في إطار صراع متنامٍ لفرض الهيمنة وتقاسم النفوذ.
وأشار إلى أن التواجد الأمريكي والبريطاني في المهرة وحضرموت يوضح حجم التدخل الخارجي في القرار داخل المحافظات المحتلة، مؤكداً أن تدهور الخدمات وانهيار الأمن والمعيشة في الجنوب يعكس طبيعة الاحتلال متعدد الوجوه، الذي يتولى الأمريكي إدارته ويقسم أدواره بين الرياض وأبو ظبي.
وبيّن الأسد أن النظام السعودي يحاول دائمًا الظهور بمظهر الطرف المحايد، بينما يدفع مرتزقته إلى مقدمة المشهد لافتعال التوترات وتنفيذ مخططاته، مؤكدًا أن الرياض لجأت بعد توقيع خارطة الطريق إلى افتعال الذرائع وربط التزاماتها بتطورات البحر الأحمر وعمليات الإسناد اليمنية لفلسطين، ثم افتعلت تصعيدًا جديدًا في حضرموت للهروب من استحقاقاتها.
وحمّل الأسد أدوات الإمارات والسعودية مسؤولية سفك الدماء في حضرموت، معتبرًا أن ما يجري هو صراع داخلي بين مرتزقة العدوان بعيد تمامًا عن مصالح اليمنيين، وأن هدفه الحقيقي إعادة توزيع الحصص والنفوذ ضمن منظومة الاحتلال.
كما لفت إلى أن سنوات العدوان كشفت زيف الشعارات التي رفعها ما يسمى “تحالف العدوان”، من ادعاء حماية الشرعية إلى ترويج العودة إلى الحكم، مؤكداً أن الحقيقة التي اتضحت اليوم تتمثل في مساعي الاستحواذ على الأرض والثروة، بينما يتولى الأمريكي دعم وتمويل وإسناد كل تلك المخططات سياسيًا وعسكريًا واستخباراتيًا.
وأوضح أن مشاريع التفتيت التي رُوّج لها في مراحل متعددة – من مؤتمر الحوار إلى الحصار والانهيار الاقتصادي والأمني – كانت تهدف لخلق بيئة مناسبة لفرض التقسيم وتحويل أبناء المناطق المحتلة إلى أدوات رخيصة تابعة للاحتلال الأجنبي. وشدد الأسد على أن المشهد الراهن في تلك المناطق يعبر عن احتلال مكتمل الأركان تتكشف فصوله يومًا بعد آخر.
وختم بالتأكيد على أن وعي الشعب اليمني وصمود جبهة المقاومة الوطنية سيظلان عاملين حاسمين في إفشال كل هذه المؤامرات، مؤكداً أن حضرموت وبقية المحافظات المحتلة ستعود إلى سيادة الوطن عاجلًا أو آجلًا.