عربي21:
2025-12-03@17:09:42 GMT

مكاسب اللاهثين للركوع لإسرائيل!

تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT

التمدد المتدرج في العدوان الإسرائيلي على سوريا، بأسلوب ونهج وتكتيك يعتمد على إرهاب القوة في المنطقة، يمثل فرصة لإحياء أطماع إسرائيل في الجنوب السوري الممتد من هضبة الجولان إلى سهل حوران، حيث جندت المؤسسة الصهيونية بعد سقوط الأسد الأكاذيب والتبريرات لوقف العمل باتفاق فض الاشتباك لعام 1974، رغم الرسائل التي وجهتها السلطة الجديدة في دمشق، بأن سوريا لن تكون منطلقا لأي اعتداء على بلدان الجوار، بما فيها إسرائيل، التي تعتبر مجالها الحيوي والأمني يشمل عموم المنطقة العربية.



فالتوغل الإسرائيلي المتواصل في الجنوب السوري لم تردعه رسائل وتطمينات، يتحدث عنها من يرعى سياسات إسرائيل في المنطقة، والتي تفند كل رسائل الحديث عن سلام ومفاوضات وتطبيع مع إسرائيل. فاحتلال أراضٍ جديدة في سوريا وتهجير سكانها بعد ارتكاب مجازر بحقهم، يروي الولادة العسيرة لسوريا المستقبل التي هز أبناؤها المنطقة، بخلاصهم من الطاغية. والأغبياء وحدهم الذين فوجئوا بالتدخل الإسرائيلي المباشر في ملفات الداخل السوري، والأكثر غباء من يتوهم بأن العدوان الإسرائيلي على سوريا مرتبط بالذرائع والتبريرات التي تسوقها تل أبيب، متناسيا الأطماع في الصهيونية في سهل حوران، "باعتباره أجود حقول الاستيطان إذا اتصل مع منحدرات هضبة الجولان ومع الجليل الأعلى" بحسب رسائل حاييم وايزمان ومذكرات بن غوريون؛ التي تقول إن سهل حوران جزء من البلاد ويجب أن لا تسلخ عنها لأهمية المياه في تلك المنطقة لأرض إسرائيل.

بكل الأحوال، أدبيات الأطماع الصهيونية بالأرض العربية طافحة، والحديث الصهيوني عن إسرائيل الكبرى لم يكن زلة لسان، وتصريحات وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس، بعدم نية إسرائيل الانسحاب من سوريا، تصب بنفس الهدف الذي عبر عنه قادة الاستيطان في إسرائيل للمسارعة بإقامة بؤر استيطانية في الجنوب السوري.

خيارات السلطة الجديدة في سوريا، لمواجهة العدوان الإسرائيلي على السيادة السورية، هي من خيارات بقية النظام العربي بالتعامل مع تحديات العدوان الإسرائيلي المتسع، ليس في غزة والضفة والقدس، بل ما تواجهه سوريا من عدوان مباشر، وتدمير لمقدراتها العسكرية بعد سقوط نظام الأسد واحتلال أراض جديدة في الجنوب السوري.

وما يتعرض له لبنان بشكل يومي، وما تتعرض له غزة ومدن الضفة الفلسطينية المحتلة رغم الاحتفاء باتفاق وقف الطلاق النار في غزة برعاية أمريكية؛ يوضح المسارات والفواصل والحدود والتخوم، حتى باتت استراتيجية الطرف المعادي مقروءة لأبعد الحدود. فلم تتردد إسرائيل في التحرك والضغط والحشد، لاستثمار مكامن القوة والغطرسة لديها، والاستفادة من تشرذم الجبهة المعادية لها، ومن نقاط ضعف عربية، لفرض استراتيجية سلام القوة والهيمنة، بضغط ودعم أمريكي مباشر لهذه الاستراتيجية.

فكيف يُفهم الموقف الأمريكي "الداعم" للسلطة الجديدة في دمشق، برفع الحصار عن سوريا ودعم علاقاتها العربية، وفي نفس الوقت يصمت على عدوان إسرائيلي يهدف إلى هدم كل التطمينات للسوريين عن المستقبل وازدهاره، وهدم للمكاسب التي غنمها السوريون من الخلاص من الطاغية؟ بظننا أن الإجابة يعرفها السوريون والفلسطينيون والعرب عموما، إذا أحسنوا قراءة الواقع المأساوي والكارثي للموقف الأمريكي من الإرهاب الإسرائيلي المستمر، ومن جرائم الإبادة الجماعية في غزة وكل فلسطين، ففيهما يتلخص ويُكشف للمرة الألف عن وجه أمريكا القبيح، المعادي للعرب والمسلمين وتطلعاتهم العادلة. فتزايد الحديث عن إمكانية توقيع اتفاق أمنى بين سوريا وإسرائيل خلال الأشهر الماضية، وبرعاية أمريكية، وصولا لانخراط سوريا في اتفاقات سلام وتطبيع مع إسرائيل، اصطدم منذ البداية بالعقبة الإسرائيلية بعدم الانسحاب من الأراضي التي احتلتها بعد سقوط النظام، وبعدم الاعتراف بسورية الجولان المحتل التي اعترف ترامب بحق إسرائيل في السيادة عليها، وهذا ينسجم مع العناصر الإسرائيلية لمفهوم "السلام" المتبع مع الحقوق الفلسطينية والعربية بإخضاع الآخر بالقوة.

وما لم يرصّ السوريون صفوفهم، وما لم يتم استنهاض حالة شعبية وسياسية، فإن سياسة الاستهتار والإذلال ستستمر وتتواصل، فهل يستطيع السوريون وضع حد لهذه السياسة ولجم التوغل والعدوان؟ ربما يبدو الواقع كارثيا للبعض وقاسيا للكثيرين، لكنه وبالتدقيق الموضوعي، يفتح أمامهم العديد من الآفاق والفرص، واستثمارها يستدعي أولا وقبل كل شيء الإسراع في إعادة بناء العامل الذاتي بطريقة جديدة ومختلفة عما عهدناه، لا الاستغراق في التحسر على عوامل موضوعية مفقودة، والاسترسال في البكاء على أطلال مقولة نحن "دولة ضعيفة"، ففيها اجترار لشعار "التوازن الاستراتيجي" الذي استُخدم لعقود طويلة من نظام الأسد الساقط.

يمكن القول أخيرا، إنه من ثمار الصمت العربي المؤلم عن جرائم وإرهاب المؤسسة الصهيونية في فلسطين، وغياب الفعل المواجه له، وافتضاح العجز العربي منه، أن أصبح إرهاب الدولة متسيدا على المنطقة ودولها وشعوبها، وبذرائع يعتقد "الناجون" منها أنهم بعيدون عن الرضوخ لمفهوم الغطرسة الصهيونية، ولكن يبقى السؤال الذي يلح الآن: ما هي مكاسب المطبعين مع إسرائيل ومكاسب علاقتهم بأمريكا بالنسبة للأمن الوطني والقومي، التي ترتكب تحته جرائم إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني وشعوب عربية في فلسطين ولبنان وسوريا؟

هي مكاسب جزئية صغيرة، وهامشية، ولا تتعدى الاحتفاء بالصورة الملتقطة، من كامب ديفيد إلى أوسلو ووادي عربة، مرورا بالاتفاقات "الإبراهيمية" ومؤتمرات شرم الشيخ وغيرها. فالمسافة التي قطعها بعض العرب والفلسطينيين، في مسار التطبيع مع إسرائيل، ليست مسافة حقيقية فقط، بل نفسية أيضا؛ تنقلهم من استعداد إلى آخر، للتعاطي مع الأصل العدواني للطبيعة الصهيونية القائمة على المذابح، من بيت حانون الفلسطينية إلى بيت جن السورية مرورا بمدن وقرى عربية. فمن كان متفرجا على جرائم الإبادة في غزة، لن تستفزه مذبحة بيت جن السورية، ولن تستدعي عقابا عربيا رادعا لها، ولنفس الأسباب والذرائع ستستمر الجرائم ويتوسع الإرهاب الصهيوني الذي ينقلنا من مذبحة إلى أخرى.

ولعل كل ذلك يوضح مدى القياسات المتناقضة التي تقيس سياسات عربية وعلاقتها بالاحتلال وبالإدارة الأمريكية، والتي توفر كل الأسباب لطرد الأوهام المعشعشة في رؤوس اللاهثين خلف الركوع لإسرائيل، فكل جرائمها فشلت في تقريب العرب من بعضهم، وتفشل في تقريب الفلسطينيين من أنفسهم واستخلاص الدروس والعبر، لكنها نجحت في أمر ثابت لا يتزحزح، أن هذه الفاشية لا يمكن التعايش معها، ومقاومتها فطرية وأخلاقية وإنسانية ووطنية، لا تبدلها الظروف والمحن.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء العدوان الإسرائيلي سوريا الفلسطينية سوريا إسرائيل فلسطين عدوان قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان الإسرائیلی فی الجنوب السوری إسرائیل فی مع إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تعتمد قرارين لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان السوري

قالت أنالينا بيربوك، رئيسة الجمعية العامة، إنّه "على مدى 78 عامًا حُرم الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف، ولا سيّما حقه في تقرير المصير".

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، قرارًا بشأن "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية"، وقد حظي المشروع، الذي صاغته كلٌّ من جيبوتي والأردن وموريتانيا وقطر والسنغال والسلطة الفلسطينية، بتأييد 151 دولة، مقابل 11 صوتًا ضد، بما فيهم الولايات المتحدة، فيما امتنعت 11 دولة عن التصويت.

وأكد القرار "مسؤولية الأمم المتحدة تجاه قضية فلسطين، ودعا إلى إنهاء احتلال الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967، وإلى التمسك بحل الدولتين، كما طالب إسرائيل بوقف أنشطة الاستيطان والامتثال للقانون الدولي".

إلى جانب ذلك، حثّ على استئناف المفاوضات، ودعا الدول إلى عدم الاعتراف بأي تغييرات على الحدود، مع زيادة المساعدات المقدمة للفلسطينيين في ظل الأزمة الإنسانية الحادة.

كما اعتمدت الأمم المتحدة قرارًا آخر طرحته مصر، ينص على انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية، باعتبار احتلالها وضمها للمنطقة "عملًا غير قانوني".

وقالت أنالينا بيربوك، رئيسة الجمعية العامة، إنّه "على مدى 78 عامًا حُرم الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف، ولا سيّما حقه في تقرير المصير". وأضافت: "حان الوقت لأن نتخذ إجراءات حاسمة لإنهاء هذا الجمود المستمر منذ عقود".

Related كيف حوّلت منظمات استيطانية ومحاكم إسرائيلية حيّاً فلسطينياً في القدس إلى "هدف للإخلاء"؟مقتل 7 فلسطينيين في غزة.. والشرطة الإسرائيلية تعلن تسلم بقايا جثمان رهينة من القطاع "انتحال هوية مشاهير".. اتهامات إسرائيلية لفلسطينيين باستخدام الذكاء الاصطناعي لنشر رسائل سياسية

وأشارت بيربوك إلى أن حماس ارتكبت "الفظائع في 7 أكتوبر 2023" وساهمت في "إطلاق أحد أحلك الفصول في هذا الصراع"، وفق تعبيرها.

وحذرت من أن توسّع المستوطنات، وعمليات الهدم، وتصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية "يواصل تقويض آفاق قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، مستقلة، متواصلة جغرافيًا وقابلة للحياة".

وقالت: "كل ما حدث خلال العامين الماضيين أكد ما نعرفه منذ عقود: لا يمكن حلّ الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي عبر احتلال غير قانوني، أو ضمّ بحكم الأمر الواقع أو القانون، أو تهجير قسري، أو إرهاب متكرر، أو حرب دائمة".

وأضافت: "لن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون سلامًا وأمنًا وكرامة دائمة إلا عندما يعيشان جنبًا إلى جنب في دولتين مستقلتين ذات سيادة، بحدود معترف بها متبادلًا، واندماج إقليمي كامل".

وأتى القراران في إطار "إعلان نيويورك" الذي أقرّته دول عديدة، وقرار مجلس الأمن رقم 2803 (2025)، الذي تبنّى "الخطة الشاملة لإنهاء الصراع في غزة" التي طرحتها الولايات المتحدة. واعتبرت بيربوك: "نرى للأسف يوميًا أن هذه مجرد كلمات على الورق إذا لم نُنَفّذها".

كما أشارت رئيسة الجمعية إلى أنه منذ وقف إطلاق النار، قُتل في غزة ما يزيد على 67 طفلًا، وشددت على ضرورة إيصال المساعدات إلى كامل القطاع ومن دون عوائق، ووفقًا للقانون الإنساني الدولي والمبادئ الإنسانية، بما في ذلك تلك التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وأوضحت أن "كما ورد في الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل، فإن السماح للأونروا بأداء ولايتها ومواصلة عملها ليس مجرد بادرة حسن نية، بل التزام قانوني".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • إسرائيل: الجثث التي سلمتها حماس أمس لا تعود إلى الأسرى
  • الأمم المتحدة تعتمد قرارين لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان السوري
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل في ريف القنيطرة السوري
  • “الدفاع المدني” بغزة : إجلاء إصابتين وعشرات الأسر التي حاصرتها نيران الدبابات الصهيونية
  • الصهيونية الدينية: سنصوت على قانون من شأنه أن يؤدي إلى تجنيد حقيقي وسريع للحريديم في الجيش الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي: قواتنا في حالة استعداد عالية تحسباً للتطورات في سوريا
  • تجدد التوغل الإسرائيلي في ريف القنيطرة السوري وسط تصاعد الانتهاكات
  • المرصد السوري: 232 قتيلاً في سوريا خلال تشرين الثاني
  • بعد مواصلتها الهجمات على سوريا ولبنان.. عراقجي: إسرائيل تنفذ مخططاً لزعزعة استقرار المنطقة