في ظل أزمة في العلاقات المغربية الفرنسية، توصف بأنها "صامتة"، وصل الملك محمد السادس إلى فرنسا، في إطار زيارة خاصة، لم يتم الإعلان عنها مسبقا، حيث أوضحت مجلة "جون أفريك" أن "الطائرة الملكية حطت بمطار باريس، مساء الجمعة، وعلى متنها الملك المغربي وعدد من مرافقيه".

وكشفت المجلة الفرنسية، المهتمة بالشؤون الأفريقية، أن "هذه الزيارة الخاصة، تأتي بعد اعتراف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قبل فترة قصيرة، بتدهور العلاقات الثنائية التي تجمع بلاده بعدد من الدول، أبرزها المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر"، مستفسرة: "هل ينتهز الرئيس الفرنسي الفرصة لوضع حد للبرود الدبلوماسي بين باريس والرباط؟".



وتوقعت المجلة عقد لقاء بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي، فيما يرى عدد من المحللين أن "هذه الزيارة قد تحمل بوادر تقارب في العلاقات المغربية الفرنسية، بعد مدة من الخلاف".

هل انتهى زمن الخلاف؟
وكان الرئيس الفرنسي، قد أشار، في فترة سابقة، إلى أسباب توتر علاقة بلاده مع عدد من الدول، بالقول إن: "أزمة المنطقة وتنظيمها حيث لا تغيب العداوات وتتعدد الصعوبات، هي السبب الرئيسي"، دون التطرق إلى ما صدر عن باريس من قيود مفروضة على تأشيرات الدخول لمواطني الدول الأفريقية، إضافة إلى تصريحاته حول الإسلام التي أغضبت دول إسلامية عدة" وفق عدد من المحللين.
 
وأكد ماكرون إطلاق عدد من المبادرات الثنائية، في الأشهر المقبلة، "تجاه بعض الدول الأفريقية"، مشيرا إلى أنه "بحلول نهاية العام الجاري، وتحت سلطة وزيرة الشؤون الخارجية كاثرين كولونا، ينبغي توحيد أجندة التعافي الحكومية الدولية مع المنطقة بأكملها على نطاق أوسع".

وفيما يخص علاقة فرنسا مع المغرب، قال ماكرون خلال مؤتمر صحافي يهم استراتيجيته في إفريقيا، إن "إرادتي أن أمضي قدما مع المغرب؛ والملك محمد السادس يعلم ذلك، لقد أجرينا العديد من المناقشات والعلاقات الشخصية ودية وستظل كذلك".

وخلال الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش، توصل الملك محمد السادس ببرقية تهنئة من رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، أعرب فيها عن "مشاعر الصداقة العميقة التي يكنها الشعب الفرنسي للشعب المغربي"، مردفا أن "النجاحات التي حققها المغرب منذ بداية حكم جلالتكم وما حملته من زخم تحديثي، كانت رائعة". 


وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي المتخصص في العلاقات الدولية، حسن بلوان، أن "زيارة العاهل المغربي إلى فرنسا تحظى بأهمية خاصة، حتى لو لم تأخذ طابعا رسميا على اعتبار الأزمة الصامتة التي تطبع العلاقات المغربية الفرنسية منذ شهور".

وأضاف المحلل السياسي، في حديثه لـ"عربي21" أن "هذه الزيارة الخاصة تأتي في ظل توالي الانقلابات العسكرية في فريقيا الغربية، ذات الأهمية الاستراتيجية للمستعمر السابق (فرنسا)، والذي تراجع نفوذها بشكل مثير خلال السنوات الأخيرة" مشيرا إلى أن "توقيت الزيارة يحمل مجموعة من الإشارات التي تؤشر على قرب انفراج الأزمة بين البلدين".

وتابع: "خاصة وأن مجموعة من التقارير الفرنسية تتحدث عن حتمية تجويد العلاقات مع المغرب كشريك تقليدي يحظى بالموثوقية" مردفا أن "هناك مجموعة من المؤشرات تدل على أن هذه الزيارة الخاصة ستغير مجرى العلاقات المتأزمة بين البلدين".

وأوضح بلون في حديثه لـ"عربي21" أنه من بين المؤشرات هناك "مطالبة مجموعة من الأصوات السياسية والبرلمانية، الرئيس ماكرون، بإعادة العلاقات مع المغرب لطبيعتها والاعتراف الصريح بمغربية الصحراء" بالإضافة إلى "التصريح القوي للرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، الذي دعا بشكل مباشر ايمانويل ماكرون الاعتراف بمغربية الصحراء، وحذره من العلاقات مع الجزائر على حساب المغرب".


واسترسل المحلل السياسي، في ذكر المؤشرات مبرزا أن "الإذاعة الوطنية الفرنسية، نشرت خريطة المغرب كاملة تضم الأقاليم الجنوبية، كإشارة رمزية سيكون لها ما بعدها في الموقف الفرنسي تجاه هذه القضية" مؤكدا أنه "وفق هذه المعطيات من المحتمل أن تتحول الزيارة الملكية الخاصة إلى زيارة رسمية تتوج بلقاء قمة أو لقاءات على أعلى المستويات، لتسوية القضايا الخلافية حفاظا على المصالح المشتركة للبلدين داخل الفضاء الإقليمي وفي القارة الافريقية".

وختم بلوان حديثه لـ"عربي21" بالقول: "أظن أن المغرب يفاوض فرنسا من موقع مريح لعودة العلاقات العادية بين البلدين، ومن غير المحتمل أن يتنازل المغرب عن مطلب الاعتراف الفرنسي القوي والصريح بمغربية الصحراء،  بالإضافة إلى ضرورة أن تعترف فرنسا بمصالح المغرب الكبرى في إفريقيا الغربية، كما يجب أن تتفهم أنه من حق المغرب تنويع شراكته الاستراتيجية مع باقي القوى الدولية في الشرق والغرب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية المغربية فرنسا باريس المغرب فرنسا باريس الرباط سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الملک محمد السادس الرئیس الفرنسی هذه الزیارة بین البلدین مع المغرب مجموعة من عدد من

إقرأ أيضاً:

أبعاد أمنية وإستراتيجية وراء زيارة عراقجي إلى باكو

طهران- تسود بين إيران وأذربيجان واحدة من أكثر العلاقات حساسية وتعقيدا؛ فالتاريخ المشترك، والامتدادات السكانية عبر الحدود، والمشاريع الاقتصادية العابرة للقارات، تتداخل جميعها مع صراعات النفوذ الإقليمي وهواجس الأمن وحدود الاصطفاف بين الشرق والغرب.

وفي هذا المشهد المتشابك، جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى العاصمة الأذرية باكو بوصفها محاولة لفتح صفحة أكثر هدوءا، وربما أكثر براغماتية، بين الجانبين.

???? عراقجي: طهران وباکو اختارتا طريق الحوار لحل أي سوء تفاهم

قال وزير الخارجية الإيراني السيد "عباس عراقجي" في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأذربيجاني إن أهم اتفاق توصلنا إليه اليوم هو مواصلة المحادثات والمشاورات وتعزيز التبادلات والزیارات. وأضاف: "لدينا العديد من القواسم المشتركة… pic.twitter.com/JsF6iA8p6s

— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) December 8, 2025

رسائل تهدئة

قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن زيارة عباس عراقجي خطوة في سياق "تعميق العلاقات الثنائية وتوسيع مساحات التفاهم مع الجيران"، مؤكدة أن طهران "ترى في الحوار الطريق الأضمن لمعالجة سوء الفهم وتجنب التوتر".

وقال المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي إن "إيران وأذربيجان ترتبطان بروابط تاريخية وثقافية، والزيارة تهدف إلى فتح فصل جديد من التعاون"، مضيفا أن المرحلة الحالية تتطلب "تعزيز قنوات الاتصال المباشر منعا لأي استغلال خارجي للتباينات".

وخلال الاجتماعات في باكو، شدد وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بايراموف على أن "تعزيز الثقة المتبادلة أساس لتطوير العلاقات"، مؤكدا رغبة بلاده في دفع التعاون السياسي والاقتصادي مع طهران.

أما الرئيس إلهام علييف، فقال -وفق وسائل الإعلام الأذربيجانية- إن بلاده "تثمّن العلاقات مع إيران" وإن الزيارة "خطوة مهمة لترسيخ الاستقرار في جنوب القوقاز".

إعلان

من جانبه، أكد عراقجي أن الطرفين "اتفقا على أن يكون الحل السلمي والحوار المباشر مسارا ثابتا لمعالجة أي خلاف"، مضيفا أن إيران "ترحب بأية مبادرة تعزز الأمن الإقليمي وتمنع تدخل القوى غير الإقليمية". وأوضح أن لقاءاته في باكو تناولت ملفات الطاقة والممرات البرية وأمن الحدود، ووصف المحادثات بأنها "صريحة وبنّاءة".

وتقول مصادر إيرانية إن طهران تعتبر هذه الزيارة جزءا من "جهد دبلوماسي أوسع" لإزالة أسباب الاحتقان، ولا سيما بعد التصعيد الإقليمي الأخير. وتؤكد الدبلوماسية الإيرانية أن العلاقة مع باكو "قابلة للتطوير" وأن الجانبين يمتلكان "إرادة مشتركة لطي صفحة التوتر".

القرب والقلق

يرى الباحث السياسي رضا غبيشاوي أن العلاقات بين طهران وباكو لا يمكن قراءتها بمعزل عن البنية السكانية والثقافية للمنطقة؛ فالأذريون يشكلون نسبة معتبرة من المجتمع الإيراني، وروابط القربى تتجاوز الحدود السياسية، كما أن أذربيجان -بعد إيران- تضم أعلى نسبة من الشيعة في العالم، مما يخلق حالة تداخل اجتماعي وديني فريدة.

ويذكّر غبيشاوي في حديثه للجزيرة نت، بأن أذربيجان كانت جزءا من إيران قبل أن تُنتزع منها في مطلع القرن الـ19 بموجب معاهدتي كلستان وتركمانشاي، وهو حدث لا يزال حاضرا في الوعي الإيراني.

ومع ذلك، يقول الباحث، إن إيران كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال باكو عام 1991، وواصلت بعد ذلك تطوير تعاون اقتصادي مهم، أبرزُه مشروع السكك الحديدية الرابط بين روسيا والخليج عبر الأراضي الإيرانية والأذربيجانية.

لكن خلف هذا القرب، يشير الباحث إلى تصاعد الشكوك الإيرانية تجاه الدور الإسرائيلي في أذربيجان، خصوصا بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، حيث تتهم أصوات داخل طهران باكو بالتعاون الأمني مع تل أبيب.

ويرى غبيشاوي أن إيران استخدمت الزيارة للتحقق من "عدم مشاركة" أذربيجان في الهجوم، وللتأكيد على ألا تكون أراضيها منصة لأي تحرك مستقبلي.

كما لا يستبعد احتمال تحوّل أذربيجان إلى "محطة لتمرير رسائل" بين طهران وتل أبيب بحكم علاقاتها القوية مع إسرائيل.

وتزداد الحساسية الإيرانية -وفق الباحث- مع مشروع ممر زنغزور الذي تنفذه شركات أميركية، وترى فيه طهران تهديدا يقلص دورها الجغرافي ويفتح الباب أمام حضور أميركي وإسرائيلي على حدودها.

دبلوماسية التوازن

من زاوية مكمّلة، يوضح الخبير السياسي أشكان ممبيني أن الزيارة تأتي ضمن "سياسة ثابتة لتعزيز العلاقات مع الجيران وتفعيل التعاون الإقليمي البنّاء"، مشددا على أن أذربيجان دولة ذات مكانة خاصة في حسابات طهران بحكم الروابط الثقافية والدينية والموقع الجغرافي.

ويرى ممبيني في حديثه للجزيرة نت، أن الرسائل التي حملها عراقجي إلى الرئيس ووزير الخارجية ورئيس البرلمان في باكو تعكس "إرادة واضحة لفتح مسار بنّاء يقوم على الاحترام والصداقة"، مشيرا إلى أن إيران تعتبر أن استقرار جنوب القوقاز "لا يمكن ضمانه دون مشاركة فعّالة للدول الإقليمية"، وأن إدخال القوى الغربية في معادلاته الأمنية "يخلّ بالتوازن الطبيعي" في المنطقة.

ويبرز الخبير أهمية الحفاظ على "إطار 3+3" كمنصة لتنسيق مصالح دول القوقاز ودول الجوار الكبرى، معتبرا أن هذا الإطار الإقليمي هو السبيل الأمثل لحماية الأمن الجماعي ومنع تحول المنطقة إلى ساحة صراع بين القوى الكبرى.

إعلان

وتتشكل الآلية الإقليمية "3+3" من 3 دول في جنوب القوقاز هي أذربيجان وأرمينيا وجورجيا، و3 دول جارة هي إيران وروسيا وتركيا.

ويرى ممبيني أن إيران تسعى من خلال هذه الزيارة إلى إطلاق "مرحلة جديدة من الأمن المستدام"، قائمة على مشاريع تعاون تمنح العلاقات بين طهران وباكو بُعدا أكثر استقرارا.

مقالات مشابهة

  • أبعاد أمنية وإستراتيجية وراء زيارة عراقجي إلى باكو
  • زيارة تحمل رسائل أبعد من البروتوكول
  • ختام زيارة أمير قطر للمملكة.. اتفاقية ربط بالقطار الكهربائي السريع بين البلدين
  • وزير النقل: قطار الرياض الدوحة لحظة "تاريخية" تؤكد عمق العلاقات بين البلدين
  • بيان مشترك في ختام زيارة أمير قطر للمملكة: تطوير الشراكة الدفاعية بين البلدين
  • عاجل: ختام زيارة أمير قطر للمملكة.. اتفاقية ربط بالقطار الكهربائي السريع بين البلدين
  • ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الفرنسي ويستعرضا العلاقات الثنائية
  • الدبيبة يستقبل السفير الفرنسي لبحث تعزيز التعاون الثنائي
  • معلومات الوزراء بالتعاون مع "سفارة الصين بالقاهرة ينظم منتدى الشراكة الاستراتيجية الشاملة البلدين
  • عبد العاطي يبحث مع نظيره الإيراني تعزيز العلاقات بين البلدين وتطورات الملف النووي