فورين أفيرز: العلاقة الاستثنائية بين أميركا وإسرائيل غير قابلة للاستمرار
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
ظل رابط الولايات المتحدة وإسرائيل وثيقا استثنائيا على مدى 3 عقود، حافظت فيها الولايات المتحدة على انسجام كامل مع إسرائيل في زمن السلم والحرب، مع تقديم دعم دبلوماسي وعسكري غير مشروط لها.
انطلاقا من هذه الفكرة قدمت مجلة فورين أفيرز تحليلا شاملا لأزمة هذه العلاقة، مشيرة إلى أنها تطورت على مدى عقود بوصفها استثنائية، وقائمة على دعم غير مشروط وتفضيل غير مسبوق، ولكنها لم تعد قابلة للاستمرار، لما تلحقه من أضرار سياسية وأمنية وإنسانية بثلاثة أطراف، هم الأميركيون والإسرائيليون والفلسطينيون.
وذكرت المجلة -في مقال طويل بقلم أندريو ميلر- رد فيه هذه العلاقة إلى فترة التسعينيات، حين اعتقدت واشنطن أن دعمها المطلق لإسرائيل سيشجعها على اتخاذ خطوات نحو السلام، بأن النهج الأميركي في العلاقة بإسرائيل كان قائما على أربعة افتراضات أساسية.
أول هذه الافتراضات -حسب المقال- أن المصالح الأميركية والإسرائيلية متوافقة في الغالب إن لم تكن متطابقة، وثانيها أن إسرائيل تفهم مصالحها والتهديدات التي تواجهها، وثالثها أن حل أي خلافات بينهما لا يكون علنا، وآخرها أن تستجيب إسرائيل للهواجس الأميركية الكبيرة.
ولكن العلاقة -حسب الكاتب- تحولت مع الوقت إلى منظومة تمنح إسرائيل حصانة سياسية وعسكرية، وتضمن لها المساعدات الضخمة بغض النظر عن سياساتها، مع قيام الولايات المتحدة بحمايتها دبلوماسيا في الأمم المتحدة، وتجاوز قوانينها الخاصة المعمول بها مع دول أخرى، خاصة انتهاكات حقوق الإنسان.
تكاليف باهظةوقد كشفت حرب غزة التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن الحفاظ على هذا النوع من العلاقة الثنائية يأتي بتكاليف باهظة، إذ فشلت واشنطن في إعادة ضبط طريقة إدارة إسرائيل للحرب، بسبب طبيعة العلاقة "الاستثنائية" التي تربطها بإسرائيل، حسب المجلة.
إعلانوفعلا ظلت واشنطن تتجنب ممارسة أي ضغط حقيقي على إسرائيل بالرغم من قلقها من ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين الفلسطينيين، ومن أساليب الجيش الإسرائيلي، ولم تضع واشنطن -حسب الكاتب- قوانين أميركية تمنع تقديم المساعدة العسكرية لدول تعرقل الإغاثة، ولم تربط المساعدات بشروط واضحة.
العلاقة القائمة على نهج محدد بين واشنطن وتل أبيب تحولت مع الوقت إلى منظومة تمنح إسرائيل حصانة سياسية وعسكرية، وتضمن لها المساعدات الضخمة بغض النظر عن سياساتها
وقد أضرت هذه الاستثنائية بمصالح البلدين، فضلا عن إلحاق ضرر بالغ بالفلسطينيين -كما يقول الكاتب- وبدلا من المساعدة في ضمان "بقاء إسرائيل" الذي يعد الهدف المعلن لهذه السياسة، سمح الدعم الأميركي غير المشروط لأسوأ غرائز القادة الإسرائيليين بالازدهار.
وكانت النتائج زيادة مستمرة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وعنف المستوطنين في الضفة الغربية، وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين في غزة، إلى جانب نشر المجاعة هناك، كما يقول الكاتب.
كما أدت هذه السياسة إلى قيام تل أبيب بأعمال عسكرية متهورة في أنحاء الشرق الأوسط وتوترات إقليمية أكبر، حيث نفذت عمليات عسكرية في سوريا ولبنان، وأشعلت حربا خاطفة مع إيران، مما فاقم الأخطار الوجودية التي تواجهها.
ومع أن واشنطن ساعدت في احتواء التصعيد، فإن علاقتها المترددة مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جعلت نفوذها محدودا، بل إن حرية إسرائيل في التحرك زادت -حسب الكاتب- مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتبنيه مواقف داعمة لكل قراراتها في غزة، مما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.
ومع ذلك، تواجه إسرائيل نفسها، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالفلسطينيين، نتائج خطرة تتمثل في عزلة دولية متصاعدة، وتراجع غير مسبوق في الدعم الشعبي الأميركي خاصة لدى الشباب، وارتفاع التوترات الداخلية بسبب سياسات حكومة نتنياهو، إضافة إلى مخاطر إستراتيجية تتعلق بإيران وغزة والضفة الغربية.
ومثل إسرائيل والفلسطينيين، دفعت الولايات المتحدة -حسب الكاتب- ثمنا باهظا من مكانتها الدولية واستقرارها السياسي الداخلي، إذ استغل خصومها، مثل الصين وروسيا تراجع صورتها، وازداد الانقسام الحزبي الأميركي بسبب الحرب.
وقد أدى الدعم غير المشروط -حسب المجلة- إلى مخاطر أخلاقية لكلا البلدين، إذ لم يعد لدى إسرائيل سبب لتلبية الهواجس والمصالح الأميركية لأن تجاهلها لا يترتب عليه أي ثمن، مما شجعها على اتباع مواقف متشددة غالبا ما تتعارض مع المصالح الأميركية وأحيانا مع مصالح إسرائيل نفسها.
وبناء على هذه النتائج توصل الكاتب إلى أن استمرار العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة بالشكل الاستثنائي الحالي يشجع السياسات الإسرائيلية الأكثر خطورة، ويعوق الوصول إلى حلول سياسية، ويهدد مصالح الولايات المتحدة على مستوى العالم.
وعليه يقترح المقال نموذجا جديدا قائما على "تطبيع" العلاقة، بفرض شروط واضحة على المساعدات، وتطبيق القوانين الأميركية والدولية على إسرائيل كما تطبق على غيرها، وتحديد خطوط حمراء مشتركة، ومنع التدخل في سياسات الطرفين الداخلية.
إعلانويرى الكاتب في هذا التعديل الذي قد يكون متأخرا، ضرورة إستراتيجية وسياسية وأخلاقية بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة أن من شأن علاقة أميركية إسرائيلية طبيعية أن تحقق نتائج أفضل من علاقة استثنائية غالبا ما تشجع السلوك الإسرائيلي الخطر وتستنزف النفوذ الأميركي العالمي.
ومثل هذا التحول -كما يرى الكتاب- يمكن أن يمنع خطوات إسرائيلية خطرة مثل ضم الضفة الغربية، كما أنه يفتح الباب لتنسيق أكثر فعالية تجاه إيران، ويُسهم في إعادة بناء مسار سياسي للفلسطينيين.
ويحذر ميلر من أن عدم القيام بهذه المراجعة سيؤدي إلى تفاقم الخسائر بالنسبة لجميع الأطراف، ومن أن المستقبل قد يشهد انهيار أسس العلاقة إذا استمرت بلا إصلاح، خصوصا مع حكومة إسرائيلية متشددة وإدارة أميركية متذبذبة.
وخلص أندريو ميلر إلى أن إعادة ضبط العلاقة بين البلدين ليس خصومة، بل ضرورة لحماية مصالح الأميركيين والإسرائيليين، ولبدء مسار يمنح الفلسطينيين فرصة لحياة سياسية قابلة للاستمرار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الولایات المتحدة حسب الکاتب
إقرأ أيضاً:
مسؤول أمريكي يزور الأردن وإسرائيل لبحث تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة
أعلنت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة أن السفير مايك والتز، ممثل الولايات المتحدة في المنظمة الدولية، سيجري زيارة رسمية إلى الأردن وإسرائيل خلال الفترة من 6 إلى 10 كانون الأول/ديسمبر 2025، في إطار مساعٍ أميركية لتعزيز الاستقرار الإقليمي ودعم تنفيذ خطة الرئيس ترامب ذات النقاط العشرين بشأن غزة ، إضافة إلى متابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803.
لقاءات رفيعة المستوى في الأردن
وبحسب بيان صادر عن البعثة، من المقرر أن يلتقي السفير والتز خلال زيارته للأردن كلاً من الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي، لبحث التعاون الثنائي ودور الأردن في تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
كما سيجري السفير مشاورات مع منظمات إنسانية لبحث سير الجهود الهادفة إلى تقديم المساعدات المنقذة للحياة، إلى جانب مناقشة ملفات الأمن الإقليمي والتحديات الإنسانية، بما فيها أزمة اللاجئين السوريين.
مباحثات أمنية وإنسانية في إسرائيل
وخلال محطته في إسرائيل، سيجتمع والتز مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ، لبحث التعاون الأميركي–الإسرائيلي داخل الأمم المتحدة، ومناقشة الأولويات المشتركة في الأمن الإقليمي والمساعدات الإنسانية.
وسيُجري السفير جولة ميدانية في الحدود الشمالية والجنوبية لإسرائيل للاطلاع على تقدم تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803، إضافة إلى زيارة معبر كرم أبو سالم للتركيز على آلية إدخال وتوزيع المساعدات إلى قطاع غزة.
ويتضمن البرنامج أيضاً زيارة آلية التنسيق والمراقبة لغزة (CMCC)، باعتبارها منصة مركزية في متابعة تنفيذ خطة الرئيس ترامب.
اجتماع مع قيادة الأمم المتحدة
كما سيلتقي والتز بالقائم بأعمال المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط راميز ألاكبروف، لبحث دور مكتب الأمم المتحدة في دعم الجهود الإنسانية ومساندة مسار السلام.
تأكيد الالتزام الأميركي بالمنطقة
واختتم البيان بالتأكيد على أن هذه الزيارة تعكس "التزام إدارة الرئيس ترامب بإنهاء النزاعات المستعصية وتحقيق مستقبل يسوده السلام والازدهار في الشرق الأوسط".
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين تجدد نسف المنازل - 3 شهداء وإصابات في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا علاقة إندونيسيا - صحيفة: خطة ترامب لغزة تتعثر مع تراجع الحماس الدولي الاحتلال يعتقل 4 مواطنين من قرية النبي صالح شمال رام الله الأكثر قراءة اعتقالات واقتحامات بتصعيد إسرائيلي متواصل في الضفة برا وبحرا وجوا.. قصف إسرائيلي مكثف على قطاع غزة منذ فجر اليوم تقرير: تداعيات خطيرة تهدد المناطق المحيطة بالقدس والأغوار بن غفير يتوعّد بإلغاء التحقيق مع جنود الاحتلال بعد إطلاق النار عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025