عبر قرن من الزمان كانت الدولة الأردنية منذ أن كانت جزءا من حلم عربي للثورة العربية الكبرى إلى أن تحولت بفعل المشروع الصهيوني ووعد بلفور ونقض بريطانيا لوعودها إلى الخيار المتاح لتجسيد مشروع الثورة العربية الكبرى بعد الاحتلال الفرنسي لسورية واكتملت الصورة بالانقلاب الدموي في العراق على الحكم الهاشمي ودخول العراق دوامة الانقلابات.
ولأن النظام السياسي في الأردن بقي مستمرا ومستقرا طوال قرن من الزمان حافظت الدولة على استقرار تحالفاتها الكبرى وأيضا على مجموعة العلاقات الكبرى عربيا ودوليا، فالتحالف الأهم للأردن منذ إنشاء الإمارة وإلى اليوم مع بريطانيا التي كانت القطب الأهم إلى جانب فرنسا حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وبريطانيا رغم انقلابها على اتفاقها مع الشريف حسين رحمه الله إلا أنها بعد أن نفذت وعدها لليهود أسست علاقة قوية ومهمة مع الأردن لم تتأثر قوتها بتغير دور بريطانيا في العالم الذي تولت قيادته الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي منذ خمسينيات القرن الماضي.
أما التحالف الثاني فكان مع الولايات المتحدة التي أيضا لها مصالحها في المنطقة وعلى رأسها إسرائيل والنفط، لكن الأردن عبر حوالي سبعين عاما من العلاقة مع أميركا صنع لنفسه مساحة في خريطة علاقات ومصالح أميركا وتعززت هذه المساحة مع ظهور أزمات كبرى في العالم والإقليم مثل الإرهاب والتطرف وإيران.
والعلاقة القوية مع أميركا وبريطانيا لم تخل من محطات قلق مثل حرب الخليج وغيرها، لكن الأردن تميز أنه دولة بوجه واحد مع العالم، وكانت الدول الكبرى تدرك أن القيادة الأردنية لا تراوغ أو تتحدث بلغتين وهذه المصداقية المستمرة في عهد كل الملوك الهاشميين كانت من أدوات تجاوز العلاقات الأردنية مع حلفائه الأزمات بأقل قدر من الخسائر.
وفي الإطار العام هنالك الدول الأوروبية التي بنى الأردن معها علاقة قوية أساسها الصورة التي بناها الأردن لنفسه كدولة معتدلة سياسيا واجتماعيا مؤمنة بالسلام وحقوق الإنسان ومنحازة للقضايا الإنسانية في العالم في كل الأزمات عبر القوات الدولية وكل جهد بما في ذلك تعامل الأردن مع أزمات الإقليم واللاجئين.
أما في الإطار العربي فالقصة أصعب لأن المعادلة العربية كثيرة التقلب ليس بتغير الحكام بل لغياب أسس العلاقات مع بعض الدول وخاصة تلك المسكونة بوهم الزعامة والهيمنة على الأشقاء، فجزء من زعماء العرب عبر العقود كانوا يريدون علاقات مبنية على التبعية وهذا لم يكن مقبولا من الأردن ولهذا كانت محاولات العبث بالأردن عبر تنظيمات محلية أو أفكار وقضايا كبرى مثل فلسطين والعروبة، لذلك كانت إدارة العلاقات العربية ربما الملف الأصعب فالبعض يريدك تابعا والبعض متقلب المصالح والبعض يظهر عكس ما يبطن، ودول عديدة كانت تتقلب فيها أنواع الأنظمة السياسية بفعل الانقلابات أو الموت.
لكن العلاقات العربية بالنسبة للأردن بقيت عنصرا مهما جدا، يحرص على تطويرها أو تجاوز أجزائها الضعيفة ويغمض عيونه كثيرا عن عبث هنا أو هناك، فالجغرافيا قدر وأزمات الإقليم لا يمكن مواجهتها دون العرب أو بعضهم، ومؤكد أن هناك علاقات كثيرة عربية أردنية راسخة وقوية وحافلة بالصدق والمساندة المتبادلة في أصعب الظروف.
أما إسرائيل فالأردن ومنذ النكبة كان مؤمنا بالسلام والحل السياسي لكنه لم يذهب خطوة نحو سلام منفرد وقاوم الضغوط عندما رفض الانضمام لكامب ديفيد مثلما رفض صفقة القرن، وعندما جاءت فرصة سلام على أساس الشرعية الدولية ذهب إلى مدريد، لكنه لم يوقّع إلا بعد مراوغة ياسر عرفات واتفاقه السري مع إسرائيل وتوقيعه أوسلو، وبقي الأردن مخلصا لموقفه في السعي لدولة فلسطينية وحقوق الفلسطينيين.
ليس من السهل المرور على مسارات الأردن عبر قرن، لكنها محاولة للقراءة.
(الغد الأردنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين سوريا الاردن فلسطين مقالات مقالات مقالات اقتصاد رياضة رياضة سياسة صحافة صحافة سياسة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
اهتمام إسباني لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الأردن
صراحة نيوز ـ بحث وفد اقتصادي أردني يزور إسبانيا حاليا، خلال لقاء في غرفة تجارة مدريد، سبل زيادة التعاون الاقتصادي وآفاق العمل المشترك بين القطاع الخاص لدى البلدين بالعديد من القطاعات الاستراتيجية.
وشارك في اللقاء السفيرة الأردنية في إسبانيا رغد السقا، وممثلون عن غرفة تجارة إسبانيا، وأعضاء الوفد الذين يمثلون شركات محلية من قطاعات التجارة والخدمات والصناعة، إلى جانب شركات إسبانية.
وتنظم زيارة الوفد التي تستمر عدة أيام، جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية (جيبا) بالتعاون مع غرفتي تجارة إسبانيا ومدريد، بدعم من سفارة إسبانيا لدى المملكة.
ويضم الوفد مجموعة من ممثلي كبرى الشركات الأردنية العاملة في قطاعات حيوية مثل السياحة والصحة والطاقة المتجددة وتقنيات البيئة والمياه والصناعات الغذائية والزراعة والتعدين.
وحسب بيان للجمعية اليوم الأربعاء شارك في اللقاء وزارة الاستثمار عبر تقنية “زووم” والملحقية التجارية في السفارة الإسبانية في عمان، ما أتاح تعزيز التواصل مع الجهات الاقتصادية من كلا البلدين.
ووصف رئيس (جيبا) علي حيدر مراد، اللقاء بالمثمر كونه يعكس الحرص المشترك على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتحقيق المزيد من التعاون الفعّال في المستقبل.
وبين أن اللقاء كشف عن اهتمام أصحاب الأعمال والمستثمرين والشركات الإسبانية للعمل والاستثمار بالأردن للوصول لأسواق المنطقة، والاطلاع على الفرص والمشروعات الاستراتيجية سواء المتعلقة بالنقل السككي والمياه، إلى جانب زيادة مبادلات البلدين التجارية لاسيما لجهة الصادرات الأردنية للسوق الإسبانية.
ولفت إلى أن اللقاء تطرق إلى التحضيرات الجارية لترتيب زيارة وفد إسباني اقتصادي للأردن في القريب العاجل، علاوة على عقد لقاءات ثنائية بين الشركات الأردنية ونظيرتها من الجانب الإسباني.
وأوضح أن الوفد يسعى إلى بناء شبكة علاقات جديدة واستكشاف الفرص المتاحة للتعاون في المجالات ذات الأولوية، عبر سلسلة لقاءات وجولات عمل ميدانية وتنظيم نشاطات متخصصة مع فعاليات اقتصادية إسبانية تمثل قطاعات مختلفة.
وبين أن مملكة إسبانيا الصديقة تمثل بوابة مهمة للمنتجات الأردنية لتعزيز وصولها لأسواق دول الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل التوجهات العالمية نحو الاقتصاد الأخضر والابتكار في القطاعات الزراعية والسياحية.
وأكد مراد، أن (جيبا) حريصة على تمكين الشركات الأردنية من الوصول إلى أسواق جديدة وتعزيز قدراتها التنافسية خارجيا، علاوة على الترويج للفرص الاستثمارية الواعدة بالمملكة والقطاعات التي ركزت عليها رؤية التحديث الاقتصادي.
يذكر أن الصادرات الوطنية الأردنية إلى إسبانيا بلغت خلال العام الماضي 38 مليون دينار، مقابل 238 مليون دينار مستوردات.
وتأسست جمعية (جيبا) عام 1995، وهي هيئة غير ربحية تضم مجموعة واسعة من رجال الأعمال والاقتصاديين الأردنيين من أفراد ومؤسسات، وتهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الأردن والدول الأوروبية