بدء تشكيل هيئة سياسية في السويداء وتحطيم صور تاريخية للنظام
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
أفادت مصادر محلية في محافظة السويداء (جنوبي سوريا) بأن أعيان المحافظة وقادة الاحتجاجات المستمرة ضد نظام بشار الأسد سيبدؤون اليوم الثلاثاء أعمال تشكيل هيئة سياسية مدنية في المحافظة، التي تشهد منذ أكثر من أسبوعين مظاهرات حملت بالبداية مطالب اقتصادية قبل أن تتحول إلى المطالبة برحيل الأسد.
وقالت المصادر إن الهيئة السياسية المدنية ستنبثق عن مؤتمر سياسي سيعقد في السويداء، التي تضم معظم الطائفة الدرزية في سوريا، خلال الأيام القادمة.
وحسب المصادر، فإن الهيئة المرتقبة سوف تقدم إلى المجتمع الدولي رؤيتها السياسية لمستقبل سوريا ومشاركتها في العمل السياسي على إعادة بناء الدولة.
ولفتت إلى أن المبادئ التي تنطلق منها تلك الهيئة تأكيد وحدة الأراضي السورية، ورفض أي مشروع انفصالي، وتعزيز مفهوم الإدارة اللامركزية، وطرح مفهوم الإدارة الذاتية ضمن إطار الخدمات وتأمين احتياجات المجتمع، وكذلك مواجهة ظاهرة تفشي المخدرات في المجتمع التي انتشرت بشكل كبير نتيجة دعم الأجهزة الأمنية السورية لهذه الظاهرة، وفق المصادر ذاتها.
تواصل الاحتجاجاتويأتي الحديث عن تشكيل الهيئة السياسية في وقت تتواصل فيه احتجاجات السويداء المنادية بانتقال سياسي في البلاد ورحيل النظام السوري لليوم الـ17 على التوالي، إذ قام المحتجون خلال الأيام الماضية بتنفيذ عصيان وإغلاق مقرات حزب البعث الحاكم في المحافظة. وبدوره، عمل النظام السوري على إخلاء عدد من الثكنات والحواجز التابعة لقواته.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو -بثها ناشطون في المحافظة اليوم الثلاثاء- خروج احتجاجات نسائية وأخرى فنية ونقابية في ساحة السير أو الكرامة في مدينة السويداء، حيث كرر المحتجون مطالبهم بضرورة رحيل النظام السوري بكافة رموزه، ومن بينهم بشار الأسد.
#شاهد: الحضور النسائي الملفت لا يغيب عن ساحة الكرامة في مدينة السويداء، إذ تشارك سيدات وصبايا السويداء يومياً في المظاهرات الشعبية، ويهتفن بالصوت العالي، للمطالبة بالتغيير السياسي.#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/niQddjRLrv
— السويداء 24 (@suwayda24) September 5, 2023
كما أظهرت مقاطع -بثت أمس الاثنين- قيام محتجين بتحطيم وتمزيق صور للرئيس السوري بشار الأسد ووالده حافظ، الذي حكم البلاد بين عامي 1971-2000، من على واجهات مؤسسات حكومية وفروع تابعة لحزب البعث.
وذكرت شبكات محلية معنية بتغطية أخبار الاحتجاجات في السويداء أن المتظاهرين أزالوا أمس صورة كبيرة لحافظ الأسد "عمرها عشرات السنين" من على واجهة مبنى حكومي في ساحة الكرامة (وسط مدينة السويداء) خلال مظاهرة شعبية.
عاجل: على وقع الهتافات والزغاريد، إزالة صورة كبيرة لحافظ الأسد عمرها عشرات السنين، من مبنى حكومي في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، اليوم الاثنين، خلال مظاهرة شعبية. pic.twitter.com/WHSrorpvuo
— السويداء 24 (@suwayda24) September 4, 2023
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، خرجت مظاهرات عديدة في محافظة السويداء الجنوبية، احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية، وطالبت بتنحي الرئيس بشار الأسد عن منصبه.
واندلعت مظاهرات السويداء أغسطس/آب الماضي، بسبب رفع النظام الدعم عن الوقود، مما عكس ارتفاعا للأسعار وزيادة في الأعباء الاقتصادية والمعيشية على السوريين، الذين يعانون تردي أحوالهم منذ سنوات.
وظلت السويداء تحت سيطرة الحكومة طوال فترة الحرب، وأفلتت إلى حد كبير من العنف الذي عمّ أماكن أخرى، إلا أنها شهدت في أوقات متفرقة مظاهرات ضد ممارسات نظام الأسد، وطالبت برحيله في بعضها.
من بلدة قنوات أيضاً، وإزالة صورة لحافظ الأسد، وعلم لحزب البعث، عن واجهة مبنى البلدية، مساء اليوم الاثنين.#مظاهرا_السويداء pic.twitter.com/qB7KGjgm3X
— السويداء 24 (@suwayda24) September 4, 2023
وازداد زخم المظاهرات مع انضمام قيادات للطائفة الدرزية إلى عدد من التجمعات وإعلانهم أن مطالب المحتجين "محقة"، كما خرجت مظاهرات داعمة لمتظاهري السويداء في درعا المجاورة، وهي المحافظة التي اندلعت منها شرارة ثورة 2011، وكذلك في بعض المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، شمالي وشرقي سوريا.
وتمر سوريا بأزمة اقتصادية خانقة أدت لانخفاض قيمة عملتها إلى رقم قياسي بلغ 15 ألفا و500 ليرة للدولار بالسوق السوداء، في انهيار متسارع لقيمتها. وكانت العملة المحلية تُتداول بسعر 47 ليرة للدولار بداية الصراع قبل 12 عاما.
وكان الأسد أصدر أغسطس/آب الماضي مرسوما بزيادة الأجور بنسبة 100%، كما أعلنت الحكومة قرارات برفع أسعار المحروقات بنسبة تصل إلى 200%، مما أسهم في زيادة أسعار معظم المواد بالأسواق وزيادة معاناة المواطنين.
وقالت مصادر أمنية ودبلوماسيون -وفق ما نقلت رويترز- إن احتجاجات السويداء تؤجج مخاوف لدى المسؤولين من امتدادها إلى المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط، وهي معاقل أقلية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، حيث أطلق نشطاء مؤخرا دعوات نادرة للإضراب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مدینة السویداء بشار الأسد
إقرأ أيضاً:
أساطير انتشار الكنوز تقود إلى رواج البحث عن الذهب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
الاقتصاد نيوز - متابعة
ساهمت الأساطير المتعلقة بانتشار الكنوز من الذهب والمعادن الثمينة في مختلف أنحاء الأراضي السورية، التي شهدت قيام حضارة عريقة، في رواج ظاهرة محاولة البحث عن تلك الكنوز بين العديد من السوريين، وهو ما ساعد عليه الفراغ الأمني أحياناً في بعض تلك المناطق.
وشهدت الأشهر الأخيرة تزامناً مع الفترة التالية لسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، رواجاً لأجهزة كشف المعادن، وتوافد البعض على مناطق بدمشق وأراضٍ زراعية في الريف ليلاً حاملين بعض تلك الأجهزة وخرائط ومجارف من أجل البحث عن الذهب والمعادن النفيسة في تلك البقاع، بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
ويقول تجار التجزئة إنه لم يكن من الممكن شراء أجهزة كشف المعادن في سوريا سابقاً، لكن خلال هذا العام تم افتتاح عدة متاجر في العاصمة مخصصة بالكامل لهذه الأجهزة.
ووفقاً للصحيفة، تبيع هذه المتاجر نماذج لتلك الأجهزة بأسعار تصل إلى 10 آلاف دولار، مع تزيين واجهات المتاجر بصور أعلام سورية وقطع ذهبية ورجال يحملون أحدث أجهزة الكشف.
زيادة مرونة شراء الأجهزة
أحد تجار التجزئة، ذكر للصحيفة، أن عدداً قليلاً من الناس كانوا ينقبون سراً عن الكنوز لعقود، ولكن بعد سقوط الأسد، زاد تلك الأنشطة بسبب "مرونة شراء هذه الأجهزة". وذكر أن بعض الزبائن يشتبهون في وجود مقتنيات ثمينة مدفونة في أراضيهم، عادةً نتيجة لتراث عائلي متوارث عبر الأجيال.
وأضاف: "لكن لدينا الكثير من الناس الذين يمارسون هذا كهواية. أولئك الذين يذهبون للتخييم يجدونها هواية ممتعة. حتى أن هناك أجهزة مصممة للأطفال. نبيع مقاسات الأطفال باللونين الأخضر والوردي".
وقال بائع آخر إنه باع عشرات أجهزة الكشف من متجره الصغير في العاصمة السورية، الذي يعرض ملصقاً كبيراً لـ"أجهزة كشف المعادن والماء". في داخل المتجر توجد أجهزة كشف يدوية ألمانية وصينية وأميركية، بالإضافة إلى أجهزة بعيدة المدى باهظة الثمن ومخصصة للاستخدام الشاق. وادعى بائعون أن بعض السوريين قدموا من دول مجاورة للمشاركة في هذا البحث.
أساطير انتشار الكنوز
ذكر التقرير أن البحث عن الكنوز يسيطر على وجدان العديد من السوريين، وما يرجع جزئياً إلى تاريخ البلاد الغني. فعلى مدى أجيال، تناقل السوريون أساطير الكنوز المدفونة، والذهب القديم، والقطع الأثرية الثمينة التي خلّفتها الحضارات الغابرة، والمسافرون على طريق الحرير، أو الحجاج المتجهون إلى السعودية أو بلاد الحجاز في السابق.
وقال الأستاذ السوري في تاريخ وأنثروبولوجيا الشرق الأوسط بجامعة شوني ستيت في أوهايو، عمرو العظم، والذي عمل في إدارة الآثار بالولاية قبل الحرب، لفايننشال تايمز: "كل شخص في منطقتنا يعرف أحد الأقارب الذي كان يحفر في منزله ووجد جرة مملوءة بالذهب". وأضاف: "هذا جزء من الأسطورة المتداولة في منطقتنا".
لكن في ظل التشديد الأمني الذي كان يتبعه النظام السابق، كانت رحلات التنقيب عن تلك المعادن أو الكنوز تعد غير قانونية، بزعم حماية المواقع الأثرية. ومن كان يفعل ذلك مارس نشاطه سراً.
ومع حدوث فراغ أمني في بعض مناطق البلاد بعد سقوط النظام السابق، بدأ العديد بالحفر في ساحات منازلهم وهدم الجدران بحثاً عن أي ثروات خفية، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال العظم: "دمرت الحرب في سوريا الاقتصاد وسبل عيش الناس، فبحث الناس عن مصادر دخل أخرى".
وأضاف أن الفكرة لم تكن بعيدة عن الأذهان، فمعظم السوريين، "يعيشون فوق موقع أثري، أو بجوار موقع أثري، أو على مرمى حجر منه".
ونقلت فايننشال تايمز عن أحد أعضاء المكتب الإعلامي للحكومة، قوله، إن التنقيب لا يزال "غير قانوني من الناحية الفنية". وأضاف: "لكن [الحكومة] تغض الطرف لأنها غير قادرة على ملاحقة الجميع وإرسال دوريات إلى جميع المناطق".
انتشار أجهزة كشف المعادن
مع تلك التطورات استغل تجار التجزئة في منطقة الشرق الأوسط فرصة بيع أجهزة كشف المعادن بما في ذلك، عبر فيسبوك، وذكر التقرير أن متجر في الإمارات، يُركز خصيصاً على العملاء السوريين، يعرض خدمة الشحن ويعد بأجهزة كشف معادن يزعم أنها مناسبة للتربة الصخرية والبازلتية في سوريا.
ومن بين تلك الصيحات الحديثة، نسخة من هذه الأجهزة مقاومة للماء من أجل استخدامها للغوص بحثاً عن الذهب أو المعادن النفيسة.
وذكر عمرو العظم أن الصيادين كانوا يستهدفون غالباً المناطق المحيطة بخط سكة حديد الحجاز - الذي كان يعمل في أوائل القرن العشرين ويربط دمشق بالمدينة المنورة في السعودية - ظناً منهم أن هذه المنطقة مليئة بالذهب.
وأضاف أن البعض يعتقد أن القوات العثمانية المنسحبة، التي هزمها البريطانيون في القدس عام 1917، دفنت صناديق ذهبية في طريقها شمالاً.
محاولات لبيع عملات مزيفة
هناك أيضاً من استغل اعتقاد البعض بهذه الأساطير في محاولات بيع قطع ذهبية على أنها تاريخية بصورة مخالفة للحقيقة. وقال عظم: "معظم ما يُعرض للبيع، على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الشائعات، من عملات ذهبية يُفترض أنها عثمانية أو رومانية، مزيف"، مرجعاً ذلك إلى "خيال الناس المفرط".
وقال إن بعض القطع الأخرى ربما كانت مسروقة. وأضاف: "لقد عُرضت عليّ بالفعل ورأيت نماذج حقيقية لقطع أثرية مهمة من مناطق مختلفة من سوريا. وقد ازداد هذا بشكل حاد بعد سقوط النظام، وهو نتيجة للفراغ الأمني الذي حدث للأسف بعد السقوط".
ويشير أحد ممارسي نشاط "البحث عن الكنوز"، تحت اسم أبو وائل، والذي تحدث للصحيفة البريطانية، إلى أن هناك مخاطر قد يتعرض لها هؤلاء الباحثون عن المعادن النفيسة ومن أبرزها تعرض سكان المناطق التي يبحثون فيها لهم بهدف الاستيلاء على أي شيء ربما عثروا عليه.
وقال أبو وائل، لفايننشال تايمز، إنه بعد 40 عاماً من البحث عن الكنوز (ولم يعثر على أي منها)، أدرك أنه لا يتم العثور على الثروات بسهولة. واتهم بائعي أجهزة الكشف عن المعادن بخداع الناس لإنفاق مدخراتهم الضئيلة على "أحلام يقظة".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام