لوكسمبورغ محل انتقادات بسبب تردي أوضاع سجون الأحداث فيها
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
طالبت أعلى هيئة لحقوق الإنسان في أوروبا الخميس السلطات في لوكسمبورغ بالتوقّف عن احتجاز أطفال في سجون غير مؤهّلة لاستقبالهم، مندّدة بالأوضاع "غير المقبولة وغير المناسبة" في هذه السجون.
وقالت "لجنة مناهضة التعذيب التابعة لمجلس أوروبا" في تقرير أعدّته في أعقاب زيارة إلى سجون لوكسمبورغ أجرتها في الربيع، إنّ أبرز ما لفت انتباهها هو أوضاع الأحداث "الذين يُتركون في كثير من الأحيان لحالهم" في سجن العاصمة حيث تتم مراقبة القاصرين "بواسطة الكاميرا بشكل أساسي".
وأعربت اللجنة في تقريرها عن أسفها لأنّ الكادر الاجتماعي-التربوي المكلّف الإشراف على هؤلاء الأحداث "غير كاف" كما أنّ الدعم "النفسي والاجتماعي" المفترض أن يقدّم لهم "شبه معدوم".
ولاحظ التقرير أيضاً أنّ الكثير من الأماكن داخل السجن تسمح بالاختلاط بين السجناء البالغين والأحداث.
وشدّد التقرير على أنّه "عندما يتمّ احتجاز أطفال بشكل استثنائي في وحدة داخل سجن مخصّص للبالغين، فيجب فصلهم بشكل صارم".
"معاملة لا إنسانية".. مجلس أوروبا ينتقد ظروف الاحتجاز "الكارثية" في السجون اليونانيةوفي سجن آخر، هو الوحدة الأمنية (يونيسيك) في دريبورن، رأت اللجنة أنّ المبنى "ليس مناسباً لاستقبال الأطفال وتلبية احتياجاتهم الخاصة"، كما أنّها رصدت فيه "مشكلات أمنية". وقال التقرير إنّ الأحداث مسجونون في "مؤسّسة خالية عملياً" من أيّ معدّات أو أغراض و"مبنية من الخرسانة وفيها نوافذ مكسورة".
وطالبت اللجنة سلطات لوكسمبورغ بأن تتّخذ "على الفور التدابير اللازمة لضمان أمن المبنى وتحسين الظروف المعيشية للأطفال بشكل كبير".
كذلك، زارت اللجنة الكثير من مفوّضيات الشرطة وزنزانات بعض المحاكم.
"سوء معاملة جسدية"
وقال التقرير إنّ عدداً من الموقوفين أفادوا بتعرّضهم "لسوء معاملة جسدية" على أيدي عناصر الشرطة، ولا سيّما "للضرب بالهراوات واللّكم"، وللتهديد بالعنف، أو حتى لاستخدام مفرط للقوة.
وأوصت اللجنة "بتعزيز الإجراءات المتّخذة لمنع سوء المعاملة من جانب الشرطة ومكافحته بشكل فعّال"، ولا سيّما من خلال "التدريب المهني والتدريب المنتظم" ومن خلال "التسجيل الإلكتروني المنهجي للتوقيفات التي تنطوي على خطورة".
وتعليقاً على هذا التقرير قالت وزيرة العدل في لوكسمبورغ سام تانسون لوكالة فرانس برس إنّه تمّ طرح مشروع قانون يحظر احتجاز الأحداث في سجن العاصمة لوكسمبورغ.
بدورها، قالت وزارة الشباب إنه في إطار مشروع القانون هذا تمّ التخطيط لبناء سجن للأحداث في دريبورن، مشيرة إلى أنّ هذا السجن الجديد "سيتمتّع بقدرات استقبال أكبر من تلك التي يتمتّع بها مركز يونيسيك".
ومجلس أوروبا الذي يقع مقرّه الرئيسي في ستراسبورغ هو المنظمة الدولية التي تجمع الدول الـ46 الموقّعة على الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان.
وتسهر الكثير من اللجان، بما فيها لجنة مناهضة التعذيب، على ضمان الامتثال لهذه الاتفاقية.
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: الطهاة الفرنسيون أسوأ ضحايا موجة الحر واشنطن تجري عملية إعادة تموضع لقواتها في النيجر في إجراء "احترازي" (البنتاغون) أفلام في مهرجان البندقية تصور أوروبا "حصناً" في مواجهة المهاجرين اعتقال شرطة لوكسمبورغ أطفال سجون حقوق الإنسانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: اعتقال شرطة لوكسمبورغ أطفال سجون حقوق الإنسان روسيا الصين فرنسا لبنان قطر كرة القدم رياضة البيئة محكمة ضحايا اليونان فيضانات روسيا الصين فرنسا لبنان قطر كرة القدم
إقرأ أيضاً:
سماء عيسى يطرح احتجاجات سردية في "بيان الفئران"
الرؤية- ناصر أبوعون
"بيان الفئران" نصوص مخاتلة ومراوغة في آنٍ واحد للشاعر سماء عيسى تقف على مفترق الطرق ما بين القصة والحبكة والسرد بلغة شعرية طاغية. وإن كان النصّ السرديّ هو العُمدة في هذه المجموعة العابرة للنوعية إلا أنّ النص الوصفيّ أيضًا موجود، ولكنّه يتخفّى عمدًا تحت طبقات ركامية من السرد اللذيذ.
قد يبدو للقارئ غير المتمرّس أنّ مجموعة "بيان الفئران/ احتجاجات سرديّة" الصادرة عن دار نثر 2025، شذرات متناثرة على صفحات الورق، أو متباعدة الرؤى، ومتشظية على أثر انشطار نواتها بفعل التصادم الحاد بين الأفكار المتحررة والصراعات النفسية المكبوتة؛ إلا أنّ هناك حبكة وعقدة تمسك بكل الخيوط/ (العناوين الفرعية)، وتشكّل وحدة عضوية رصينة؛ على الرغم من عدم تتالي الأحداث، والتي قصد سماء عيسى عدم لَضْمها في سلك واحد؛ بل إنه تقصّد -عمدًا مع سبق الإصرار الإبداعيّ والترصد الفنّي- في تشكيل بناه السرديّة صناعةَ نوعٍ من الفوضى الإبداعية التي ظاهرها أشتات من المشاهد، وباطنها وحدة متماسكة.
وعلى منحى آخر اتكأ الشاعر سماء عيسى في كتابة (احتجاجاته السرديّة/ بيان الفئران) على استراتيجية العلاقة السببيّة في بناء حبكة صغرى داخل كل مقطع سرديّ منفصل، وذلك فيما يشبه لعبة مكعبات (الروبيك) مع إخفاء الحبكة الكبرى/العمود الفقري للمجموعة السردية كاملةً، والتي تشبه المكعب الأيقونيّ الذي لا يمكن الوصول إليه أو حلّ اللغز المنضوي ما بين السطور؛ إلا بإجراء عملية ربط معقدة بين الأحداث المتناثرة من مطلع المجموعة إلى منتهاها، ومن ثَمَّ فإن الفهرسة الشكلية للعناوين في المبتدأ تنطوي على خدعة كبيرة وإن كانت غير متعمدة من الكاتب وجاءت كتقليد طباعيّ وفني في صناعة الكُتُب.
ومما يزيد الأمر صعوبة على القارئ غير المتمرّس، أنّ الأحداث لا تسير بطريقة خطيّة، فضلًا عن ظهور شخصيات جديدة في كل مشهد لا علاقة لها بشخصيات المشهد السابق، ولا تمّت بأية صلة ظاهرية بشخصيات المشاهد اللاحقة، ومما يزيد القارئ حيرة أنّ الزّمن في المجموعة دائريٌّ أو يكاد يكون منعدمًا البتّة، والكاتب يتقصّد التأرجح بالقارئ -مثل الحركة الصامتة لـ(بندول) الساعة الحائطية- بين لقطات الفلاش باك، والمشاهد التنبؤية لإخراجه من كهفه المظلم إلى دائرة الضوء ليكتشف أكثر من وجه للحقيقة.
ومن الملفت للنظر أيضًا استدعاء الشاعر سماء عيسى لجوقة من الحيوانات في أكثر من مشهد؛ أو داخل البنية السردية، وتوظيف صورتها الرمزية وما تنطوي عليه من دلالات شتى في لوحة العنوان أيضا والتي تبدو من الوهلة الأولى لافتات احتجاجية معلقة ومستفزة للقاريء فضلا عمَّا تحمله من مضامين سياسية، وهي: (أهناك كلب في كل مساء)، (أطفال فوق جياد الغزاة) (الكرسي والقطة)، (وحوش الجبال الجائعة)، (جامع النحل)، (بيان الفئران).
أمّا الملمح الأخير وهو يتبدّى جليًّا في سائر الإنتاج الإبداعي المُتعدد الوجوه للشاعر سماء عيسى ما بين المقالة والبحث التاريخي والكتابة الأدبيّة والرؤى النقدية، وهو طغيان اللغة الشعرية، وتسيّدها على المساحة الأكبر من النصّ؛ وهذا يرجع -حتمًا- لإطلالته من شرفة الشعر على سائر الأنواع الإبداعية والإنسانية.