جريدة الوطن:
2025-05-10@22:08:43 GMT

من دراسات الشورى «4ـ16»

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

من دراسات الشورى «4ـ16»

رابعًا: «تطوير وتنمية المُجتمعات المحليَّة».
إدارة المُجتمع لمرافقه العامَّة، وتنمية مهارات الأفراد للعمل، وتحفيزهم على طرح الأفكار والمبادرات التي من شأنها تحقيق المصالح العامَّة للجماعة، وإحداث التغيير والتطوير في بيئاتهم المحليَّة، وتعزيز قِيَم الخير والتكافل والإسهام في تطبيق النظام والتعود على مبادئه، وتشييد وصيانة المرافق العامَّة، وحماية الوطن والحارة والمكان والسُّوق والمسجد والفلج والمدرسة والمنشآت من أي عبث وإهمال، وإلقاء للمخلَّفات والقمامة وضرر وفساد وغش واستغلال سيء والحفاظ على نظافتها… مُثل ومبادئ وأعراف تُشكِّل محورًا أساسيًّا ومحتوى سائدًا في ثقافة المُجتمع العُماني، واعتاد عليها النَّاس جيلًا بعد جيل عَبْرَ المراحل والعصور التاريخيَّة المختلفة، وفي السنوات ـ التي تكررت كثيرًا في الماضي ـ التي تضعف فيها الدولة أو يغيب وجودها كلِّيَّة عن مناطق ومُدن وقُرى في عُمان، يتولَّى المُجتمع بنَفْسِه إدارة وصيانة وعمارة شؤونه وحياته ومرافقه.

وتناول كتابي «إضاءات على إسهامات العُمانيين الاجتماعيَّة والعلميَّة والفكرية»، دَوْر المُجتمع المحلِّي البارز ماضويًّا في تشييد وبناء الأسواق والمساجد والمجالس العامَّة والمدارس التقليديَّة والأفلاج والقلاع والحصون والأسوار والبوَّابات الحمائيَّة، وتنظيم أعمالها وإدارتها والإشراف عليها وصيانتها وتجديدها، ووقف الأموال لها، وتعيين المُعلِّمين وأئمَّة المساجد والحرَّاس، وإجراء الرواتب الشهريَّة لهم من عوائد الأموال الموقوفة… هذا فضلًا عن الدَّوْر الريادي في التربية والتعليم والتطبيب وغير ذلك الكثير… وبَيَّنتُ ذلك تفصيلًا في عناوين ومحاور الكتاب المشار إليه. وفي العصر الحديث ابتكرَت الحكومات بالتعاون والشراكة مع المُجتمعات الأهليَّة والخيريَّة ومؤسَّسات المُجتمع المَدني قنوات وآليَّات وأساليب جديدة، وأقرَّت قوانين وتشريعات تضْمَن مشاركة الأفراد وتأهيلهم وتحفيزهم وتكريمهم، ثمَّ، للإسهام في تنمية وتطوير مُجتمعاتهم المحليَّة، وتعزيز قدراتهم على طرح الأفكار والمبادرات التي تُحقِّق مصالح الجماعة داخل المُجتمع، واستثمار المكنات والفرص المتوافرة في كُلِّ قرية وحارة ومدينة لتنشيط الأعمال والأسواق بأنواعها وتوفير الوظائف، وتنظيم وإقامة الفعاليَّات الثقافيَّة والرياضيَّة وتحقيق الازدهار، وإبراز المواهب الشَّابَّة التي تمتلك قدرات فنيَّة وأدبيَّة ورياضيَّة ولدَيْها إمكانات في إحداث التغيير والتطوير والأخذ بها إلى طريق المستقبل المزدهر، وحثَّ الشركات الكبيرة والمؤسَّسات الحكوميَّة المتخصِّصة وإقناعها من خلال دراسات الجدوى والأفكار والمبادرات المصاغة بعناية والمُعدَّة بدقَّة… للدخول شراكة في العديد من المشاريع والأنشطة أو الإسهام في الأعمال الخيريَّة وخدمة المُجتمع المحلِّي… فالأندية وجمعيَّات المرأة ومجالس البلديَّة… عليها مسؤوليَّات كبيرة للقيام بهذا الدور الحيوي والهام في تنشيط المُجتمع المحلي. وقد تراجع هذا الدَّوْر بشكلٍ كبير في السَّلطنة خلال العقود الخمسة الماضية، فأصبحت الحكومة عَبْرَ مؤسَّساتها وهيئاتها المُتعدِّدة تقوم بجميع الأدوار والأعمال صغيرها وكبيرها، وهيمنت على المشهد العامِّ الذي غاب عَنْه المُجتمع واختفى الكثير من أدواره الكبيرة التي تولَّاها في الماضي، وتحوَّل إلى فرد متَّكلٍ فيما يتعلَّق بشؤون مُجتمعه المحلِّي، ولَمْ يَعُدْ يعنيه ما يحدث في المنشآت والمرافق والأماكن العامَّة من إهمال وتقصير وعبَث، وحتى تلك التي نطلق عليها تشبُّهًا وكسلًا بـ»مؤسَّسات مُجتمع مَدني»، والتي نشأت تحت مظلَّة الرعاية الحكوميَّة ودعمها، ليس لها أثَر ملموس وواضح في تطوير المُجتمع المحلِّي، ولهذا الواقع ضرره البالغ على المستقبل، فغياب الشراكة وتجاهل دَوْر المُجتمع وأثره النافع في التنمية والتغاضي عن التشاور معه في إعداد السِّياسات وصناعة القرارات التي تستهدفه بشكلٍ مباشر وتخصُّ شؤونه، وتتعلق بالمرافق والقوانين التي تدخل ضِمْن مصالحه سوف يتسبب في الكثير من الإخفاقات وظهور المشاكل وتعقيدها وتراجع الثقة واهتزازها بمرور الأيَّام والأعوام، وتحميل السِّياسات والبرامج والخطط الحكوميَّة مسؤوليَّة النتائج والآثار السلبيَّة التي سوف تحدث، وهو ما نراه ماثلًا للعيان، مشاهدًا في ملفات وقضايا وموضوعات كثيرة تدخل ضِمْن مصالح المُجتمع وتؤثِّر على حياته المعيشيَّة… هذا الواقع الذي بدأت تلوح مؤشِّراته مبكرًا، تنبَّه له مجلس الشورى الذي بادر حينها، أي في أكتوبر 1992م، إلى بحثِه فأعدَّ حَوْلَه دراسة متكاملة، جاء عنوانها «تطوير وتنمية المُجتمعات المحليَّة»، ضمَّنها تحليلات معمَّقة وخلفيَّات وحيثيَّات مفصَّلة عن موضوعها، ودعا إلى «اعتماد سياسة لتنمية المُجتمعات المحليَّة تسير وفق منهج التكامل والتنسيق والتضافر بَيْنَ جهود الأهالي وجميع الجهات الحكوميَّة المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ وتمويل ومتابعة مشروعات تنمية المُجتمعات المحليَّة، والعمل فيما بَيْنَها على المستوييْنِ المركزي والمحلِّي تحقيقًا لفاعليَّة هذه المشروعات وكفاءتها وتمكينًا لها من الوفاء باحتياجات المُجتمع بأقلّ تكلفة ممكنة»، كما طالبت توصيات الدراسة بضرورة «إنشاء لجان محليَّة على مستوى الولايات، وإلى إنشاء مراكز تنمية للمُجتمعات المحليَّة بالتدريج ووفق خطَّة تراعي أهمِّية الموقع ومدى توافر الخدمات الأساسيَّة وحجم الكثافة السكَّانيَّة، والعمل على تدريب القيادات المحليَّة لإدارة تلك المراكز وتمكينها من تنظيم جهودها الذاتيَّة، والتوسُّع في برامج التدريب على الحرف التقليديَّة ذات الجدوى الاقتصاديَّة، والاهتمام بمشروعات الأُسر المنتجة وحمايتها من المنافسة ومدِّها بما يلزم من مُعدَّات وآلات وخامات، وإيجاد منافذ لتسويق منتجاتها، ودعم جهود الوزارة المعنيَّة ومشروعاتها في مجالات التنمية المحليَّة وتعزيز قدراتها التمويليَّة…». دراسات مجلس الشورى وبالنظر إلى قِيمتها العالية وتناولها لموضوعات وقضايا وطنيَّة مهمَّة ترتبط بشؤون ومصالح وحياة المُجتمع، وتحقيق تطلُّعاته ومعالجة مُشْكِلاته، لجديرة بحقٍّ وتستحقُّ بأن يعادَ النَّظرُ فيها ومراجعة توصياتها من قِبل المؤسَّسات الحكوميَّة المعنيَّة بموضوعاتها، بشيء من الموضوعيَّة والأمانة، وبما يخدم البرامج والخطط والرؤى الاقتصاديَّة والتنمويَّة، ويفضي إلى تحقيق الشراكة الفاعلة والحقيقية بَيْنَ الأطراف الرئيسة في وطننا الغالي عُمان. صحيح أنَّ جهودًا بُذلت وتُبذل، أهليَّة ورسميَّة من قِبل الحكومة، وهياكل وأُطر وبرامج صدرت وأقرَّت، لتطوير «وتنمية المُجتمعات المحليَّة» وضمان قيام الأفراد بأدوارهم المسؤولة في هذا الجانب، ولكنَّها لا تزال بعيدة عن تحقيقها لغاياتها ويصاحبها الغموض واللبس والازدواجيَّة وتداخل الاختصاص، وتتطلب الكثير من الجهود والمبادرات والخطوات العلميَّة الفاعلة، ومنحها الحُريَّة والاستقلاليَّة والصلاحيَّات الواسعة لِتتمكَّنَ من القيام بأدوارها الحقيقيَّة.

سعود بن علي الحارثي
Saud2002h@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الم جتمع الم التی ت

إقرأ أيضاً:

المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: المجاعة تفتك بعشرات الآلاف

#سواليف

المكتب الإعلامي الحكومي بغزة:

#المجاعة باتت تفتك على نحو متسارع بعشرات الآلاف من العائلات وسط انعدام تام للغذاء.
فقدان معظم الأدوية والمستلزمات الطبية بفعل الحصار ومنع الإمدادات من قبل #الاحتلال.
نطالب #الأمم_المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل العاجل لوقف #الحصار وإنهاء سياسة #التجويع.
نطالب بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الجرائم ومحاسبة قادة الاحتلال.

قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” تواصل ارتكاب #جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع #غزة، عبر سياسة الحصار الشامل، ومنع إدخال الاحتياجات الإنسانية الأساسية، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع.

مقالات ذات صلة القسام تبث صورا لكمين برفح / شاهد 2025/05/09

وأوضح المكتب في بيان له، الجمعة، أنه منذ 70 يوماً متواصلة، يفرض الاحتلال إغلاقاً كلياً لجميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ما أدى إلى منع إدخال نحو (39,000) شاحنة مساعدات إنسانية ووقود ودواء، رغم الحاجة الملحّة والطارئة لها مع الانهيار الإنساني والصحي المتسارع، وفي سياق الإبادة الجماعية والقتل المستمر بحق المدنيين على مدار الساعة.

وأشار إلى توقف جميع المخابز في قطاع غزة عن العمل بالكامل منذ 40 يوماً، ما تسبب بحرمان شعبنا الفلسطيني من الخبز، الغذاء الأساسي، وتفاقم المجاعة ونقص التغذية لا سيما في أوساط الأطفال والمرضى وكبار السن، حيث بات أكثر 65,000 طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع ضد المدنيين.

وأكد أن #المجاعة باتت تفتك على نحو متسارع بعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية، وسط انعدامٍ تام للغذاء، وتعطّل متواصل لمرافق الصحة، وفقدان معظم الأدوية والمستلزمات الطبية، بفعل الحصار ومنع الإمدادات من قبل الاحتلال “الإسرائيلي”.

وأدان بأشد العبارات هذه الجريمة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال “الإسرائيلي” بحق المدنيين، والتي تمثل استخداماً ممنهجاً للتجويع كسلاح حرب يرقى إلى جريمة إبادة جماعية، وفقاً لنص المادة (2) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.

وحمّل الاحتلال “الإسرائيلي”، والدول الداعمة له عسكرياً وسياسياً وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن الجرائم المرتكبة وتبعاتها الكارثية والخطيرة على الحياة المدنية، وعلى الصحة العامة، وعلى مصير مئات الآلاف من الأطفال والمرضى والمسنين.

وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل الفوري والعاجل لوقف الحصار “الإسرائيلي” وإنهاء سياسة التجويع الجماعي، والفتح الفوري وغير المشروط للمعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود والدواء.

كما طالب بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه الجرائم ومحاسبة قادة الاحتلال “الإسرائيلي” عنها أمام القضاء الدولي، واتخاذ إجراءات ملزمة لوقف العدوان والإبادة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وإنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني.

وشدد على أن استمرار الصمت الدولي يعدُّ تواطؤاً صريحاً، ويساهم في ترسيخ سياسة الإفلات من العقاب، ويشجع الاحتلال على التمادي في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق شعب أعزل ومحاصر.

مقالات مشابهة

  • عاشور: ارتفاع الإنفاق الحكومي يعطل الإصلاح الاقتصادي في ليبيا
  • المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: المجاعة تفتك بعشرات الآلاف
  • رويترز : طائرات اليمنية التي استهدفتها إسرائيل لم يكن مؤمناً عليها 
  • تحذير في البصرة من تدهور التعليم الحكومي وتهديده لمستقبل الأجيال
  • وكالة.. طائرات اليمنية التي دمرتها ضربة إسرائيلية لم يكن مؤمنا عليها
  • بالصور.. المنتخب المحلي يصل عنابة تحسبا لمواجهة غامبيا
  • وزير التعليم العالي يترأس الاجتماع الأول لمجلس التخطيط والدراسات
  • مركز دراسات استراتيجي يدعو لإصلاحات عاجلة في أداء حكومة بن بريك ومعالجة الانهيار الاقتصادي والاطاحة بوزراء الفشل والفساد
  • "الشورى" يواصل تقييم ومراجعة منافع منظومة الحماية الاجتماعية
  • قياديون في حزب الله يطالبون بانتخاب شورى جديدة