كوسغرايف: وادي السيليكون فرعٌ لوزارة الدفاع الأميركية والصين ستهيمن قريبا
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
توقّع الرئيس التنفيذي لمؤتمر "ويب سميت" (Web Summit)، بادي كوسغرايف، أن تهيمن الصين على سوق التكنولوجيا العالمية في السنوات القليلة المقبلة، مرجعا التفوّق التقني الأميركي خلال العقود الماضية إلى "تدخّل الدولة" عبر إنشاء وادي السيليكون ودعمه ماليا بهدف تطوير الأسلحة، معتبرا إياه "فرعًا من وزارة الدفاع الأميركية".
كوسغرايف قال في لقاء مع قناة الجزيرة الإنجليزية، إن مؤسسة "راند" أصدرت تقريرا حديثا يغطي 26 من مجالات التكنولوجيا التي توليها واشنطن أهمية إستراتيجية، "وتوصل إلى أن أميركا تخسر لصالح الصين في 25 من تلك المجالات".
"الغرب يعاني عجزا في الابتكار"ويعتقد كوسغرايف أن الدول الغربية تشعر بـ"عدم الأمان" حيال صعود الصين وبعض الدول الأخرى في مجال التكنولوجيا، وقال "أعتقد أن ردة فعلهم نابعة من خوفهم على أمنهم القومي وشعورهم بعجزهم عن الابتكار في قطاع بعد آخر".
واعتبر المستثمر -الذي اختارته مجلة "وايرد يو كيه" (Wired UK) العلمية ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم – التعامل الأميركي مع تطبيق "تيك توك" مثالا على الحالة التي تعيشها واشنطن، وقال "لا أعتقد أن لتيك توك علاقة بالأمن القومي.. القلق نابع من أنه تفوق على شبكات التواصل الاجتماعي الأميركية، وهم لا يرغبون بالتسامح مع ذلك".
وأضاف "في أواخر الثمانينيات، أنتجت شركة (إن إي سي) اليابانية حواسيب أفضل وأقل سعرا من نظيراتها الأميركية، عندها ادّعت شركة (كراي) التابعة لـ(آي بي إم) أن الأمن القومي الأميركي يتعرض للخطر، وأنهم مضطرون لحظر الحواسيب اليابانية لأنهم يخشون التجسس. وبعد 20 أو 30 سنة، يتكرر الأمر نفسه لذات المبررات. هناك حقيقة؛ وهي أن الولايات المتحدة وأوروبا تجدان صعوبة عندما تتفوق شركات من مناطق أخرى في العالم على شركاتها".
"وزارة الدفاع وراء التفوق الأميركي"
أما التفوّق التكنولوجي الأميركي في العقود الأخيرة، فأرجعه رجل الأعمال الأيرلندي إلى تدخل الدولة، "فوادي السيليكون موجود فقط، لأنه فرع من وزارة الدفاع الأميركية. فقد كان (بمثابة) المختبر الذي أعطته حكومة الولايات المتحدة مبالغ ضخمة لمحاولة تطوير أحدث الأسلحة.. كان له غرض ثانوي، وهو إمكانية بيع منتجاته تجاريا".
كما شدد سفير مجلس الابتكار الأوروبي على أهمية الدعم الحكومي للمبتكرين، "لأن الدافع للابتكار تاريخيا لم يكن القطاع الخاص ولم يكن المستثمرين.. إنهم رائعون في تسويق التقنيات الناشئة، لكن هذه التقنيات يتم دائما وفي الغالب تطويرها في معامل تموّل من المال العام. وأحيانا ربما تكون هذه المعامل داخل الشركات الخاصة، لكن في كثير من الأحيان تكون هذه المعامل مرتبطة بالجامعات أو المعامل البحثية الأخرى".
وأضاف "في حالة الصين، تم التركيز بكثافة على الشراكة المهمة بين الدولة أو القطاع العام والقطاع الخاص. وأعتقد أن النتائج كانت مدهشة. وقبل الصين، كانت اليابان تفعل الشيء نفسه، وقد لحقت بسرعة بالولايات المتحدة عبر اتباع علاقة إستراتيجية بين القطاع الخاص والحكومة".
وبحسب كوسغرايف، فإن تراجع قطاع التكنولوجيا الأميركي يعود إلى رفع واشنطن "يدها عما هو مهم، وهو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتركت في الغالب نسبة متزايدة من الابتكارات للقطاع الخاص، وأعتقد أن هذا الأمر قد فشل إلى حدّ كبير".
الخوف من الذكاء الاصطناعيعلى صعيد آخر، اعتبر كوسغرايف المخاوف من التبعات السلبية لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي أمرا طبيعيا، مشددا على ضرورة العمل على تنظيم هذه التقنية "فإذا وصلت هذه التكنولوجيا للأيدي الخطأ ستكون لدينا مشكلة؛ للتكنولوجيا بحد ذاتها نتائج مختلفة جذريا؛ إما إيجابية بشكل لا يصدق، أو سلبية بشكل لا يصدق".
كما قلّل من المخاوف أن يتسبب الذكاء الاصطناعي بفقدان الملايين لوظائفهم "ففي لحظة معينة، حلت العجلة مكان الكثير من الناس الذين عملوا في نقل الأشياء (قبل اختراع العجلة).. ومع مرور الوقت، ساعدت التكنولوجيا في زيادة الإنتاجية، فحلت محل المزيد من البشر وأزاحتهم عن الأدوار التي كانوا يقومون بها في السابق، لكن ذلك -في معظم الحالات- حرر الناس للقيام بأدوار أخرى أعلى مرتبة. لا أعتقد أن ذلك سيكون مختلفا في حالة الذكاء الاصطناعي".
"المنطقة العربية تتطوّر بمعدل غير مسبوق"وحول مستقبل التكنولوجيا، توقّع كوسغرايف مزيدا من التقدّم في مناطق مختلفة من العالم، ولا سيما المنطقة العربية "فخلال السنوات المقبلة، سنشهد انتشار منتجات لم تأت من الأسواق التقليدية كأوروبا أو أميركا الشمالية، بل من الشرق الأوسط.. معدل التغيير والنمو في المنطقة غير مسبوق على الإطلاق، التغيير الذي يحدث إيجابي للغاية".
بادي كوسغرايف رجل أعمال أيرلندي، ومؤسس مشارك لـ"ويب سميت" يشغل حاليا منصب الرئيس التنفيذي للمؤتمر.
ولد في العاصمة الأيرلندية في عام 1983، حيث درس إدارة الأعمال، قبل أن يعمل في عدد من الشركات الناشئة كـ"زيب كار" (ZipCar) و"غروب أون" (GroupOn)، ويصبح من أشهر روّاد الأعمال الناجحين عالميا، والمختصين في شؤون التكنولوجيا.
في عام 2009، شارك كوسغرايف في تأسيس "ويب سميت" الذي شهد حضور 400 شخص في بداياته بدبلن، قبل أن يتطور ويجتذب أكثر من 6 آلاف شخص و1200 متحدث في نسخة عام 2016.
وفي عام 2017، تقرر عقد المؤتمر في العاصمة البرتغالية لشبونة، وشاركت فيه مجموعة كبيرة من العلماء والسياسيين والمشاهير، مثل عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ، والمياردير إيلون ماسك، والمرشح الرئاسي الأميركي آل غور، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
يعد "ويب سميت" أحد أكبر المؤتمرات التقنية في العالم، إذ يبحث مواضيع تتعلق بمستقبل الإنترنت والتكنولوجيا الناشئة ورأس المال المخاطر، وتتضمن فعالياته محاضرات وورش عمل، كما يوفر فرصا لشركات التكنولوجيا الناشئة للتواصل مع المستثمرين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الصين تُدخل حاملة الطائرات فوجيان الخدمة.. هل يتزعزع التفوّق الأميركي في البحار؟
مع دخول "فوجيان" الخدمة، تقترب بكين خطوة إضافية نحو تضييق الفجوة مع البحرية الأميركية، التي تمتلك أسطولاً واسعًا من حاملات الطائرات وانتشارًا عسكريًا عالميًا.
أعلنت الصين رسميًا دخول حاملة الطائرات الجديدة "فوجيان" الخدمة، بعد سلسلة من التجارب البحرية المكثفة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا".
وجرى حفل التدشين في قاعدة بحرية بجزيرة هاينان بحضور الرئيس شي جين بينغ، الذي يقود برنامج تحديث عسكري ضخم يهدف إلى بناء جيش "حديث ومتقدم عالميًا" بحلول منتصف القرن الحالي.
وتُعد "فوجيان" ثالث حاملة طائرات صينية والأولى التي تُصمم وتُبنى محليًا بالكامل، وبحسب محللين فإنها أداة لتوسيع نفوذ بكين البحري إلى ما وراء "سلسلة الجزر الأولى" التي تضم اليابان وتايوان والفلبين، والتوسع في "سلسلة الجزر الثانية" الأبعد، حيث تقع القواعد الأميركية في غوام.
ويرى غريغ بولينغ، مدير مبادرة الشفافية البحرية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن "حاملات الطائرات تمثل ركيزة في رؤية القيادة الصينية لبناء قوة قادرة على العمل في أعالي البحار ومنافسة الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ".
وفيما تعتبر الصين أن تعزيز قوتها البحرية "حق سيادي مشروع"، عبّرت اليابان عن قلقها من وتيرة التسلح المتسارعة لدى جارتها، معتبرة أنها تجري "من دون شفافية كافية".
وقال مينورو كيهارا، الأمين العام لمجلس الوزراء الياباني، إن الخطوة تُظهر أن الصين "تُعزّز قوتها العسكرية بسرعة ومن دون شفافية"، مضيفًا أن طوكيو "تراقب عن كثب التحركات الصينية وستتصرف بحزم إذا لزم الأمر".
وتثير الحاملة الجديدة مخاوف إضافية بشأن احتمال حصار أو غزو تايوان، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها ولم تستبعد استعادتها بالقوة.
Related واشنطن ترسل حاملة طائرات إلى كوريا الجنوبية في استعراض للقوة أمام الجارة الشماليةحاملة طائرات أمريكية ثانية تصل الشرق الأوسط برفقة مجموعتها الحربية.. هل نقترب من تصعيد إقليمي؟تطوير الصين لحاملة طائرات نووية.. هي سيغير موازين القوى البحرية في العالم؟ومن الناحية التقنية، تُشكل "فوجيان" قفزة نوعية بفضل اعتمادها نظام الإطلاق الكهرومغناطيسي للطائرات ، وهو ابتكار كانت تحتكره حاملات الطائرات الأميركية من فئة "فورد". ويسمح هذا التطور بإطلاق طائرات أثقل وأكثر تطورًا، مثل الإنذار المبكر KJ-600 والمقاتلة الشبحية J-35.
واشنطن لا تزال في الصدارة رغم اتساع الأسطول الصينيلا تزال الولايات المتحدة تتفوق نوعيًا وعدديًا. وبحسب تقرير نشرته وكالة أسوشييتد برس، بلغ عدد السفن القتالية الصينية 235 سفينة مقابل 220 للولايات المتحدة. غير أن التفوق الأميركي يبقى نوعيًا واستراتيجيًا، بفضل تنوع الأسطول وانتشاره العالمي، وتفوقه في عدد حاملات الطائرات والغواصات النووية والمدمرات.
فالولايات المتحدة تمتلك 11 حاملة طائرات و18 غواصة نووية قادرة على إطلاق صواريخ موجهة، بينما تملك الصين 3 حاملات فقط و6 غواصات من هذا النوع.
كما يبرز التقرير أن الأسطول الأميركي يتفوق أيضًا في قدراته البرمائية، إذ تمتلك الولايات المتحدة 32 سفينة إنزال وهجوم برمائي، مقابل 3 فقط لدى الصين. أما في فئة المدمرات، فتضم البحرية الأميركية 76 مدمّرة مقارنة بـ42 لدى الصين، في حين تملك بكين 49 فرقاطة لا تمتلك واشنطن أيًّا منها.
وفي مجال الغواصات الهجومية غير النووية، تتفوق الصين عدديًا بـ52 غواصة مقابل 48 لدى الولايات المتحدة، بينما يظهر تفوق أميركي واضح في الطرادات (9 مقابل 8 للصين) وفي سفن القتال الساحلية، رغم العدد الكبير من الكورفيت الصينية البالغ 72 مقابل 26 سفينة أميركية فقط..
من جهته، أشار البنتاغون في تقريره الأخير إلى الكونغرس إلى أن القدرات المتنامية للصين تجعلها "المنافس الوحيد للولايات المتحدة القادر على إعادة تشكيل النظام الدولي".
ويرى المحلل براين هارت من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أن الصين "تُغلق الفجوة بسرعة"، مستفيدة من استثمارات هائلة في بناء السفن والتكنولوجيا العسكرية، لكنها لا تزال تفتقر إلى الخبرة العملياتية العالمية التي تتمتع بها البحرية الأميركية منذ عقود.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة الصين- حاملة طائرات الولايات المتحدة الأمريكية الصين
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم