لجريدة عمان:
2025-05-15@04:00:57 GMT

في ليبيا .. حدث ما لا يمكن تصوره

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

ترجمة: بدر بن خميس الظّفـري -

الأسبوع المنصرم، ضربت الجبالَ الخضراءَ في شرق ليبيا أسوأ عاصفة مصحوبةٍ بأمطار غزيرة في الذاكرة الحديثة، مما جعل سدّيْنِ يبلغ عمرهما نصف قرن من الزمن يمتلآن إلى أقصى طاقتهما. قبل الساعة الثالثة من صباح يوم 11 سبتمبر، انهار السد الأول، واندفع سيل جارف من المياه إلى مجرى النهر الذي يشطر مدينة درنة الساحلية إلى نصفين.

توقف السيل لفترة وجيزة عند السد الثاني على بعد ثمانية أميال من مجرى النهر، ثم جرف السيل السد وكل شيء آخر في طريقه، وألقى بالحطام في البحر. بحلول الفجر، كان ثلث المدينة قد اختفى، تاركًا الآلاف في عداد المفقودين، ويقول مسؤولون محليون – في وقت كتابة هذا المقال- إن الحد الأدنى لعدد القتلى قد يكون 10 آلاف على الأقل، وقد يكون ضعف ذلك.

يسمي الكثير من الليبيين ما حدث «تسونامي» وليس فيضانًا، لمحاولة إيصال طبيعة الدمار وقوته إلى مسامع العالم، فسكان درنة البالغ عددهم حوالي 100 ألف نسمة، والذين تقطعت بهم السبل الآن، يحتاجون بشكل فوري إلى المأوى والغذاء والمياه والرعاية الطبية، وإلى جسور مؤقتة لتحل محل تلك التي جرفتها المياه، وإلى مهندسين لإعادة بناء جميع الطرق وإصلاح أجزاء من ميناء المدينة الذي يعمل ولكنه مدمر، وإلى خدمة الهاتف المحمول للوصول إلى أفراد أسرهم وأصدقائهم، ويحتاجون إلى أكياس خاصة بالجثث التي تنتشل من البحر. لقد أصبح الآلاف بلا مأوى، ويخشى المسؤولون من احتمال انفجار سدود أخرى في المنطقة.

سيكون التعامل مع حجم الدمار متعبا وشاقا بالنسبة لأي دولة تتمتع بإدارة جيدة ومجهزة تجهيزاً جيداً للتعامل مع مثل هذه الحالات. أما بالنسبة لليبيا فسوف يكون الأمر مستحيلا، نظرا لعزلة المنطقة التي وقعت فيها الكارثة، ونقص المعدات، وعمق الصراع السياسي في البلاد، فمنذ عام 2014، يعيش الليبيون مع حكومتين متنافستين في صراع على السلطة، وهذا من شأنه أن يؤدي بالتأكيد إلى إبطاء جهود الإنقاذ والتعافي في الفترة المقبلة. في الأسبوع الماضي، كان الجيش المصري في طريقه متجها إلى ليبيا ومعه معدات ثقيلة، بالإضافة إلى حاملة طائرات برمائية واحدة على الأقل من إيطاليا، وهي الدولة التي كانت تستعمر ليبيا سابقا. لكن التزام الولايات المتحدة بالتدخل في ليبيا من الناحية الأخلاقية يجب أن يكون أكثر بسبب تاريخها المأساوي في هذا البلد، بالإضافة إلى خبرتها الفنية وعمق مواردها في المنطقة.

سوف يتساءل العديد من الأمريكيين: لماذا ينبغي لنا أن نهتم؟ في عام 2011، قادت الولايات المتحدة الجهود الدولية لإنقاذ مدينة بنغازي من هجوم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وهي خطوة كانت حسنة النية لولا وقوع واشنطن في خطأ اتساع العملية العسكرية. وفي نهاية المطاف، أدى التدخل بقيادة حلف شمال الأطلسي إلى الإطاحة بنظام القذافي، وتركت الولايات المتحدة معظم عمليات إعادة البناء لحلفائها الأوروبيين، وركزت جهودها على تعزيز الديمقراطية بدلا من بناء الدولة، وهو القرار الذي ساهم في هدم المكاسب الديمقراطية المبكرة في ليبيا، بدلا من تعزيزها.

سرعان ما تدهور الوضع الأمني في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى شن هجوم من قبل تنظيم القاعدة على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي عام 2012. ومع الانفجار السياسي الداخلي الذي أعقب ذلك، انسحبت الولايات المتحدة في البداية من بنغازي ثم من ليبيا كلها. وفي ظل تلك الاضطرابات، نتج انقسام سياسي بين شرق البلاد وغربها، وهو صراع يدفع الليبيون البسطاء ثمنه باهظا منذ ذلك الحين.

لا يحتاج المرء إلى النظر إلى أبعد من مدينة درنة لإثبات تأثير الصراع، فقد اشتهرت درنة في ليبيا بجمالها الطبيعي وشلالاتها ومياهها ذات اللون السماوي، وكانت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي مركزًا للتعليم والفنون. ولكن بحلول أواخر التسعينيات، أصبحت درنة مركزا نشطا للمعارضة المتطرفة، ولذلك لم يكن أمرا مفاجئًا أن يكون مصدر المجموعة التابعة لتنظيم القاعدة التي شاركت في هجوم بنغازي عام 2012 من مدينة درنة، أو أنه بعد عامين، أنشأت داعش لفترة وجيزة ما أسمته «إمارة إسلامية» في المدينة. منذ ذلك الحين، شعر سكان درنة والشرق الليبي ككل بأنه لا أحد يهتم بشؤونهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالبنية التحتية، مثل السدود، التي كان الكثيرون يخشون أنها ستخذلهم وتنهار في يوم من الأيام.

وفي هذا الوقت من الحاجة الماسة، تتيح كارثة مدينة درنة للولايات المتحدة فرصة نادرة للانحياز مرة أخرى، ليس مع أحد الفصائل السياسية الليبية، ولكن مع الشعب الليبي. إنها فرصة لواشنطن للعودة إلى «مثاليتها» المعهودة التي حفزت الولايات المتحدة ذات يوم على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في التدخل الأول في عام 2011 من أجل حماية المدنيين من الأذى.

وفي هذا الصدد، أعلن الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة سترسل دعما عاجلا إلى ليبيا عبر منظمات الإغاثة و«ستنسق مع السلطات الليبية والأمم المتحدة لتقديم دعم إضافي». وأضاف بايدن: «إننا ننضم إلى الشعب الليبي في حزنه على فقدان الكثير من الأرواح».

إن العبارة الثانية للرئيس بايدن هو شعور في محله تماما. ومع ذلك، تشير العبارة الأولى إلى أن إدارة بايدن تفضل إبقاء ليبيا بعيدًا مع كثير من الحذر، نظرًا للتأثير المدوي لفضيحة بنغازي السياسية على السياسة الداخلية الأمريكية.

وفي حين أن بعض المساعدات الدولية في طريقها إلى ليبيا الآن، لا توجد دولة أخرى قادرة حاليًا على تقديم نفس الدرجة من الإغاثة مثل الولايات المتحدة، سواء الآن أو بعد أسبوعين، لأن هناك مخاطر مرتبطة بأي مهمة مساعدات، فعلى سبيل المثال، الجماعات المتطرفة، لا تزال نشطة في المنطقة، إلا أن هذه المخاطر يمكن التعامل معها. إنّ ما يمكن أن تقدمه واشنطن على الفور وخلال الأسابيع المقبلة هو المعرفة الفنية، التي تجسدها مجموعات مثل فيلق المهندسين بالجيش وقوة البناء البحرية (سي بيز)، والمعدات الثقيلة مثل طائرات الإنزال والمروحيات لنقل كميات كبيرة من المساعدات إلى مدينة درنة عن طريق البحر والجو. ربما تكون الولايات المتحدة قد فقدت فرصتها لتكون المستجيب الأول لهذه الكارثة، لكن احتياجات إعادة الإعمار ستستمر لأسابيع وأشهر وحتى سنوات. إنّ المساعدات الأمريكية الكبيرة ستكون موضع ترحيب أيضا من قبل الأطراف السياسية المتحاربة، التي تتعرض الآن لضغوط هائلة من مواطنيها لتوفير المعونات.

إنّ هذا النوع من النهج الاستثنائي لتقديم المساعدات يتوافق مع مفهوم «الدبلوماسية الاستكشافية»، التي أيدها السفير (كريستوفر ستيفنز)، الذي قُتل في بنغازي، وهي فكرة مفادها أن البعثات الدبلوماسية صغيرة العدد ذات الجهود واضحة الأهداف، يمكن أن تحقق نتائج دبلوماسية ضخمة. دفعت هذه الفكرة السفير (ستيفنز) إلى بذل جهد أخير لمحاولة لفت انتباه الحكومة الأمريكية مرة أخرى إلى المدينة قبل سقوطها في أيدي المتطرفين ومقتله.

بعد سنوات من التعامل مع الأزمة في ليبيا باعتبارها مشكلة يجب احتواؤها وإبعادها، لدى الولايات المتحدة فرصة الآن، من خلال هذه الكارثة، لإعادة التعامل مباشرة مع الشعب الليبي، فنحن يتعين علينا أن نحتضن ليبيا، من أجل الليبيين، أولاً وقبل كل شيء، وكذلك من أجل مصالحنا الإقليمية الطويلة والقصيرة الأجل أيضا.

إيثان كورين دبلوماسي أمريكي سابق في ليبيا ومؤلف كتاب (بنغازي! تاريخ جديد من الفشل الذريع الذي دفع أمريكا وعالمها إلى حافة الهاوية).

«خدمة نيويورك تايمز»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة مدینة درنة فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

شبكة بي بي سي: ترامب ودول الخليج.. ما الذي يريده كل طرف من الآخر؟

مع الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دول الخليج هذا الأسبوع، سينصب التركيز الأساسي على تأمين استثمارات جديدة كبيرة للاقتصاد الأمريكي.

 

وتقول الخبيرة الاقتصادية كارين يونغ، الزميلة في معهد الشرق الأوسط للدراسات: "يريد الرئيس ترامب الإعلان عن تدفق المزيد من الأموال الخليجية للولايات المتحدة".

 

وتضيف: "يريد ترامب تعليق ملصق كبير خلال الاجتماعات التي سيعقدها، ليُوضِح من خلاله الوجهة المحتملة لهذه الاستثمارات، وتقدير تأثيرها على الاقتصاد الأمريكي من حيث قدرتها على خلق فرص العمل، أو التصنيع المحلي الذي يدعمه بشكل كبير".

 

ومن المقرر أن يصل ترامب إلى العاصمة السعودية، الرياض، يوم الثلاثاء 13 مايو/أيار الجاري، للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 

ومن المتوقع أن يحضر ترامب قمة زعماء الخليج في الرياض في 14 مايو/أيار، قبل أن يسافر إلى قطر في اليوم نفسه، ثم ينهي رحلته التي ستستمر ثلاثة أيام في الإمارات، في 15 مايو/أيار.

 

وتتجلى الأهمية الاقتصادية للمنطقة بالنسبة لترامب، في أن زيارته إلى السعودية كانت من المفترض أن تكون أول زيارة خارجية له خلال ولايته الثانية في البيت الأبيض، وذلك قبل أن تُجبره وفاة البابا فرنسيس على حضور الجنازة في روما أواخر أبريل/نيسان الماضي.

 

المملكة العربية السعودية كانت كذلك أول دولة يزورها ترامب خلال فترة ولايته الأولى، مخالفاً بذلك العُرف المستحدث لدى رؤساء الولايات المتحدة، الذين بدأت زياراتهم بالمملكة المتحدة أو كندا أو المكسيك.

 

إن تأمين استثمارات جديدة في الولايات المتحدة من دول الخليج، وخاصة من صناديق الثروة السيادية المدعومة من حكوماتها، من شأنه أن يساعد ترامب في توجيه رسائل إلى الداخل الأمريكي بأن أجندته المتمثلة في شعار "أمريكا أولاً" تؤتي ثمارها.

 

وستجذب الزيارة الرئاسية كبار المستثمرين في وول ستريت ووادي السيليكون إلى السعودية، حيث سيُعقد منتدى استثماري سعودي أمريكي في 13 مايو/أيار في الرياض، بمشاركة رؤساء تنفيذيين من شركات بلاك روك، وبالانتير، وسيتي غروب، وآي بي إم، وكوالكوم، وألفابت، وفرانكلين تمبلتون.

 

وتأتي هذه الدفعة في ظل رياح اقتصادية معاكسة، حيث أدت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس ترامب على الواردات إلى إرباك التجارة العالمية، وهزّت الثقة في الاقتصاد الأمريكي نفسه. إذ انخفض الناتج الاقتصادي الأمريكي في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وهو أول انخفاض له منذ ثلاث سنوات.

 

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، صرّح الأمير محمد بن سلمان بأن السعودية ستستثمر 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة. إلا أن ترامب سبق وأن صرّح بأنه يرغب في أن يرتفع هذا المبلغ إلى تريليون دولار، بما يشمل شراء المزيد من المعدات العسكرية الأمريكية.

 

ويقول علي الشهابي، وهو كاتب ومعلق سعودي يتمتع بعلاقات وثيقة مع الحكومة السعودية، إنه من المقرر أن يتم توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية خلال زيارة ترامب.

 

ويضيف الشهابي: "ستؤدي هذه الصفقات إلى مزيد من التكامل بين الاقتصادين السعودي والأمريكي، ومزيد من المشاريع المشتركة في السعودية والولايات المتحدة، وشراء أسلحة وسلع أمريكية".

 

ولدى صندوق الاستثمارات العامة السعودي - الذي يسيطر على أصول بقيمة 925 مليار دولار - استثمارات عديدة بالفعل في الولايات المتحدة. وتشمل هذه الاستثمارات شركة "أوبر"، وشركة ألعاب الفيديو "إلكترونيك آرتس"، وشركة السيارات الكهربائية "لوسيد".

 

أما الإمارات، فقد التزمت مسبقاً باستثمار 1.4 تريليون دولار أمريكي في الولايات المتحدة على مدى السنوات العشر المقبلة، في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والطاقة، والتصنيع. وقد أعلن البيت الأبيض عن ذلك في مارس/آذار الماضي بعد لقاء جمع مستشار الأمن الوطني الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بالرئيس ترامب في واشنطن.

 

مع ذلك، ترى يونغ من معهد الشرق الأوسط للدراسات، أن حجم هذه الاستثمارات غير واقعي على المدى القصير. لكنها خطوات استراتيجية طويلة الأجل، مشيرة إلى ضرورة التعامل مع هذه الأرقام "بحذر ورَوِيّة".

 

وفيما يتعلق بالصفقات المحددة التي يمكن الإعلان عنها خلال زيارة ترامب، تشير التقارير المتداولة على نطاق واسع إلى أن المملكة العربية السعودية ستوافق على شراء أسلحة أمريكية ومعدات عسكرية بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار.

 

ويُقال إن هذه الأسلحة ستشمل الصواريخ وأنظمة الرادار وطائرات النقل.

 

ولطالما كانت الولايات المتحدة بمثابة مورّد أساسي للأسلحة إلى السعودية، لكن في عام 2021، أوقفت إدارة بايدن بيع الأسلحة الهجومية للرياض، على خلفية مخاوف بشأن دورها في الحرب باليمن.

 

كما أشارت تقارير إلى أن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 كان عاملاً مؤثراً في ذلك. إذ ذكر تقرير أمريكي أن الأمير محمد بن سلمان أعطى موافقة على تصفيته.

 

واستأنف البيت الأبيض في عهد بايدن بيع الأسلحة الهجومية إلى السعودية العام الماضي. وفي حين أشارت واشنطن إلى أن السعودية أوقفت هجماتها على اليمن، قال بعض المعلقين إن الولايات المتحدة كانت تسعى للحصول على المساندة السعودية في إنهاء الصراع في قطاع غزة ودعم إعادة إعماره مستقبلاً.

 

ويقول الشهابي إن المملكة السعودية ستسعى للحصول على ضمانات من البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة ستقيم "نظام مشتريات أكثر كفاءة"، ما يمكّن الدولة الخليجية من الوصول إلى الذخيرة والمعدات العسكرية بسرعة وسهولة أكبر.

 

ويضيف الشهابي أن "إدارة ترامب بدأت إجراءات لتسهيل هذه الصفقات"، متوقعاً أن "تتحسن هذه العملية بشكل فوري".

 

وسيكون الذكاء الاصطناعي الموضوع الآخر الذي سيهيمن على جدول أعمال زيارة ترامب. ومن المتوقع أن تركز المحادثات على جذب استثمارات خليجية أكبر في شركات التكنولوجيا الأمريكية، وتعزيز قدرة المنطقة على الوصول إلى أشباه الموصلات الأمريكية المتطورة.

 

وتستثمر كلٌّ من الإمارات والسعودية بمليارات الدولارات في قطاعي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في محاولة لتنويع اقتصاداتهما بعيداً عن النفط.

 

ويتطلع الإماراتيون، على وجه الخصوص، إلى ترسيخ مكانتهم كمحور عالمي للذكاء الاصطناعي.

 

وفي الأسبوع الماضي، ألغت إدارة ترامب اللوائح التي وضعتها إدارة بايدن بشأن قطاع الرقائق، والتي فرضت قيوداً على صادرات الرقائق الأمريكية المتطورة إلى أكثر من 120 دولة، بما في ذلك دول الخليج.

 

ومن المتوقع أن يقوم البيت الأبيض بصياغة قواعد جديدة من شأنها أن تتضمن مفاوضات مباشرة مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة.

 

وتقول يونغ: "بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، يُعد هذا أمراً بالغ الأهمية. فهم يعملون جاهدين على بناء قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي. لذا، يُعدّ الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لهم ليكونوا الأفضل في هذا المجال".

 

وفي حين سيكون القدر الأكبر من الاهتمام منصباً على سعي ترامب إلى جذب رأس المال الخليجي إلى الولايات المتحدة، فإن المملكة العربية السعودية تركز بالقدر نفسه على جذب الاستثمارات الأمريكية إلى برنامجها الطموح المتمثل في "رؤية 2030".

 

وبفضل مشاريع البناء العملاقة، مثل إنشاء مدينة "ذا لاين"، تشكل رؤية 2030 عنصراً أساسياً في الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة السعودية لتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن النفط.

 

وهذا يعني أيضاً ضخ الموارد في قطاعات الترفيه، والسياحة، والتعدين، والرياضة.

 

ومع ذلك، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية للعام الثالث على التوالي عام 2024، مما يعكس التحديات المستمرة لجذب رأس المال الأجنبي.

 

كما تسبب انخفاض أسعار النفط العالمية منذ بداية العام في زيادة الأعباء المالية على الرياض، مما زاد الضغوط عليها من أجل رفع الديون أو خفض الإنفاق لدعم أهدافها التنموية.

 

وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات وسط مخاوف متزايدة من أن تؤدي الحرب التجارية إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي.

 

وتفاقمت نسبة الانخفاض بعد إعلان مجموعة الدول المنتجة للنفط، أوبك بلاس، عن خطط لزيادة الإنتاج، إذ إن المملكة العربية السعودية عضو في المجموعة.

 

وقال بعض المعلقين إن قرار زيادة الإنتاج كان يهدف بشكل جزئي إلى إرضاء ترامب، الذي دعا إلى خفض أسعار النفط.

 

فيما ذهب محللون آخرون إلى إن السبب وراء ذلك هو أن أوبك بلاس لا تزال واثقة من نمو الاقتصاد العالمي.

 

ويُعد مجلس الأعمال الأمريكي السعودي منظمة تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.

 

وتأمل المنظمة أن تدفع زيارة ترامب الشركات الأمريكية إلى استكشاف المزيد من الفرص في المملكة العربية السعودية، وخاصة في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية والتعليم.

 

وقالت هُثام الجلال، رئيسة مكتب المنظمة في الرياض، لبي بي سي: "تتطلع الحكومة السعودية بقوة للاستثمار في هذه القطاعات. وهناك رغبة كبيرة لدى الشركات السعودية للتعاون مع الشركات الأمريكية".

 

ويُقال إن المسؤولين السعوديين واثقون من إمكانية تأمين بعض الصفقات في هذه القطاعات خلال زيارة ترامب.

 

وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، ترتبط زيارة ترامب بتعزيز العلاقات مع حليفها الغربي الأقدم، وهي علاقات توترت خلال عهد بايدن. أما بالنسبة للرئيس ترامب، فتهدف الزيارة إلى إبرام صفقات استثمارية يمكن اعتبارها نصراً لأجندته الاقتصادية.

 

ويقول الشهابي: "يبحث الرئيس ترامب عن عنوان عريض للاستثمارات الكبرى في الولايات المتحدة، وسيحصل على ذلك خلال هذه الزيارة".


مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • ما الذي يريده ترامب في الشرق الأوسط؟.. لديه طموحات كبيرة
  • ترامب: ما يحدث في غزة كابوس لا يمكن تصوره ويجب أن يتوقف فورًا
  • لا يمكن لأي سيناريو أن يُقسِّم الصين: قصة التِبْت ليست لهم ليروُها
  • الولايات المتحدة والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية
  • شبكة بي بي سي: ترامب ودول الخليج.. ما الذي يريده كل طرف من الآخر؟
  • الغارديان: بإمكان ترامب وقف هذا الرعب في غزة وإلا فإن البديل لا يمكن تصوره
  • دورا مدينة التلال الكنعانية التي لا تنحني.. حكاية الأرض والمقاومة والتجذر الفلسطيني
  • الحكومة الإيرانية: يمكن لواشنطن الاستفادة من قدراتنا الاقتصادية إذا جرى التوصل إلى اتفاق
  • الولايات المتحدة تعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين