رئيس «الوثائقية»: نحكي تاريخنا لنحميه من التزييف.. والفيلم الوثائقي من أذرع «القوى الناعمة» «حوار»
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
قال شريف سعيد، رئيس قناة «الوثائقية»، إن القناة تعتبر الفيلم الوثائقى وما يحتويه من مادة إعلامية أحد أهم أسلحة الإعلام فى حرب تعزيز الانتماء وحماية الهوية ومواجهة حملات التشكيك والتشويه للتاريخ المصرى. وإلى نص الحوار:
كيف ترى دور «الوثائقية» فى بناء الوعى؟
- منذ أن عملنا كوحدة أفلام وثائقية قبل 4 سنوات حتى الوصول لانطلاق القناة الوثائقية ونحن نعمل من أجل أن نحكى تاريخنا دون تزييف أو تشويه، وتقديم كل ما يعزز الانتماء للوطن، خاصة فى ظل المحتوى المقدم على منصات مختلفة وعديدة بما تتضمنه من حملات تشكيك فى التاريخ المصرى بهدف زعزعة الانتماء، ونحن نرى أن الفيلم الوثائقى أحد أهم أسلحة الإعلام، لذلك حرصنا على تقديم محتوى يقص الرواية المصرية بما يدعم الهوية المصرية، وبما يحصّن وعى الأجيال الجديدة، خاصة الشباب، وعدم تركهم لتلك المنصات ووسائل التواصل الاجتماعى المختلفة.
هل تم إعداد الخطة السنوية الجديدة للقناة؟
- الخطة السنوية الجديدة موضوعة، وبدأنا تنفيذها، وكان الهدف فى العام الأول من إنشاء القناة الوثائقية هو الوقوف على أرض صلبة والانطلاق بالقناة، والخطة السنوية الجديدة هى امتداد للخطة الأولى، ولدينا 3 خطوط رئيسية فى القناة؛ هى: إنتاج القطع الأصلية وإنتاج الأفلام عبر كوادر قطاع الإنتاج الوثائقى والأفلام الوثائقية، وإبرام التعاقدات مع شركات مصرية خارج الشركة المتحدة تعمل بنظام «المنتج المنفذ»، وتم إبرام عدد من العقود فى هذا الصدد فى إطار استنهاض صناعة الفيلم الوثائقى فى مصر، الخط الثالث هو الاستحواذ على حقوق العرض للأفلام الوثائقية المنتجة عبر كبرى بيوتات الأفلام الوثائقية فى العالم من بقاع مختلفة فوق الكوكب، بحيث يتناسب المحتوى مع جميع أعمار أفراد الأسرة المصرية، فلدينا أفلام تتعلق بالطبيعة، وأفلام تاريخية تتناول التاريخ العسكرى والمعارك الكبرى وغيرها.
ماذا عن الاستعداد لاحتفالات اليوبيل الذهبى لانتصارات أكتوبر عبر «الوثائقية»؟
- نحن نستعد للاحتفال بحرب أكتوبر منذ شهور، ونوهنا منذ أيام عن عدة أفلام خاصة بهذه الذكرى، من بينها «حرب الاستنزاف» أحد أهم الأفلام التى قدمناها، خاصة أننا لم نكن لننتصر لولا حرب الاستنزاف، فضلاً عن أن هذه الحرب لم يجر تناولها بشكل جيد على المستوى الوثائقى رغم أنها تتسع لعشرات الأفلام، ولدينا مجموعة من الحوارات الخاصة التى سنعلن عنها قريباً، ولدينا مجموعة حلقات «أنا حاربت إسرائيل»؛ وتتضمن شهادات موثقة لعدد من الجنود والضباط المشاركين فى نصر أكتوبر العظيم، ولدينا سلسلة وثائقية بعنوان «من رسائل الجبهة» عن الرسائل الخاصة التى كان يرسلها الجنود لأقاربهم، ورد الجنود عليها، كما أن لدينا عدداً من الأفلام الأخرى تحكى قصة نصر أكتوبر من زوايا متعددة ومميزة، وسيتم التنويه عنها تباعاً.
اقترحت على «الحوار الوطنى» تدريس التاريخ إجبارياًماذا عن المقترحات التى قدمتها فى جلسات الحوار الوطنى لحماية الثقافة المصرية؟
- قدمت فى جلسة الهوية الوطنية ضمن جلسات المحور المجتمعى بالحوار الوطنى 4 مقترحات؛ أولها وضع آلية لحماية المجتمع المصرى وثقافته من محاولة تغليب أى مكون ثقافى على أى مكون آخر. وأرى أن طمس الهوية يبدأ من انهيار اللغة، لذا لا بد من استنهاض مستوى اللغة العربية لدى طلاب المدارس بجميع أنواع المدارس، خاصة فى ظل انهيار مستوى اللغة العربية فى المدارس أو الجامعات وبين المواطنين، كما اقترحت تطوير صياغة كتب التاريخ المدرسية، مع دراسة فكرة أن تكون مادة التاريخ إجبارية أيضاً على طلبة القسم العلمى مثل الأدبى فى الثانوية العامة.
الإعلام قوة مصر الناعمةنحرص على إلقاء الضوء على أدوار غير معروفة لكثيرين، فعلى سبيل المثال قدمنا حلقة من البرنامج الوثائقى «عن قُرب» للإعلامى أحمد الدرينى، ويتناول فيه دور المستشفى الميدانى العسكرى المصرى فى بيروت، كذلك قدمنا حلقة من البرنامج عن دور الجيش المصرى فى أفريقيا الوسطى «قوات حفظ السلام»، فهناك كثيرون لا يعرفون أن مصر تلعب دوراً عريقاً فى دائرة الوطن العربى والقارة الأفريقية، وهنا يأتى دور الإعلام كقوى ناعمة لمصر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الوثائقية القناة الوثائقية
إقرأ أيضاً:
القمح مقابل الولاء.. كييف تطلق أولى قذائفها الناعمة على الخرطوم
قال المحلل السياسي، ياسين الحمد، إنه في ظلّ تصاعد النزاع الداخلي في السودان واستمرار الحرب الأهلية منذ أبريل 2023 بدأت الأزمات الإنسانية تتخذ أشكالًا جديدة، أشدّ تعقيدًا من مجرد نزوح أو انهيار اقتصادي فقد دخلت سلعة القمح أحد أهم ركائز الأمن الغذائي في البلاد إلى قلب المعادلة السياسية، بعد قرار أوكرانيا وقف تصدير القمح إلى السودان ابتداءً من أغسطس 2025.
"دبلوماسية الحبوب".. غذاء مقابل الولاء
وأضاف الحمد، أن القرار، الذي جاء دون سابق إنذار، فتح بابًا واسعًا للتكهنات والتحليلات، خصوصًا في ضوء ما بات يُعرف بـ "دبلوماسية الحبوب"، حيث يُستعمل الغذاء كسلاح للضغط السياسي، بل كوسيلة ابتزاز مباشر، مضيفا أنه رغم أن كييف برّرت القرار بالظروف اللوجستية والحرب في البحر الأسود، إلا أن توقيت وقف الإمدادات — تزامنًا مع تعقّد الوضع الداخلي في السودان — يوحي بأن المسألة أبعد من مجرد حسابات تجارية.
وتابع الحمد، أن التقارير تظهر أن أوكرانيا تسعى منذ سنوات لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية، خاصة في وجه التمدد الروسي، الذي استثمر في ملف الأمن الغذائي وساهم في إبعاد العديد من البلدان عن خط الخطر، وأنه مع اتساع رقعة المجاعة والنقص الحاد في القمح، استخدمت كييف ورقة الغذاء للضغط على دول مثل السودان، التي تقيم توازنًا مع روسيا والغرب في علاقاتها الخارجية.
السودان في مأزق مزدوج: داخلي وخارجيوأوضح الحمد أن استخدام القمح كوسيلة ضغط سياسي يفتح الباب أمام موجة جديدة من "تسليح الغذاء"، وهي ممارسة خطيرة تهدد ملايين الأرواح، خاصة في دول منهارة اقتصاديًا وتعاني من هشاشة البنية الزراعية والاعتماد الكامل على الاستيراد، موضحا أن السودان في مأزق مزدوج، بمعنى جوع داخلي وضغوط خارجية، إذ يعتمد السودان بشكل أساسي على استيراد القمح لتغطية احتياجاته المحلية، خصوصًا في ظل تراجع الإنتاج المحلي نتيجة الصراعات المسلحة وتدهور البنية الزراعية.
خيارات محدودة وبدائل صعبةوأكمل أنه بينما تُمثّل أوكرانيا وروسيا معًا أكثر من 60% من واردات السودان من الحبوب، فإن فقدان أحد هذين الموردين في لحظة حرجة، يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي، لا سيما في ولايات دارفور والنيل الأزرق التي تشهد مواجهات مستمرة ونزوحًا جماعيًا، وأنه في ظل هذا الفراغ، لن تكون البدائل سهلة، فالأسواق البديلة مثل الهند أو الأرجنتين قد لا تكون متاحة بسهولة أو بأسعار مناسبة بينما السوق المحلي منهار؛ ما يزيد الاعتماد على الاستيراد بشكل شبه كامل.
دعوة لصياغة سياسة غذائية مستقلةواستطرد: "قرار أوكرانيا لم يأتِ من فراغ، بل ضمن سياق أوسع من إعادة رسم النفوذ الجيوسياسي في إفريقيا، فروسيا تستثمر منذ سنوات في ملف القمح، وتستخدمه لدعم علاقاتها مع أنظمة غير مستقرة أو محاصرة.. وأن أوكرانيا، التي خسرت أسواقًا ضخمة في إفريقيا لصالح روسيا منها دول عربية مثل تونس والسودان، التي تحاول اليوم استعادتها، لا من خلال المنافسة الاقتصادية، بل عبر فرض مواقف سياسية مرتبطة بالولاء. وفي حالة السودان، فإن الرسالة واضحة: إما الاصطفاف مع كييف وحلفائها، أو فقدان رغيف الخبز".
وأكد أنه رغم ما يُقال عن الدور الإنساني لأوكرانيا في تصدير الحبوب، تكشف الوقائع أن أفريقيا لم تكن يومًا ضمن أولويات كييف التجارية، فمعظم صادرات القمح الأوكراني عالي الجودة خصوصًا الذي يحتوي على نسب بروتين مطابقة للمعايير الدولية تتجه بشكل أساسي إلى الاتحاد الأوروبي، مستفيدة من التسهيلات الجمركية واتفاقيات السوق المفتوحة، أما الدول الأفريقية، فتُركت غالبًا لقمح الدرجة الثانية أو الأقل جودة، وهو ما جعل العديد من الأسواق — مثل كينيا ونيجيريا — تتحوّل تدريجيًا إلى المورد الروسي الذي يقدّم مواصفات أعلى وسعرًا أقل.
وشدد الحمد على أن تصوير أوكرانيا كمزوّد موثوق للقارة السمراء لا يعكس الواقع التجاري الفعلي، بقدر ما يُعبّر عن رغبة كييف في استثمار الملف الغذائي سياسيًا عندما تقتضي الحاجة، موضحا أنه أمام هذا المشهد المعقّد، يُطرح السؤال الأهم: كيف يرد السودان؟.. الواقع يفرض على صانعي القرار في الخرطوم التحرّك السريع نحو تنويع مصادر القمح بعيدًا عن المورّدين المتقلبين سياسيًا وربما الاعتماد على روسيا في هذا الملف الحساس، وبناء شراكات استراتيجية جديدة مع دول لا تستخدم الغذاء كأداة تفاوض، فما يحدث اليوم هو إنذار بأن الدول التي لا تملك أمنًا غذائيًا مستقلًا، ستظل رهينة المواقف، والصفقات، والتحالفات المتقلّبة.
وأشار إلى أنه لم تعد الحروب في القرن الحادي والعشرين تُخاض بالسلاح فقط، بل بسلع الحياة الأساسية والقمح بقدر بساطته تحوّل إلى أداة تفاوض وترويض، وأحيانًا عقاب جماعي، وأن السودان، الذي يئنّ تحت وطأة الجوع والانقسام، يجد نفسه اليوم عالقًا بين نار الحرب الأهلية ومطرقة الابتزاز الغذائي، وأن مواجهة ذلك يتطلّب إرادة سياسية جديدة، تضع مصلحة المواطن فوق موازين الحلفاء، وكرامة الإنسان قبل صفقات القمح.