هل يكون طريق التنمية التركي - العراقي الممر الأفضل نحو أوروبا؟
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
بغداد اليوم – متابعة
تناول مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني ثلاث مبادرات اقتصادية ذات طابع دولي وإقليمي تتنافس دول كبرى على إنجازها، وهي مبادرة طريق الحرير الصينية، والممر الاقتصادي الرابط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وطريق التنمية الذي سيربط الشرق الأوسط بأوروبا عبر تركيا.
وفي مقاله، وصف بيلكاي دومان -الذي يعمل منسقا لأبحاث العراق بمركز الشرق الأوسط للدراسات في أنقرة- مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، بأنه يعدّ حاليا "إعلانا سياسيا للنيات" بدعم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وحسب رأي الباحث التركي، فإن المشروع الذي تهدف قمة العشرين من ورائه إلى أن يكون بديلا لطريق الحرير الذي تتعاون فيه الصين مع 140 دولة، لن يرى النور على المدى القصير.
وسيربط الممر الاقتصادي أوروبا بالهند عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، مما يتطلب مجموعة واسعة من الاتفاقات.
وعارض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إقامة هذا الممر، قائلا، إن المشروع "لا يمكن أن يتحقق دون تركيا"، مؤكدا أهمية بلاده كقاعدة تجارية.
وفي الوقت نفسه، أحرزت تركيا والعراق تقدما في المباحثات بشأن مبادرة أخرى أُطلق عليها "مشروع طريق التنمية"، وهو خط طريق سكة حديد وطريق سريعة تربط ميناء الفاو الكبير في مدينة البصرة بالحدود التركية الجنوبية. وقد وصفه رئيس الوزراء العراقي بأنه "الخيار الأفضل والأقل تكلفة" لربط الشرق الأوسط بأوروبا.
أولوية لتركيا
ومؤخرا، صرح أردوغان بأن مشروع طريق التنمية يمثل أولوية لتركيا، وأن هناك نية لاستكمال المفاوضات بشأنه خلال الشهرين المقبلين. ومن المتوقع -حسب الباحث دومان- الانتهاء من المرحلة الأولى لإنشاء المشروع بحلول 2028.
وبمجرد استكمال بنائه، سيصبح ميناء الفاو الكبير من بين أكبر المواني في الشرق الأوسط، بمساحة 54 كيلومترا مربعا قادرة على استيعاب سفن الشحن الأكبر حجما.
وطبقا لمقال "ميدل إيست آي"، يمكن لمشروع الطريق التنموي الاستفادة من وجود خط للسكة الحديدية يمتد جنوب الموصل، يجري حاليا تجديده.
وكما صرح أردوغان مؤخرا -أيضا-، فإن دولتي قطر والإمارات تدعمان هذا المشروع. وتخطط دول الخليج كذلك لمدّ خط للسكك الحديدية بينها. فإذا أُدمجت المبادرتان معا، فإن حركة النقل ستكون أسهل، حسب دومان.
ويقر الباحث التركي بوجود تحديات كبرى تواجه مشروع طريق التنمية، من بينها عدم الاستقرار السياسي، وتعقيدات تتعلق بمؤسسات الدول، والتهديدات التي تشكلها الجماعات المسلحة بالعراق.
ومع ذلك، فإن علاقات أنقرة الوثيقة مع كردستان العراق يمكن أن تساعد في ضمان عدم تأثير هذه القضايا في مشروع طريق التنمية، حسب دومان.
في الأثناء، يحاول أردوغان وضع المشروع في إطار إقليمي، بدلا من تصويره على أنه مجرد مبادرة ثنائية بين تركيا والعراق.
المصدر .. الجزيرة نت
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: مشروع طریق التنمیة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف مشروع الشرق الأوسط الجديد في رؤية ترامب ونتنياهو
بعد مرور عقدين على فشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي روجت له إدارة جورج بوش الابن إبان غزو العراق وحرب لبنان عام 2006، تعود الرؤية ذاتها ولكن بثوب جديد – هذه المرة عبر تحالف وثيق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واللذَان يسعيان لتشكيل "شرق أوسط جديد" تكون فيه إسرائيل القوة المهيمنة بدعم أمريكي مطلق، بينما يتم تحييد إيران ومحور المقاومة عبر سلسلة من الحروب والاستنزاف العسكري، بحسب الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث المجلس الأطلسي.
منذ حرب 7 أكتوبر 2023، شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات التي طالت غزة ولبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى قلب إيران في يونيو 2025. هذه الحروب، التي وفرت لها واشنطن غطاءً سياسيًا ودعمًا عسكريًا، لم تحقق أهدافها الاستراتيجية حتى الآن، حيث ما زالت قوى المقاومة – رغم الخسائر الكبيرة – صامدة ميدانيًا وسياسيًا.
غزة: دمار هائل دون نصر حاسمبعد عشرين شهرًا من العدوان على غزة، تخطى عدد الشهداء الفلسطينيين 57 ألفًا، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ الصراع. وعلى الرغم من تدمير البنية التحتية وتهجير السكان، لم تنجح إسرائيل في القضاء على حركة حماس، التي لا تزال قادرة على شن هجمات نوعية تُربك الجيش الإسرائيلي.
إيران: الضربة الاستراتيجية التي لم تنجز المهمةفي يونيو 2025، شنت إسرائيل والولايات المتحدة حملة جوية مكثفة على منشآت إيران النووية، مع وعود ترامب بـ"تحطيم المشروع النووي الإيراني بالكامل". لكن التقييمات العسكرية تشير إلى أن الضرر كان كبيرًا، لكنه غير كافٍ لتفكيك القدرات النووية الإيرانية. بل وقد تؤدي هذه الهجمات إلى تسريع طهران لمساعيها نحو امتلاك سلاح نووي ردًا على التهديدات الوجودية.
لبنان: حزب الله يتراجع تكتيكيًا... دون هزيمةفي لبنان، ورغم الخسائر الفادحة الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، لا يزال حزب الله قوة قائمة، ولم يسلم سلاحه كما تطالب إسرائيل والولايات المتحدة.
ورغم التراجع إلى شمال الليطاني، فإن أمينه العام بالوكالة، نعيم قاسم، يتوعد برد قاسٍ حال اجتياح إسرائيل للجنوب اللبناني. أما الحكومة اللبنانية الجديدة، بقيادة الرئيس جوزيف عون، فتواجه مأزقًا سياسيًا بين الضغوط الخارجية والاحتمالات الكارثية لأي صدام داخلي مع حزب الله.
اليمن: صمود الحوثيين رغم القصفعلى الرغم من القصف الأمريكي والإسرائيلي على مواقع الحوثيين في صنعاء وصعدة وموانئ الحديدة، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين) ما تزال تمتلك قدرات هجومية، وتحتفظ بترسانات استراتيجية قد تستخدم في حال عودة الحرب ضد إيران.
اتفاق الهدنة المؤقت مع واشنطن في مايو 2025 عزز من موقف الحوثيين داخليًا وأضعف خصومهم في المجلس الرئاسي.
المشروع الحالي لإعادة تشكيل الشرق الأوسط يعتمد، كما في اتفاقيات "أبراهام" التي وقعت في عهد ترامب عام 2020، على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية. وتفترض الخطة أن الرخاء الاقتصادي كفيل بتجاوز عدالة القضية الفلسطينية – وهي فرضية أثبتت المعطيات الأخيرة فشلها، بل وساهمت في تأجيج الصراع.
وتشير الدراسة إلى أن هناك طريقين لا ثالث لهما في المرحلة المقبلة: إما دبلوماسية خلاقة تنقذ ما تبقى من فرص السلام، أو استمرار لحرب مفتوحة ومتعددة الجبهات. غير أن تمسك كافة الأطراف بمواقفها القصوى يرشح السيناريو الثاني كالأقرب، ما يعني أن "الشرق الأوسط الجديد" وفق رؤية ترامب ونتنياهو قد يتحقق شكليًا عبر تطبيع اقتصادي جزئي، لكنه سيكون محفوفًا بمزيد من الحروب، الانهيارات، والتشظي السياسي.
التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يسير نحو فرض واقع جديد بالقوة، لكن التصدعات الإقليمية، وصمود الخصوم، وغياب أي تسوية سياسية متوازنة، كلها عوامل تضعف الرؤية الترامبية-النتنياهوية لـ"شرق أوسط جديد". ما يتم رسمه حتى الآن ليس مستقبلًا مستقرًا، بل خريطة من الدمار والتوتر الدائم، تراكم الغضب أكثر من السلام، وتبني واقعًا لا يدوم.