متى يقتنع حزب الله بـ الخيار الثالث؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن "الخيار الثالث". فالموفدان الفرنسي والقطري يعملان على هذه المعادلة الجديدة. وهذا يعني حتمًا أن اسمي رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، بصفته مرشح "الممانعة" قد سقط من حسابات اللجنة الخماسية. وكذلك الحال بالنسبة إلى مرشح "المعارضة" الوزير السابق جهاد ازعور، الذي لم نعد نسمع عنه شيئًا منذ أن نال 59 صوتًا في الجلسة اللانتخابية الثانية عشرة.
فهذا الخيار، أي "الخيار الثالث" يبقى حتى إشعار آخر مجرد فكرة، ولكن من دون مضمون طالما أن الذين يتساوون في التعطيل، ولو بطرق ولأهداف مختلفة، لا يزالون متمسكين بمرشحهما الأساسيين. فـ "حزب الله" أبلغ الفرنسيين والقطريين أن مرشحه الوحيد والأول والأخير هو فرنجية، وهو لن يتخّلى عن هذا الترشيح، الذي يعني الكثير له. فهو الوحيد بالنسبة إليه، الذي يستطيع أن يحمي ظهر المقاومة، وهو الوحيد القادر على الصمود في وجه الضغوطات، التي يمكن أن تُمارس عليه، تمامًا كما فعل الرئيس السابق ميشال عون، الذي لم يساوم ولم يعقد الصفقات على ظهر المقاومة.
ولأنه لا يرى في الوقت الحاضر من يستطيع أن يقوم بما يستطيع أن يقوم به فرنجية فإن "حزب الله" لن يتخّلى عن هذه الورقة بسهولة، وهو بالتالي لن يساوم عليها إلا في حال تأكدّه من أنه يستطيع من خلال "الخيار الثالث" أن يؤمّن له المكتسبات السياسية والضمانات الاستراتيجية، التي يمكن أن يقدّمها له فرنجية.
ولذلك، ووفق بعض المقربين من مركزية القرار في "حارة حريك"، فإن الموفدين الفرنسي والقطري سيظلان يراوحان مكانهما ما لم يطرأ أي معطىً جديد قد يدفع "حزب الله" إلى ما يرضى عنه. وما دام "الحزب"، ومعه حركة "أمل" كموقف شيعي واحد، غير مقتنعين بما يُطرح عليهما من بدائل غير متوازية مع ما يريانه مناسبًا لمشروعهما السياسي، ومتطابقًا مع مبدأية حقّ المقاومة في حماية لبنان من أي خطر خارجي، سواء أكان اسرائيليًا أو "داعشيًا"، فإن الدخان الرئاسي الأبيض لن يخرج من مدخنة برلمان ساحة النجمة، المقفلة أبوابه إقفالًا محكمًا بمفاتيح غير موجودة إلاّ في جيب الرئيس نبيه بري.
أمّا في المقلب الآخر فإن "الخيار الثالث" يبدو مقبولًا أكثر. والدليل أن قوى "المعارضة" لجأت إلى خيار ازعور عندما وجدت أن الباب الرئاسي مقفل في وجه النائب ميشال معوض. وهي مستعدة بالتالي إلى الذهاب إلى أي خيار آخر في حال وجدت فيه المواصفات ذاتها التي وجدتها في كل من معوض أو ازعور.
ولكن العقدة لدى القوى، التي اجتمعت ظرفيًا على تأييد ترشيح ازعور، أي "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" بالتحديد، هي في الاسم الذي سيتم اسقاطه على ما يسمّى "الخيار الثالث". فاسم قائد الجيش العماد جوزاف عون لا يشكّل أي احراج بالنسبة إلى "معراب". أمّا بالنسبة إلى "ميرنا الشالوحي" فإنه لا يلقى أي قبول حتى ولو كان طرح اسمه "مناورة" سياسية قد تفرضها ظروف المعركة الرئاسية. في المقابل فإن اسم الوزير السابق زياد بارود غير مرضى عنه لدى "القوات"، فيما هو مقبول إلى حدّ ما لدى "التيار الوطني".
فهذه الإشكالية قد تقود الفريقين الأكثر حضورًا وفاعلية في صفوف "المعارضة" إلى خيارات غير عادية، وإلى اختيارات من خارج الأسماء التي يتمّ التداول بها. وفي حال توافق هذان الفريقان على خيار واحد فإن الإعلان عنه قد يشكّل مفاجأة للجميع، على حدّ تعبير مصدر مطلع، وبالأخص لقوى "الممانعة"، التي قد تجد في الاسم المتوافق عليه "مسيحيًا" ما يناسب تطلعاتها إلى حدّ كبير. وهذا هو المفهوم المتعارف عليه علميًا لصفة "الرئيس التوافقي".
نظريًا فإن قوى "المعارضة" مجتمعة تستطيع أن توصل رئيسًا إلى بعبدا في الدورة الانتخابية الثانية في حال دعا الرئيس بري إلى دورات متتالية، ولكن هل يستطيع هذا الرئيس أن يحكم؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الخیار الثالث حزب الله فی حال
إقرأ أيضاً:
أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟
أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟
حسن عبد الرضي الشيخ
في مشهد مكرور من مسرحيات الدجل السياسي، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي ليعلن ـ عبر خطاب متلفز ـ “التهنئة بالانتصار على الكيان الصهيوني الزائف”، مدّعيًا أن ما جرى خلال اثني عشر يومًا من المواجهة مع إسرائيل كان نصراً مبينًا يُهدى للشعب الإيراني. وهو حديث لا يصمد أمام أبسط حقائق الجغرافيا العسكرية ولا وقائع الأرض.
إنّ من يتابع ما جرى ـ بقدر من الإنصاف والتحليل المجرد ـ لا يرى سوى مشهد آخر من مشاهد الهزيمة المضمخة بالغرور، إذ لم تفلح صواريخ إيران في شل قدرة الرد الإسرائيلي، ولا استطاعت أن تحدث تحوّلاً استراتيجياً في موازين الصراع، اللهم إلا ما حققته من “دوي إعلامي” قصير العمر. الرد الإسرائيلي كان مدروسًا، موجّهًا، مؤلمًا لمراكز حيوية داخل إيران، ونجح في توجيه رسالة قاسية دون أن ينجر لحرب شاملة، فماذا بقي من النصر الذي يدّعيه خامنئي؟
إنّ التضليل الإعلامي الذي يُمارَس على الشعب الإيراني بلغ مستويات عبثية، حين تُقدَّم الهزيمة باعتبارها انتصاراً، وتُغطى الجراح بالمزامير. فقد قصف الإسرائيليون قلب إيران، دون أن تتمكن طهران من فرض معادلة ردع حقيقية، ورغم ذلك يخرج المرشد مهددًا بأن “أي اعتداء علينا سنواجهه بتكرار استهداف القواعد الأمريكية”، وكأن الواقع ينقصه تهريج إضافي في خضم هذا الفشل المركب.
لقد كتب مفكرون ومصلحون عقلاء، منذ سنوات طويلة، عن آفة النظم الطائفية المتستّرة خلف عباءة الدين، خاصة النظام القائم في إيران، حيث تتداخل العمامة مع البندقية، ويُستثمر الإيمان لخلق قطيع، ويُغسل وعي الشعوب بزخرف الشعارات. هذا النموذج ـ كما وصفوه ـ ليس سوى نسخة مستحدثة من الاستبداد السياسي، محاط بهالة روحية زائفة. فالخطاب الديني في إيران تم تطويعه بالكامل لخدمة آلة الحكم، فأصبحت “الفتوى” صكًا سياسيًا، و”المرشد” إلهًا صغيرًا لا يُسائل.
في ضوء ذلك، فإن تصريحات خامنئي ليست مجرد تحريف للواقع، بل هي استكمال لمنهجية متجذّرة في الكذب الممنهج، والتلاعب بالوعي الجمعي، عبر تغليف الانكسار بغلاف “الانتصار”، تمامًا كما كانت تفعل أنظمة شمولية كثيرة من قبل، حتى سقطت في مستنقع السخرية التاريخية.
لقد فشلت إيران في إقناع العالم بنجاحاتها، لكنها نجحت ـ للأسف ـ في تسويق الوهم داخليًا، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الدعاية، ولا عقل يجرؤ على السؤال. هذا الانغلاق هو السبب الجوهري في تكرار الهزائم، وهو ما يجعل طهران دوماً أسيرة انفعالاتها، تتوهم أنها تصنع المجد، بينما لا تفعل سوى تخريب نفسها.
فليتوقف خامنئي عن بيع السراب، فالحقيقة أن إسرائيل لم تُهزم، وأمريكا لم تُردع، وإيران لم تنتصر، أما الشعب الإيراني، فلا تهنئة له إلا إن استعاد وعيه، وأسقط وهم المظلومية المقدسة، وأعاد للدين معناه، وللسياسة ميزانها، وللحقيقة حقها في أن تُقال.
الوسومأمريكا إسرائيل إيران الدجل السياسي الكيان الصهيوني حسن عبد الرضي الشيخ علي خامنئي