وصية هيكل لزوجته.. كتبها قبل 20 عاما من وفاته وطالبها بـ«أن تتأخر عنه»
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
وصفتها كأنها قطعة أدبية من الدرجة الأولى، إذ كُتبت بسلاسة وإتقان لحروف وكلمات اللغة العربية، الوصف الدقيق يعبر عن محتواها وعن المشاعر التي تحملها، وتترجم من خلالها الحب الذي كان يكنه الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، لزوجته وشريكة حياته هدايت علوي تيمور، إذ ترك وصيته لها قبل وفاته بأكثر من 20 عاما.
تحدثت هدايت علوي تيمور، زوجة محمد حسنين هيكل، خلال استضافتها في برنامج «معكم»، مع الإعلامية منى الشاذلي، عن وصية زوجها الذي تركها لها، والتي كانت أشبه بجواب غرامي، قائلةً: «كتبها وحطها في ظرف وقفلها، وكتب عليها هدايت، قالي أوعي تفتحيها إلا بعد وفاتي، كان عندي فضول أفتحه، لكن وعدته مفتحهاش بعد طلبه، لازم استأذنه الأول، وكان كلي ثقة إنه بيتكلم على بعدين هنعمل ايه وولادنا وتفاصيل حياتنا فيما بعد».
«قالي خدي ده شيليه هو حاجة مهمة ومتفتحيهوش إلا بعد وفاتي»، عبارة واصلت من خلالها «هدايت» زوجة محمد حسنين هيكل، عن كواليس الوصية الذي تركها لها، مضيفةً: «كتبها عام 1997، ولما تعب في أواخر أيامه، قالي يا هدايت أنتي عرفتي الوصية، قولت له لا طبعا، وسألني هي فين وفتحها وزود عليها حاجة وكانت بمثابة قطعة أدبية من الدرجة الأولى».
وصية هيكل لأول مرة على الهواءقرأت زوجة الكاتب الصحفي الراحل، وصيته على الهواء، أمام الجمهور، والتي ظلت محتفظة بها لأعوام منذ أن كان على قيد الحياة، كتب فيها: «هدايت.. لا أعرف هل أقول لك صباح الخير يا حبيبتي أو مساء الخير يا عمري، فأنت حين تطالعين هذه السطور أكون أنا طالعًا على بداية ذلك الجسر الواصل من هذا العالم إلى ما وراءه، كنت دائما أردد بيتًا من الشعر عندما يرحل واحدا من أحبابي أو أصدقائي ولست أذكر الآن ناظم هذا البيت من الشعر، لكنك بالتأكيد ما زلتِ تذكرين إيقاعه، لأن ترديدي له تكرر كثيرا خصوصا في السنوات الأخيرة، هذا البيت من الشعر للراحل، أعتبرها جواب غرامي وليس وصية»، متابعة: «عيطت كفاية كل مرة بقراه فيها، هو كتبه قبل 20 عام من وفاته».
هيكل يصف المشهد وقت كتابة الوصية«الآن قد جاء دوري للرحيل طالعا إلى الجسر ماشيًا عليه إلى هناك، واليوم هو الخميس 25 سبتمبر 1997 وأنت الآن وقت كتابة هذه السطور على طائرة تحملك إلى لندن، ولنا موعد ألحق بك هناك يوم الخميس القادم الأول من أكتوبر»، كان ذلك الشق الثاني من الرسالة والوصية الذي تركها الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، لزوجته بكلمات بخط يده، مضيفا خلالها: «أنا الآن وحدي في غرفتي التي تعرفين كم ارتاح إليها وأشعر بالسكينة بالتواجد بها».
الزوج يوصيها على ذاتها: أريدك سعيدة دائمًالم تتمالك الزوجة دموعها أثناء قراءة الرسالة لتجهش بالبكاء، قبل أن تلتقط الإعلامية منى الشاذلي، الوصية وتُكمل هي القراءة، وهي تتابع بعينها الكلمات وكأنها تتذكر تلك اللحظات التي جمعتها به حتى لحظاته الأخيرة حينما فارق الحياة، مختتمًا وصيته: «أريدك أن تتأخري عني لأول مرة قدر ما تستطيعين وتسمح لي المقادير، لكنني أدعو الله أن تطول أشواقي إليك.. أريدك أن تعيشي حياتك بعدي وأنت تسعدي. فلتكن حياتك أمنة وراضية ومطمئنة بمقدار ما أردتِ وعملت على ذلك من غيري، أريدك سعيدة دائما وعزيزة غالية دائما، خذي وقتك ثم على مهل تعالي إلى جانبي».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: هيكل محمد حسنين هيكل زوجة هيكل معكم محمد حسنین هیکل
إقرأ أيضاً:
معنى سمة "ذبح العلماء" الذي عرف على مر العصور.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق، إن البشرية عرفت على مرِّ عصورها تصرُّفًا سلبيًّا، وهو «ذبح العلماء»، ولم تختص أمة بذلك، بل كانت سِمَةً جعلت الناس يُنشِئون الأمثالَ السارية كنوعٍ من أنواع التعبير عن الحكمة التي تتصل بالحياة، وقبل ذلك قتلوا النبيين والمرسلين، ولكن الله سبحانه وتعالى نصرهم وأيَّد العلماء، ونفع بهم البشرية عبر العصور.
سمة ذبح العلماءقال تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ [البقرة: 87].
وعن ابن عباسٍ قال: «ذُكِر خالدُ بنُ سِنانٍ للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ذاك نبيٌّ ضيَّعَه قومُه» [رواه الطبراني في الكبير].
ذبح العلماء على مر العصور
وأضاف فضيلة الدكتور علي جمعة أننا جميعًا نتذكر ما حدث لـ«جاليليو»؛ حيث أثبت ثباتَ الشمسِ ودورانَ الأرض، فاعتُرِض عليه، ولم يُحسِن حينئذٍ بيانَ بُرهانه التام، حتى إنه وافق على حَرْق كتبه. ولدينا في التاريخ الإسلامي نماذج كثيرة في هذا المعنى؛ فقد ورد أن الإمام البخاري صاحب «الصحيح» ـ الذي وُصف بأنه أصحُّ كتابٍ بعد كتاب الله من حيث الضبط والنقل والتوثيق ـ قد دعا على نفسه قبل أن يموت بأيام، وضاقت عليه الأرض بما رحُبَتْ، في نزاعٍ بينه وبين محمد بن يحيى الذُّهلي؛ حيث كانت قد اشتدت الخصومة بينهما، مما سبَّب له تركَ المدينة.
ولم يكن البخاري رحمه الله تعالى معتادًا على ذلك، فلم يتحمل ـ لشفافيته ورِقَّة قلبه ـ هذا النوعَ من الصدام، وانسحب تاركًا وراءه جهدَه الرصينَ الجبَّار، الذي استمرَّ هذه السنينَ الطوالَ مرجعًا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومثالًا لتطبيق المنهج العلمي، وللنية الخالصة، وللهِمَّة العالية، وأثرِ ذلك في بقاء الأعمال ونفعها لأفراد الناس وجماعاتهم ومجتمعاتهم....(يتبع)
ذبح العلماء قديمًا
وأوضح فضيلته أن في القرن السادس الهجري كان الشيخ عبدُ القادر الجيلاني، وتُنسب إليه بعض القصص الجديرة بالاعتبار ـ وإن كنا لم نحقِّق توثيقها له في ذاتها ـ؛ منها أنه كان يحضر له نحو أربعين ألفًا لسماع موعظته الحسنة التي خالطت القلوب، ورفع بعضُ الواشين أمرَه إلى الحاكم بأن عبد القادر أصبح خطرًا على الناس، فإنه يأتمر بأمره أربعون ألفًا.
وتابع الدكتور علي جمعة: لما استدعاه الخليفةُ في بغداد، وكلَّمه في ذلك، ضحك الشيخ، وقال: «أنا أظنُّ أن معي واحدًا ونصفًا، ولنختبر ذلك يا مولاي؛ فأرسلْ غدًا الشرطةَ أثناء الدرس بعد العصر تطلبني أمام الناس».
ذبح العلماء
وأكمل: فأرسل الخليفةُ رجالَ شرطته، وطلبوا الشيخ بطريقة عنيفة، ففَرَّ معها أكثرُ الحاضرين، وأصرَّ اثنان على أن يُصاحِباه، حتى إذا ما جاؤوا إلى قصر الخليفة تخلَّف أحدهما ينتظر الشيخ عند الباب، ودخل الآخر. فقال له الخليفة: ماذا حدث؟ قال: لم يَبْقَ معي إلا كما قلتُ لك: واحدٌ ونصف؛ هذا واحدٌ معي، والآخر خاف من الدخول فانتظر عند الباب.
واختتم حديثه قائلًا: وذهب الواشون وذهب عصرهم، لا نعرف أسماءهم، وبقي الشيخ عبد القادر عبر القرون؛ قد أذِن اللهُ أن يجعل كلماته نِبراسًا يُستضاء به، وهدايةً في الطريق إلى الله.