في الوقت الذي تخوض فيه دولة الاحتلال حملة عسكرية متعددة الساحات، فإنها تبدو متأثرة بأربع عمليات عالمية وإقليمية وداخلية، وكلها تقرّب احتمال التصعيد والحرب، مع العلم أنها تعيش في خضمّ موجة متزايدة من العمليات الفلسطينية لبعض الوقت، لكنها لا تزال تحت عتبة الحرب.

وفي ذات الوقت، فإن الإجراءات المضادة والنشاط العملياتي الإسرائيلي لا يواكب التحذيرات المتزايدة بمعدل مائتي تحذير يوميا، وهو معدل كبير جدا فيما تشمل الهجمات مختلف القطاعات.



وأكد القائد السابق للواء جبل الشيخ، الجنرال موشيه نيديم، أنه "في خضم معركة متعددة الساحات، يتصرف جيش الاحتلال بحذر شديد، ويتعامل مع حملة معقّدة ومتفجرة قد تؤدي لاشتعال فوري بإحدى الساحات أو في جميعها معا، ويمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة وتؤدي إلى حملة شاملة، وهذه الأحداث ليست عرضية، بل يبدو أنها منسقة في توقيتها، ولذلك يتصرف جيش الاحتلال بطريقة لا يتم جره إلى حرب مفتوحة".


وأضاف نيديم في مقال نشرته صحيفة "معاريف" وترجمته "عربي21" أن "هذه الحرب الشاملة تتأثر بالعمليات العالمية والإقليمية والداخلية، ويمكن تقديمها كأربعة ناقلات تعمل على تقريب الدولة من احتمال الحرب، حيث يشير المتجه الدولي لأنشطة وأحداث القوى العظمى والدول الأخرى المؤثرة على المحور الرئيسي واللاعبين في منطقتنا".

وأوضح أن "التقارب مع محور روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية يسمح لإيران بالتقدم في الملف النووي، ويسبب عدم الاستقرار، بينما تعد عملية السلام مع السعودية حدثا دراماتيكيا له عدة عواقب عالمية وإقليمية، لكنه يحفز أيضا نشاطا عدائيا من خلال العديد من العوامل للإضرار بالاحتلال".

وأشار أن "الاتجاه الأمني يشير لتهديدات وأنشطة المنظمات المعادية، ووفقا لها، فقد ضعفت دولة الاحتلال، وانفتحت أمامها نافذة وفرصة لتحقيق الأحلام القديمة الجديدة في الساحة الشمالية، وتنتقل من الحذر إلى التحدي، وتخاطر وتدخل في سلسلة من الأحداث الصعبة؛ بدليل أن الضفة الغربية تحترق منذ فترة طويلة، والسلطة الفلسطينية تجد صعوبة أو غير قادرة أو غير راغبة في التعامل مع الواقع، وتستعد لليوم التالي لأبو مازن، ويبدو أن العمليات الجراحية قد استنفدت نفسها؛ وحرصت غزة على البقاء خارج دوائر المواجهة، لكنها غيّرت اتجاهها في الأيام القليلة الماضية بإحداث اضطرابات خطيرة على الحدود".

وأوضح أن "الاتجاه الداخلي الإسرائيلي اليهودي يشير لجميع الأنشطة المحيطة بالانقلاب القانوني والاحتجاج الذي لا ينتهي، والأسوأ هو إدخال جيش الاحتلال في الجدل السياسي الذي أدى لإلحاق ضرر جسيم بأمن الاحتلال والجيش نفسه، وبجانب ذلك يشير الاتجاه الداخلي للجريمة بين فلسطينيي48 في النقب والجليل، حيث كميات الأسلحة الموجودة جنونية، ومن الواضح أنها ستوجّه يوما ما بكامل قوتها نحو الاحتلال".

لم يكن الجنرال نيديم أول من يحذر من تهديدات وشيكة أمام دولة الاحتلال، فقد استعرض الجنرال تامير هايمان، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، أربعة تحديات رئيسية تواجه الأمن القومي، "أولها إيران، لاسيما زيادة نفوذها الإقليمي، وما تشكله من شبكة مليشيات منتشرة في قوس حول إسرائيل يشكل لها تحديا تكتيكيا خطيرا على المدى القصير، أما التحدي طويل المدى فهو امتلاكها قوة ردع نووية دون دفع ثمن، ما قد يؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط".


وأضاف في مقال نشرته "القناة 12" وترجمته "عربي21"، أن "التحدي الثاني هو الساحة الفلسطينية حيث موجة العمليات المستمرة منذ العام الماضي، وكادت أن تصل إلى انتفاضة ثالثة، يقودها جيل من الشباب الذين لا يتماثلون مع المنظمات القديمة، بل ينتظم محليا على شكل خلايا، فيما تعاني السلطة الفلسطينية من ضعف مزمن، ما يجعل هذه الموجة مشكلة تكتيكية خطيرة ذات أبعاد استراتيجية، إذا أضفنا لها تحدي خلافة أبي مازن في اليوم التالي، لكنها ليست المشكلة الأكثر خطورة".

وأشار إلى أن "التحدي الثالث مرتبط بالحفاظ على العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة التي تعيش أزمة محلية بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن، حول الإصلاح القانوني وسياسة إسرائيل الجديدة في الضفة الغربية، صحيح أنها ربما تنتهي الأزمة قريبا، لكن المشكلة على المدى الطويل، بسبب التغيرات الكبيرة داخل الولايات المتحدة بما يتعارض مع المجتمع الإسرائيلي، وخسارة القيم المشتركة بينهما، وسيكون القادة الأمريكيون بعد بايدن مؤيدين للرواية الفلسطينية أكثر بكثير من التعاطف مع الرواية الإسرائيلية".

وأوضح أن "التحدي الرابع ذا طبيعة داخلية بسبب الاستقطاب والانقسام الاجتماعي في أزمة غير مسبوقة في حدّتها مع غياب الإجماع واسع النطاق، والاحتجاج غير المسبوق ضد الإصلاحات القانونية، صحيح أن الحل على المدى القصير قد يكون التوصل إلى حل وسط، أو إلغاء الانقلاب، أو تغيير كل القوانين التي تم سنها في البرلمانات المقبلة، لكننا سنبقى أمام مشكلة طويلة الأمد، وهي أن هذا الإصلاح القانوني فتح كل صناديق الشرور في المجتمع الإسرائيلي، وأخرج كل الشياطين من سجونهم، والآن لا يمكن إعادتهم مرة أخرى، في ضوء تعمق واحتداد الانقسامات: الطائفية والدينية والطبقية والقومية والاقتصادية والتعليمية والثقافية".

ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يستعرض فيها الإسرائيليون التهديدات المحيطة بالدولة، لكنها من المرات القليلة التي يعترفون فيها بأن قدرتهم على التعامل معها تكتيكيا، لن يحلّها على المدى البعيد، وفي هذه الحالة فإن السلوك الآني قد يؤدي لتفويت كل الفرص الاستراتيجية عليهم، ما يتطلب منهم مناقشة التفكير الاستراتيجي طويل المدى، وإلا فسيبقون يراوحون مكانهم، دون إجابات مطلوبة على أسئلتهم المعلنة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال التصعيد العمليات الحرب الضفة الاحتلال الضفة حرب تصعيد العمليات صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على المدى

إقرأ أيضاً:

تهويد وقرابين توراتية وغياب للمرجعيات الفلسطينية

الثورة

حذّر الخبير في شؤون المسجد الأقصى علي إبراهيم، من أن المسجد يمرّ بإحدى أخطر مراحله منذ احتلال القدس عام 1967م، مشيرًا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة لم تعد تقتصر على الاقتحامات اليومية، بل باتت تسعى إلى فرض وقائع دينية ومكانية جديدة داخل المسجد، ترمي إلى ترسيخ وجود يهودي دائم فيه.
وقال إبراهيم إن الاحتلال يعمل على تثبيت الحضور اليهودي داخل “الأقصى” عبر منح المستوطنين موطئ قدم دائم، وتحويل ساحاته إلى مسرح للطقوس التوراتية، معتبرًا ذلك تحولًا نوعيًا في استهداف هوية المسجد ومكانته الإسلامية.
وأوضح أن الأمر لم يعد يقتصر على تنظيم الاقتحامات، بل يشمل محاولات إدخال قرابين حيوانية إلى المسجد، في إطار ما تُعرف بـ”استراتيجية التأسيس المعنوي للمعبد”، وهي خطة أطلقتها جماعات “منظمات المعبد” بهدف نقل طقوس “المعبد” المزعوم إلى داخل “الأقصى”.
وأشار إلى أن خطورة إدخال القرابين تكمن في رمزيتها الدينية، لافتًا إلى أنها تمثل “ذروة العبادة” في الفكر التوراتي، وأن نجاح المستوطنين في فرض هذا الطقس سيعني – عمليًا – تحويل المسجد الأقصى إلى مساحة يُمارَس فيها الدين اليهودي بشكل علني ورسمي.
ونوّه إبراهيم إلى أن المحاولة الأخيرة، التي جرت في 2 يونيو 2025م لإدخال قطع لحم إلى الأقصى خارج سياق عيد “الفصح العبري”، تعبّر عن تصعيد جديد، يهدف إلى فكّ ارتباط هذه الطقوس بالمناسبات الدينية الموسمية، وتحويلها إلى شعائر دائمة ومستمرة.
وأضاف أن هذه السياسات تأتي امتدادًا لتوجهات تيار “الصهيونية الدينية”، الذي يرى في بناء “المعبد” واستعادة شعائره طريقًا لتحقيق “الخلاص الإلهي”، ويربط الأساطير التوراتية بمشاريع سياسية واقعية تسعى إلى إنهاء الوجود الإسلامي في المسجد الأقصى.
ولفت إلى أن المستويين الأمني والسياسي في دولة الاحتلال منخرطان في دعم هذا التوجّه، من خلال تمديد أوقات اقتحام المستوطنين للمسجد، وتمويل الجولات الإرشادية داخله، وتعيين قيادات أمنية معروفة بتسهيل الاعتداءات على “الأقصى”.
وشدد إبراهيم على أن هذه الإجراءات تعكس “رغبة صريحة لدى سلطات الاحتلال بفرض السيادة الفعلية على المسجد الأقصى”، محذرًا من أن استمرار الصمت العربي والإسلامي سيؤدي إلى تحوّلات لا يمكن التراجع عنها.
وفي ما يتعلّق بالموقف الفلسطيني، أشار الخبير إلى أن المرجعيات الدينية داخل القدس تعاني من غياب التنسيق الفعّال، مبينًا أن المرجعيات غير الرسمية، مثل الشيخ عكرمة صبري، تؤدي دورًا بارزًا في التحذير ورفع الصوت، في حين يقتصر دور دائرة الأوقاف الإسلامية – كما قال – على إصدار بيانات بالأعداد اليومية للمقتحمين، دون ردود فعل ميدانية حقيقية.
ودعا إبراهيم إلى ضرورة استعادة روح الهبّات الشعبية التي شهدها المسجد في السنوات الماضية، وعلى رأسها هبّتا باب الأسباط وباب الرحمة، مشيرًا إلى أن التحام المرجعيات الدينية مع الجماهير هو السبيل الوحيد لوقف هذه السياسات و”منع الاحتلال من الاستفراد بالأقصى”.
وختم حديثه بالتأكيد على أن ما يجري في المسجد الأقصى “ليس حادثًا عابرًا، بل مشروع ممنهج يستهدف هوية المكان وروحه”، مشددًا على أن الوقت لم يعد يسمح بالمجاملات أو الاكتفاء بالبيانات، بل يتطلب تحرّكًا جادًا على كل المستويات، دفاعًا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

قدس برس

مقالات مشابهة

  • تهويد وقرابين توراتية وغياب للمرجعيات الفلسطينية
  • جنرال إسرائيلي: نصرنا على إيران يكتمل بدعم سياسي من مصر والسعودية والإمارات
  • الدفاع الجوي الإسرائيلي.. أسطورة صنعتها دولة الاحتلال وكشفت عورتها إيران
  • وسط التصعيد الإيراني الإسرائيلي: مصر تحذّر من الانزلاق إلى الفوضى
  • وزير الخارجية يحذر من خطورة انزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى حالة من الفوضى
  • الحرس الثوري يكشف عن قصفه الاحتلال بصاروخ سجيل لأول مرة
  • القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال الإسرائيلي يحذر من تهديد إيراني مستمر
  • بيان دولي بشأن التسوية الفلسطينية بعد التصعيد الإسرائيلي
  • ما هو الرقم الذي قد يُحدد نتيجة الصراع الإيراني الإسرائيلي؟
  • جنرال إسرائيلي متقاعد: الجبهة الداخلية ستنهار في حرب طويلة ولا مفر من اتفاق مع إيران