حرب غزة تدفن عصر السلام الأمريكي
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
كان الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس الفلسطينية ضد إسرائيل مأساوياً في حد ذاته، كما أن عدد القتلى قياساً بعدد السكان في إسرائيل يجعل خسائرها في هذه الهجمات عدة أمثال خسائر الولايات المتحدة في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ويمكن أن يزيد الموقف سوءاً إذا انخرط حزب الله اللبناني الموالي لإيران في الصراع بشكل كامل، فتجد إسرائيل نفسها في مواجهة متعددة الجبهات ويتحول الصراع بين حماس وإسرائيل إلى صراع إقليمي أوسع.
The Israeli military is building a base next to the Gaza Strip to accommodate tens of thousands of soldiers, as it prepares for the next phases of its response to Hamas’s attack on Saturday https://t.co/RCdQcuG4yF
— Bloomberg Middle East (@middleeast) October 10, 2023 أزمة أمنية في أوروباوبحسب براندز، أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، تواجه أوروبا أسوأ أزمة أمنية منذ عقود، بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا. كما تتزايد مخاطر نشوب حرب في منطقة البلقان حيث أجبرت تحركات القوات الصربية حلف شمال الأطلسي (ناتو) على تعزيز قواته في إقليم كوسوفو. وفي منطقة القوقاز استغلت أذربيجان انشغال روسيا في حربها ضد أوكرانيا لكي تسيطر على إقليم ناغورني قرة باغ من أرمينيا، مما أدى إلى تشريد حوالي 100 ألف مدني. وعلى طول قوس عدم الاستقرار الممتد من شرق أوروبا إلى جنوب شرق آسيا مازالت عمليات التطهير العرقي والغزو موجودة بصورة قوية في العالم.
ويقول براندز، المؤلف المشارك لكتاب "منطقة خطر: الصراع المقبل مع الصين" في تحليله إن منطقة غرب المحيط الهادئ أقل عنفاً حالياً، لكنها ليست أقل خطورة. وفي منطقة مضيق تايوان الجاهزة دائماً للاشتعال، تحاول الصين إجبار تايوان والولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين على الاستعداد لمواجهة تحركاتها ضد الجانب الآخر من المضيق. كما يتزايد التوتر في بحر الصين الجنوبي بعد أن بدأت الفلبين التحرك لتأكيد حقوقها الإقليمية بصورة أكبر. وفي شبه الجزيرة الكورية تحسن كوريا الشمالية باستمرار قدراتها النووية والصاروخية، في حين تغذي حرب بوتين بالذخيرة وغيرها من الموارد.
والآن يأتي الدور على الشرق الأوسط. فمنذ أسابيع قليلة قال جاك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي إن المنطقة "اليوم أهدأ مما كانت عليه قبل عقدين"، والآن يبدو أن الرجل مضطر ليعكس تصريحه.
فإيران تواصل التقدم نحو امتلاك سلاح نووي للهيمنة في الشرق الأوسط. وفي الأسبوع الماضي اسقطت الولايات المتحدة طائرة مسيرة تركية فوق سوريا وهو ما يظهر استمرار التوتر في سوريا أيضا. والآن ومع اشتعال الموقف في الشرق الأوسط مجدداً، أصبحت المناطق الحيوية الثلاث لأوراسيا مضطربة.
إفريقيا وأمريكاوفي الوقت نفسه، أصبحت الانقلابات العسكرية في منطقة الساحل بأفريقيا أمراً متكرراً، ويغرق السودان في حرب أهلية، وانتشرت التنظيمات الإرهابية المتطرفة في أنحاء القارة. وفي أمريكا اللاتينية، تتراجع الديمقراطية ويزيد نفوذ عصابات الجريمة التي ترهب السكان العزل.
ويقول عضو مجلس الشؤون الخارجية بوزارة الخارجية الأمريكية براندز، إن هذه الاضطرابات تؤثر على جهود مكافحة ظاهرة التغير المناخي وتؤدي إلى موجات جديدة من اللاجئين في مختلف قارات العالم. وأصبح من الصعب العثور على منطقة من العالم لم تتضرر من الاضطراب الحالي والذي يكشف عن عدة حقائق في العالم المعاصر.
وتتمثل أولى هذه الحقائق في انتهاء عصر السلام الأمريكي( باكس أمريكانا) الذي شهدته مرحلة ما بعد الحرب الباردة. فعلى مدى جيل كامل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الشرقية الشيوعية مطلع تسعينيات القرن الماضي، شهد العالم مستوى تاريخياً منخفضاً من المنافسة الجيوسياسية والأيديولوجية لتمتع واشنطن وحلفائها بتفوق كاسح أمام الدول الأخرى، لكن الموقف تغير الآن مع ظهور لاعبين يحاولون تحدي النفوذ الأمريكي وخلق مناطق نفوذ لهم خاصة الصين وروسيا وإيران.
حقيقة تحدي النفوذوالحقيقة الثانية، هي تنامي العلاقات بين هؤلاء اللاعبين الذين يتحدون النفوذ الغربي بصورة لم تحدث طوال العقود الماضية. وقد يكون من الخطأ تصور أن روسيا، التي ترتبط بعلاقات جيدة مع إسرائيل، لها يد في أحداث غزة الأخيرة. لكن الصواب أن الحرب في أوكرانيا عززت الشراكات العسكرية بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين. وتحالف الدول الأربعة يضاعف الخطر الذي تمثله كل دولة بمفردها بالنسبة للولايات المتحدة والغرب.
ثم أصبحت الأزمات والتحديات مختلفة الأنواع تندمج بشكل متزايد. وكان يمكن القول إن التنافس بين القوى الكبرى موجود وأن خطر الإرهاب وتحديات ما بعد الحرب الباردة انتهت، لكن التطورات الأخيرة أظهرت أن الدول يمكن أن تستخدم الجماعات المسلحة للضغط على الدول المعادية لها.
وأخيراً يمكن القول إن النظام الدولي يتعرض لمزيد من الضغوط في المزيد من مناطق العالم، مقارنة بأي وقت مدة منذ فترة الفوضى بعد الحرب العالمية الثانية. ويجب أن يكون التحرك لمنع انهياره متعدد الأطراف، ويبدو أنه بدأ الآن، من خلال التحالفات الدولية سواء لمواجهة الصين أو روسيا أو حتى إيران.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی منطقة
إقرأ أيضاً:
الحرب بين إيران والكيان الصهيوني.. سيناريوهات التدخل الأمريكي
د. سالم أحمد بخيت صفرار
بدأت المواجهة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني في حرب لم تسع لها إيران، بل بادرت بها إسرائيل فقد نجح أخيرا "النتن ياهو" في اقناع أمريكا بأن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران تهدف لتدمير برنامجها النووي، سعى الكيان الصهيوني تحت قيادته المتطرفة الحالية بكل قوة لمنع المفاوضات ونجح في إيقافها في الجولة السادسة وتخريب كل المساعي للدبلوماسية مخافتة من أن يؤدي ذلك إلى تفاهم بين أمريكا؛ مما قد يمكِّن لاحقا إيران من تحقيق نجاح في طموحاتها.
ولا شك أن ذلك يشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل ، لذا يسعى النتن ياهو وإدارته بكل جهد خصوصا في الوضع الراهن بعد حرب السابع من أكتوبر 2023 إلى إقناع أمريكا بشن ضربة على إيران وتدمير برنامجها النووي، وهناك أسباب أخرى عما يظهر في العلن وهو التخلص من قدرات إيران النووية، لكن في الواقع إيران هي العقبة التي تخشاها إسرائيل، وهذا ما تكشفت حقيقته أخيرا، ولم يعد الهدف إنهاء قدرات ايران النووية والعسكرية؛ بل أصبح الهدف الآن استهداف الجبهة الداخلية والعمل على تفكيك البلاد والإطاحة بالنظام الإيراني.
من جانب آخر يقاتل رئيس وزراء الكيان الصهيوني لأجل هدف شخصي آخر وهو بقاؤه في السلطة كي يكون في مأمن مما ينتظره نتيجة الإخفاقات والقضايا التي تلاحقه؛ فهو يعرف جيدا سوف ينتهي به المطاف في المحاكم والسجن.
الجميع مقتنع بأنه لن تجرؤ إسرائيل على مهاجمة إيران من دون الدعم والمساندة الأمريكية، ولم تُخف أمريكا مبدئيا نية الكيان للهجوم على إيران ولم تنفيه وأفصحت لاحقا عن علمها بذلك، لم يكن الكيان الصهيوني اللقيط يعتقد أن الرد الإيراني سوف يكون بهذه القسوة، علما أن لديه من المعلومات المعرفية حول قوة إيران الصاروخية، ولكن بدا الأمر مفاجئا للصهاينة حول مدى قوة الرد الايراني التدميري، وتبينت الأخطاء وسوء التقدير الذي لم يدركه قادة الكيان.
الحقيقة أن إيران لم تسع لهذه الحرب التي فرضت عليها وترى من حقها الدفاع عن نفسها وشعبها والدفاع عما تراها حقها في الحصول عليه؛ وهو التكنولوجيا النووية السلمية. وخلال أيام، انقلبت الآية، وها هم الصهاينة أصبحوا مُهجَّرين بلا مأوى، ومنهم من يسعى بشكل هستيري للخروج من فلسطين المحتلة بأغلى التكاليف وكأنه المشهد في غزة، ولكن الفرق والبون كبير بين أصحاب الأرض والسكان المزيفين،
وفي تغيير دراماتيكي ومؤشرات خطيرة يبدو أن النتن ياهو بنجح في إقناع الرئيس الأمريكي ترامب لدخول أمريكا في الحرب مع إسرائيل على إيران علما بأنه الان يبدو هناك انقسام اتخاذ القرار حتى في أعضاء الحزب الجمهوري نفسه، هناك مؤشرات توحي بتغير في التوجيه الأمريكي من خلال قيام أمريكا بنقل أعداد من طائرات التزود بالوقود للمنطقة وزيادة أسراب الطائرات الحربية.
هل يعني ذلك بسبب عربدة إسرائيل وغطرستها أن أمريكا سوف تغامر بمصالحها في المنطقة دون التفكير في العواقب والتداعيات والانعكاسات التي من شأنها أن تؤدي بالمنطقة الى حافة الهاوية ومواجهة ليس من السهل الخروج منها بلا أثمان غالية..
هناك عواقب وخيمة جدا ذات انعكاسات ونتائج خطيرة قد تترتب عنها اتساع رقعة الحرب مما يترك المجال لدخول قوى أخرى تدفع إلى حرب إقليمية قد تتدحرج كتلتها إلى أفاق عالمية.
وحول منطقة الخليج التي ستكون مسرح الأحداث، هل هناك تصور للعواقب الخطيرة حول ما قد ينتج عن تسريب الإشعاع النووي الذي لو حدث يبقى سنوات طوال في المنطقة تهدد البيئة، علما بأن مياه الشرب كميات كبيرة منها تأتي من تحليه مياه البحار هذا مع المصادر الأخرى التي تشكل تهديدا خطيرا على المنطقة برمتها، علما بأن هناك مؤشرات حول تسريب إشعاعي من محطة نطنز التي استهدفها الكيان الصهيوني، ولكن نسأل الله ألا يكون بما يشكل خطر على المنطقة.