تُعدّ الشاعرة الأميركية لويز غلوك الحائزة جائزة نوبل للآداب والتي توفيت اليوم عن 80 سنة، من أبرز الشعراء الأميركيين، والتي استندت في مؤلفاتها على جمال الطبيعة البسيط وطفولتها.

وباتت الشاعرة المتحدرة من نيويورك والمُدرّسة في جامعة ييل، المرأة الـ16 التي تفوز بجائزة نوبل للآداب والشخص الأميركي الـ12 الذي يفوز بها بعد إرنست همنغواي (1954)، جون ستاينبك (1962)، توني موريسون (1993) وبوب ديلن (2016).

ونالت غلوك جوائز عدة في الولايات المتحدة بفضل مسيرتها الكتابية التي بدأت في أواخر ستينات القرن الفائت وأعمالها الشهيرة بأسلوبها السلس وتجسيدها جمال الطبيعة البسيط.

ركزت غلوك في عملها على إلقاء الضوء على جوانب الصدمة والرغبة والطبيعة، واشتهر شعرها بتعبيراته الصريحة عن الحزن والعزلة. وركز النقاد أيضا على بنائها للشخصيات الشعرية والعلاقة في قصائدها بين السيرة الذاتية والأسطورة الكلاسيكية، وتشتهر أعمالها بكثافتها العاطفية وباعتمادها بشكل متكرر على الأسطورة أو التاريخ أو الطبيعة للتأمل في التجارب الشخصية والحياة الحديثة.

وسبق أن فازت غلوك بالعديد من الجوائز الأدبية الكبرى في الولايات المتحدة، بما في ذلك ميدالية العلوم الإنسانية الوطنية الأميركية، وجائزة بوليتزر، وجائزة الكتّاب الوطني، وجائزة دائرة نقاد الكتاب الوطنية، وجائزة بولينغن، وغيرها، وعملت أستاذة للغة الإنجليزية في "جامعة ييل" بمدينة كامبردج بولاية ماساشوستس.

ومن عام 2003 إلى عام 2004، لُقبت بشاعرة الولايات المتحدة، وغالبا ما توصف بأنها "شاعرة سيرتها الذاتية"، وتشتهر أعمالها بكثافتها العاطفية وباعتمادها بشكل متكرر على الأسطورة أو التاريخ أو الطبيعة للتأمل في التجارب الشخصية والحياة الحديثة.

شعر سهل

وتحتفي قصيدتها "جابونيكا" (مجموعة من الفراشات) بالفن الراقي للرسامين اليابانيين.

وفي مقابلة مع مجلة أميركية معنية بالشعر عام 2006، أنكرت غلوك أن تكون متخصصة في عالم الأزهار، وقالت "لقد تلقيت طلبات كثيرة في شأن البستنة، لكنني لست متخصصة في ذلك".

ونشرت عام 1992 كتابا بعنوان "القزحية البرية"، هو عبارة عن مجموعة من الأعمال الشعرية تتناول حديقة بأكملها، ونالت بفضله جائزة بوليتزر، إحدى المكافآت العريقة في العالم.

وبقي شعر غلوك مُتاحا للجميع، ويتميز أسلوبها بسهولة في الفهم، وبما أنها من محبي التجريد، استلهمت في شبابها من شعراء معروفين بتعبيرهم الواضح أبرزهم وليام بتلر ييتس (حائز جائزة نوبل عام 1923) وتي إس إليوت (فائز بنوبل عام 1948).

وإلى جانب الطبيعة، كانت تستند غلوك في أعمالها إلى طفولتها. وتقول في إحدى المقابلات "كنت طفلة وحيدة. كانت تفاعلاتي الاجتماعية غير طبيعية كثيرا وكنت أُجبر عليها. كنت أشعر بسعادة أكبر عندما أقرأ. لكنني كنت أيضا أشاهد التلفاز كثيرا وأتناول كميات كبيرة من الطعام".

وكانت جان دارك إحدى بطلات طفولتها فيما خصصت لها قصيدة قصيرة في عام 1975.

وكانت مراهقة غلوك صعبة، مع معاناتها فقدان الشهية. ومن بين الصدمات التي واجهتها، خسارة أختها الكبرى التي توفيت بعد وقت قصير من ولادتها.

وتخلّت لويز غلوك عن الدراسة وتزوجت ثم تطلّقت سريعا. وبدأت تحظى بشهرة عام 1968 مع أوّل كتبها "المولود البِكر". وكان الزواج الثاني مستقرا أكثر من الأول وأتاح لها أن تصبح أكاديمية.

وكتبت الباحثة الأدبية أليسون كوك في العام 2020 "في مختلف أعمال غلوك الشعرية، تشكل النساء شخصيات مركزية كثيرة في قصائدها (…) أكُنَّ نساء شابات أو أمهات". وللويز غلوك ابن واحد.

وأوضحت كوك أن "حضور المرأة الشابة في شعر غلوك يندرج ضمن الخطاب النسوي المستمر منذ عقود في شأن ما يعنيه أن يكون الإنسان امرأة".

ونشرت الكاتبة على مدى أكثر من 50 عاما، نحو 10 كتب شعرية ومقالات ورواية تحمل عنوان "ماريغولد والوردة" صدرت عام 2022 وتتناول حياة توائم مختلفين جدا.

وقالت أمام لجنة نوبل عام 2020 "أحب أحدث أعمالي"، مشيرةً إلى كتابها "أفيرنو" الصادر عام 2006، لاعتبارها أنّه "مكان جيد لبدء" القراءة.

أشعار أميركية

اشتهرت غلوك بالقصائد الغنائية ذات الدقة اللغوية والنبرة الصارمة، ونادرا ما تستخدم قصائد غلوك القافية، وبدلا من ذلك تعتمد على التكرار، والالتزام، وتقنيات أخرى لبناء الإيقاع، وغالبا ما تكون أشعارها مستوحاة من الأحداث الشخصية في حياتها.

في حين أن أعمال غلوك الأدبية متنوعة من حيث الموضوع، يقول نقاد إن شعرها يركز على الصدمة، كما كتبت طوال حياتها المهنية عن الموت، والخسارة، والرفض، وفشل العلاقات، ومحاولات الشفاء، ويعتبر نقاد أن أشعارها تتبنى وجهات نظر متناقضة تعكس علاقتها المتناقضة مع السلطة والأخلاق واللغة.

من اهتمامات غلوك الشعرية الأخرى الطبيعة، وفي إحدى قصائدها تدور الأبيات في حديقة حيث تتمتع الأزهار بأصوات ذكية وعاطفية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بيرتراند راسل… حين تمنح الفلسفة جائزة نوبل

في عام 1950، لم تُمنح جائزة نوبل في الأدب لرواية عظيمة أو ديوان شعري، بل ذهبت إلى عقل فلسفي حاد، لا يؤمن بالمطلقات، ويبحث عن الحقيقة في أبسط تفاصيل الحياة. 

حصل بيرتراند راسل، الفيلسوف البريطاني المعروف، على نوبل ليس عن كتاباته الفلسفية وحدها، بل عن أسلوبه الإنساني الذي جمع بين الحكمة، الحرية، والسخرية من التقاليد التي لا تخضع للعقل.

سبب منح الجائزة: بين الأدب والفكر

جاء في حيثيات لجنة نوبل أن الجائزة مُنحت لراسل:

“تقديرًا لكتاباته المتنوعة والمهمة التي يدافع فيها عن القيم الإنسانية وحرية الفكر.”

بهذا التوصيف، لم تمنح الجائزة فقط لراسل “المفكر”، بل لراسل “الكاتب” الذي خاطب البشر بلغة عقلانية، بعيدة عن التعقيد الفلسفي، ودافع عن الحرية في زمن كانت فيه الحرية مهددة من كل جانب.

كاتب خارج القوالب

رغم خلفيته المنطقية الجافة كونه أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلا أن راسل تميز بأسلوب كتابي جذاب، يجمع بين العمق والبساطة، وبين الجد والسخرية.

من أبرز كتبه التي ساهمت في منحه نوبل:

لماذا لستُ مسيحيًا؟قهر السعادةأثر العلم في المجتمعالزواج والأخلاق     


كتب عن الدين، عن العلاقات، عن التربية، وعن السياسة، دون أن يفقد نبرة العقل أو صوته الأخلاقي.

جائزة تكرم موقفًا أيضًا

في ذلك الوقت، كانت أفكار راسل تمثل تحديًا صريحًا للتقاليد الدينية، والمؤسسة السياسية، والسلطة الأخلاقية الجامدة. 

فكان اختياره للفوز بجائزة نوبل الأدبية حدثًا لافتًا، يحمل رسالة تتجاوز الأدب، لتؤكد على قيمة حرية التعبير والفكر النقدي.

راسل نفسه لم يبالغ في الاحتفاء بالجائزة، لكنه رأى فيها اعترافًا بدور “الكلمة الحرة” في صنع التغيير، قائلاً في إحدى محاضراته:

“الأدب العظيم لا يُقاس ببلاغته، بل بشجاعته في قول ما لا يُقال.”

ما بعد نوبل: صوت لا يصمت

لم يتوقف راسل بعد نوبل، بل زاد نشاطه السياسي والفكري. أسس لاحقًا “محكمة راسل” لمحاكمة مجرمي الحرب في فيتنام، وكتب عشرات المقالات والكتب، وشارك في احتجاجات حتى وهو في التسعين من عمره.


 

طباعة شارك بيرتراند راسل نوبل جائزة نوبل الجائزة حرية الفكر

مقالات مشابهة

  • قصة مؤثرة لبنجلاديشي يحج نيابة عن والدته المتوفاة ..فيديو
  • محسن الدين.. قصة مؤثرة لبنجلاديشي يحج نيابة عن والدته الراحلة
  • البنك الإفريقي للتنمية مُستعد لمرافقة الجزائر في تجسيد مشاريعها الكبرى
  • “يويفا” يحدد 22 سبتمبر موعدا لحفل توزيع جوائز الكرة الذهبية
  • تقرير| خطوات شراء أضحية سليمة من الجمال بأسوان مع قرب حلول عيد الأضحى
  • تحد جديد بين تيليجرام وواتساب.. وجائزة 50 ألف دولار لصاحب الفيديو الأكثر انتشارا
  • بين نوبل وبوليتزر.. لماذا رفض سارويان الجوائز؟
  • بيرتراند راسل… حين تمنح الفلسفة جائزة نوبل
  • أسامة السعيد: خطاب الرئيس السيسي تجسيد حي لدور مصر التاريخي في دعم القضايا العربية
  • ترينتو.. جنة الطبيعة الإيطالية التي لا يعرفها الكثيرون