مَن رأى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل جالسًا وجهًا لوجه مع رئيس تيار المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية لم يستغرب كثيرًا. وكذلك لن يستغرب أن يزور معراب من زار بنشعي بالأمس، وإن كان ذلك من سابع المستحيلات ، لأن رئيس "التيار البرتقالي" مستعد للجلوس مع أي كان، حتى ولو كان من ألدّ أخصامه في السياسة، ولكن ليس مع رئيس "القوات" الدكتور سمير جعجع.

وقد يكون الشعور متبادلًا، "لأن معراب تعتبر ما يُسمّى بـ "مبادرة وطنية" يقوم بها باسيل ليست سوى المزيد من إلهاء اللبنانيين وتضييع الوقت ليس إلاّ". فالقاصي يعرف ربما أكثر من الداني أن أي تحرّك داخلي في هذا التوقيت بالذات لن يجدي نفعًا، لأن هذا الداخل "مغلوب على أمره"، ولا حول ولا قوة له للتأثير على مجريات التطورات المتسارعة والخطيرة جدًا، والتي لها أبعاد دولية وإقليمية، وأكبر بكثير من تحرّكات لا جدوى منها ولا طائل.     لنفترض أن فرنجية سأل باسيل عن الأسباب الحقيقية لعدم دعم انتخابه لرئاسة الجمهورية، فبماذا يمكن أن يجيبه. وقبل هذا السؤال الافتراضي، كيف كان من الممكن أن يجيب من يحاول اليوم إثبات حضوره السياسي عن سؤال لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن سبب عدم السماح لوزراء "التيار العوني" بحضور جلسات مجلس الوزراء، التي لا تُعقد إلاّ عند الضرورة القصوى. فمن يقاطع الجلسات الحكومية لأسباب واهية أمام هول ما يحصل في الجنوب من خطر إسرائيلي داهم، وما يعانيه لبنان من خطر وجودي على تركيبته الديموغرافية بسبب النزوح السوري الجديد والكثيف، كيف له أن يُقنع الآخرين بمبادرته، وهو الذي كان يرفض مبادرات الآخرين، وبالأخصّ في ما يتعلق بالأزمة الرئاسية المطوية والمنسية إلى أجل غير مسمّى.     ولكن يجب أن يعترف المرء أن لباسيل قدرة غير طبيعية على الإيحاء للآخرين بأنه قادر على تخطّي ذاته ومصالحه الشخصية عندما يتعلق الأمر بـ "المصلحة الوطنية العليا"، وبأن في استطاعته أن يكسر الحواجز السياسية. وما زيارته لبنشعي سوى لمزيد من ذرّ الرماد في عيون اللبنانيين، الذين لم تعد تنطلي عليهم هذه "الحركات"، والتي لا يمكن أن يُقال عنها سوى أنها "حركات في غير مكانها الصحيح، لأنهم يعرفون أن ما يُسمى بـ "مبادرة وطنية" لن يكون لها وقع فعلي على أرض الواقع، لأن "قرار الحرب والسلم" ليس في يد أي أحد في الداخل، ولا حتى في يد "حزب الله" في هذا الظرف الاقليمي الشديد التعقيد، على حدّ الذين لا يتفقون معه لا في السياسات العامة ولا في الاستراتيجيات، ويقولون بأن هذا القرار هو اليوم بين أيدي طهران المعنية الأولى بما يجري في غزة حاليًا وما يُرتكب من مجازر في حق أهلها، وما يمكن أن تؤول إليه الأمور في الجنوب في حال قرر العدو الإسرائيلي غزو غزة برًّا.    فالذين يطّلعون على بعض ما يدور من أحاديث بين باسيل ومن يزورهم لا يسعهم سوى الانبهار من قدرته على تطبيق السياسة اللبنانية بما فيها من هروب إلى الأمام، وما فيها من أمثلة لبنانية موروثة من حقبة الاحتلال العثماني للبنان، ومن بينها "الأيد يللي ما فيك عليها بوسا ودعي عليها بالكسر"، أو "مين ما أخد أمي صار عمي". وغيرها الكثير من هذا النوع من الأمثال التي يبدو ظاهرها على عكس حقيقة بواطنها.    بعض الذين لم تبهرهم "حركات" باسيل وصفوا ما يقوم به بأنه "ظهور اعلامي" ليس إلاّ، وأن غاياته الأساسية بدأت تتكشف، وهي "القوطبة" على ما تقوم به السفيرة الأميركية من اتصالات لإقناع من يجب إقناعهم بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، وذلك عبر عزفه على وتر رئاسة الأركان، وما يعنيه هذا الأمر للزعيم الدرزي وليد جنبلاط.  
إلاّ أن اللقاء الوزاري التشاوري، الذي عُقد بالأمس في السرايا ، بدعوة من الرئيس ميقاتي، كشف بما لا يقبل الشك بأن جميع الأطراف، من هم في الحكومة ومن هم خارجها، بأن الوضع دقيق جدًّا، وأن لا بدّ من أن يجلس اللبنانيون مع بعضهم البعض، أقّله لجهة التفكير في ما يُمكن أن يُتخذ من إجراءات للتقليل من الأضرار، التي قد تلحق بلبنان في حال لم يكن بدّ من تجنّبها.    فإذا كان حضور عدد من وزراء "التيار الوطني الحر" هذا اللقاء كمقدمة للعودة إلى الحضن الحكومي يكون "تقريش" مبادرة باسيل قد بدأ يثمر في مكان ما، على أن يبقى الأساس، وبالأخصّ في هذه المرحلة المفصلية، ذهاب الجميع إلى "ساحة النجمة" وانتخاب رئيس للجمهورية.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الإعلام الحكومي: خروقات الاحتلال بغزة التفاف خطير على وقف إطلاق النار

غزة - صفا

أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن الاحتلال الإسرائيلي واصل لمدة 60 يومًا منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025 وحتى مساء الاثنين، ارتكاب خروقات جسيمة ومنهجية للاتفاق، بما يمثل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي الإنساني، وتقويضاً متعمداً لجوهر وقف إطلاق النار ولبنود البروتوكول الإنساني الملحق به.

وقال المكتب في تصريح صحفي وصل وكالة "صفا، يوم الثلاثاء، إن الجهات الحكومية المختصة رصدت خلال هذه الفترة 738 خرقاً للاتفاق، منها: "205 جرائم إطلاق نار مباشرة ضد المدنيين، 37 جريمة توغّل للآليات العسكرية داخل المناطق السكنية، 358 جريمة قصف واستهداف لمواطنين عُزّل ومنازلهم، 138 جريمة نسف وتدمير لمنازل ومؤسسات وبنايات مدنية".

وأشار المكتب إلى أن هذه الانتهاكات الممنهجة أسفرت عن استشهاد 386 مواطناً، وإصابة 980 آخرين، إلى جانب 43 حالة اعتقال غير قانوني نفّذتها قوات الاحتلال.

ولفت إلى أن الاحتلال يواصل تنصّله من التزاماته الواردة في الاتفاق وفي البروتوكول الإنساني، إذ لم يلتزم بالحدّ الأدنى من كميات المساعدات المتفق عليها، حيث لم يدخل إلى قطاع غزة خلال 60 يوماً سوى 13,511 شاحنة من أصل 36,000 شاحنة يفترض إدخالها، بمتوسط يومي 226 شاحنة فقط من أصل 600 شاحنة مقررة يومياً، أي بنسبة التزام لا تتجاوز 38%. 

وشدد المكتب على أن هذا الإخلال الجسيم أدى إلى استمرار نقص الغذاء والدواء والماء والوقود، وتعميق مستوى الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة.

ونوه إلى أن شحنات الوقود الواردة إلى قطاع غزة خلال الفترة ذاتها بلغت 315 شاحنة فقط من أصل 3,000 شاحنة وقود يفترض دخولها، بمتوسط 5 شاحنات يومياً من أصل 50 شاحنة مخصصة وفق الاتفاق.

وأضاف "ما يعني أن الاحتلال قد التزم بنسبة 10% فقط من الكميات المتفق عليها بخصوص الوقود، وهو ما يُبقي المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والصرف الصحي في وضع شبه متوقف، ويفاقم المعاناة اليومية للسكان المدنيين".

وأكد المكتب أن استمرار هذه الخروقات والانتهاكات يُعدّ التفافاً خطيراً على وقف إطلاق النار، ومحاولة لفرض معادلة إنسانية تقوم على الإخضاع والتجويع والابتزاز.

وحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التدهور المستمر في الوضع الإنساني، وعن الأرواح التي أُزهقت والممتلكات التي دُمّرت خلال فترة يفترض فيها أن يسود وقف كامل ومستدام لإطلاق النار.

ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب والجهات الراعية للاتفاق الوسطاء والضامنون؛ إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، وإلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته كاملة دون انتقاص.

وطالب المكتب بضرورة ضمان حماية المدنيين، وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية والوقود وفق ما نصّ عليه الاتفاق، وبما يمكّن من معالجة الكارثة المستمرة في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال ارتكب 738 خرقًا بعد 60 يوما من وقف إطلاق النار
  • الإعلام الحكومي: خروقات الاحتلال بغزة التفاف خطير على وقف إطلاق النار
  • لا تقدم في علاقة التيار وحزب الله
  • رئيس هيئة قناة السويس يكشف موعد عودة التحسن الكامل للإيرادات
  • باسيل: بين البابا وجعجع ماذا تختارون؟
  • بعد مناقشات الشيوخ.. السجن عقوبة سرقة الكهرباء إذا تسببت في انقطاع التيار
  • فصل التيار الكهربائي عن موقع حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم
  • برلمانية: السياحة محور استراتيجي للاقتصاد.. واستثماراتها تثمر نتائج ملموسة
  • رئيس مصلحة الجمارك: منصة «نافذة» الإلكترونية تغطى كل مسارات حركة التجارة
  • الاستيلاء على التيار الكهربائي أو التلاعب بالمُعدات يُعرّضك لغرامة 2 مليون جنيه .. تفاصيل