إيكونوميست: حرب المدن في غزة أكثر دموية من العراق
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
في مقال لها بعنوان "لهذا ستكون حرب المدن في غزة أكثر دموية مما كانت في العراق"، قالت مجلة "إيكونوميست" إن المعركة ضد تنظيم الدولة في الموصل قدمت دروسا وتحذيرات لإسرائيل.
وتشير تقديرات للمجلة البريطانية، اعتمدت على صور الأقمار الاصطناعية، إلى أن أكثر من عشر المساكن في غزة دمرت بسبب القصف الإسرائيلي، مما تُرك أكثر من 280 ألف شخص بدون مأوى.
وقالت المجلة إن الحرب في المناطق السكنية دائما ما تكون دموية، مستذكرة الهجوم الأميركي الأول على الفلوجة في العراق عام 2004، والذي أدى إلى مقتل نحو 600 مدني، أو 0.2% من السكان، مقارنة بـ 0.3% من السكان في الحرب الدائرة اليوم في غزة.
أما الهجوم الثاني الذي جاء في وقت لاحق من عام 2004، فقد أودى بحياة نحو 800 آخرين، وترك غالبية مباني المدينة مدمرة. ويعتقد أن معركة مدينة الصدر -إحدى ضواحي بغداد- قتلت نحو 1000 شخص بين مارس/آذار وأبريل/نيسان 2008، من أصل عدد سكان يبلغ نحو مليوني نسمة، وهو عدد لا يختلف عن سكان غزة.
وتضيف "إيكونوميست" أن أكبر حروب المدن في السنوات الأخيرة هي الهجوم على الموصل، التي استولى عليها تنظيم الدولة، من قبل تحالف تقوده الولايات المتحدة. وقتل فيه ما لا يقل عن 9000 مدني خلال عامي 2016-2017، وفقا لمنظمة "إيروورز" التي ترصد الخسائر المدنية. وهذا يمثل 0.6% من السكان في ذلك الوقت. وتضررت بسببها مبان 80% منها سكنية.
اختلافات رئيسية
وأردفت الصحيفة أن هذه الحالات قد تشير إلى أن الحرب في غزة، بالرغم من كونها مدمرة، فهي ليست كذلك بالمعايير التاريخية، على الأقل حتى الآن. ومع ذلك هناك أيضا اختلافات رئيسية:
الاختلاف الثالث هو التكتيكات. إذ تقول إسرائيل إنها تركز كثيرا على حماية المدنيين، ومع ذلك كان قصفها لغزة مكثفا بالمعايير التاريخية. فقد ألقت 6000 قنبلة على القطاع في الأيام الستة الأولى للحرب، وهو معدل ذخائر يتجاوز بكثير حملات مكافحة الإرهاب الأميركية والغربية. بينما في الموصل، أسقط التحالف بقيادة الولايات المتحدة 7000 قنبلة على مدى شهرين في أشد فترات القصف. والاختلاف الرابع والأخير هو طبيعة الاستخبارات في ساحة القتال. ففي بداية هذه الحرب كان يمكن أن يكون لدى الجيش الإسرائيلي قدر كبير من المعلومات الاستخبارية عن البنية التحتية لحماس في غزة، التي جمعها على مدى سنوات. وكان يمكن ضرب العديد من هذه الأهداف في الأسبوع الأول للحملة.
الاستخبارات البشرية
وترى المجلة أنه يجب على الطيران الحربي الإسرائيلي الانتقال بعد ذلك إلى الاستهداف "الديناميكي"، أي إيجاد أهداف لم تكن معروفة في بداية الحرب وضربها، ويجب تطويره في وقت قصير نسبيا.
وأضافت أن الاستخبارات الإسرائيلية عانت بالفعل من فشل استخباراتي خطير في غزة، بعد أن فاتتها علامات كافية على استعداد حماس لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن من المرجح أن الحركة تتمتع بالميزة الاستخباراتية على الأرض، كما يقول عاموس فوكس، خبير في حرب المدن وكتب كثيرا عن الموصل، حيث يقدم السكان المحليون تدفقا ثابتا من المساعدة الاستخباراتية البشرية لحماس مع تقدم الجيش الإسرائيلي.
وقال فوكس إن "هذا يقلب الوضع المرير الذي رأيناه في الموصل رأسا على عقب. وسيتعين على الجيش الإسرائيلي أن يقاتل بشكل منهجي من خلال دفاعات، وتخطيط، وإعداد أفضل مما كان سيفعله بخلاف ذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الموصل فی غزة
إقرأ أيضاً:
الشاعر عبد العال السيد: الفن قوة ناعمة أكثر تأثيراً من آلة الحرب
في زمنٍ تتداخل فيه رائحة البارود مع أصوات الفن، ويبحث فيه السوداني عن معنى للطمأنينة وسط العصف اليومي، يطلّ الشاعر عبدالعال السيد — أحد أبرز أصوات الشعر الغنائي السوداني — صاحب (عز المزار، غربة ومطر، إنت المهم، وغيرها) ليقدّم شهادته الخاصة على زمنٍ مثخن بالأسئلة. شاعرٌ عاش الغربة بلا انقطاع، لكن الوطن ظلّ يسكن نصوصه كنبضٍ أبدي، تشهد عليه قصائده التي عبرت الأجيال، وغنّاها فنانون من مدارس مختلفة.
في هذا المقابلة التي أجرتها معه “التغيير” يتجوّل عبدالعال السيد بين محطات أغنيتنا الحديثة، وصدام قلمه الصحفي مع الواقع، وتحوّلات الذائقة، وصولاً إلى دور الشعر في زمن الحرب. حديثٌ شفيف يكشف عن شاعر يرى في الفن قوة ناعمة قادرة على ترميم الروح، وفي الكلمات ملاذاً يتجاوز الخراب.
التغيير: الخرطوم
كتبتَ لشتى الأجيال من الفنانين، من المخضرمين وحتى الأصوات الشابة؛ كيف ترى تطوّر الأغنية السودانية من موقعك كشاعر كان شاهدًا وصانعًا في الوقت نفسه؟
التطور في المطلق من سمات الزمن، وإذا كان حراك الحياة يتطور؛ والخطاب الجمعي للأفراد يتغير طبقا للراهن، فإن مجريات المشهد الثقافي والفني هي الأخرى تتطور بوتيرة مضطردة تبعا لتغييرات الذائقة.
مثلا النص الغنائي في السابق كان يتماشى مع حراك تلك المرحلة، ولكن حاليا فإن الأفكار والطروحات الغنائية تغيرت، ولكن على كل فإن الأغنية في الماضي ما زالت حاضرة في الوجدان الجمعي عكس أغنية الراهن، والتي سرعان ما تنطفئ مثل “فقاعة الصابون” وعلى فكرة أنا لا أبرئ نفسي من هذا المشهد.
بين الصحافة والشعر مساحة واسعة من الاشتباك مع الواقع؛ كيف ينعكس “القلم المشاكس والمصادم” — كما وصفتَ نفسك — على لغتك الشعرية؟
رغم أن الفعل الإبداعي في المطلق هو الأقرب إلى ” دكانه” الاحتراف الصحفي، ولكن ثمة مساحة، وتباعد بينهما عبد العال السيد المشاكس في كتابته وفقا لقولكم يختلف تماما عن الشخصية التي تكتب الشعر فحينما أتناول طرحا في المشهد العام أتداعى وامتطي ” عربة” الواقع، ولكن في حال الكتابة الشعرية ارتدي ” قفازات ناعمة” لمخاطبة الوجدان الجمعي والطائفة.
اشتغلتَ مع أصوات مختلفة جدًا في الأسلوب والخطاب الفني… كيف تُكيّف القصيدة مع شخصية المغنّي، دون أن تتنازل عن هويتك الشعرية؟
عفوا حينما أكتب النص لا يكون في ذاكرتي الفنان الذي سوف يؤديه وأذكر هنا أن لدي نصوصاً ملحمية من عمق الحياة وأخرى تساير اليومي الراهن، وكثيرا ما يتماشى مع اتجاه بوصلة الذائقة، ولا أخجل من ذلك.
عشتَ سنوات طويلة في الغربة، ومع ذلك ظلّ الوطن يتكرر في نصوصك كعودة دائمة؛ كيف أثّرت المسافة في بنية شعرك، وفي علاقتك بالسودان؟
بالتأكيد ذلك لأن الوطن هو الأم الرؤوم بشمسه ونيله ونخيله وصحرائه كلها تعيش في وجدان الإنسان مهما طالت غربته، ومن هذا المنطلق أسأل الله أن يتعافى الوطن من “سرطان” الدم اليومي.
في عز المزار: “وبقيت أعَاين في الوجوه… أسأل عليك وسط الزحام قبال أتوه” — هل ترى أن الشعر قائم أصلًا على المفارقة وتوليد المعنى من التفكير الاعتيادي؟ أم هو مجرد إعادة اكتشاف لما نعرفه مسبقًا بطريقة أعمق؟
نعم الفن في المطلق بمثابة وطن للتجاوزات وحينما أكتب النص لا أعرف كيف سوف ينتهي المفارقات في الفن كثيرة، وهي تأتي “عفوا الخاطر” ولا نفتعلها على الإطلاق.
كثير من النقاد يصفونك بأنك رقم لا يُمكن تجاوزه في الشعر الغنائي… ما الذي يجعل الشاعر، في رأيك، يتحوّل من كاتب نص إلى صانع وجدان؟
“يضحك” لا يا عزيزي ربما هذه “اكليشيهات” من بعض المحبين يدافع” تعاطفهم مع العبد لله. ولكن مجمل القول إن المصداقية هي التي تمنح أي فعل إبداعي هويته وترسخ المنتوج في الوجدان بحيث يعتمد كل إنسان أن هذا المنتج كتب من أجله فقط.
أغانيك تعبر الأجيال، ويغنيها فنانون من مدارس مختلفة… كيف تفسّر استمرار صلاحية نصك عبر الزمن؟ وهل تكتب وأنت تفكر في قارئ المستقبل؟
دوما أبحث عن فكرة النص التي تساير الذائقة والخطاب اليومي للمتلقين، ولا افتعل ذلك، ولكن ذلك نابع من إحساس ضرورة تقديم تجاربي للأجيال المتلاحقة، وعلى فكرة آخر نصوصي تغنى بها إمبراطور الريقي ود الزين وهو فنان يسير بقوة لاحتلال صدارة المشهد.. النص بعنوان “درويش يا ناس درويش” ويسجل مشاهدات عالية في مواقع التواصل. ولدي عنده الكثير من النصوص ٠.
الحرب في السودان تركت جرحًا عميقًا في وجدان الناس… كيف يعبر الشعر — وشعرك تحديدًا — عن آلام الحرب؟ وهل ترى أن دور الشاعر هو المواساة، أم الشهادة، أم الاحتجاج؟
رغم أن الحرب أحدثت شرخاً من العيار الثقيل في مكونات الشعب السوداني، لكن الفعل الإبداعي المتمثل في الفن والثقافة والدبلوماسية والرياضة وجودة الحياة كل هذه المنظومة تنتمي إلى مصطلح ” القوة الناعمة) وهذه القوة أكثر تأثيرا من آلة الحرب الجهنمية، ولكن القوة الناعمة تحتاج إلى تكنيك وتقنيات ومؤثرين لإطلاقها
بعض نصوصك تبدو كأنها “شخصيات” تعيش وتتحرك داخل الأغنية… كيف تُبنى لديك الشخصية الشعرية؟ وهل تشعر أحيانًا أنها تقودك أكثر مما تقودها؟
التجارب في المطلق تصنع الفعل الإبداعي، كما أن الكتابة تكون وفق مجريات الأحداث من أحزان وهموم والنص هو الذي يقود الإنسان إلى اتجاهات مختلفة، وربما متاهات يصعب الخروج من دهاليزها.
لو قُدّر لك أن تكتب “وصية شعرية” للشعراء الشباب الذين يرثون بلادًا مثقلة بالفقد والاشتباك… ماذا تقول لهم؟
وظِفوا الشعر هذا الصيد الجميل من أجل التسامح والتصالح وتجاوز الخيبات فالفن في المطلق يرمم المشاعر، ويؤلف بين النفوس.
الوسومالسودان الشاعر عبد العال السيد الشعر الغنائي حرب الجيش والدعم السريع