الوطن:
2025-12-08@04:07:11 GMT

عادل محسن يكتب: الأمل من رحم الألم

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

عادل محسن يكتب: الأمل من رحم الألم

كان نصر أكتوبر وتحرير سيناء أعظم إنجاز للرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكانت هى أكبر الخاسرين من استشهاده، فقد كانت نصره وفخره، وكان المتوقع أن تكون فى بؤرة الاهتمام بعد التحرير رغم كل التحديات آنذاك.

وقد تولى الرئيس مبارك، رحمه الله، السلطة فى ظل ظروف سياسية معقدة وهموم اقتصادية هائلة، وبالتالى كانت سيناء جزءاً من هذه التحديات لا على رأسها، ومع ذلك استمرت الدولة فى توفير احتياجات أبناء سيناء الحياتية، ولكن كانت هناك فجوة كبيرة بين الأمور المعيشية والاحتياجات التنموية التى تحتاجها لتحارب من خلالها المثلث المرعب (الفقر والجهل والمرض)، الذى أوجد بيئة سمحت بأحداث الإرهاب التى ضربت شمال سيناء فى حرب فُرضت على أهلها ولم يختاروا زمانها ولا مكانها حتى إن تورط البعض فيها من داخلها أو خارجها من ذوى الفكر الضال.

ولأن علامات موت الأجساد تبدأ من أطرافها، وكذلك الأوطان تؤتى من حدودها، فقد خاضت مصر معركة مريرة ضد قوى الشر والإرهاب المدعومة خارجياً لإحداث القلاقل والفتن وربما لتنفيذ أحلام ومشروعات الواهمين والحالمين بانتقاص سيادة مصر على أرضها ربما لصالح المؤامرة أو التوجه لتصفية القضية الفلسطينية ولو جزئياً على حساب مصر وأرضها الطاهرة.

لقد عانت شمال سيناء وأهلها منذ ثورة 25 من يناير نتيجة للفراغ الأمنى الذى حدث بعدها، وشهد أهلها ما لا يمكن أن يوصف من قتل وتشريد وتخريب بل وتشويه بصورتها وهى التى كانت دوماً درعاً للوطن، ولم تكن أبداً خنجراً فى ظهره، ولم يرفع أبناؤها راية مطلب فئوى أو طائفى، بل قدم أهلها خلال الحرب ضد الإرهاب مع القوات المسلحة والشرطة المدنية قوافل الشهداء الأطهار، ولم تتوقف أجهزة الدولة عن تنفيذ المشروعات التى تيسر حياة المواطنين رغم هذه الصعوبات التى تواجهها الدولة فى هذه المنطقة رغم كل التضحيات والتحديات.

بدأت سيناء تستعيد بريقها وأمنها بعدما لاحت بشائر النصر ودحر الإرهاب، وسعت الدولة جادة فى استكمال تنفيذ أعمال البنية الأساسية فيها، وتتجه إلى مرحلة أخرى تستدرك فيها ما فاتها فى هذه المنطقة بمشاركة جهود أبناء سيناء فى مختلف القطاعات.

ولعل هذا هو أبرز ما صرح به السيد رئيس الوزراء من أن سيناء أغلى ما يحبه أبناء مصر، وأكد اهتمام السيد رئيس الجمهورية بالتنمية الحقيقية الشاملة، كيف لا وقد قدر سيادته همومهم وتضحياتهم.

وأكد أنها الجزء الغالى الذى لا يمكن التفريط فيه بأى حال، وأنه حريص على اتخاذ كل القرارات التى من شأنها النهوض بهذه المحافظة، ويؤكد ذلك كل هذه المشروعات من إنشاء ٢١ تجمعاً تنموياً مخططاً ومرفقاً ومنظماً بعيداً عن عشوائية فى العيش فى رفح والشيخ زويد والعريش، والتجمعات الصناعية فى وسط سيناء، وتحويل ميناء العريش إلى ميناء دولى ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وإعادة تأهيل خطوط السكة الحديد، وتنفيذ شبكات طرق على أعلى مستوى تمتد كشرايين الحياة، وكل ذلك يمهد الطريق لنقلة نوعية فى الاستثمارات فى شمال سيناء وسط تحديات الاضطراب الإقليمى والجوار غير المستقر مما نشهد اليوم فى الحرب الدائرة على قطاع غزة.

أما عن أبناء سيناء الذين يرون إطلاق هذه المرحلة من خطط التنمية لتكون سيناء درة التاج المصرى، فإنهم ولا شك ما زالوا فى شوق لتحقيق قمة إجراءات جبر الخاطر لأبنائها وهى زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى شمال سيناء، فما بعدها سيختلف بلا شك عما قبلها.

حفظ الله مصر وشعبها وسيناء وأهلها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيناء أرض الفيروز شمال سیناء

إقرأ أيضاً:

د. محمد بشاري يكتب: الإخوان بين سردية المظلومية وإكراهات التحول

هل يملك التنظيم قدرةً على البقاء بعد اهتزاز الشرعية الدولية؟
منذ الشروع في مسار تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كـ«منظمات إرهابية أجنبية» داخل الولايات المتحدة، بدا وكأن التنظيم يدخل مرحلة انعطاف حاد، لا بسبب القرار ذاته فحسب، بل لأن القرار أعاد فتح سؤالٍ أكبر ظلّ معلقًا طوال عقود: هل ما زالت الجماعة قادرة على تكييف وجودها مع حقائق الدولة الحديثة، أم أنها رهينة بنيتها الأولى التي تأسست على ثنائية الدعوة والتنظيم السري، وعلى مفهوم «الطليعة» كما رسّخه الجهاز الخاص بقيادة عبد الرحمن السند وبإشراف مباشر من المرشد المؤسس حسن البنا؟.

إن استقراء المشهد التاريخي يكشف أن الجماعة لم تتطور في خط مستقيم، بل في مسار متعرج تحكمه موجات تمدد وانكماش، وأن التحولات الكبرى في تاريخها لم تكن نتاج قرار واحد، بل حصيلة عوامل تراكمية صاغت وجدانها السياسي. فمنذ الأربعينيات، حين برزت كقوة شعبية متنامية في سياق الصراع السياسي بين القصر والقوى الوطنية ـ تارة تقف هنا وتارة هناك ـ ارتبط ذكرها بسلسلة من الأعمال العنيفة والاغتيالات، من الخازندار إلى النقراشي، ثم اغتيال البنا نفسه في سياق ثأري معقّد حاول التنظيم لاحقًا إعادة تأويله سياسيًا.

وجاءت ثورة الضباط الأحرار لتمنح الجماعة فرصة زمنية قصيرة قبل أن تعود المواجهة إلى ذروتها في حادثة المنشية 1954، التي دشنت مرحلة جديدة من الصراع المكشوف. وتعمّق الشرخ أكثر في تنظيم 1965 وما تبعه من إعدام سيد قطب، لتبدأ الجماعة مسارًا داخليًا شديد الحساسية حول العلاقة بين النص والواقع، وبين الدعوة والانقلاب، وهو النقاش الذي سيرافقها ـ بطرق مختلفة ـ حتى يومنا هذا.

وخلال عهدَي السادات ومبارك، بدا أن التنظيم يحاول العودة إلى واجهة الحياة العامة عبر العمل النقابي والبرلماني، غير أن بعض أجنحته، سواء المتصلة بالتنظيم الخاص أو المتأثرة بسيد قطب، عادت إلى ممارسة العنف، فحدثت اغتيالات وتفجيرات وعمليات مسلحة، وصولًا إلى مذبحة الأقصر 1997، التي تركت ندبة عميقة في صورة الحركات الإسلامية عمومًا. وعندما اندلعت ثورة يناير، لم تفوّت الجماعة فرصة ركوب الموجة الثورية، وبلغت السلطة عبر محمد مرسي، لكن التجربة انهارت سريعًا نتيجة أخطاء جوهرية، وضعف القدرة على بناء توافق وطني، وتآكل الثقة المجتمعية.

وفي سياق هذه التقلبات المتراكمة، بدأت دول عربية عديدة تكتشف أن التنظيم يمس أمنها القومي مسًّا مباشرًا، سواء عبر التحريض أو اختراق مؤسسات الدولة أو صناعة استقطاب مجتمعي يهدد السلم الداخلي. ولهذا، اتخذت مصر والإمارات والسعودية ودول عربية وإسلامية أخرى قرارًا واضحًا بتجريم الجماعة، بعدما تبيّن لها ـ وفق معطيات ملموسة ـ أن نشاط التنظيم تجاوز حدود الدعوة ليصل إلى تهديد بنية الدولة نفسها. وقد كان هذا التحول الإقليمي أحد أهم الخلفيات التي جعلت القرار الأمريكي في اتجاه التجريم يبدو منسجمًا مع المزاج الدولي العام لا شاذًا عنه.

وعندما صدر إعلان البدء بالإجراءات الأمريكية، ظهر الارتباك بوضوح داخل التنظيم. فهو يعيش في الوقت نفسه أزمة شرعية تنظيمية بسبب الانقسام بين جبهتَي لندن وإسطنبول، وأزمة هوية فكرية بعد سقوط مشروعه السياسي في مصر، وأزمة نفوذ دولي بعد تراجع الحاضنة الغربية التي احتضنته منذ السبعينيات. 

وقد حاولت الجماعة استعادة خطاب «المظلومية» وتحريك شبكاتها الإعلامية والحقوقية في أوروبا، لكن اللحظة الدولية تبدلت: فقد ظهرت ملفات مالية وتنظيمية ذات صلة بجماعات متطرفة، وبدأت دول غربية تعيد تقييم علاقتها بالإسلام السياسي، ما جعل أدوات التأثير القديمة غير قادرة على أداء وظائفها السابقة.
في ضوء هذا التحول، تبدو الجماعة مقبلة على مفترق طرق. 

فإما أن تعيد صياغة خطابها بما يسمح لها بالاندماج في المجال الاجتماعي بعيدًا عن الطموحات السياسية المباشرة، وإما أن تنزلق إلى مزيد من الانغلاق الأيديولوجي ومراكمة التبريرات، وهو خيار يُعمّق الانقسامات الداخلية ويجعل التنظيم أكثر هشاشة. وقد ظهرت بالفعل بوادر توجهات راديكالية داخل بعض الأجنحة (تيار الكماليين)، مقابل تمسك قيادات أخرى ببراغماتية تنظيمية تهدف إلى احتواء الصدمة والحفاظ على الخيط الأخير الذي يربط الجماعة بفضاء العمل العام (تيار حلمي الجزار).

لكن السؤال الأكبر يتجاوز مستقبل الجماعة إلى مستقبل الإسلام السياسي نفسه. فالقرار الأمريكي ـ وإن كان موجّهًا إلى تنظيم الإخوان مباشرة ـ إلا أنه يعيد طرح سؤال جوهري حول قدرة التيار بكامله على إنتاج مشروع سياسي يتوافق مع منطق الدولة الحديثة. فقد أثبتت التجارب أن المجتمعات العربية التي عانت كثيرًا من الاستقطاب السياسي أصبحت أكثر حساسية تجاه أي مشروع يوظف الدين في المجال السياسي، وأن قدرة هذا التيار على الاستمرار باتت مرتبطة بقدرته على الفصل الصارم بين الديني والسياسي، وبناء خطاب وطني جامع لا يقوم على التمييز بين «جماعة» و«مجتمع».


وهكذا، تدخل الجماعة مرحلة تاريخية فارقة: مرحلة يتراجع فيها تأثيرها الاجتماعي والسياسي ليس بفعل الضغوط الأمنية فحسب، بل بفعل انهيار الحواضن الفكرية والنفسية التي كانت تمدّها بشرعية ممتدة. 

إن المشهد الإقليمي يتحرك بسرعة غير مسبوقة، والتوازنات التي تأسس عليها وجود التنظيم منذ منتصف القرن الماضي لم تعد قائمة، والفاعلون الجدد في المنطقة لا ينظرون بعين الود إلى أي حركة عابرة للحدود تتجاوز منطق الدولة الوطنية.


في هذا المفصل التاريخي، يبدو أن السؤال الجوهري الذي يجب طرحه ليس: «كيف ستواجه الجماعة القرار؟» بل: هل تملك الجماعة أصلًا ما يكفي من المرونة لإعادة تعريف ذاتها؟ وهل يمكن لتيار بُني على منطق التنظيم السري أن يتحول إلى مكوّن مدني شفاف يخضع لمعايير الدولة الحديثة؟ أم أن البنية العميقة للتنظيم تجعل هذا التحول غير ممكن؟.

أسئلةٌ مفتوحة على تعدد التأويلات، لكنها تبقى ضرورية لفهم ما إذا كانت هذه اللحظة هي مجرد أزمة عابرة، أم بداية النهاية لتاريخ طويل من الحضور الإخواني في المنطقة.

طباعة شارك الاخوان جماعة الإخوان مقالات صدى البلد محمد بشاري مصر

مقالات مشابهة

  • د. عادل القليعي يكتب: ولكم فى التفكر حياة يا أولي الألباب
  • تعلن محكمة شمال الأمانة بأن على/ مروان محسن غانم الحضور إلى المحكمة
  • هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء
  • دفتر أحوال وطن «352»
  • الإفتاء تواصل حضورها الدعوي في شمال سيناء.. مجالس إفتائية وحوارات مع الأهالي
  • د. محمد بشاري يكتب: الإخوان بين سردية المظلومية وإكراهات التحول
  • دار الإفتاء تواصل قوافلها الإفتائية إلى شمال سيناء لنشر الفكر المستنير
  • الموسيقار عادل حقي يكشف أسرار حياته الشخصية مع زوجته الأولى والثانية (تفاصيل)
  • د. شعيب خلف: سيناء خط الدفاع الأول.. و"أهل مصر" يرسخ الدمج الثقافي بين أطراف الوطن
  • فوز منتخب البحيرة لكرة اليد علي منتخب شمال سيناء