لماذا لا تفتح لك الأبواب في الدنيا؟.. خطيب المسجد الحرام: لـ3 أسباب
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
قال الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام : اعلموا أن بعض الأبواب لم تفتح لكم لأنها ليست لكم، وما قسم لكم فهو خير لكم، وإن كان مؤلماً، وكونوا رحمكم الله ممن يتغاضى ويتراضى، ولا تكونوا ممن يحقق ويدقق.
لماذا لا تفتح لك الأبوابوأوضح " بن حميد " خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة ، أن الدنيا دار ممر لا دار مقر، وخيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، ومن أطعم الطعام ورد السلام، وخير الناس أنفعهم للناس، وإذا تنازع في الفؤاد أمران فأعمدوا للأعف الأجمل، منوهًا بأن أعظم نعم الله وأجلها توفيقه عبده للإيمان، وما يورثه هذا الإيمان من طمأنينة في النفس، وسكينة في القلب.
وأضاف أنه قد استشعر السلف من الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم هذه النعمة العظيمة، وعبروا عن مقدار حفاوتهم ورضاهم بها، فعن معاوية بن قرة أن سالم بن عبدالله حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال "ما فرحت بشيء من الإسلام أشدَّ فرحًا بأن قلبي لم يدخله شيء من هذه الأهواء"، أي الشبهات والانحرافات.
واستشهد بما قال أبو العالية رحمه الله: "ما أدري أي الغنيمتين علي أعظم؛ إذ أخرجني الله من الشرك إلى الإسلام، أو عصمني في الإسلام أن يكون لي فيه هوى، يعني: شبهة أو شك"، مضيفًا: بأنهم كانوا أشدَّ تحوطًا لدينهم، وفرارِهم من الشبهات والمشتبهات والإشكالات.
وأشار إلى أنه جاء رجل إلى الحسن فقال: يا أبا سعيد: تعال أخاصمْك في الدين؟؛ يعني أجادْلك وأحاورْك، فقال الحسن: أما أنا فقد أبصرت ديني، فإن كنت أضللت دينك فالتمسه؛ أي ابحث عنه، كما دخل رجلان من أهل الأهواء، أي أهل الجدل والمراء، وإثارة الشبهات على محمد بن سيرين فقالا: يا أبا بكر نُحدثك بحديث ؟ قال: لا. قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله، قال: لا. قال: تقومان عني وإلا قمت، فقام الرجلان فخرجا، فقال بعض القوم: ما كان عليك أن يقرآ آية ؟ قال: إني كرهت أن يقرآ آية فَيحرِّفانها فَيَقِرَّ ذلك في قلبي.
ليس لضعف في الدينونبه الشباب، إلى أنه ليس هذا التحوطُ والفرارُ من الشُّبَه لضعف في الدين، أو ضعفٍ في التصور، أو ضعفٍ في الحجة – حاشا وكلا -، بل صحةُ التصور عند هؤلاء السلف رحمهم الله مبنيةٌ على حجج وبراهين، ومعرفةٍ للحق في كل الثوابت الشرعية، ولكن لا مصلحة من الاستماع إلى شيء من الباطل، حيث قد قال مالك بن أنس رحمه الله: "الداء العضال: التنقل في الدين، أي: الاضطراب وعدم الاستقرار"، فالسلامة لدين المرء - أيها الشباب - البعدُ عن هذه الموارد، أما البروز لكل شبهة، أو الدخول في كل إشكال فعرضة لكثير من الزلل والخطأ والخطل، والاضطراب والقلق.
وأفاد بأنه يقول عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل؛ يعني أنه يضطرب، ولا يستقر على حال، ومن أكل الطعام الفاسد، أو المسموم سوف يمرض، أو يموت، وكذلك شأن الأفكار على العقول والقلوب"، مؤكداً بقوله أن: الميدان الأكبر لإثارة الشبهات، وبثِّها، واستقبالهِا، ونشرِها، والخوض فيها هو كثير من شبكات التواصل.
وتابع: احذروا هذه المواقع المشبوه، وميزوا بين السمين النافع، والغث الذي لا نفع فيه، فقد هلك فيها خلق كثير، فإياكم أن تحكموا على ما ترون، أو تسمعون من هذه الشبكات والمواقع، فخلفها صور زائفة وادعاءات كاذبة، وكلمات منمقة، وواقع كريه، يدَّعون النصح وهم الكذَّابون، ويزعمون الإخلاص وهم المخادعون، في كثير منها متابعٌة لما لا ينفع، واطلاعٌ على ما لا يفيد.
واستطرد: فيا معاشر الشباب إن القلب المنهمك في مطالعة الكتب، وتصفح المواقع المتضمنة للتصورات الفاسدة، والتشكيكات المضلة، يكون عرضة لتشرب هذه المفاهيم المنحرفة، واسمعوا نصيحة شيخ الإسلام ابن تيمية لتلميذه ابن القيم رحمهما الله يقول: "لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثلَ السِّفنجة، فيتشربها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشْرَبتَ قلبَك كلَّ شبهة تمر عليك صار مقرًّا للشبهات " انتهى كلامه رحمه الله.
يا معاشر الشبابوأوصى بضرورة العناية بمصادر التلقي، من أجل الوصول إلى المعلومات الصحيحة، والحقائق الثابتة، وضبط العلاقة بين العقل والنقل، والتفريق بين خبر المعصوم، وخبر غير المعصوم، منوهًا بأن المعصوم هو الذي لا يصدر عنه خطأ، وهذا هو خبر الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، والسنة الصحيحة الثابتة ممن لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام إن هو إلا وحي يوحى، وإجماع الأمة الثابت.
واستطرد: "وأما ما عدا ذلك فهي مصادر محترمة يستفاد منها، وفيها خير كثير، ولكنها ليست معصومة مهما بلغ صاحبها من المنزلة العلمية، والإمامة في العلم، والدين"، ويقول الشيخ السعدي رحمه الله: "من الناس من هو ضعيف الإيمان لم يدخل الإيمان قلبه، ولم تخالطه بشاشته، بل دخل فيه إما خوفاً، وإما عادة على وجه لا يثبت عند المحن.
واستند إلى قول الله تعالى {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} أي: إن استمر رزقه رغداً، ولم يحصل له من المكاره شيء، اطمأن بذلك الخير، لا بإيمانه، فهذا ربما أن الله يعافيه، ولا يقيض له من الفتن ما ينصرف به عن دينه: {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ} من حصول مكروه، أو زوال محبوب: {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} أي: ارتد عن دينه: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ}.
ولفت إلى أن في الدنيا، فإنه لا يحصل له بالردة ما أمله الذي جعل الردة رأسا لماله، وعوضاً عما يظن إدراكه، فخاب سعيه، ولم يحصل له إلا ما قسم له، وأما الآخرة: فظاهر، حُرِم الجنة التي عرضها السماوات والأرض، واستحق النار: {ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} أي: "الواضح البين"، وإلا فاتقوا الله رحمكم الله، وتأملوا ما يقوله ابن القيم رحمه الله: إن في القلب فاقة، وفراغاً، وحاجة لا يسدها شيء سوى الله تعالى، وإن في القلب شعثًا لا يلمه إلا الإقبال عليه سبحانه، وفيه مرض لا يشفيه غير الإخلاصِ له، وعبادتِه وحده لا شريك له، فالقلب دائماً يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، وحينئذ يذوق طعم الحياة، ويصير له حياة غير حياة الغافلين المعرضين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطيب المسجد الحرام إمام و خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام رحمه الله
إقرأ أيضاً:
«شؤون الحرمين» تدعو قاصدي المسجد الحرام الالتزام بالإرشادات الصحية للحفاظ على سلامتهم
دعت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي قاصدي المسجد الحرام إلى الالتزام بإرشادات الوقاية الصحية من أجل صحتهم وسلامتهم.
وأكّدت أهمية ارتداء الكمامة، واستخدام المعقمات بشكل دوري، وغسل اليدين بالماء والصابون بشكل منتظم، واستخدام الأدوات الشخصية وتجنب مشاركتها مع الآخرين، إضافة إلى شرب كميات كافية من الماء لتفادي الجفاف.
وشددت الهيئة على تجنب التزاحم عند الدخول والخروج من المسجد الحرام، مهيبة بضيوف الرحمن من القاصدين التوجه إلى أقرب مركز صحي عند الشعور بأي عارض صحي، ورمي النفايات في الأماكن المخصصة لضمان بيئة تعبدية آمنة.
وأبانت أن قاصدي المسجد الحرام يحظون بتقديم الرعاية الصحية على مدار (24) ساعة طوال أيام الأسبوع من خلال ثلاثة مراكز للطوارئ بالمسجد الحرام، يقوم على تشغيلها تجمع مكة المكرمة الصحي.
ويقع مركز طوارئ الحرم رقم (1) بالدور الأول بتوسعة الملك فهد، ومركز طوارئ الحرم (3) بالرواق السعودي باب الصفا سابقًا (جوار مصلى الجنائز)، ومركز طوارئ الحرم رقم (4) بالرواق السعودي الدور الأول بجوار جسر أجياد.
ويباشر التجمع، في إطار دوره التكاملي وبالتعاون مع الهيئة العامة للعناية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، تقديم الرعاية الأولية والصحية والتوعوية لضيوف الرحمن، بما يحقق الإسهام في توفير خدمات صحية عالية الجودة لقاصدي بيت الله الحرام.
ويأتي ذلك انطلاقًا من حرص الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على صحة وسلامة ضيوف الرحمن، وفقًا لتوجيهات القيادة الرشيدة -أيدها الله- في تقديم جميع الخدمات والتسهيلات لضيوف الرحمن ليؤدوا مناسكهم بكل راحة واطمئنان.
المسجد النبويأخبار السعوديةأهم الأخبارالهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرامإرشادات الوقاية الصحيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.