مراقبون أميركيون تحدثوا للجزيرة نت.. هل هز تمرد فاغنر مكانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟
تاريخ النشر: 29th, June 2023 GMT
واشنطن- فشل تمرد قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين، وبقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السلطة، ومع ذلك يقول البعض إن مكانة الرئيس تآكلت، ويتساءلون عما سيحدث بعد ذلك في روسيا.
ويرى مراقبون أميركيون أن ما حدث يعد بداية نهاية لعهد بوتين، في حين لا يتفق معهم آخرون في هذا التقييم، لكن هناك إجماعا بين الطرفين على أن ما ستشهده روسيا عقب محاولة تمرد فاغنر لن يكون جيدا، وسيختلف عما عرفته من قبل.
وكان بريغوجين أمر قواته بالتحرك من أوكرانيا إلى داخل روسيا بعد اتهامه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بإصدار أوامر بقصف قوات فاغنر داخل الأراضي الأوكرانية، وانتهت الأزمة بتدخل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بعقد صفقة قبلتها جميع الأطراف.
وفي الوقت الذي لا يجمع فيه معلقو السياسة الخارجية في واشنطن على أن تمرد بريغوجين يدل على اهتزاز حكم بوتين، أشار الكاتب بمجلة "نيويوركر" ماشا غيسن إلى أن محاولة التمرد قدمت للشعب الروسي شيئا لم يتذوقه منذ وقت طويل، ألا وهو السياسة.
وكتب غيسن أن "الروس رأوا شيئا غير عادي نهاية الأسبوع الماضي، لقد شاهدوا صراعا سياسيا حقيقيا، ورأوا شخصا آخر غير بوتين يتصرف سياسيا، والأهم من ذلك أنه يمارس القوة، وعلى الرغم من أنه على المدى القصير قد يبدو الأمر كما لو أن بوتين نجا من محاولة الانقلاب العرضية لبريغوجين فإن شيئا ما قد تغير في روسيا".
موقف صعبورأى بعض المراقبين في واشنطن أنه يصعب على بوتين تصوير بريغوجين على أنه دخيل أو عدو خارجي مثل حالة الشيشان في تسعينيات القرن العشرين، أو بالطريقة التي صورت بها روسيا الأوكرانيين أو الغرب على نطاق أوسع.
فبريغوجين هو صنيعة بوتين بالكامل، وهو مدين في كل ما حققه للرئيس الروسي، ومع ذلك فشل بوتين في إخضاعه عندما بدأ التصعيد قبل عدة أشهر؛ في تطور غير مسبوق إلى حد كبير في روسيا الحديثة.
وقال المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني بواشنطن ديفيد دي روش للجزيرة نت "هذه فوضى حقيقية، لقد قال مكيافيلي في القرن 16 إن المرتزقة لا يمكن الاعتماد عليهم بطبيعتهم، رغم أنك قد تحصل على مكاسب قصيرة الأجل منهم، لقد أثبتت الأحداث في روسيا حكمته".
وأضاف روش "لا أستطيع القول بشكل خاص إن تبعات هذا التمرد قد انتهت؛ لا أعتقد أن بوتين يمكن أن يبقى زعيما ما دام بريغوجين لم يحاكم على قيادته التمرد".
وتابع "لقد قتلت قوات فاغنر ما لا يقل عن 13 طيارا في سلاح الجو الروسي، وأسقطت 7 طائرات روسية، منها طائرة قيادة وتحكم محمولة جوا ذات قيمة خاصة، لا أستطيع أن أرى كيف يمكن لوزارة الدفاع الروسية أن تغض الطرف عن ذلك وتنساه، معربا عن اعتقاده بأن قصة فاغنر قد توقفت مؤقتا، وسيكون الفصل التالي دمويا بشكل خاص".
من جانبه، قال خبير الشؤون الروسية بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية نايجل غولد ديفيز إن هناك شعورا بشيء يشبه الذعر في موسكو الآن، هذه أزمة غير مسبوقة لرئاسة بوتين، وهناك سؤال لا نملك إجابة عليه الآن: لو بقي بوتين في السلطة على المدى القصير فهل يستطيع البقاء رئيسا على المدى الطويل؟
بوتين لم يضعفواختلف تقييم الخبير الاستخباراتي الأميركي جوناثان أكوف من قسم دراسات الاستخبارات والأمن القومي بجامعة كارولينا الساحلية، الذي عمل في السابق محللا عسكريا في المكتب الوطني للبحوث الآسيوية؛ عن الرأي السائد في أعمدة أهم الصحف الأميركية، مثل وول ستريت جورنال، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، إذ لا يعتقد أن الرئيس بوتين قد ضعف بشكل كبير بسبب محاولة الانقلاب.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال أكوف "كان من المرجح أن يتم عزل بريغوجين أو سجنه أو قتله قبل محاولة الانقلاب، كان وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف انتصرا بالفعل حين طلب بوتين من جميع المتعاقدين الروس الخضوع لسيطرة وزارة الدفاع، وكان من شأن ذلك أن يضع بريغوجين تحت قيادة خصمه شويغو.
وأعرب عن اعتقاده بأن بريغوجين تصرف في محاولة عبثية لتغيير تلك النتيجة، وأنه فشله مع نشر القليل من الأصول العسكرية الروسية ضده، وعدم انشقاق أي منها علامة على أن بوتين لن يذهب إلى أي مكان.
على أميركا أن تبقى متيقظةوكتبت ليانا فيكس ومايكل كيماج في مجلة فورين أفيرز أن "ما سيتبع محاولة التمرد تلك سيكون بداية محاولة الرئيس بوتين لإنهاء حالة عدم اليقين وإعادة الأمور إلى طبيعتها، ولكن أيضا مع الإذلال الذي تعرض له للتو من المرجح أن يجنح نحو الانتقام".
في الوقت ذاته، طالب الكاتبان الولايات المتحدة وحلفاءها باليقظة والعمل على تخفيف عواقب أي عدم استقرار حقيقي في روسيا والاستعداد لمواجهة جميع السيناريوهات.
وكرر الكاتبان ضرورة "أن يسعى الغرب إلى الشفافية بشأن السيطرة على الأسلحة النووية الروسية، خاصة مع أنه من غير المرجح أن يبقى عدم الاستقرار في موسكو داخل حدود روسيا، إذ يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء المنطقة؛ من أرمينيا إلى بيلاروسيا".
ويشير كيماج وفيكس إلى أنه إذا خسر بوتين السلطة، فإن من سيخلفه قد يكون أكثر عدوانية وقومية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بوتين متحدياً الضغوط الأميركية بعد لقاء مودي: نفط روسيا سيصل إلى الهند بلا انقطاع
تتعرض نيودلهي منذ أشهر لضغوط من الولايات المتحدة التي تتهمها بالمساهمة في تمويل المجهود الحربي الروسي من خلال شراء النفط الخام بأسعار مخفضة.
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أنّ بلاده ستواصل تزويد الهند بالنفط رغم العقوبات الأميركية المفروضة على نيودلهي بذريعة أنّ واردات النفط الروسية تُسهم في تمويل الحرب في أوكرانيا.
وقال بوتين خلال لقائه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إنّ "روسيا مزوّد موثوق للنفط والغاز والفحم وكل ما يلزم لتطوير الطاقة في الهند"، مضيفاً أمام الصحافيين عقب الاجتماع: "نحن مستعدون لمواصلة توريد النفط دون انقطاع لاقتصاد الهند سريع النمو".
ومن دون الإشارة مباشرة إلى النفط الروسي، شكر مودي ضيفه على ما وصفه بـ"الدعم الراسخ للهند"، مؤكداً أن "أمن الطاقة ركيزة أساسية وقوية" في الشراكة بين البلدين.
ضغوط أميركية وتصعيد تجاريوتتعرض نيودلهي منذ أشهر لضغوط من الولايات المتحدة التي تتهمها بالمساهمة في تمويل المجهود الحربي الروسي من خلال شراء النفط الخام بأسعار مخفضة.
وفي نهاية أغسطس، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية إضافية بنسبة 50% على الصادرات الهندية بالتزامن مع مفاوضات تجري حول اتفاقية تبادل حر.
وأكد ترامب لاحقاً أنه حصل على تعهد من مودي بوقف واردات النفط الروسي، والتي تشكّل 36% من إجمالي النفط المكرر في الهند.
وأظهرت بيانات منصة "كبلر" Kpler تراجعاً في مشتريات الهند من النفط الروسي، رغم عدم صدور أي تأكيد رسمي من نيودلهي. كما أعلنت مجموعات هندية عدة تنويهاً بالتوقف عن الاعتماد على الواردات من موسكو.
Related "إس-400" في مقدّمة الملفات.. بوتين يزور نيودلهي لتعزيز الشراكة الروسية-الهندية وسط ضغوط أمريكيةبسجاد أحمر وعشاء خاصّ.. مودي يستقبل بوتين قبل انطلاق القمة الروسية - الهنديةواشنطن تمنح الهند ستة أشهر إضافية لتسوية استثماراتها في ميناء جابهار الإيراني قبل سريان العقوبات حفاوة استقبال ورسائل سياسيةواستقبل مودي الرئيس الروسي شخصياً مساء الخميس في مطار نيودلهي، قبل أن يستضيفه على مأدبة عشاء خاصة، ومنذ بداية الزيارة، تبادل الجانبان عبارات المديح، مؤكدين على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.
ووصف مودي ضيفه بـ"الصديق الحقيقي"، معبّراً عن تفاؤله بإمكان التوصل إلى تسوية للنزاع في أوكرانيا، قائلاً: "علينا جميعاً العودة إلى طريق السلام".
وكتب مودي في منشور على منصة X، باللغتين الإنجليزية والروسية: "سعيد بترحيب صديقي الرئيس بوتين في الهند. أتطلع إلى محادثاتنا هذا المساء وغدًا. صداقة الهند وروسيا صداقة راسخة عبر الزمن وقد أفادت شعبينا كثيرًا".
ورحب بوتين بـ"جهود الهند الرامية إلى إيجاد تسوية"، مشيداً بـ"العلاقات العميقة تاريخياً" و"الثقة الكبيرة في التعاون العسكري والتقني" بين البلدين.
ويعمل الجانبان على إعادة التوازن إلى المبادلات التجارية الروسية الهندية التي بلغت مستوى قياسياً وصل إلى حوالي 68.7 مليار دولار خلال 2024-2025.
وتجنّبت الهند حتى الآن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا صراحةً، مع حفاظها في الوقت نفسه على علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة.
وكان مودي قد عبّر للمرة الأولى عن موقفه خلال لقاء مع بوتين عام 2022 في أوزبكستان عندما دعا إلى وقف الحرب "في أسرع وقت ممكن". كما أكد لاحقاً تمسكه بنظام عالمي "متعدد الأقطاب"، رغم ضغوط الغرب لعدم التعامل مع موسكو.
صفقات أسلحة مرتقبةومن المتوقع أن تُعلن، عقب المحادثات، اتفاقات جديدة بين الهند وروسيا خصوصاً في مجال التسليح.
ورغم توجه نيودلهي مؤخراً نحو موردين آخرين مثل فرنسا، وتفضيلها الأسلحة المصنعة محلياً، تبقى موسكو من أبرز مزوديها.
وأبدت الهند، بعد اشتباكات مايو مع باكستان، اهتماماً بشراء أنظمة دفاع جوي روسية متقدمة من طراز إس-400. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن هذا الملف سيُبحث خلال الزيارة. كما كشفت الصحافة الهندية عن رغبة الجيش الهندي في الحصول على مقاتلات سوخوي-57.
ومن المقرر أن يعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى موسكو مساء الجمعة، مختتماً زيارة حملت رسائل سياسية واقتصادية واضحة حول متانة الشراكة الروسية – الهندية رغم التوترات الدولية.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة