في فترة قبل الحرب، كان مبنى مركز الجالية اليهودية في قلب مدينة لارنكا بقبرص يحتضن الزوار القادمين عادة للصلاة أو الاستمتاع بطعام الكوشر الذي يقدمه المركز والراغبين في التعرف على تاريخ معسكرات اعتقال اليهود الفارين من أوروبا، خلال الفترة التي أعقبت الهولوكوست. 

لكن في الأيام الأخيرة، وباعتباره مقصدا لآلاف الفارين من إسرائيل في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر، دخل المركز في "وضع أزمة"، وفقا لصحيفة الغارديان التي تكشف أن ممراته وباقي مرافقه تعج  بالأشخاص الذين هربوا إلى الجزيرة القريبة من إسرائيل.

"بعيدا عن الضجيج والصواريخ"

يقول، آري زئيف راسكين، كبير حاخامات الجزيرة، في مكتبه بالمركز: "يصل حوالي ألف شخص كل يوم"، مضيفا أن أكثر من 16 شخص وصل إلى قبرص بحثًا عن راحة البال منذ ذلك اليوم الرهيب"، في إشارة إلى تاريخ 7 أكتوبر.

ويضيف بين الواصلين "أمهات، وأطفال مصابون بصدمات نفسية، وأشخاص لا يستطيعون تحمل صوت الصواريخ التي تنفجر كل يوم.. نحن نقدم لهم كل ما في وسعنا، سواء كان سريرا أو طعامًا أو سكنًا مؤقتًا".

ومع مرور أكثر من شهر على اندلاع الصراع، تشير الغارديان إلى أن أعدادا متزايدة من العائلات تصل إلى قبرص، "خوفا  من الانتقام" في أعقاب الهجوم المضاد الذي شنته القوات الإسرائيلية على غزة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة 11 ألفا و180 قتيلا، بينهم 4609 أطفال، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الأحد.

يقول يسرائيل بيرتز، البالغ من العمر 23 عاما: "كنا بحاجة إلى الابتعاد عن كل هذا الضجيج والصواريخ والقتال، لذلك سافرت أنا وأصدقائي لقضاء خمسة أيام في أيا نابا، المنتجع الواقع في جنوب الجزيرة".

وبينما كان ينتظر رحلة العودة إلى بلاده في مطار لارنكا، يقول: "نحن نشعر بالأمان هنا".

"ملاذ آمن"

وأوضحت الغارديان أن الحركية التي عرفتها قبرص في الأسابيع الأخيرة، لم تكن مرتبطة فقط بقدوم الإسرائيليين الفارين من الحرب، بل أيضا بنشاط السفارات الغربية التي كانت في "حالة طوارئ"، تحسبا لتحول الجزيرة المتوسطية الاستراتيجية مرة أخرى إلى مركز للإخلاء أو لتوزيع المساعدات الإنسانية.

وذكرت الصحيفة البريطانية أنه في عام 2006، كانت الدولة العضو الاتحاد الأوروبي، بمثابة نقطة عبور لأكثر من 30 ألف مواطن أجنبي فارين من الحرب في لبنان، وهو الدور الذي لعبته أيضا عندما تم نقل الآلاف من حاملي جوازات السفر البريطانية جوا من السودان إلى البلاد، في وقت سابق من هذا العام.

وأثار وزير الخارجية، كونستانتينوس كومبوس، شبح إجلاء أكثر من 100 ألف شخص إلى قبرص من لبنان وأجزاء أخرى من المنطقة، في حال تصاعد النزاع.

تم وضع القوات الجوية الخاصة البريطانية وقوات أخرى من ألمانيا وهولندا على أهبة الاستعداد في القواعد العسكرية التي تحافظ عليها المملكة المتحدة في مستعمرتها السابقة.

وقال أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة نيقوسيا، هيوبرت فاوستمان، لقد أثبتت قبرص أنها "ملاذ آمن، ومركز العاصفة عندما تشتعل النيران بالمنطقة".

وسبق أن اقترح الرئيس القبرصي فتح ممر بحري للمساعدة في تعزيز توصيل المساعدات إلى غزة، في خطة قال إنه يمكن تنفيذها سريعا، لكن دبلوماسيين قالوا إنها تواجه تحديات، فقا لرويزرت.

وبموجب الخطة التي قدمها الرئيس نيكوس خريستودوليدس، في مؤتمر للمساعدات الإنسانية في باريس، تنتقل المساعدات بحرا إلى غزة عن جزيرة قبرص، وهي أقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وتقع على بعد نحو 370 كيلومترا في البحر المتوسط.

وتستهدف الخطة تعزيز القدرة على إيصال الإغاثة الإنسانية لقطاع غزة بما يتجاوز عمليات التوصيل المحدودة عبر معبر رفح بين مصر والقطاع الفلسطيني منذ أن بدأت إسرائيل هجومها الجوي والبري على غزة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

رئيس لجنة كسر الحصار: هجوم إسرائيل على مادلين قرصنة وإرهاب دولة

إسطنبول- عبّر رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة زاهر البيراوي، عن إدانته الشديدة لاقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي سفينة "مادلين" المتجهة إلى قطاع غزة المحاصر، واصفا ما جرى بأنه "قرصنة بحرية مكتملة الأركان وإرهاب دولة، وانتهاك صارخ للقانون الدولي".

وفي حديث خاص للجزيرة نت، قال البيراوي إن "دولة الاحتلال تحاول الترويج لصورة إنسانية زائفة في تعاملها مع النشطاء الدوليين، بينما لا تزال صور شهداء الحركة التضامنية ماثلة في الذاكرة، مثل راشيل كوري وتوم هرندال وجيمس ميلر، الذين دفعوا حياتهم دفاعا عن الشعب الفلسطيني".

وكوري وهرندال وميلر هم 3 شخصيات غربية بارزة قتلوا في فلسطين أثناء تضامنهم مع الشعب الفلسطيني عامي 2003 و2004، وأصبحوا رموزا دولية للمقاومة المدنية والنضال من أجل حقوق الإنسان.

البيراوي: الغموض ما زال يلف مكان احتجاز المتضامنين الدوليين المختطفين (الجزيرة) مصير المتضامنين

وأوضح البيراوي أن اللجنة الدولية تتابع مصير المتضامنين الدوليين الذين اختطفتهم قوات الكوماندوز الإسرائيلية، معربا عن أمله في أن يكونوا بخير، وأضاف أن هناك توقعات ببدء إجراءات ترحيلهم إلى بلدانهم اليوم، إلا أن الغموض ما زال يلف مكان احتجازهم.

وأشار البيراوي إلى أن محامي اللجنة بدؤوا بالفعل باتخاذ الإجراءات القانونية المعتادة في مثل هذه الحالات، لكنهم أُبلغوا بأن المعلومات المتعلقة بمكان الاحتجاز "سرّية"، مرجحا أن يكون النشطاء محتجزين في ميناء أسدود.

وأضاف أن الفريق القانوني التابع لمؤسسة "عدالة" يتواجد حاليا بالقرب من مركز احتجاز في الرملة، وهو ذات المركز الذي احتُجز فيه متطوعو أسطول الحرية في مرات سابقة، ويعمل الفريق على التحقق من مكان وجود النشطاء الاثني عشر الذين كانوا على متن السفينة.

إعلان

كما كشف البيراوي عن أن مؤسسة "عدالة" تواصلت مع الجهات العسكرية الإسرائيلية عدة مرات منذ منتصف الليل، لكنها لم تتلق أي رد رسمي حتى الآن. وأوضح أن اللجنة أجرت اتصالات بعدد من سفارات الدول التي ينتمي إليها المتضامنون المعتقلون، وقد أبلغ بعض ممثلي هذه السفارات بأنهم يتابعون الموقف ويتواصلون مع الخارجية الإسرائيلية في انتظار معلومات مؤكدة.

وختم البيراوي بالإشارة إلى أن السفارة الإسبانية أبلغت أحد أفراد عائلة ناشط إسباني معتقل بأن المتضامنين محتجزون في ميناء أسدود، مؤكدا أن اللجنة قامت بتحديث عائلات المعتقلين بكل المعلومات المتاحة حتى الآن.

مساعدات رمزية

كان ائتلاف أسطول الحرية قد أعلن، فجر اليوم، انقطاع الاتصال مع سفينة "مادلين" التي كانت متجهة إلى غزة، محمّلة بشحنة من المساعدات الإنسانية الرمزية، بعد أن اقتحمتها قوات البحرية الإسرائيلية في عرض البحر واقتادتها إلى ميناء أسدود، محتجزة جميع من كانوا على متنها من نشطاء وصحفيين دوليين.

وفي المقابل، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن وحدة كوماندوز بحرية نفذت عملية "السيطرة على السفينة" واقتادتها إلى أسدود، مشيرة إلى أنه تم التحقق من هويات الركاب تمهيدا لاستجوابهم في قاعدة بحرية.

أما وزارة الخارجية الإسرائيلية، فقد أكدت في بيان رسمي أن "جميع من كانوا على متن السفينة بخير"، مشيرة إلى أنهم سيعادون إلى بلدانهم بعد استكمال الإجراءات، وسخرت الوزارة من الرحلة، ووصفت السفينة بـ"يخت السيلفي للمشاهير".

وأبحرت السفينة البريطانية "مادلين" مطلع يونيو/حزيران الجاري من ميناء كاتانيا الإيطالي، في مهمة رمزية تهدف إلى كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، وتحمل على متنها 12 ناشطا من جنسيات متعددة، إلى جانب مساعدات إنسانية تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية.

إعلان

وأُطلق على السفينة اسم "مادلين" تكريما لأول فتاة فلسطينية احترفت صيد الأسماك في غزة، والتي فقدت والدها خلال العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتصبح رمزا للصمود الإنساني في وجه الحصار.

إدانة أممية

في السياق ذاته، أدانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في فلسطين الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على غزة، معتبرة اعتراض السفن المدنية في المياه الدولية انتهاكا غير مشروع للقانون الدولي، ما لم تكن هناك تهديدات أمنية مثبتة.

وأكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، أن السفينة لم تشكل أي تهديد أمني، وأن طاقمها أوضح للجنود الإسرائيليين أنهم يحملون مساعدات إنسانية فقط، وأنهم على استعداد للمغادرة دون أي مواجهة.

وشددت ألبانيزي على أن إسرائيل لا تملك أي صلاحية قانونية لاعتراض السفينة في المياه الدولية، وأن ذلك يشكل انتهاكا واضحا للمواثيق الدولية.

ويُذكر أن الحادثة تأتي بعد نحو شهر من محاولة مشابهة تعرضت فيها سفينة "كونشينس" (الضمير) التابعة لتحالف أسطول الحرية لهجوم بطائرتين مسيرتين في المياه الدولية قرب مالطا في 2 مايو/أيار الماضي، مما أدى إلى أضرار جسيمة بمقدمة السفينة دون وقوع إصابات.

مقالات مشابهة

  • هل تصبح ثماني دول صغيرة ركيزة أوروبا ؟
  • ما هي فصائل السلام التي شكلتها بريطانيا لقمع ثورة الفلسطينيين؟
  • «إنفستوبيا العالمية» تُطلق حوارات الاقتصاد الجديد في قبرص
  • مظاهرات في برلين احتجاجاً على هجوم “إسرائيل” على سفينة “مادلين”
  • إسرائيل ستجبر نشطاء مادلين على مشاهدة لقطات من هجوم 7 أكتوبر
  • رئيس لجنة كسر الحصار: هجوم إسرائيل على مادلين قرصنة وإرهاب دولة
  • عاجل.. وقفات احتجاجية في لندن وبرلين دعما للسفينة مادلين التي احتجزتها إسرائيل
  • إسرائيل تُسكت “مادلين”.. السفينة التي حملت ما تبقى من إنسانية
  • استطلاع للرأي: 61٪؜ من الإسرائيليين يدعمون صفقة مع حماس تنهي الحرب
  • استطلاع رأي: 61% من الإسرائيليين يؤيدون صفقة "شاملة" مقابل وقف الحرب