بين الانتصار والهزيمة تدور عملية التاريخ
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
القضية الفلسطينية عميقة فى التاريخ، وهى من القضايا العربية المستمرة منذ ظهورها للمرة الأولى فى عام 1897 حتى اليوم، نشأت القضية الفلسطينية منذ تاريخ المؤتمر الصهيونى الأول الذى طرحت فيه فكرة بناء وإنشاء دولة تجمع يهود العالم على الأرض العربية الفلسطينية.
ومن هنا بدأت سلسلة من الخطوات انتهت بقرار تقسيم فلسطين عام 1948 ما بين اليهود من جهة والعرب والفلسطينيين من جهة أخرى، وتطور الصراع ليشمل دولًا أخرى حاربت الدولة المغتصبة عبر العديد من الحروب.
وما بين الانتصار والهزيمة والنكسات، دارت عجلة التاريخ، فقد كانت المؤتمرات الصهيونية هى حجر الأساس فى تجميع يهود أوروبا وأخبارهم بالفكرة ونشرها بينهم طوال سنوات عديدة عبر العديد من المؤتمرات وبناء بعض الجمعيات التابعة للحركة الصهيونية التى أنشئت فى عام 1880، حيث دعمت للمؤتمر الأول لطرح الفكرة فى عام 1897، وتم إنشاء جمعية أبناء صهيون والعديد من الفروع لها فى أوروبا وطرح فكرة إنشاء وطن قومى فى فلسطين من خلال وعد بلفور.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانتصار بريطانيا على الدولة العثمانية والتى كانت صاحبة السيادة على فلسطين ومنطقة الشام، أصبحت فلسطين من نصيب بريطانيا بعد معاهدة سيفر ومن هنا بدأ الانتداب أو الوصاية البريطانية على الأراضى الفلسطينية عام 1922، وبدأت السلطات البريطانية فى تنفيذ وعد بلفور بتسهيل هجرة اليهود من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين، وكذلك تسهيل شراء الأراضى لهم وإجبار الفلسطينيين ولكنهم كافحوا من أجل أراضيهم وبلادهم، وقاموا بعدة ثورات ضد الوجود البريطانى واليهودى معا مثل ثورة البراق عام 1929 والتى اندلعت بسبب محاولات اليهود والاستيلاء على حائط البراق فى المسجد الأقصى المبارك فى مدينة القدس، وثورة 1936 الكبرى، والتى حملوا فيها الفلسطينيون السلاح ضد الإنجليز وضد العصابات اليهودية، بل ورافقها إضراب عام وعصيان مدنى لمدة ستة أشهر توقف فيها الفلسطينيون عن دفع الضرائب. وقد استمرت هذه الثورة المسلحة طويلاً وكانت هدفها الأساسى تحرير فلسطين عبر السلاح ضد ممتلكات بريطانيا فى البلاد، وكذلك المستعمرات التى بناها اليهود على أراضى فلسطين المغتصبة.
لم تكن خطوة قيام دولة إسرائيل فى عام 1948 سوى البداية الحقيقية للصراع الدولى الإسرائيلى، فلقد قامت الدولة المغتصبة بعد انتهاء الانتداب البريطانى بيوم واحد، وذلك فى 15 مايو 1948، وذلك على حوالى 77٪ من مساحة فلسطين التاريخية. بينما بقيت الضفة الغربية والتى تضم العديد من المدن مثل الخليل ونابلس ورام الله وجنين وغيرها ومساحتها الكلية حوالى 20٪ من مساحة فلسطين الكلية تحت إدارة الأردن، بينما انتقلت مساحة قطاع غزة وهى حوالى 1٫3٪ من مساحة فلسطين إلى الإدارة المصرية.
وهنا بدأت مأساة الشتات واللاجئين الذين تركوا ديارهم تحت وطأة العصابات اليهودية التى قامت بالعديد من المذابح مثل مذبحة دير ياسين وغيرها وهربوا إما إلى الضفة أو غزة أو الدول المجاورة خاصة الأردن ولبنان.
كان إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية فى عام 1969 خطوة نحو المقاومة الفلسطينية المستمرة، وأصبحت هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى فى هذا الوقت، حيث اعترفت بها الدول العربية، وكذلك جامعة الدول العربية، وكان هدفها الرئيسى تحرير فلسطين عبر النضال والكفاح المسلح ضد إسرائيل.
وفى عام 1988 أثبتت المنظمة بعد سنوات من النضال المسلح خيار حل الدولتين، وأن تقام دولة فلسطين فقط على الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما تنقسم القدس على منطقتين الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الدولية والغربية تابعة للكيان الصهيونى.
على الرغم من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بقى قطاع كبير من الشعب الفلسطينى ينظر إلى الكيان الصهيونى على أنه العدو الأول خاصة مع المجازر والانتهاكات اليومية التى تحدث للفلسطينيين، والتى مازالت مستمرة حتى اليوم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن القضية الفلسطينية الأرض العربية الفلسطينية فى عام
إقرأ أيضاً:
العصابة الأحطّ والأقذر في التاريخ
ما يسمّى بـ”الجيش الإسرائيلي”، هو سليل عصاباتٍ وضيعة منتفية الأخلاق والقيَم، بل تأنف أخلاق المرتزقة والقتلة من مجاراة سلوكهم، عصابات مثل “الهاجاناه” و”شتيرن” و”الأرغون”، وكانت عصابة “الهاجاناه” تصدر بيانات إدانة لبعض عمليات عصابة “الأرغون”، ولنا أن نتصور حين يستعظم مجرمٌ ويستهجن أفعال مجرمٍ آخر! رغم أنّ التنسيق لم ينقطع بينهما.
ذلك “الجيش” سليل تلك العصابات، لا زال يمارس ذات الجرائم، منطلقًا من ذات العقيدة، عقيدة تقوم على السلب والنهب والقتل، وهم يمارسون هذه الجرائم ما استطاعوا، ولا شيء يوقفهم سوى القوّة والحزم، أمّا السكوت فهو في عرفهم دعوة للمزيد من السلب والقتل.
وهذه العصابات التي أصبح مرتزق العصابة فيها يسمّى “جنديًا”، تمتاز بالجبن والذعر، وصراخهم الشهير “إيما إيما” والمتكرّر في كلّ مواجهة مباشرة مع المقاومين، كما شهادات عدة لمعتقلين من غزّة، تم اعتقالهم من داخل بيوتهم، فكان الجنود حين يقتحمون المنازل ويشاهدون أنّه مأهول، يبدأون بالصراخ “خماس خماس” دون القدرة على استخدام السلاح، وكأنّهم ينسون من شدة خوفهم أنّهم مسلحون، ثمّ حين يطمئنون أنّ الموجودين في المنزل مجرد مدنيين عُزل، يباشرون الاستئساد والتنكيل والانتقام.
قال شاؤول موفاز رئيس الأركان السابق إبان الانتفاضة الثانية، “الجندي الذي سيُقتل، سأخرجه من قبره وأسأله كيف قُتل؟”، أيّ إنّ وسائل الحماية وطبقاتها التي تم توفيرها لهذا “الجندي”، لا تسمح لأيّ مقاتل بالوصول إليه، ولكن موفاز نسي أنّ هذا “الجندي المدرع”، لا يملك روحًا قتالية، هو مجرد سارق جاء لينعم بالأمن والرفاه لا ليقاتل ويموت.
وقد أصبح من المعروف في غزّة أو لبنان أو إيران أو اليمن، أنّ هذه العصابات لا تقاتل بل تقتل، وحين تتعرض لمواجهةٍ حقيقية مع مقاتلين حقيقين، يخسرون دائمًا، فيذهبون للانتقام من المدنيين أطفالًا ونساءً، ليزرعوا الروع في نفوس البيئة الحاضنة للمقاومة، فهذا المرتزق لا يكتفي بأن يكون جبانًا، بل بحكم طبيعته يصرّ على أن يكون نذلًا أيضًا.
وقد نقل الإعلام العبري مؤخرًا، أنّ الطائرات التي كانت تعود من مهامها في العدوان على إيران، ويكون لديها فائض قنابل، كان الطيارون يتصلون بفرقة غزّة، ويعرضون عليهم إلقاء الحمولة فوق غزّة، فترحب فرقة غزّة بذلك، فيتم إلقاء حمم الموت فوق الخيام المهلهلة، ففي أيّ كليةٍ عسكرية يتم تدريس هذا السلوك؟ إنّهم مجرد عصاباتٍ جاءت في غفلةٍ تاريخية، لتلطخ الشرف العسكري بعارٍ لن يُمحى.
يقول آري شافيط الكاتب الصهيوني في كتابه “أرضي الموعودة”: “عانت الصهيونية مما يمكن وصفه بالعمى الانتقائي، حين لم تستطع أو لم ترغب في رؤية ما ينتصب أمام ناظريها، وجود شعب آخر في “إسرائيل”. كان القرويون العرب موجودين في كلّ مكان، لكنّهم ببساطة لم يُروا، جدّي الأكبر لا يرى لأنّ ما يحركه كان ضرورة عدم الرؤية، إذ لو رأى كان عليه العودة من حيث أتى”، وهذا ما يفعله القتلة، وعلى رأسهم نتنياهو، حين يخرج ويردّد: “جيشنا” الأكثر أخلاقيةً في العالم.
بعيدًا عن الأعراض “السايكوباتية” لديه، فهو قد تدرّب على عدم الرؤية، وكلهم يمارسون ذات التدريب، أنّ الاحتفاظ بالنِهاب والأسلاب، يتطلب النكران، إنكار الوقائع والحقائق، ودفنها تحت جبالٍ من جماجم وأنهار دمٍ وركامٍ من دمار.
لا يمكن لأيّ لغةٍ شاملةٍ كاملة، أو صفحاتٍ بلا حدود، أن تتسع لمجرد أمثلةٍ من جرائم هذه العصابة، التي تجعل الإنسان يكتشف أنّ هناك بشرًا، يمتلكون القدرة على الوصول لهذا القاع الأخلاقي والإنساني، وأنّ هناك إنسانًا يستطيع التصرف كخنزير وحل، يهرس عظام البشر بتلذذ.
ونحن على أبواب مرحلةٍ تاريخيةٍ جديدة، وخرائط شرق أوسطية جديدة لا “إسرائيل” فيها، يجب أن نعطي دروسًا لأجيالنا، أنّه كان هناك محور قاوم بعظامه ودمائه، كيانًا أفنى كلّ القيم الإنسانية، وكاد يدفن الكوكب تحت أكوامٍ من الخسّة والنذالة والانفلات الأخلاقي، وأنّه لولا هذه الثلة الحاسمة، لأصبح كوكب الأرض مجرد حظيرة خنازير، ترتع في أوحالها وتأكل عظامها.
كاتب فلسطيني