إسراء جعابيص.. حكاية مؤلمة لأسيرة فلسطينية
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
حتى آخر لحظة، ظلت القوات الإسرائيلية تنغص على الأسيرة إسراء جعابيص، التي تصدرت حكايتها عناوين الأخبار وشكبات التواصل في صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن "قوات الاحتلال منعت أهالي المعتقلات من الاحتفال، أو استقبال المهنئين في المنزل، وعرقلة وصول المعتقلة المفرج عنها إسراء جعابيص لعدة ساعات".
وأفرجت السلطات الإسرائيلية في الدفعة الثانية من صفقة التبادل عن 39 معتقلا، بينهم 6 سيدات و33 طفلا، وفي المقابل، أفرجت حماس عن 13 محتجزا إسرائيليا لديها.
وجرت عملية الإفراج عن الأسرى الفلسطييين من سجن "عوفر" العسكري" غرب رام الله، ومن معتقل "المسكوبية" في القدس المحتلة.
وأفرج عن إسراء جعابيص من "المسكوبية" لكونها من سكان منطقة جبل المكبر في القدس.
بداية قصة "الظلم"
وكانت قصة هذه الأسيرة قد لفتت الأنظار منذ سنوات طويلة، لمدى "الظلم" الذي تعرضت له، وفقما يقول الفلسطينيون، فكانت تعاني في حياتها أصلا قبل تصاب بجروح خطيرة وتعتقل بتهمة "ملفقة"، بحسب نادي الأسير.
وأصيبت بحروق بليغة وصلت إلى 50 في المئة من جسدها، وتشوه وجهها وظهرها إلى حد كبير، وبترت 8 أصابع في كلتا يديها.
وإسراء أم لطفل وحيد اسمه معتصم، كان عمره 6 أعوام عندما اعتقلت وأصبح الآن عمره 14 عاما، أما زوجها فهو مقعد إثر إصابته في حادث سير سابق.
وإلى جانب عملها في دار للمسنين، كانت تدرس في السنة الثالثة بكلية التربية.
وبدأت قصة إسراء (38 عاما) في 11 أكتوبر 2015، عندما كانت عائدة من منزل عائلة زوجها في مدينة أريحا إلى منزلها في جبل المكبر في القدس، حيث كانت تعمل في مدينة القدس يوميا.
وكانت تنقل في سيارتها بعض الأغراض المنزلية وعندما وصلت إلى حاجز الزعيم العسكري انفجر البالون الهوائي في السيارة، مما تسبب باشتعال النيران داخل السيارة.
وبحسب مؤسسة "الضمير" لحقوق الإنسان، فقد أصيبت إسراء بجروح بليغة نتيجة اشتعال النيران في سيارتها، وفوق ذلك، أشهر جندي السلاح الناري في وجهها وطالبها برمي سكين، لكنها أكدت "لم أكن احمل سكنيا"، وماطلت القوات الإسرائيلية في تقديم العلاج لها رغم إصابتها الخطيرة بسبب الحريق.
فصل آخر من المأساة
ونقلت لاحقا إلى المستشفى، لكن ذلك لم ينه مأساتها، إذ اعتبرت إسرائيل أن إسراء كانت تنوي تنفيذ هجوم وهو ما تنفيه.
واتهمت السلطات الإسرائيلية إسراء بمحاولة الهجوم على جنود إسرائيليين، وبحسب نادي الأسير، فإن التهمة التي اعتقلت وحوكمت جعابيص بسببها "ملفقة وغير صحيحة".
وقضت محكمة إسرائيلية بسجن إسراء (11 عاما)، معتقلة منذ عام 2015، وهي من أخطر الحالات المرضية بين الأسيرات.
ولم يكن ذلك الحكم نهاية الألم، إنما بدايته، فقد كانت تقبع في سجن الدامون شمالي إسرائيل، ورغم حاجتها إلى العديد من عمليات التجميل إلا أنها واجهت الإهمال الطبي.
وظهرت في شريط فيديو نشر عام، أثناء محاكمتها، وخلال حديث مقتضب للصحفيين، تحدثت فيه بألم عن وضعها الصعب، وخاصة الحروق البليغة وأصابع يديها التي بترت.
وقالت في شهادات لاحقة للمحاميها بأنها تعاني من آلام وسخونة دائمة في جلدها، ما يجعلها غير قادرة على ارتداء الأقمشة والأغطية، وهي بحاجة ماسة لبدلة خاصة بعلاج الحروق، لكن إدارة السجون ترفض توفيرها.
وظلت الأسيرة في وضع نفسي صعب وصدمة شديدة، حيث تصحوا ليلا وتبدأ بالصراخ وتصحو من النوم ترجف، وتبدأ بالبكاء، في بعض سنوات السجن، وفقا لمؤسسة الضمير.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات وفا قوات الاحتلال إسراء جعابيص السلطات الإسرائيلية حماس عوفر القدس جبل المكبر الفلسطينيون أريحا القوات الإسرائيلية إسرائيل نادي الأسير سجن الدامون مؤسسة الضمير إسرائيل أخبار فلسطين القدس صفقة التبادل الأسيرات وفا قوات الاحتلال إسراء جعابيص السلطات الإسرائيلية حماس عوفر القدس جبل المكبر الفلسطينيون أريحا القوات الإسرائيلية إسرائيل نادي الأسير سجن الدامون مؤسسة الضمير أخبار فلسطين إسراء جعابیص
إقرأ أيضاً:
سالي عاطف تكتب: حكاية القرن الإفريقي بين الجفاف والهجرة والنزاعات
في القرن الإفريقي، لم يعد تغيّر المناخ مجرد مصطلح بيئي يُتداول في المؤتمرات بل يتحوّل الطقس إلى قدر، ويصبح المطر حدثًا سياسيًا، والجفاف لحظة تُغيّر شكل العائلات والحدود والاقتصادات. المنطقة من الصومال لإثيوبيا وكينيا وجيبوتي تعيش واحدة من أكثر قصص المناخ قسوة في العالم. وفق تقديرات وتحليلات إقليمية ودولية، الملايين في هذه الدول يواجهون أمنًا غذائياً متدهورًا ونزوحاً متكرراً مرتبطاً بالمناخ والصراع.
ففي الصومال اصبح الماء سبب النجاة وسبب الهجرة حيث تتتابع سنوات الجفاف كأنها فصول في رواية حزينة لا تنتهي. الأراضي الزراعية تضعف، الماشية تموت، والقرى تتآكل. ومع كل موسم جفاف، ينزح آلاف السكان من القرى إلى المدن بحثًا عن ماء أو فرصة عمل أو حتى مخيم يضمن الحد الأدنى من الحياة. في 2024 سجّل الشركاء الإنسانيون نحو حوالي 555,000 حالة نزوح داخلي خلال العام (نصفها تقريبًا نتيجة للصراع والفيضانات أيضاً)، بينما خلال منتصف 2025 أفادت تقارير أن حوالي 4.6 مليون شخص في حالات انعدام أمني غذائي في فترات ذروة الجوع. الضغوط هذه دفعت موجات نزوح كبيرة إلى مدن مثل مقديشو وبيدوا، ما خلق ضغطًا على الخدمات وأدى إلى صدامات حول الأرض والموارد.
أما إثيوبيا فالمناخ يؤجّج صراعات كانت تحت الرماد حيث تعد إثيوبيا نموذجًا صارخًا للتشابك بين المناخ والنزاع. في الأقاليم الشرقية مثل الصومال الإثيوبي وعفر، ساهم الجفاف الشديد في تغيير مسارات الرعاة، ما أدى إلى احتكاكات مباشرة بينهم وبين مجتمعات زراعية تستنزف نفس الموارد القليلة المتبقية. الأرقام تُظهر أن إثيوبيا تضم أكثر من 2.27 مليون نازح داخلي حتى 2024–2025، وتستضيف نحو 1.1 مليون لاجئ؛ وفي منطقة عفر وحدها كانت هناك تقارير عن أكثر من 220,000 عائد/نازح يعانون من ضغط على الخدمات. تحت ضغط الندرة، تظهر النزاعات التقليدية بشكل أكثر حدّة: صراعات على الآبار، توتر حول أراضٍ رعوية، وهجرات جماعية تُعيد رسم الحدود القبلية.
لم يختلف الوضع كتيرا في كينيا حيث يهدد الجفاف الأمن الغذائي ويُطلق موجات نزوح جديدة في شمال كينيا، حيث تعتمد القبائل على تربية الماشية، أدّى الجفاف المتكرر إلى خسائر ضخمة في الثروة الحيوانية. أحدث تقييمات غذائية أظهرت أن حوالي 2.2 مليون شخص يواجهون حالة طوارئ غذائية (فبراير–مارس 2025)، وأنَّ خسائر المحاصيل والمراعي شهدت أرقامًا كبيرة حيث أظهرت تقارير فقدان حوالي 61,000 فدانًا من المزروعات ومئات آلاف رؤوس الماشية المتأثرة (مع تسجيل تقارير عن أكثر من 11,300 حالة وفاة للماشية في فيضانات/أحداث متقلبة أيضاً). ومع اختفاء مصادر الغذاء والدخل، اضطرّت العديد من العائلات إلى النزوح نحو مناطق أكثر خصوبة، ما خلق احتكاكات مع المجتمعات المضيفة في مناطق مثل توركانا ومارسابيت.
جيبوتي… بلد صغير في مواجهة موجات الهجرة الأكبر منه
وجيبوتي، رغم صغر مساحتها، أصبحت نقطة عبور واستقبال مهمة للمهاجرين واللاجئين من إثيوبيا والصومال واليمن. حسب بيانات مفصّلة، تستضيف جيبوتي ما بين 32,000 إلى 33,000 لاجئ وطالب لجوء (تمثّل نسبة ملحوظة من سكانها)، حيث يشكل الصوماليون والإثيوبيون اليمنيون المجموعات الأكبر. الجفاف في دول الجوار دفع مزيدًا من الشباب للبحث عن طريق جديد عبر البحر الأحمر، ومع محدودية الموارد في جيبوتي يتزايد الضغط على المياه والخدمات الصحية، مما يجعل البلاد في سباق دائم بين الاستقبال والسيطرة على الأوضاع.
فما يميز القرن الإفريقي اليوم ليس فقط حجم الأزمات، بل تزامنها: تغيّر مناخي يزيد ندرة الموارد، هجرات بشرية كثيفة داخليًا وخارجيًا، توترات قبلية وسياسية قديمة تتجدد، وحكومات تواجه تحديات اقتصادية وأمنية ضخمة. تقارير إقليمية ودولية تُشير إلى أن المزيج بين الكوارث الطبيعية والنزاعات أدى إلى ملايين الحالات من النزوح الداخلي والإقليمي خلال السنوات الأخيرة، ما يجعل الحاجة للاستجابة المتكاملة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
و السوال هنا في المستقبل… هل سيبقى الناس قادرين على البقاء؟
القرن الإفريقي اليوم يقف على حافة تحوّل تاريخي: الدول مضطرة للتعامل مع أزمات الطقس كما تتعامل مع الحروب — بخطط أمنية، وقوانين جديدة، وتحالفات دولية هدفها إنقاذ ما يمكن إنقاذه. لكن الحقيقة الأعمق أن الإنسان هناك لا يحتاج سوى شيء كان طبيعيًا يومًا ما: مطر يعود… وأرض تُنبت وحياة لا تُحكم بهاجرة اضطرارية.