وماذا عن أسرانا وأسيراتنا في مصر؟
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
مظاهر فرح الفلسطينيين بخروج أسراهم وأسيراتهم هي فصل جديد من فصول التحدي لسلطات الاحتلال التي قررت منع تلك المظاهر، سواء بالنسبة للأسرى أو عائلاتهم أو عموم الفلسطينيين، وهي المظاهر التي لم تقتصر على الفلسطينيين بل شاركتهم فيها كل الشعوب العربية والإسلامية، ومن بينها الشعب المصري الذي تذكر في تلك اللحظات أيضا أسراه وأسيراته في السجون المصرية والذين اعتقل وحوكم الكثيرون منهم بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية.
هكذا نجد أنفسنا ممزقين بين دموع الفرح بتحرير الأسرى في فلسطين، ودموع الحزن على من يقضون زهرة شبابهم، أو يلقون حتفهم في السجون المصرية، هي فرصة أن نتذكرهم في هذه اللحظات، ربما هذا بعض الوفاء لهم في ظل العجز عن تحريرهم، وربما هو جزء من طبيعة المصريين الذين يذكرون أحزانهم في لحظات سعادتهم، يتذكرون الغائب، والسجين، والمريض، يتذكرون موتاهم، ويزورون مقابرهم في الأعياد التي هي بالأساس مناسبات للبهجة.. يشعرون براحة نفسية حين يفعلون ذلك، فهم قد أكدوا لأنفسهم قبل أمواتهم ومفقوديهم ومعتقليهم أنهم لم ينسوهم، وأنهم باقون على عهدهم وعلى حبهم تجاههم.
تركزت صفقة تبادل الأسرى بين الكيان والمقاومة على النساء والأطفال، وقد جاءت -قدرا- متواكبة مع اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة.. وهنا نلفت الانتباه إلى أن السجون المصرية تضم 120 سيدة وفتاة من سجينات الرأي (بخلاف 5 مختفيات لا يعرف عنهن شيئا)، بعضهن أمهات لأطفال وبعضهن جدات، وبعضهن مريضات وبحاجة لعمليات جراحية، وبعضهن أنهين فترات العقوبة أو الحبس الاحتياطي ولكن السلطات رفضت خروجهن، وقامت بتدويرهن على قضايا وهمية جديدة من داخل محبسهن، مثل الحقوقية هدى عبد المنعم.
النظام المصري الذي يفاخر بدوره في صفقة تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يحرص في الوقت نفسه على حبس المزيد من المصريين، وبناء المزيد من السجون لاستيعاب هذه الأعداد الجديدة
لدينا في السجون أيضا العشرات من الأطفال (من هم دون الثامنة عشر، أو من كانوا تحت هذا السن وقت اعتقالهم)، ورغم انتهاء محكوميات بعضهم أو انتهاء فترات الحبس الاحتياطي تم تدويرهم أيضا على قضايا وهمية جديدة من داخل زنازينهم.
لدينا في السجون المصرية المئات من الشيوخ الذين تجاوزوا الستين أو السبعين أو حتى الثمانين من أعمارهم، وبشكل عام لدينا حوالي 60 ألف سجين ومعتقل رأي في مصر، كل جريمتهم هي التمسك بالمسار الديمقراطي، ورفض الانقلاب، والكثيرون منهم لم توجه إليهم اتهامات محددة، ولم يُحالوا إلى المحاكم رغم قضائهم سنوات في السجون، حيث يتم تدويرهم على قضايا جديدة بمجرد انتهاء فترة الحبس الاحتياطي ومدتها عامان، ليلحقها عامان آخران، وهكذا يتكرر الأمر رغم انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي.
النظام المصري الذي يفاخر بدوره في صفقة تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يحرص في الوقت نفسه على حبس المزيد من المصريين، وبناء المزيد من السجون لاستيعاب هذه الأعداد الجديدة، وحين اضطر لتشكيل لجنة للعفو الرئاسي لتحسين صورته دوليا فإنه حرص على اعتقال اثنين أو ثلاثة جدد مقابل كل سجين يفرج عنه. بدا الأمر تنافسا بين أجهزة النظام الأمنية، تلك التي تريد التنفيس قليلا عبر الإفراجات المحدودة، وتلك التي ترفض هذا التنفيس تماما، وبالمحصلة ظلت أعداد السجناء كما هي.
الروح الانتقامية التي يتعامل بها النظام المصري مع معارضيه وعلى رأسهم هؤلاء المعتقلون السياسيون، والتي تسببت في موت الكثيرين داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي، هي روح قاتلة للانتماء، ودافعة على الثأر، وهو ما يدفع الوطن ثمنه غاليا، وما يحرم الوطن من استقرار حقيقي يفتح الباب لتنمية حقيقية وازدهار اقتصادي.
كما كشفت الحرب على غزة نفاق المجتمع الغربي ومعاييره المزدوجة فيما يخص حقوق الإنسان، فإن موقفه من النظام المصري كان مفضوحا أيضا، فهو يطلق تصريحات بين الحين والآخر عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ولكنه في الوقت نفسه يقدم الدعم الهائل للنظام ماديا وسياسيا
وجود هذه الأعداد الضخمة من المعتقلين السياسيين، وتعرضها للانتهاكات، هو مؤشر على ضعف النظام لا قوته، وعلى خوفه من خروج هؤلاء المعتقلين لممارسة العمل السياسي مجددا. وهذه رسالة للعالم كله أن الاستقرار الذي تشهده مصر هو استقرار زائف، ولذلك تحجم الاستثمارات والسياحة الأجنبية عن القدوم إلى مصر، في ظل وجود خيارات أكثر أمنا واستقرارا وربحية لها.
وكما كشفت الحرب على غزة نفاق المجتمع الغربي ومعاييره المزدوجة فيما يخص حقوق الإنسان، فإن موقفه من النظام المصري كان مفضوحا أيضا، فهو يطلق تصريحات بين الحين والآخر عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ولكنه في الوقت نفسه يقدم الدعم الهائل للنظام ماديا وسياسيا، وأحدث هذا الدعم هو الدعم الأوروبي بقيمة عشرة مليارات دولار، واستعداد صندوق النقد الدولي لرفع قيمة القرض المقدم إلى مصر.
لم يعد المصريون يراهنون على أي شعارات غربية داعمة للحرية والديمقراطية، وأصبحوا أكثر اقتناعا بأن "ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى أنت جميع أمرك"، وإذا كانت الأوضاع الحالية لا تسمح لهم بحراك سياسي حقيقي فإنهم واثقون أن دوام الحال من المحال، وأن القوي لا يظل قويا، وأن الضعيف لا يظل ضعيفا، وأن التغيير سنة كونية، وأن الشعب المصري قد يصبر قليلا، لكن لصبره حدود، وحتما سيتحرك يوما لانتزاع حريته وحرية سجنائه.
twitter.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين المصري السجون المعتقلين مصر اسرى فلسطين سجون معتقلين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحبس الاحتیاطی السجون المصریة النظام المصری فی الوقت نفسه حقوق الإنسان فی السجون المزید من فی مصر
إقرأ أيضاً:
بعد وفاة الهويريني.. من هم أبرز المعتقلين الذين قضوا في السجون السعودية؟
توفي الداعية السعودي وليد الهويريني قبل أيام إثر معاناته من تدهور في حالته الصحية عقب شهور من الإفراج عنه في السعودية، بعد اعتقال دام نحو سبع سنوات.
وفتحت وفاة الهويريني الحديث مجددا عن حالات الانتهاكات داخل السجون السعودية، والتي تسببت بحسب منظمات حقوقية بعشرات الوفيات، منها ما هو معلن ومنها غير ذلك.
وتزايدت التحذيرات مؤخرا من أن السلطات السعودية تمارس عملية قتل ممنهج ضد عدد من الدعاة المعتقلين، وفي مقدمتهم الشيخ سلمان العودة الذي يقترب من إتمام عامه الثامن في السجون.
قادته تغريدة إلى السجن.. وأمله أن تطير العصافير غدًا! ????️ #سلمان_العودة.. جسدٌ قيده الظلم، وكلمة تنتظر شمس الحرية.. في حكاية لم تنتهِ بعد!
(مشاهد تخيلية مُولَّدة بالذكاء الاصطناعي، مستندة إلى أحداث واقعية)????
--
#عربي21 | #السعودية pic.twitter.com/EN8XiAIDv1 — عربي21 (@Arabi21News) May 1, 2025
وترصد "عربي21" أبرز حالات الوفاة لمعتقلين قضوا في السجون السعودية، أو بعد الإفراج عنهم بفترة وجيزة.
عبد الله الحامد
في 24 نيسان/ أبريل 2020، توفي الحقوقي البارز عبد الله الحامد بعد نحو سبع سنوات من اعتقاله، حيث كان يمضي حكما بالسجن 10 سنوات.
ونقل الحامد من سجن الحائر بالرياض إلى العناية المركزة في 9 نيسان/ أبريل 2020 بعد تعرضه لجلطة دماعية ودخوله في غيبوبة، إلا أنه ما لبث أن فارق الحياة بعد أيام.
موسى القرني
في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، توفي الداعية موسى القرني في سجن المباحث السعودية، وذلك بعد 15 عاماً من اعتقاله.
وكان القرني قد اعتقل في شباط/ فبراير 2007 برفقة عدد من الأكاديميين والقضاة.
صالح الشيحي
في 19 تموز/ يوليو 2020، توفي الكاتب الصحفي صالح الشيحي، بعد شهرين فقط من الإفراج عنه، حيث خرج في حالة صحية سيئة، قيل حينها إنها مرتبطة بإصابته بفيروس "كورونا".
وكان الشيحي اعتقل في كانون الثاني/ يناير 2018، وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات يعقبها خمس سنوات منع من السفر، بسبب انتقادات وجهها للديوان الملكي
فهد القاضي
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، تأكدت أنباء وفاة الداعية فهد القاضي، المحكوم بالسجن 6 سنوات، علما أنه اعتقل في 2016.
وكان القاضي معتقلاً على خلفية خطاب نصيحة سري وجهه للديوان الملكي.
صالح الضميري
في 3 آب/ أغسطس 2019، توفي الداعية المعتقل صالح الضميري في سجن الطرفية السياسي بمنطقة القصيم.
وذكرت منظمات حقوقية أن الضميري توفي جراء الإهمال الطبي، حيث كان يعاني من أمراض في القلب وكان قد وضع في العزل الانفرادي طيلة الفترة الماضية رغم معاناته.
أحمد العماري الزهراني
في كانون الثاني/ يناير 2019، أعلن عن وفاة الداعية أحمد العماري الزهراني، وهو أكاديمي سابق جامعة الملك سعود.
وتوفي العماري بعد نحو أسبوع من إطلاق سراحه في حالة موت دماغي، حيث نُقل إلى مجمع الملك عبد الله الطبي بجدة، علما أن وفاته جاءت بعد نحو 4 شهور فقط من اعتقاله.
مطلق بن نغيمش الدويش
في شباط/ فبراير 2022، توفي المعتقل مطلق بن نغيمش الدويش داخل السجن، بعد صراع طويل مع المرض، علما أنه اعتقل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، على خلفية تغريدات احتج من خلالها على اعتقال شيخ قبيلة عتيبة، فيصل بن سلطان بن حميد لانتقاده "هيئة الترفيه".
عبد العزيز الزهراني
في 9 نيسان/ أبريل 2023، توفي الأكاديمي السعودي عبد العزيز الزهراني، أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود سابقاً، بعد معاناته من مرض السرطان.
وكان الزهراني قد اعتقل في أيلول/ سبتمبر 2017 في حملة اعتقالات طالت دعاة وأكاديميين عقب الأزمة مع قطر، وأفرجت عنه السلطات قبل وفاته بنحو عام.
قاسم القثردي
في 29 نيسان/ أبريل الماضي، توفي الأكاديمي والداعية السعودي قاسم القثردي في سجن المباحث بمدينة أبها جنوب المملكة، بحسب ما أعلنت منظمة "سند" الحقوقية.
القثردي، أستاذ متقاعد من جامعة الملك خالد ورئيس جمعية "تراتيل" لتحفيظ القرآن، اعتقل عام 2021 بتهمة حضوره سابقا لديوانية الشيخ المعتقل عوض القرني.
أحمد السطان
أعلن الحقوقي السعودي عبد الله العودة، في تشرين أول/ أكتوبر 2024 عن وفاة المواطن أحمد السلطان معتقل منذ نحو عام ونصف، داخل السجن، بعد تدهور حالته الصحية.
وذكر العودة، وهو نجل الداعية المعتقل سلمان العودة، أن المهندس أحمد السلطان توفي بعد عام ونصف من اعتقاله إثر "الإهمال الصحي" داخل السجن.
وقال العودة إن السلطان اعتقل بسبب تغريدات اعتبرتها السلطات مخالفة لتوجهات الحكومة السعودية.
حالات أخرى
خلال السنوات الماضية، كشفت منظمات حقوقية عن حالات وفيات أخرى لمعتقلين بسبب "الإهمال الطبي" أو التعذيب، وأبرزها بحسب ما نقلت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان:
مكي العريض: في 4 آذار/ مارس 2016، قُتل تحت التعذيب بعد يومين من اعتقاله، وظهرت آثار تعذيب بشعة على جسده، بحسب المنظمة.
محمد رضا الحساوي: توفي في كانون الثاني/ يناير 2017 بعد عامين من اعتقاله، وقالت المنظمة إنه ظهرت كدمات وآثار على جسده.
سلطان الدعيس: توفي في كانون الأول/ ديسمبر 2010 في سجن الطرفية، وأكد قبل وفاته تعرضه للتعذيب، وظهرت علامات واضحة على جسده بعد الوفاة، وفقا للمنظمة.
نزار آل محسن: توفي في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 في مركز شرطة تاروت (شرق المملكة)، وادعت السلطات سكتة قلبية، لكن مصادر أشارت إلى نزيف داخلي وضرب على الرأس، على حد قول المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
جابر حبيب العقيلي: توفي في 12 كانون الثاني/ يناير 2017 بظروف غامضة بعد أسبوع من اعتقاله، وزعمت السلطات انتحاره لكن عائلته رفضت الرواية، وفقا للمنظمة.
علي النزغة: توفي في آذار/ مارس 2018 في سجن المباحث، بعد اعتقاله في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017. وقالت المنظمة إن ذويه منعوا من تصوير جثمانه لإخفاء آثار التعذيب.
حسين الربح: توفي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 في سجن المباحث العامة، وتعرض لتعذيب وحشي منذ اعتقاله في آب/ أغسطس 2017، وفقا للمنظمة ذاتها.
حبيب الشويخات: توفي في كانون الثاني/ يناير 2018 بعد معاناة مع السرطان واضطرابات قلبية وتدهور صحي بسبب الإهمال الطبي المتعمد، رغم مناشدة والده الديوان الملكي، بحسب ما قالت المنظمة.
أحمد الشايع: توفي في 8 آب/ أغسطس 2019 في سجن الطرفية، ويُعتقد بحسب المنظمة أنه تعرض لإهمال صحي متعمد وتعذيب جسدي ونفسي.
حنان الذبياني: في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، توفيت في سجن ذهبان بظروف غامضة، ولم يُسمح لذويها برؤية وجهها إلا عند الصلاة عليها، وأجبروا على التوقيع على إقرار بالوفاة الطبيعية، بحسب المنظمة.
حمد عبد الله الصالحي: توفي في آذار/ مارس 2018 في سجن الطرفية، بعد 13 عاماً من الاعتقال و7 أعوام في العزل الانفرادي، رغم تدهور حالته الصحية.
محمد باني الرويلي: توفي في 17 تموز/ يوليو 2018 داخل السجن العام بسكاكا، بعد اعتقاله تعسفياً بسبب اعتراضه لموكب أمير المنطقة، وفقا للمنظمة ذاتها
لطفي آل حبيب: توفي في آب/ أغسطس 2018 بعد 3 أيام من اعتقاله، وزعمت السلطات انتحاره، لكن عائلته شككت في ذلك ورفضت السلطات تسليم الجثمان دون توقيع إقرار الانتحار، بحسب ما قالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
بشير المطلق: في 25 آب/ أغسطس 2018، توفي في سجن المباحث بالدمام، وادعت السلطات سكتة دماغية، لكن مصادر أكدت للمنظمة معاناته من آلام ومضاعفات التعذيب وحرمانه من الرعاية الصحية.
يشار إلى أن السعودية نفت مرارا وجود أي حالات انتهاكات في سجونها، وذلك من خلال بيانات لهيئة حقوق الإنسان الحكومية، وبيانات لجهات أخرى تمثل الرأي الرسمي للمملكة.
يذكر أن السعودية من الدول التي صادقت على اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1997.