معهد واشنطن: بعد خطاب السلطان هيثم أمام مجلس عمان.. قصة نجاح عمان اقتصاديا بالأرقام
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
أشاد تحليل نشره "معهد واشنطن" بالخطاب الذي ألقاه سلطان عمان هيثم بن طارق في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم في افتتاح الدورة الثامنة لمجلس عمان، وهو برلمان يجمع بين مجلس الدولة المعين ومجلس الدولة المنتخب بالكامل.
وكانت هذه هي المناسبة الأولى التي يلقي فيها السلطان هيثم مثل هذا الخطاب منذ توليه العرش، والذي كان بمثابة تقييم رسمي للتقدم الذي أحرزه في تنفيذ رؤيته لعمان.
ووصف التحليل خطاب سلطان عمان بأنه كان هادئًا وبسيطًا وموثوقًا، لكنه أقل حماسة وأكثر إدارية من أسلوب سلفه السلطان قابوس، ومع ذلك، أشار إلى التقدم الملحوظ الذي تم تحقيقه على مدى السنوات الثلاث الماضية.
اقرأ أيضاً
سلطان عُمان يعلن التضامن مع الشعب الفلسطيني ويدعو لحماية المدنيين
إنجازات اقتصاديةويقول التحليل إنه عندما تولى السلطان هيثم العرش، وضع أولويته بشكل واضح للحفاظ على الاستمرارية مع الاستقرار الذي تحقق والتقدم المحرز في عهد السلطان قابوس، لكنه ركز بشكل خاص على تحقيق النمو الاقتصادي والتنويع بعيدًا عن الاعتماد على احتياطيات النفط والغاز في سلطنة عمان - والتي على عكس أي مكان آخر في الخليج محدودة.
وفي عام 2020، كانت السلطنة تواجه أزمة مالية.
وتوسع الدين الحكومي إلى ما يقدر بنحو 69.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، مدفوعًا بالإفراط في الإنفاق الحكومي الممول بالديون.
لكن بموجب خطة هيثم المالية متوسطة المدى (برنامج التوازن المتوسط الأجل أو برنامج توازن، الذي يغطي 2020-2024)، تم تخفيض العجز المالي بنحو النصف في عام 2021، وأصبح فائضًا قدره 3.64 مليار دولار في عام 2022، وحقق بالفعل نفس الفائض في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023.
وكان الدين الوطني، الذي كان من المتوقع قبل البرنامج متوسط الأجل أن يصل إلى 108 مليار دولار بحلول نهاية عام 2023، قد بلغ 46 مليار دولار في نهاية عام 2022، وانخفض بمقدار 3.5 مليار دولار أخرى في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام.
ويمثل هذا انخفاضاً غير عادي لأكثر من نصف إجمالي الدين الوطني المتوقع في أقل من ثلاث سنوات.
اقرأ أيضاً
تقرير دولي: عمان لا تزال سمكة صغيرة في الخليج لكن نهجها الاقتصادي سيجعلها مميزة
صندوق النقدوخلال مهمة المادة الرابعة التي اكتملت مؤخرًا، دعم صندوق النقد الدولي السلطنة في هذا التقدم المالي وسجل نموًا اقتصاديًا مسجلاً في السلطنة بنسبة 4.3% في عام 2022 (مع نمو غير هيدروكربوني من 1.2% في عام 2022 إلى 2.7% في النصف الأول من عام 2023).
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن التصنيف الائتماني السيادي لسلطنة عمان كان يرتفع بشكل مطرد، وأعرب المسؤولون العمانيون الذين أجرى الموقع معهم مقابلات الأسبوع الماضي عن أملهم في أن يحققوا ارتفاعًا نهائيًا إلى درجة الاستثمار بحلول نهاية عام 2023.
ووفقًا للمسؤولين الذين يديرون الخطة الإستراتيجية لرؤية "عمان 2040"، فإن المدى الطويل وقد تم بالفعل تحقيق هدف خفض الديون إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي حين كان الإنتاج القياسي للنفط والغاز وارتفاع الأسعار مساهمًا رئيسيًا في هذا التحول، فقد أشاد السلطان هيثم في كلمته أيضًا بمساهمة برنامج توازن في إعادة الانضباط المالي.
ويحتفظ السلطان بإشراف شخصي وثيق على البرنامج من خلال لجنة توجيهية مالية واقتصادية معززة تابعة لمجلس الوزراء ومن خلال وحدة قياس الأداء، التي تعمل كمدقق داخلي خاص يرفع تقاريره إليه مباشرة.
اقرأ أيضاً
توقعات بتوقيع اتفاقيات اقتصادية خلال زيارة سلطان عمان لمصر
إدارة الثروات السياديةومما يثير الإعجاب بنفس القدر الإصلاح الجذري لإدارة الثروات السيادية في ظل هيئة الاستثمار العمانية التي تم تشكيلها حديثا، كما يقول التحليل.
وكانت مشاريع الطاقة الجديدة تمثل مرتكزا مهما لنجاح سياسة التنويع الاقتصادي لسلطان عمان، حيث وقعت ستة اتحادات يقودها القطاع الخاص على إنتاج الهيدروجين من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع تصدير الإنتاج أو استخدامه في ثلاث منشآت لإنتاج الصلب بالطاقة الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وهو ميناء متطور ومنطقة صناعية تقع على ساحل بحر العرب في سلطنة عمان.
وفي الشمال، وصلت المنطقة الحرة الصناعية المختلطة بصحار إلى طاقتها القصوى تقريبًا، وهي علامة إيجابية على الاهتمام التجاري الدولي بسلطنة عمان.
وبما يعكس الوضع العام، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في المشاريع التي يقودها القطاع الخاص 10.4 مليار دولار في الربع الأول من عام 2023، متجاوزًا بالفعل الهدف السنوي للاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2023 البالغ 6.07 مليار دولار، والهدف هو 5.62% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2023 البالغ 108 مليار دولار.
اقرأ أيضاً
هل يقود السلطان هيثم عمان لنهضة اقتصادية ثانية؟
ويختم التحليل أن خطاب سلطان عمان يمثل تقدمًا لطيفًا في اتجاه الديمقراطية الدستورية، وهي فكرة عززها أيضًا تعهد السلطان بنقل المزيد من المسؤوليات الحكومية إلى المجالس البلدية المنتخبة وتعزيزه لدور مجلس الوزراء في الحكومة.
وفي هذا، كما هو الحال مع إصلاحاته الاقتصادية، يحقق سلطان عمان تغييراً جوهرياً بطابعه المميز، لكنه يفعل ذلك من دون الإعلان عن الطابع الجذري للتحول الذي يسعى إلى تحقيقه.
المصدر | معهد واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: سلطان عمان هيثم بن طارق مجلس عمان اقتصاد عمان السلطان هیثم ملیار دولار سلطان عمان اقرأ أیضا فی عام عام 2022 عام 2023
إقرأ أيضاً:
ما الذي على ترامب أن يسمعه في الرياض غدًا؟!!
تختلف القمة الخليجية الأمريكية التي يحضرها الرئيس الأمريكي ترامب هذه المرة عن تلك التي حضرها في ولايته الرئاسية الأولى، فالعالم لم يعد هو العالم والشرق الأوسط تغير كثيرا عما كان عليه في عام 2017، حتى أفكار ترامب نفسها تغيرت رغم أن استراتيجية «الصفقة» ما زالت هي التي ترسم تفاصيل المشهد في مجمله.
عودة ترامب إلى المنطقة هذه المرة لا تمثل استئنافا لتحالفات تقليدية ولكنها اختبار لتوازنات جديدة تتشكل بهدوء في شرق العالم وغربه. ولذلك سيكون أمام قادة دول الخليج الذين سيحضرون القمة غدًا مسؤولية كبيرة ليُسمعوا ترامب ما يجب أن يسمعه حول مستقبل الشراكة الخليجية الأمريكية وحدودها وشروطها.
أحد أهم الأفكار التي على ترامب أن يسمعها غدًا في الرياض أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تجاوزت كل الحدود وباتت عبئا أخلاقيا واستراتيجيا على حلفاء واشنطن، وفي مقدمتهم دول الخليج. وإذا كانت دول الخليج لا تستطيع، منطقا، الطلب من أمريكا أن تتخلى عن إسرائيل، فإن عليها في هذه القمة أن تطلب من أمريكا قبل ترامب إعادة تعريف العلاقة معها ضمن إطار يحفظ للمنطقة استقرارها ويكبح جماح السياسات التي تهدد بإشعال صراعات لا يمكن احتواؤها.
ورغم أن الحديث عن التطبيع مع إسرائيل بات مريرا، بعد سلسلة الجرائم التي ارتُكبت في غزة ولبنان وسوريا واليمن خلال الأشهر الماضية، فإن من الضروري أن توضح دول الخليج موقفها للرئيس الأمريكي إذا ما أعاد طرح ملف الاتفاقيات الإبراهيمية وتحيله إلى شروط المبادرة العربية التي تشترط قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، ودون ذلك، إن الدفع باتجاه تطبيع غير مشروط يعكس ما وصفته دراسات غربية بأنه «تسوية وظيفية» لا «تسوية سياسية»، أي بناء علاقات سطحية دون معالجة جذور الصراع، مما يهدد بإعادة تدوير العنف، إضافة إلى أنه تخلٍ واضح عن القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، فإن ملف الطاقة لا يُمكن فصله عن مفهوم الشراكة الاستراتيجية. فالاستقرار الاقتصادي الذي تسعى إليه واشنطن مرهون باستقرار سياسي لا تصنعه السوق وحدها، بل يضمنه التفاهم العميق مع الحلفاء.
ولا يجب هنا أن يغيب عن بال ترامب أن موازين القوى في الخليج لم تعد أمريكية بالكامل. فالصين بعد الاتفاق النفطي في عام 2023 مع الرياض، أصبحت شريكا موازيا في التجارة والاستثمار، فيما تتقدم الهند كمحور جيو ـ اقتصادي بديل، كما أن المستثمرين الروس، وهم كثر، نقلوا الكثير من ملياراتهم إلى الخليج منذ فبراير 2022 إلى اليوم. وعلى ترامب أن يسمع بوضوح أن الحديث عن «العودة إلى الشرق الأوسط» لا يكفي وعليه أن يعرف جيدا أن الشراكة اليوم لم تعد عمودية، بل أفقية، قائمة على التوازن لا التبعية.
ثمة أمر آخر شديد الأهمية، وهو إشكالية عميقة تراكمت منذ ولاية ترامب الأولى وتتمثل في تداخل المصالح الخاصة مع مصالح الدولة، ومن حق الدول الخليجية أن تسمع إجابة واضحة: هل الشراكات التي أبرمت منذ ولاية ترامب الأولى إلى اليوم هي عميقة مع واشنطن أم مرحلية عمرها الافتراضي لا يتجاوز أربع سنوات!
هذا السؤال وما شابهه من الأسئلة ليست هامشية؛ فالثقة الاستراتيجية تُبنى على مؤسسات، لا على أفراد. والدول الخليجية لا تريد بناء علاقات استراتيجية قائمة على أفراد وإلا فإنها قادرة على البحث عن توازنات جديدة أكثر موثوقية في لحظة مفصلية من لحظات التغير العميق في العالم.
وفيما يخص الطاقة وهو موضوع لا يمكن فصله عن العلاقات الاستراتيجية والاستقرار السياسي فمن المهم أن يسمع ترامب وجهة نظر خليجية قوية مفادها أن ليس في مصلحة أمريكا أن تضعف أصدقاءها وحلفاءها عبر العمل على انهيار أسعار النفط، وكذلك فرض رسوم جمركية تنهار معها اتفاقيات التجارة الحرة بين أمريكا ودول الخليج.. تحتاج دول الخليج إلى أخذ التزامات من واشنطن تضمن استقرار المنطقة سياسيا واقتصاديا.
سيكون على الرئيس الأمريكي، إذا أراد استعادة ثقة حلفائه، أن يُظهر استعدادا للاستماع إلى الكثير من الملاحظات الاستراتيجية وفي مقدمتها أن الخليج بات قادرا على بناء شراكات استراتيجية أمنية واقتصادية مع أقطاب جديدة في العالم، وأن تكلفة دعم إسرائيل باتت عالية سياسيا وأمنيا، وأن الشراكة الاقتصادية لا يمكن أن تغطي على فجوات الثقة.
لن تكون قمة الرياض، إذن، اختبارا لشكل العلاقة مع إدارة ترامب فقط، ولكن للحظة الخليج نفسها: هل ما زالت ترى في أمريكا شريكا حصريا، أم أصبحت شريكا بين شركاء في نظام عالمي يعاد تشكيله بلا قيادة مركزية؟ الجواب لن يظهر في البيان الختامي ولكن في الخيارات الفعلية التي تتخذها العواصم الخليجية بعد القمة.