أفريقيا.. حراك سياسي ومحاولات انقلابية غابت عن واجهة الأحداث
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
تعيش عدد من دول القارة الأفريقية على وقع أحداث كبرى وتحولات تنبئ بتغيرات في المشهد السياسي، وبرز فيها محاولات انقلاب ومعارك دامية، لكنها على أهميتها المحلية والإقليمية تكاد تغيب عن التغطية الإعلامية بعد غيابها بالفعل عن اهتمام الساسة في الغرب.
وتحظى الانقلابات والمعارك في القارة السمراء باهتمام دولي كبير في الغالب، بحكم تشابك المصالح والبحث عن مواطن جديدة للنفوذ، لكن فيما يبدو أن تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصل منذ شهرين شغلت بال الدول الغربية المنشغلة في حشد الدعم المادي والمعنوي لتل أبيب.
التقرير التالي يسلط الضوء على أهم التطورات في أفريقيا خلال الأيام الماضية:
محاولة انقلاب في سيراليونفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شهدت سيراليون محاولة انقلاب عسكري، وعاشت العاصمة فريتاون ساعات من إطلاق النار راح ضحيته 13 جنديا، وتم استهداف مستودع للأسلحة في شمال العاصمة، كما اقتحم الانقلابيون السجن الكبير وفرّ منه عشرات المعتقلين.
وقاد المحاولة الانقلابية عسكريون في الخدمة غير موالين للرئيس جوليوس مادا بيو، وساعدهم عدد من الجنود المتقاعدين.
ولم يعط القادة الغربيون زخما أمنيا ولا سياسيا للأحداث هناك، حتى مع إعلان قائد الجيش السيطرة على الأوضاع، وخروج الرئيس على شاشة التلفزيون الرسمي مطمئنا المواطنين ومعلنا للعالم عن استعادة النظام وعودة الهدوء.
محاولة انقلاب في غينيا بيساوويوم الاثنين أعلن رئيس غينيا بيساو عمر سيسكو إمبالو حلّ البرلمان، وذلك بعد 3 أيام من محاولة انقلابية فاشلة.
وجاء في المرسوم الرئاسي الذي وقعه سيسكو أن محاولة الانقلاب كشفت عن تواطؤ بين الحرس وبعض المصالح السياسية داخل جهاز الدولة، وهو أمر يستحيل معه استمرار الأداء السياسي لمؤسسات الجمهورية.
وقد أدانت كل من الأمم المتحدة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" محاولة الانقلاب في غينيا بيساو وتدخل الجيش في الحياة السياسية، في حين لم يعلق الاتحاد الأوروبي على الموضوع.
الخروج من التحالفاتمن جهتها، أعلنت النيجر إنهاء التعاون العسكري والأمني مع الاتحاد الأوروبي الذي كان يشارك في "محاربة الإرهاب" في المنطقة.
وجاء هذا الإعلان في وقت يقوم به يونس بك يفكوروف نائب وزير الدفاع الروسي بزيارة للعاصمة نيامي، التقى خلالها رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني وعددا من القادة العسكريين.
وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري أعلنت النيجر وبوركينا فاسو انسحابهما من "مجموعة دول الساحل الخمس" التي سبق لدولة مالي أن انسحبت منها عام 2022.
ومجموعة دول الساحل الخمس هي مجموعة إقليمية تأسست في سنة 2014 تحت رعاية باريس بهدف محاربة الجماعات المسلحة في الساحل والصحراء، وكانت تضم موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.
وفي وقت سابق وقّعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو على إنشاء تكتل جديد يدعى "تحالف دول الساحل".
جبهة للتغيير في موريتانياوفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلن ضابطان سابقان في الجيش الموريتاني عن تأسيس جبهة للتغيير هدفها إسقاط النظام السياسي القائم.
ووقع على البيان العقيد المتقاعد سيد اعل ولد بكار، ومجموعة أخرى من الشخصيات التي تقيم في أوروبا.
وفي البيان الذي تلاه الرائد السابق في القوات البحرية بالجيش الموريتاني أحمد ولد حسنه قالت الجبهة إن هدفها الأساسي هو إسقاط نظام ولد الغزواني.
معارك السودانكما تصاعدت المعارك الدامية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي أسفرت عن سقوط نحو 9000 قتيل، كما أجبرت المعارك 4.3 ملايين شخص على النزوح في داخل السودان، إضافة إلى 1,2 مليون فروا خارج البلاد.
وفي تعليقه على الأحداث، قال فرع منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط إن أنظار العالم تحوّلت إلى الوضع المروع في غزة، ولكن على العالم ألا ينسى مأساة السودان.
كشف القناعوفي تصريح للجزيرة نت قال أستاذ الاقتصاد بجامعة نواكشوط جعفر محمود إن الحرب على غزة كشفت القناع عن "الوجه الوقح للغرب تجاه أزمات العالم الثالث وخاصة في أفريقيا".
وأضاف الدكتور محمود أن الغرب منشغل بتعزيز موقف إسرائيل الذي يناقض مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي، وقال إن من يعرف الغرب "سيدرك أن اللوبي الصهيوني يسيطر على ثلاثي السياسة الخارجية، والإعلام، والشركات الضخمة التي تحرك عجلة الاقتصاد العالمي بما فيها تلك العاملة في أفريقيا، وطبيعي أن يهتم بدعم مواقف تل أبيب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: محاولة انقلاب
إقرأ أيضاً:
هل غابت الضفة الغربية عن حوارات واشنطن؟
تنحصر الأنباء والمعلومات المتدفقة من واشنطن بالحديث عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسيناريوهات التعامل مع إيران، فضلا عن الملفات الإقليمية الساخنة في لبنان وسوريا واليمن، إلى جانب ملف التطبيع والعمل على تنشيطه وتوسعته بالتوازي مع مجازر الإبادة والتجويع في قطاع غزة، وهي متناقضات لا يُعلم إن كان ترامب قادرا على الجمع بينها في جملة واحدة مفيدة قابلة للإعراب والصرف السياسي.
فالجملة المفيدة يصعب أن تكتمل دون ذكر الضفة الغربية في سياقها، إذ لم تُذكر في الحوارات التي أدارها نتنياهو وترامب على مدار يومين لا من قريب أو بعيد، كما لم يشر ترامب إلى سلطة رام الله التي أجهدت نفسها بإصلاحات وتغيرات من أعلى الهرم القيادي إلى أدناه دون جدوى أو فائدة ترجى، فالاستيطان يتوسع وهجمات المستوطنين تتحول إلى عمليات مميتة تذكر بهجمات عصابات الهاجناة وبالماخ وشتيرن الصهيونية في أربعينيات القرن الماضي.
ما سر التكتم على ملف الضفة الغربية؟ وما الذي يحاك لها في كواليس البيت الأبيض؟ وهل غابت سلطة رام الله ورموزها عن حوارات واشنطن؟ ومن ملأ الفراغ مكانها؛ هل هو السفير الأمريكي مايك هاكابي والزعيم الاستيطاني يسرائيل غانتس، أم أمراء ومشايخ ومخاتير الظل في الضفة الغربية ومن يدعمهم؟
المقلق أن الضفة الغربية وإن لم تظهر على طاولة البحث بين ترامب ونتنياهو، ولم ترشح التسريبات في أي إشارة لمستقبلها على نحو مريب ومتعمد، إلا أنها الفيل الذي في الغرفة ويلقي بظلاله بقوة إلى ما وراء نهر الأردن شرقا على نحو مقلق ومريب، فما سر التكتم على ملف الضفة الغربية؟ وما الذي يحاك لها في كواليس البيت الأبيض؟ وهل غابت سلطة رام الله ورموزها عن حوارات واشنطن؟ ومن ملأ الفراغ مكانها؛ هل هو السفير الأمريكي مايك هاكابي والزعيم الاستيطاني يسرائيل غانتس، أم أمراء ومشايخ ومخاتير الظل في الضفة الغربية ومن يدعمهم؟
الضفة الغربية لم تغب عن لقاءات ترامب ونتنياهو، وما مرافقة السفير الأمريكي المتطرف مايك هاكابي لنتنياهو في رحلته للعاصمة الأمريكية واشنطن إلا تعبير عن ذلك، كونه أحد أشد المتحمسين لضم الضفة الغربية للكيان الإسرائيلي، ما يجعل الملف الضفة الغربية الأكثر حضورا في أروقة الكونغرس ومجلس الشيوخ بل والدولة العميقة بطبقاتها المدنية والعسكرية والصناعية.
فالضفة الغربية تبدو حدثا يوميا هامشيا وعابرا إذا ما قيست بجرائم الإبادة التي ترتكب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وإذا ما قيست بالحروب والمواجهات الإقليمية، إلا أنها في الحقيقة ورشة عمل لليمين المتطرف يتحرك فيها بكل أريحية وتحت عناوين تطبيعيه إبراهيمية أيضا في كثير من الأحيان، فالتحركات على الأرض تشير إلى تسارع وتيرة الضم والتدمير للبنى الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين تحت مسميات عدة؛ منها أقاليم أو إمارات ومشيخات، استعدادا لمرحلة جديدة تتحول فيها المستوطنات إلى مدن شرعية والمدن والقرى الفلسطينية إلى تجمعات سكانية غير شرعية عرضة للإزالة والتدمير؛ أسوة بمسافر يطا جنوب الخليل وعرب المليحات شمال أريحا في غور الأردن.
الجائزة الكبرى التي يتوقع الاحتلال أن تحول النزيف العسكري والسياسي والاقتصادي والديموغرافي إلى نجاح يعيد الأمل للمشروع الصهيوني الاستعماري على أرض فلسطين
ملف الضفة الغربية يصعب التوقف عنده مطولا في ظل تزاحم الأحداث وقلة الموارد التي تسمح بمعالجته إقليميا وتطبيعا، وهي قيمة تفضيلية مضافة للاحتلال لم تتوفر له في قطاع غزة؛ لغياب المقاومة وضعفها في الضفة الغربية، وحضور التطبيع ووفرته، وذوبان سلطة رام الله وأجهزتها ومشروعها في مشروع التنسيق الأمني، فبدل أن تذوب وتتلاشى سلطة أوسلو ومنظمة التحرير في جسم الدولة الفلسطينية الموعودة ومشروعها العربي الكبير؛ ذابت في مشروع التنسيق الأمني والتطبيعي الإقليمي.
ختاما.. الضفة الغربية المحاصرة بالاستيطان وبالخوف تحولت ضحية للتطبيع الإبراهيمي والتنسيق الأمني، فهي لم تغب عن أجندة ترامب ونتنياهو؛ كونها الجائزة الكبرى التي يتوقع الاحتلال أن تحول النزيف العسكري والسياسي والاقتصادي والديموغرافي إلى نجاح يعيد الأمل للمشروع الصهيوني الاستعماري على أرض فلسطين، فالاحتلال لا زال يعول على الجمع بين التطبيع والاستيطان والضم وحروب الإبادة والتجويع والتصعيد الإقليمي في جملة واحدة مفيدة قابلة للصرف والإعراب السياسي والأمني والاقتصادي والإقليمي.
x.com/hma36