هل قررت إيران الانتقام لاغتيال موسوي؟
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
طهران- لم يعد اغتيال العلماء النوويين والقادة العسكريين بجديد على الرأي العام الإيراني إلا أن اغتيال الجنرال "رضي موسوي" المسؤول عن وحدة إسناد ما يعرف بمحور المقاومة في سوريا، الاثنين الماضي، كان بمثابة "ثالث لدغة من جحر واحد تتجرع طهران سمومها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي"، كما يصفها الإيرانيون.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد ألمح، أمس الثلاثاء، إلى أن تل أبيب نفذت عمليات في دول عدة تزامنا مع الحرب على قطاع غزة، لكنه لم يوضح طبيعة تلك الإجراءات وأين وقعت تحديدا.
وفي كلمة ألقاها في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست (البرلمان)، قال غالانت "نحن في حرب متعددة الجبهات ونتعرض للهجوم من 7 جبهات: غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، والعراق، واليمن، وإيران. قمنا بالرد بالفعل واتخذنا إجراءات في 6 منها".
مشروع المقاومة مستمر وبقوة مضاعفة
من هرمزالى باب المندب ومن البصرة الى بنت جبيل
ولن تثنيناالاغتيالات بل تزيدنا تمسكا بالمشروع
ومن يحلم بخروجنا من سورية سوف يموت في حسرته
فنحن لن نخرج منهاالا الى فلسطين
وهذا المشروع قائم ولو بلغ ما بلغ
بلاد الشام منها نعرج للسماء
وانتم فيها تقبرون
— محمد صادق الحسيني (@sadeghalhusaini) December 26, 2023
غضب شعبيورغم أن الجنرال موسوي لم يكن من الشخصيات الشهيرة داخل إيران بسبب عضويته في فيلق القدس -الوحدة الموكلة بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني وإقامته منذ أكثر من عقدين في لبنان وسوريا- إلا أن نبأ اغتياله كان صادما لشريحة كبيرة جدا من الشعب الإيراني.
وعقب التقارير التي نعتت موسوي بأنه ثاني أعلى رتبة عسكرية يُقتل خارج البلاد بعد الجنرال قاسم سليماني -الذي قضى في غارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع 2020- تجمع حشد كبير من الإيرانيين ليلا مقابل بوابة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني مطالبين "بالرد الفوري والمباشر ضد الكيان الصهيوني باعتباره المتهم الرئيس وراء الاغتيال"، على حد قولهم.
الغضب الشعبي الإيراني في الشارع ووسائل الإعلام الفارسية، يضع السلطة في موقف حرج بشأن الثأر للجنرال موسوي، حيث أفرط مسؤولو طهران في التهديد وتوعدوا "بجعل الكيان الصهيوني يدفع ثمن جريمة الاغتيال".
وتأتي هذه التهديدات الجديدة بعد مضي شهر واحد من إعلان الحرس الثوري مقتل اثنين من عناصره كانا يعملان مستشارين عسكريين في سوريا جراء هجمات جوية إسرائيلية، وحذرت حينها طهران "من مغبة تكرار الكيان الصهيوني حماقة جديدة عبر استهداف عناصرها في سوريا" وتوعدت بأن الرد سيكون قاسيا.
وعلمت الجزيرة نت من مصدر مقرب من الجنرال رضي موسوي -اشترط عدم الكشف عن هويته- أن السلطات الإيرانية "اتخذت قرارا بالانتقام، وستعمل على تنفيذه قريبا، إلى جانب إحكامها حزام النار على إسرائيل أكثر فأكثر وتعيين شخصية أخری خلفا لموسوي في سوريا ستجعل تل أبيب تندم على ما ارتكبته بحق سلفه".
وبينما كتب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان على منصة "إكس" أنه "يتعين على تل أبيب أن تنتظر عدا تنازليا صعبا" بعد مقتل موسوي، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية أن "الرد على هذه الجريمة سيكون صارما ومؤثرا في الوقت والمكان المناسبين وبالطريقة التي نراها ملائمة"، مستدركة أن ردها لن يوفر المجال لأي استغلالات إسرائيلية.
????#ايران تقول ان قيام اسرائيل باستهداف قائد المستشارين الايرانيين في سوريا #رضي_ال موسوي في هذا التوقيت ، محاولة لتوسيع رقعة الحرب في المنطقة وفرض الخيار الاسرائيلي على ايران لكن طهران اكدت رفض ضبط ساعتها على التوقيت الاسرائيلي لكنها توعدت برد يفوق قدرات اسرائيل.
— محمد صالح صدقیان (@msedghian) December 25, 2023
محاولة فاشلةويندرج استدراك وزارة الدفاع الإيرانية في سياق التقديرات التي ترى الاغتيال الأخير محاولة إسرائيلية لاستدراج طهران إلى المعركة المتواصلة في غزة واستغلال الحضور الأميركي والغربي في المنطقة للزج به في مواجهة مع الجمهورية الإسلامية.
في السياق، يرى السفير الإيراني السابق في لبنان والأردن أحمد دستمالجيان، أن تل أبيب فشلت في استدراج طهران إلى المعركة إلى جانب الهزائم التي تتكبدها في غزة، مؤكدا أن بلاده أذكى من أن تضبط ساعتها على "التوقيت الصهيوني" وأنها لن تسمح لحكومة اليمين الإسرائيلي بتمرير مشاريعها الرامية إلى توسيع رقعة المعركة.
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر دستمالجيان اغتيال الجنرال موسوي مؤشرا إلى شدة إيلام الضربات التي تتلقاها إسرائيل منذ نحو 3 أشهر على أكثر من جبهة، مضيفا أن تل أبيب أرادت الانتقام من طهران باعتبارها عدوها الرئيس الذي حشرها في طريق مسدود، على حد وصفه، وأن الاحتلال لن يتمكن من تقليص دعم طهران لمحور المقاومة.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن بلاده "تمتلك أدوات عديدة للانتقام من العدو الإسرائيلي كما فعلت حتى الآن وردّت بالفعل على الاغتيالات الإسرائيلية على أكثر من جبهة بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا ما تعرفه تل أبيب خير معرفة وتجرعت مرارته عدة مرات".
في المقابل، يدعو طيف من الإيرانيين إلى ضرورة الرد المباشر على تل أبيب التي اغتالت عدة شخصيات إيرانية وتلّوح بتبني تلك العمليات، وتلقي الأوساط الإيرانية باللوم على السلطات لعدم قدرتها على وضع حد للهجمات الإسرائيلية على مصالحها في سوريا.
دعوة للانتقام
وتساءل بعض المغردين الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي عن مصير الدفاعات الجوية التي قالت طهران -العام الماضي- إنها ستنقلها إلى سوريا، في حين ألقى آخرون باللوم على إيران لعدم تغيير مقراتها في المنطقة الزينبية وريف دمشق باستمرار لأنها أمست مكشوفة للجانب الإسرائيلي.
كما اتهم مغردون إيرانيون آخرون بعض الدول الأجنبية -التي تربطها علاقات جيدة بالنظام السوري- بتسريب تقارير ومعطيات أمنية لإسرائيل عن الأهداف الإيرانية في سوريا.
من ناحيته، يرى الباحث السياسي حسن بهشتي بور، أن الانتقام الفوري والمباشر على اغتيال الجنرال موسوي أضحى ضرورة ملحة للحيلولة دون تكرار مثل هذه الأحداث، مؤكدا أن الحادث الأخير لا يقل أهمية عن اغتيال إسرائيل العالم النووي محسن فخري زاده أواخر عام 2020 قرب طهران.
وفي حديث للجزيرة نت، استبعد بهشتي بور توسعة رقعة الحرب الدائرة على غزة وانجرار بلاده إليها، داعيا طهران إلى تكثيف مساعيها لمعالجة الاختراق الأمني والكشف عن الجواسيس الذين يعملون لصالح إسرائيل في سوريا منذ أعوام.
وقال إن الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل يجعلها لا تخشى تداعيات مغامراتها، معتبرا أن الرد القاطع والقاسي ضدها سيمنعها من التفكير في تنفيذ الاغتيالات بحق الشخصيات الإيرانية، محذرا من أن تل أبيب ستمضي في تنفيذ سياسة الاغتيالات طالما لم تُقابل برد قوي وقاطع.
وسواء عجلت طهران في الانتقام للجنرال موسوي أو انتظرت الوقت والمكان المناسبين، فإن بيانات نعي حركات المقاومة الإسلامية التي تخوض هذه الأيام حربا مع إسرائيل على عدة جبهات، لا تدع مجالا للشك أنها ستصعّد من عملياتها ضد تل أبيب انتقاما لحليفتها طهران.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أن تل أبیب فی سوریا
إقرأ أيضاً:
تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية الإيرانية وتلوّح بحرب طويلة محتملة
كثّفت إسرائيل عملياتها العسكرية ضد إيران، معلنة تنفيذ ضربة جوية ثانية على منشأة نووية في أصفهان واستهداف بنى تحتية عسكرية في جنوب غرب البلاد، إضافة إلى اغتيال قادة بارزين. اعلان
أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، عن تنفيذه ضربة جوية ثانية استهدفت منشأة نووية حساسة في مدينة أصفهان الإيرانية، مؤكداً أن الهجوم جاء ضمن حملة واسعة تهدف إلى شلّ القدرات النووية والعسكرية للجمهورية الإسلامية. وركّزت الغارات على منشأة لإنتاج أجهزة الطرد المركزي سبق أن استُهدفت في اليوم الأول من الحرب التي اندلعت في 13 حزيران/يونيو.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي إن الهجمات الجوية نُفذت بمشاركة نحو 50 طائرة، وشملت أيضاً اغتيال ثلاثة من كبار قادة الحرس الثوري، وُصفوا بأنهم من أبرز حلقات الوصل بين طهران والفصائل المسلحة في المنطقة. وأشار إلى أن الضربات "ألحقت ضرراً بالغاً بقدرة إيران على إنتاج أجهزة الطرد المركزي، ودمّرت أكثر من 50% من منصات الإطلاق الصاروخي الإيراني، مما خفّض من وتيرة الهجمات الإيرانية".
وفي تطور ميداني متزامن، أعلن الجيش الإسرائيلي عن شن غارات جوية جديدة استهدفت "بنى تحتية عسكرية" في جنوب غرب إيران، في اليوم التاسع من العمليات العسكرية. وذكر بيان صادر عن الجيش أن الطائرات الحربية نفذت ضربات دقيقة على مواقع عسكرية ومنشآت لوجستية تعتبر حيوية في منظومة الدفاع الإيرانية، دون الكشف عن طبيعة الأهداف بشكل مفصل.
Relatedشبهه بهتلر.. أردوغان يشن هجوماً غير مسبوق على نتنياهو ويؤكد: النصر سيكون حليف إيران في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال محتملصواريخ لم تُستخدم بعد: تعرّف على تفاصيل الترسانة الإيرانية "الفتّاكة"من جانبها، أكدت وكالتا "مهر" و"فارس" الإيرانيتان وقوع الهجمات في أصفهان، ونقلتا عن مسؤول محلي أن معظم الانفجارات كانت ناتجة عن تصدي الدفاعات الجوية، نافياً حدوث أي تسرب إشعاعي أو إصابات بشرية.
وفي سياق متصل، أعلنت إسرائيل اغتيال عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، أبرزهم سعيد إيزادي، قائد "فيلق فلسطين" في قوة القدس، الذي قُتل في شقة بمدينة قم. كما اغتيل بهنام شهرياري، قائد وحدة نقل الأسلحة في الحرس، خلال تنقله بسيارته غرب إيران، إلى جانب قيادي في وحدة الطائرات المسيّرة.
وأكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، العميد إيتي دفريين، أن رئيس الأركان أيال زمير أمر القوات بالاستعداد لحملة طويلة الأمد تستهدف المواقع النووية ومراكز تخصيب اليورانيوم والبنية الصاروخية، مشيراً إلى أن "الهجمات تتواصل ليلاً ونهاراً، وحققت إنجازات استراتيجية كبيرة".
ورغم رد إيران بإطلاق موجة جديدة من المسيّرات والصواريخ، إلا أن الجيش الإسرائيلي وصفها بأنها "دفعة صغيرة"، تم اعتراض معظمها، في حين أصابت مسيّرة إيرانية مبنى سكنياً من طابقين شمال إسرائيل دون تسجيل إصابات.
في المقابل، فشلت محادثات عقدت في جنيف الجمعة في تحقيق أي اختراق، رغم تأكيد مسؤولين أوروبيين رغبتهم في استمرار الحوار. وصرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن طهران مستعدة للعودة إلى المسار الدبلوماسي فقط "بعد وقف العدوان ومحاسبة المعتدي"، مؤكداً أن إيران لن تفاوض واشنطن تحت القصف.
وفي تحذير مباشر، قال عراقجي إن أي تدخل عسكري أميركي سيكون "خطيراً جداً على الجميع"، فيما أشارت تقارير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس الانضمام إلى الحملة الجوية الإسرائيلية، لكنه أجّل القرار لمدة أسبوعين.
ووفقاً لمنظمة حقوقية مقرها واشنطن، أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل أكثر من 722 شخصاً في إيران، بينهم 285 مدنياً، وإصابة أكثر من 2,500 آخرين. أما في إسرائيل، فقد أدت الضربات الإيرانية إلى مقتل 24 شخصاً وإصابة المئات.
وتؤكد إسرائيل أن البرنامج النووي الإيراني يقترب من "نقطة اللاعودة"، وتُبرر حملتها الجوية بأنها تهدف إلى منع طهران من امتلاك السلاح النووي. ومنذ انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، بدأت إيران تخصيب اليورانيوم حتى 60%، ما يُقربها فنياً من العتبة العسكرية (90%).
ورغم تمسّك طهران بأن برنامجها سلمي، إلا أنها الدولة الوحيدة غير النووية التي تقوم بتخصيب اليورانيوم بهذا المستوى. أما إسرائيل، فتُعتبر القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، رغم عدم إعلانها الرسمي عن امتلاكها لترسانة نووية.
وفي تطور خطير، حذّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من أن استهداف مفاعل بوشهر النووي قد يؤدي إلى "تسرب إشعاعي كبير"، واصفاً الموقع بأنه الأخطر من حيث العواقب في حال تعرضه لهجوم مباشر.
وسرعان ما ردّت طهران، إذ نشر مستشار المرشد الأعلى، علي لاريجاني، منشوراً مقتضباً على مواقع التواصل قال فيه إن بلاده "ستجعل غروسي يدفع الثمن بعد انتهاء الحرب"، في تهديد مباشر لم يسبق أن وُجّه لمسؤول دولي في هذا السياق.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة