شكّل احتجاج الأساتذة حدثا بارزا وفارقا في سنة 2023، باعتباره الأكبر والأكثر تأثيرا على قطاع حيوي واستراتيجي من حجم قطاع التربية والتكوين، حيث استطاعت تنسيقيات الأساتذة أن تشل المنظومة التّربوية، وتهديد الموسم الدراسي 2023/2024 بسنة بيضاء.

“أزمة” ككرة ثلج

بدأت أزمة قطاع التعليم ككرة ثلج. انطلقت بـاحتجاجات “أساتذة التّعاقد” لتشمل بعد ذلك القطَاع ككل.

ففي الوقت الذي كانت تناقش فيه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تعديلات النظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم مع النقابات الخمس زهاء سَنة كاملة، كان “أساتذة التعاقد” يَشنون إضرابات واحتجاجات مُتتالية، مطالبين بـ “إدماجهم في الوظيفة العمومية”، وعدم متابعة الأساتذة في محاكمات وصفوها بـ “الصورية”.

“تنسيقية أساتذة التعاقد” كانت تضع برنامجا أسبوعيا تتخلله مسيرات إقليمية وجهوية وإضرابات ووقفات داخل الساحات و”إنزالات” بالعاصمة الرباط أمام البرلمان ووزارة التربية الوطنية، معتبرين “الإدماج” المطلب الأساسي الذي يتربع على رأس أولويات ملفهم المطلبي، محدثين بذلك “شللا جزئيا” في المنظومة التربوية بقطاع التربية الوطنية.

شرارة الاحتجاج

ابتداء من 09 أكتوبر 2023، سيأخذ الزخم الاحتجاجي في قطاع التعليم منحنى جديدا، حيث أفضت جولات الحوار بين النقابات الخمس الأكثر تمثيلية والوزارة، إلى اتفاق 14 يناير 2023 باعتباره إطارا عاما جاء بعد لقاءات مارطونية وصل عددها لـما يقارب 20 لقاء بين النقابات الأكثر تمثيلية ووزارة التربية الوطنية.

هذا الاتفاق على المبادئ العامة للنظام الأساسي تحول أثناء مرسوم قانوني صودق عليه في المجلس الحكومي لـ 27 شتنبر، ونشر بالجريدة الرّسمية في 09 أكتوبر، (تحول) إلى “قنبلة موقوتة” فجرت سيلا من البلاغات والبيانات الرافضة له من طرف تنسيقيات وبعض النقابات، تحت عناوين: “نظام المآسي”، “ونظام العقوبات”، “والزحف على المكتسبات”.

أدى المرسوم، الذي تقول الحكومة إنه جاء لـ “الرقي بالمدرسة المغربية”، إلى توحيد التنسيقيات الفئوية في قطاع التعليم على كلمة واحدة وهي: “التّصعيد والاحتجاج حتى تحقيق المطالب”.

تكتلت الفعاليات الاحتجاجية في إطار التنسيق الوطني لقطاع التعليم الذي ضمّ أزيد من 23 تنسيقا فئويا، إلى جانب التنسيقية المُوحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم، وكذا تنسيقية الثانوي التأهيلي، التي أضيفت إليها نقابات fne التي انسحبت من الحوار القطاعي قبل توقيع اتفاق 14 يناير لترجع إليه قبل توقيع اتفاق 26 دجنبر، وكذا نقابة untm التي اتهمت الحكومة بـ “إقصائها” من الحوار القطاعي.

احتجاج “تاريخي”

فجّر مرسوم النّظام الأساسي لموظفي التعليم، أضخم فعل احتجاجي شلّ قطاع التربية الوطنية بجميع مستوياته لثلاثة شهور كاملة، بل إنه مازال مستمرا مُهدّدا بذلك الموسم الدراسي بسنة بيضاء، مما جعل الوزارة، أمام هذا الزخم الاستثنائي، تعترف على لسان أحد أطرها، ويتعلق الأمر بمحمد أضرضور، المسؤول عن الموارد البشرية بالوزارة الذي أكد في إحدى خرجاته الإعلامية أن “إضراب الأساتذة حقّق أرقاما قياسية غير مسبوقة”.

بالإضافة إلى الإضرابات والوقفات الجهوية والإقليمية، وكذا وقفات بساحات المَدارس، نظمت هذه الفعاليات مجتمعة أكبر تظاهرة احتجاجية مركزية بالعاصمة الرباط يوم 07 نونبر 2023، حيث حج الآلاف من الأساتذة من كل ربوع المملكة، وذلك للتعبير عن “الرفض المطلق لمضامين اتفاق 14 يناير والمطالبة بسحب النظام الأساسي، وتحسين الأجور، والرفع من حجم التعويضات”.

اتفاقات “مرفوضة”

أمام هذا الضغط اضطرت الحكومة ومعها النقابات إلى إعادة فتح النقاش حول مضامين النظام الأساسي لموظفي التعليم وإدخال تعديلات عليه بدون سحبه، حيث انتهى هذا النقاش باتفاق جديد وهو اتفاق 10 دجنبر الذي ضمّ زيادة أجرية بـ 1500 درهم، ومعالجة بعض الملفات الفئوية وغيرها من التعديلات التي تقول الحكومة والنقابات الأربع إنها “زيادة تاريخية وإصلاحات جوهرية منصفة لرجال ونساء التعليم”.

لكن لا شيء تغير في الساحة التعليمية رغم كل ذلك، فمازالت التنسيقيات الثلاث وبعض النقابات تخوض إضرابات وتقود احتجاجات إقليمية وجهوية ضدا على ما سمته “تعنت الحكومة وعدم قبول إشراكها في الحوار، باعتبارها الطرف المعني والمباشر بالأزمة”، معتبرة النقابات التي تجالسها الحكومة “غير ممثلة بشكل حقيقي لإرادة رجال ونساء التعليم”.
أمام هذا الوضع اضطرت الحكومة لتغيير استراتيجيتها التواصلية والحوارية من خلال إشراك نقابة fne قبل إدخالها بشكل مباشر لتكون ضمن التمثيلية الرسمية في الحوار القطاعي مع ضم التنسيقيات في بعض الجلسات للاستماع لمطالبها في أفق صياغة اتفاق جديد بدلا لاتفاق 14 يناير و 10 دجنبر الذي رفضته الفعاليات التي تقود الاحتجاجات في الميدان.
بعد جلسات وحوارات مستمرة لأسبوعين خرجت اللجنة الوزارية والنقابات الخمس باتفاق جديد سمي بـ “اتفاق 26 دجنبر” الذي يضم إقرار نفس الزيادة وتوسيع دائرة التعويضات وحلحلة بعض الملفات الفئوية، غير أنه قوبل مجددا بالرفض من طرف التنسيقيات التي مازالت مستمرة في معركتها الاحتجاجية في سنة استثنائية على قطاع التعليم، والتي يبدو أنها ستكون طويلة، وقد تفضي لإنهاء الموسم الدراسي إن لم يتم إيجاد حل عاجل وآني يرفع الاحتقان، ويرجع 7 ملايين تلميذ وتلميذة إلى فصول الدراسة.

كلمات دلالية احتجاجات الاساتذة اضراب الاساتذة النظام الاساسي بنموسى

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: احتجاجات الاساتذة اضراب الاساتذة النظام الاساسي بنموسى التربیة الوطنیة قطاع التعلیم

إقرأ أيضاً:

التربية والتعليم تعزز التعليم المهني والتقني ضمن رؤية تمكين الشباب

صراحة نيوز- أكد الأمين العام لوزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم المهني والتقني، محمد غيث، أن جهود الوزارة في هذا المجال تأتي انسجامًا مع التوجيهات الملكية لتمكين الشباب وإعدادهم للمستقبل، مشددًا على أن الاستثمار في التعليم المهني يُعد استثمارًا مباشرًا في تنمية الوطن.

جاء ذلك خلال رعايته أعمال ملتقى التعليم المهني والتقني “سفراء BTEC.. عقول نامية وأيادٍ ماهرة”، الذي نظمته مديرية تربية لواء سحاب، ضمن الجهود الوطنية لتطوير برامج التعليم المهني والتقني وتلبية متطلبات سوق العمل.

وأكدت مديرة تربية لواء سحاب، ختام السواريس، أن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا للتعليم المهني والتقني لما له من دور في تعزيز الاقتصاد الوطني وزيادة فرص التشغيل، مشيرة إلى أهمية البرامج الدولية في تعزيز الجانب التطبيقي لدى الطلبة.

من جانبه، شدد مدير كلية التدريب التقني المتقدم في مؤسسة ولي العهد، محمد الشوابكة، على أن التعليم المهني والتقني يشكل ركيزة أساسية لنهضة الاقتصاد الوطني، وأن الشراكة مع برنامج BTEC ترفع جودة التدريب وتعزز المهارات العملية والابتكارية لدى الطلبة.

وفي ختام الملتقى، عبّر المشاركون عن تقديرهم لجهود وزارة التربية والتعليم ومديرية تربية لواء سحاب في دعم التعليم المهني والتقني، مؤكدين أهمية استمرار هذه البرامج لمواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل.

مقالات مشابهة

  • روابط التعليم الرسمي: لا مهل بعد اليوم... والإضراب إلى التصعيد المفتوح
  • ما الذي أخر التنفيذ؟.. الكشف عن مخطط اجتياح غزة واغتيال السنوار والضيف قبل 7 أكتوبر
  • الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه
  • النقابات العمالية تطالب الحكومة بتصحيح رواتب العاملين بالمصالح والمؤسسات العامة
  • يونيسف: 165 طفلا في غزة استشهدوا بسبب سوء التغذية منذ أكتوبر 2023
  • ما موقف ألمانيا من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة؟
  • وزير التربية والتعليم يبحث تطوير التعليم الفني مع وفد بنك الاستثمار الأوروبي
  • وزارة التربية: مستمرون بدعم الأساتذة وتحسين ظروف عملهم رغم الأزمة
  • طرابلسي عن وزيرة التربية: أين الاستراتيجية والخطة التي قالت إنها تعمل عليها منذ أشهر؟
  • التربية والتعليم تعزز التعليم المهني والتقني ضمن رؤية تمكين الشباب