بوابة الوفد:
2025-06-28@05:51:19 GMT

الطبخة الأمريكية لما بعد حرب غزة

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

بعيدا عن الجدول المزدحم لوزير الخارجية الأمريكى بلينكن فى جولته الجديدة بالمنطقة، فإن أبسط توصيف لها فى حدود التصريحات الصادرة منه أنها تعد لما يمكن وصفه بالطبخة الأمريكية لما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة. يمكن تلمس ذلك بسهولة من مواقفه المعلنة والتى تحمل قدرا من التغير عن المواقف المبدئية الأمريكية التى سادت خلال الفترة الأولى بعد طوفان الأقصى مباشرة وحتى فيما بعد بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل غزة.

فواشنطن التى كانت تشجع إسرائيل على فكرة تهجير الفلسطينيين وهو ما بدا فى تصريحات مسئولين أمريكيين عدة، أصبح لها الآن موقف مختلف يقوم على ضرورة بقاء الفلسطينيين فى غزة. ليس ذلك فقط بل وعودتهم إلى الشمال وهو الأمر الذى يبدو مطروحا وبقوة أمريكيا وسط أنباء تشير إلى شروط إسرائيلية لمثل تلك العودة.

ربما يكون الجديد، وإن لم يكن جديدا تماما رغم أنه قد يكون أمرا مستغربا ومستهجنا فى الوقت ذاته، هو أن بلينكن يجرى مباحثاته مع القادة العرب وعلى رأس أجندته وخاصة بالنسبة للسعودية استئناف مباحثات التطبيع والتى كانت قد توقفت بين المملكة والكيان العبرى بعد «الطوفان».. ومن المفارقات التى تلفت النظر وتدعو لاستدعاء مقولة «أين أنت يا حمرة الخجل»، إنه فى الوقت الذى يبحث فيه الفلسطينيون عن مكان لدفن جثث موتاهم يأتى بلينكن ليقيم التطبيع على أنقاض تلك الجثث!

بعيدا أيضاً عما فى ذلك من غياب للعواطف والإنسانيات – وهذا هو مقتضى السياسة للأسف – يبدو أن ذلك هو الأساس الذى تبنى عليه واشنطن خطتها لتجاوز لحظة الطوفان وتداعياتها ولتعود المياه إلى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث. عودة إسرائيل إلى خطوط ما قبل العملية بمعنى انسحاب من غزة مع ترتيبات تضمن الأمن الإسرائيلى، وهو ما يوفر غطاء مناسبا لفشل تل أبيب فى تحقيق أهدافها من الحرب على غزة والتى كان على رأسها القضاء على حماس حيث تقلصت تلك الأهداف إلى حد قبول إسرائيل موافقة صفقة لإعادة الأسرى لا تمانع أن تكون حماس طرفها الرئيسى مقابل عودة الفلسطينيين للشمال وهو ما يعنى الإقرار بأن حماس باقية ولم يتم القضاء عليها.

صحيح أنه من الواضح أن الموقف الأمريكى ربما يأتى على غير رغبة إسرائيلية وهو أمر يبدو واضحا فى ممانعة قادة الكيان خوفا من انكشافهم أمام الرأى العام الإسرائيلى، ولكن يبدو أن هذه أولويات واشنطن فى تلك المرحلة وقف الحرب والدفع بالتطبيع وتجنب حرب إقليمية ربما تتطور إليها الأمور دون أن يقصد أى طرف الوصول إلى تلك المرحلة. كل تلك أمور ربما تؤشر لاختلاف اولويات واشنطن عن أولويات تل ابيب، ما يكشف عن أن الأخيرة لا تعدو أن تكون سوى أداة فى يد الإدارة الأمريكية رغم المماحكات والممانعات وهذا أمر يبدو مفهوما ومتصورا، على عكس الحال فى تعامل الإدارة الأمريكية مع قياداتنا العربية!

ربما تكون جولة بلينكن ورؤيته طوق نجاة لإسرائيل التى تغرق فى وحل غزة رغم الخسائر الضخمة التى تلحقها بالقطاع وتجاوزت على مستوى الخسائر البشرية 23 ألف نسمة حتى الآن، غير أنه يبقى أن المهم الحفاظ على قوة الدفع التى حققتها عملية طوفان الأقصى وعدم تفويت النتائج التى يمكن أن تترتب عليها وهو أمر لن يتم سوى بإصرار عربى على عدم فتح ملف التطبيع حتى ولو فى الوقت الحالى على الأقل إلى أن تتضح الرؤية وليكون كما كان عليه من قبل، قائما على مبدأ الأرض مقابل السلام وليس تطبيعا مجانيا كما هو حاصل أو قد يحصل فى حدود الرؤية التى يطرحها بلينكن.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تأملات الجدول المزدحم حدود

إقرأ أيضاً:

الحلقة رقم (٦) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة

●الحلقة رقم (٦) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة ..
● في هذا التسجيل أشرت الى شقيقه المقدم الطيب الأمين كبة الذي يقاتل في صفوف القوات المسلحة من منطلق قناعته الشخصية بأنه ضابط بالقوات المسلحة السودانية وقد أدى قسم الولاء بأن يدافع عن هذه الدولة وأرضها وشعبها ، وهو من زمرة الذين كان لهم الفضل في تحرير معسكر جبل سركاب بكرري منذ اليوم الأول للحرب ، وقد أصيب لاحقاً في واحدة من معارك حرب الكرامة ..

● ناقشته في كل الأشياء التي طرحها لى معتبراً إياها أسباباً جعلته يتخذ هذا الموقف الغريب والذى لا يشبه ضابطاً برتبة عظيمة نشأ وترعرع في كنف هذه المؤسسة العسكرية القومية …
● ناقشته في شكل الدولة السودانية التى نريد ، وطرحت له بعض المعالجات التى تؤمن بها مجموعتنا التصحيحية ونعتقد أنها بمثابة العلاج الناجع لمشكلة الدولة السودانية منذ أن نالت إستقلالها في العام ١٩٥٦م..

●صراحة لم تقنعني كل المبررات التى ساقها وطرحها لى عبر هذا التواصل الأثيري ، لأنها لا تقف على قاعدة صلبة ، ولا حتى نقاط مشتركة يمكن التأسيس عليها …
●نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعاً الى سواء السبيل ..

عبد الباقي الحسن بكراوي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ترامب يتحدث عن وقف قريب لإطلاق النار في غزة.. ربما في هذا التوقيت
  • كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟
  • هآرتس: الدعوة لإلغاء محاكمة نتنياهو ربما تورطه في قضية جديدة
  • نتنياهو يرى فرصة لتوسيع اتفاقات السلام بعد الحرب مع إيران
  • وزراء في حكومة العدو: ما فعلناه في غزة لم يحقق نتائج
  • ما ارتداه رئيس أوكرانيا بقمة الناتو يشعل تكهنات بأن ترامب هو السبب
  • ترامب يؤكد أن حل الصراع في أوكرانيا أصبح أصعب مما يبدو
  • ترامب يقترح إعادة لقب "وزير الحرب" بدلا من وزير الدفاع
  • ???? حمدوك يثني على الامارات ولكنه قال أن السعودية طردت السودانيين والكويت أيضا !
  • الحلقة رقم (٦) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة