الأسبوع:
2025-05-07@17:56:03 GMT

الرهانات الخاسرة

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

الرهانات الخاسرة

راهن العرب منذ فترة طويلة على مجموعة من الاحتمالات التي تستند إلى القانون الدولي، وللقيم الحضارية من ناحية، وإلى ضرورات المصالح وحمايتها من ناحية ثانية، إضافة إلى احتمالات الحماية من المحور المخالف بقصد إعادة التوازن، أو سباق النفوذ والمصالح.

وتفصيلًا راهن العرب على أن القوانين الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة، وأقرها العالم كله، والخاصة بحماية المدنيين، وتجريم إبادتهم، أو تجويعهم، أو حصارهم، أو قتل الأسرى، أو تعذيبهم، أو استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، وتجريم تدمير المنازل والمؤسسات الخدمية، والمناطق الأثرية، وكل هذه الجرائم التي أسسوا لها نظامًا دوليًا، من مجلس أمن يملك التدخل العسكري لمنعها، إلى محكمة عدل دولية لتجريم وعقاب من يفعلها، كانت أحد الرهانات الخاسرة التي اعتمد عليها العرب عندما بدأ أول صدام عربي مع الإمبراطورية الأمريكية التي تقود العالم، وتجره خلفها.

وكان الصومال هو الميدان الذي جرب فيه العرب اختبارهم الأول مع التزام أمريكا وأوروبا بتلك القوانين، وانتهى الصومال إلى دولة فاشلة منذ العام 1992، وحتى الآن، بفعل ارتكاب أمريكا وخلفائها الغربيين لجرائم الحصار، والتجويع، والألعاب الاستخبارية التي تنتقم من الصومال لأنه سحل على الأرض جنودًا أمريكيين في عملية إعادة الأمل التي كانت تحاول بها أمريكا استعمار الصومال.

وجدد العرب رهانهم الخاسر مرة أخرى مع غزو العراق في العام 2003، عندما أوهمهم الأمريكان أنهم جاءوا إلى بلاد الرافدين فقط لتخليص العراق من نظام صدام حسين الإرهابي، ولكنهم عندما دخلوا بتحالف من 60 دولة أوروبية، وعربية، وآسيوية، واعتبروا أن شعب العرق كله إرهابي، وأن حضارته، وتاريخه، وأرضه، وفراته، ونخيله إرهابيون يجب القضاء عليهم.

وكان يجب أن يسقط رهان العرب على ما يسمى بالقوانين الدولية، وقيم الحضارة الأمريكية، والأوروبية، ولكنهم ظلوا يتمسكون بتلك الرهانات الخاسرة.

وجاءت الحرب الأمريكية - الإسرائيلية على غزة أصغر وأفقر قطاع عربي في أمتنا، وأيضًا راهن العرب على أن أمريكا، وإسرائيل، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، إنما جاءوا واشتركوا في الحرب فقط لضرب ما يسمى بإرهاب حماس.

واستمتع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بالضحك على العرب، والسخرية منهم عندما تجول في عواصمهم ويقنعهم أن الحرب هي أسبوع أو أسبوعان سيتم التخلص فيهما من قيادات حماس الإرهابية، ثم نجلس سويًا على منضدة الحوار، لنعيد إعمار غزة، ونبدأ سلامًا مع الفلسطينيين، تمهيدًا لإعلان دولة فلسطين، التي تضم غزة والضفة الغربية.

كان الرجل فرحًا وسعيدًا، وهو يحصل على الدعم والموافقة، بل ويشاهد هذا التسابق المحموم، وهم يتسابقون على تجرع كؤوس الوهم الكاذبة، وبدلًا من أسبوع أو أسبوعين يسمح فيها لإسرائيل بتصفية الإرهاب المزعوم، دخلت الحرب الآن شهرها الرابع، وبدلًا من ترك الأمر لإسرائيل، حاربت كل جيوشهم إلى جانبها، وكأنها حرب عالمية ثالثة، وبدلًا من قتل وملاحقة قيادات حماس، سحقوا رؤوس آلاف الأطفال، والناس، والعجائز، ولم يتركوا شيئًا حيا على الأرض إلا ودهسوه، وكما فعلوا في العراق سحقوا المنازل والمؤسسات، والأبراج، ونهبوا الوثائق، والآثار، واستخدموا كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا، ومنعوا الماء والغذاء والدواء والكهرباء والاتصالات، ولم يتركوا فعلًا نص القانون الدولي على تجريمه إلا وفعلوه مجتمعين ومتحدين في حرب عالمية ثالثة مذهلة، وهم كانوا يواجهون في الحربين الأولى والثانية دولا وجيوشا وطائرات وصواريخ ودبابات، وخططا عسكرية، واستخبارات، ولكنهم جاءوا الآن يواجهون مجموعات بشرية بسيطة لا تجد دعمًا أو مساندة من أي دولة من دول العالم، صنعوا بأيديهم أسلحتهم البدائية للدفاع عن أنفسهم ووطنهم وكرامتهم، في مواجهة هذا الطغيان الأسود، الذي لا يبدو أبدا أنه سوف يتوقف عند غزة، ولكنه ضرب في اليمن، وفي لبنان، وفي العراق، وسوريا ضربات أولية تشير إلى أن رهانا آخر خسره العرب، وهو وهْم أن الحرب ستقف عند غزة.

وكان أحد الرهانات الخاسرة، هو ظن العرب أن أمريكا وروسيا سوف تتدخلان حتمًا في الحرب ضد هذا التحالف الذي يذيقهما الويلات في أوكرانيا، وتايوان، وأن فرصة تاريخية لجرجرة هذه العصابات الإجرامية بعيدًا عن عواصمهم وإدخالهم في بئر سحيقة بالشرق الأوسط لا يخرجون منها، ولكن حتى هذا الرهان قد سقط، واتضح أن كلا البلدين يحاول بيع موقفه في الشرق الأوسط للحصول على تخفيف المواجهة مع الإمبراطورية الكونية التي تديرها عصابات اليهود.

وأخيرًا، لا يجب أبدًا أن يراهن العرب بعد اليوم إلا على أنفسهم، وقوتهم، وسلاحهم، ووحدتهم، ولا يُعقل أن يحاربونا جماعات، وهم الأقوياء، ونحاربهم فرادى ونحن الضعفاء.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

العلاقي: كنت أتغدى مع السجناء عندما كنت وزيراً للعدل

قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي، محمد العلاقي، أنه كان يتغدى مع السجناء عندما كان يشغل منصب وزير العدل.

وأضاف العلاقي، في منشور عبر «فيسبوك»: “كنت وزيرا للعدل لفترة لا تتجاوز السنه  وفي أحيان كثيرة  اضطر أنا وزميلي الدكتور خليفه الجهمي  والأستاذ جمال بنور إلى ما بعد الدوام  الرسمي، فنضطر إلى الغداء في مقر الوزارة، حيت تكون وجبة من الوجبات التي تعدها التشاركية  للسجناء  لا أكثر”.

وختم موضحًا؛ “فقط أقول هذا لكيف هي الوجبات الآن في الوزارات والمؤسسات؟!”.

الوسومالعلاقي

مقالات مشابهة

  • قانون الغاب
  • وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الصومالي يجتمع مع سفير دولة قطر
  • وزير الطوارئ والكوارث لـ سانا خلال الاجتماع التشاوري للوزارة :إحداث مركز وطني لإزالة مخلفات الحرب والألغام غير المتفجرة ‏التي خلفها النظام البائد
  • سموتريتش: على العرب أن يتعرضوا لنكبة جديدة
  • العلاقي: كنت أتغدى مع السجناء عندما كنت وزيراً للعدل
  • ما أقدسَ .. أم ما أرخص .. التُراب
  • نقابة الصحفيين السودانيين: يوم حرية الصحافة العالمي “عندما تهدأ البنادق، تبقى الحقيقة فقط شاهدًا
  • التايمز: الحوثيون يملكون زمام المبادرة في البحر الأحمر وكلفة الحرب عليهم قليلة مقارنة بمليارات أمريكا
  • فتور في العلاقات المصرية الصومالية مع صعود نفوذ إثيوبيا
  • هل هؤلاء الرجال جبهة؟