معهد الأبحاث يؤكد أهمية الاستثمار في العنصر البشري باعتباره أهم عناصر ثروة الوطن
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
أكد معهد الكويت للأبحاث العلمية أهمية العنصر البشري باعتباره أحد أهم عناصر الثروة الوطنية وأن الاستثمار فيه على أسس علمية مدروسة يعتر أفضل أنواع الاستثمار وأضمنها مردودا.
وقالت مديرة دائرة تنمية القوى العاملة في المعهد منى الفيلكاوي في تصريح صحفي إن (الأبحاث العلمية) وبناء على ذلك أطلق دورة التدريب الطلابية الربيعية الـ35 للمعهد اليوم الأحد بمشاركة 50 طالبا وطالبة.
وأضافت الفيلكاوي أن دورة التدريب التي تنظمها دائرة تنمية القوى العاملة في المعهد للمرحلة المتوسطة وتستمر حتى الأول من فبرايرالمقبل تهدف إلى تنمية مهارات الطلبة بأساليب تدريبية وعلمية مشوقة عن طريق عمل التجارب المخبرية والزيارات الميدانية.
وذكرت أن الدورة تشمل كذلك عدة برامج علمية هي برنامج (أبحر في عالم المياه) و(مخترعو المستقبل) و(التصميم الهندسي) و(الهندسة العكسية) و(مغامرات في العمارة) تحت إشراف مجموعة من باحثي المعهد المختصين في تلك المجالات.
المصدر كونا الوسومالعنصر البشري معهد الأبحاثالمصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: العنصر البشري معهد الأبحاث
إقرأ أيضاً:
«عين غزال».. شاهد على التاريخ البشري
أبوظبي (الاتحاد)
في عصور سابقة، قبل اختراع الكتابة، كان الفن هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن مشاعر البشر وأفكارهم. وفي متحف اللوفر أبوظبي، يقف تمثال «عين غزال» الأردني كدليل حي على النهضة الفنية والروحية التي عاشها أسلافنا قبل حوالي 9000 عام. ومنذ لحظة دخولهم معرض «القرى الأولى»، تبدأ رحلة الزوار في متحف اللوفر أبوظبي، ليأسر أنظارهم تمثال عين الغزال، وهو من أقدم التماثيل البشرية الضخمة، تم اكتشافه في موقع عين غزال الأثري قرب عمّان في الأردن. تم نحت هذا العمل الفني الفريد بين الألفية الثامنة والسابعة قبل الميلاد، في فترة شهدت نشوء المجتمعات الأولى وابتكار رموز تعبر عن هويتها.
وتسلط آمنة الزعابي، مساعدة أمين المتحف في اللوفر أبوظبي، الضوء على دور التمثال في السرد العالمي للمتحف، خاصة وأنه تم اكتشافه في منطقة تُعتبر مهد الحضارات. وتوضح قائلة: «يُعتبر تمثال عين غزال استثنائياً، ليس فقط بسبب عمره، بل لما يمثله من تحول. إنه شاهد على ظهور مجتمعات مستقرة، وهياكل اجتماعية متطورة، وقدرة أصحابها على التعبير الفني وابتكار تقنيات جديدة».
ويُشارك المتحف في سرد الرواية الأوسع للمنطقة الثقافية في السعديات، التي تضم سبع مؤسسات ثقافية، وتأخذ الزوار في رحلة عبر تاريخ عالمنا والثقافات المشتركة التي تجمعنا، كل ذلك يُعرض لأول مرة من منظور أبوظبي. وفي هذا السياق، يروي متحف اللوفر أبوظبي قصصاً من الإبداع البشري، من خلال تنسيق مقتنياته بعناية حول لحظات محورية تتجاوز الحضارات والجغرافيا والأزمنة.
إن تمثال عين غزال يقف على أعتاب هذه الرحلة، مُجسّداً الانتقال من الحياة البدوية إلى الاستقرار في المجتمعات الزراعية. وتقول الزعابي: «شهدت هذه الفترة ظهور رموز اجتماعية جديدة. ويُقدّم لنا التمثال لمحة عن الطريقة التي ربما نظر بها البشر الأوائل إلى القيادة، أو النسب». مع ذلك، تُقرّ الزعابي بأن لا يوجد أحد يعرف الغرض الدقيق للتمثال، إذ كان ذلك في فترة سبقت الكتابة بكثير، لذا يضطر علماء الآثار إلى الاعتماد على استخدام الأدلة التي خلقها الزمن في الرمال لتكوين وصياغة نظرياتهم.
وتمثال عين غزال هو واحد من أكثر من 30 تمثالاً من الجص، عُثر عليها مدفونة بعناية وتبجيل في حفرتين منفصلتين تحت مساكن مهجورة في قرية عين غزال التي تعود إلى العصر الحجري الحديث، وهو موقع سُمي نسبةً إلى نبع ماء قريب. وتُشير هذه الطريقة الدقيقة في الدفن إلى دلالة طقسية أو شعائرية مهمة. وفي هذا الشأن توضح الزعابي: «لم تُرم هذه التماثيل ببساطة أو تُدفن مع رفات بشرية فحسب، بل وُضعت بعناية تحت أرضيات منازل مهجورة، مما يُشير إلى أنها كانت تحمل معنى عميقاً لدى صانعيها. ولا يزال الجدل قائماً حول ما إذا كانت تُمثل أسلافاً، أم قادة أوائل».
أهمية فنية ورمزية
كشفت الزعابي أيضاً عن أن آثار الطلاء الموجودة على بعض التماثيل، إلى جانب وجود تجويف فوق الجبهة يُرجَّح أنه كان مخصصاً لوضع شعر مستعار أو غطاء للرأس، كما وتُشير إلى أن هذه التماثيل ربما كانت مزينة ومغطاة بألوان زاهية. ومع ذلك، لا يستطيع علماء الآثار والمتخصصون تفسير هذه التفاصيل إلا بالاعتماد على الأدلة المتوفرة، مما يُضفي على وجود التمثال في متحف اللوفر أبوظبي طابعاً غامضاً يثير الفضول.
وإلى جانب أهميته الفنية والرمزية، يُعدّ تمثال عين غزال دليلاً على التقدم التكنولوجي المبكر الذي صمد عبر آلاف السنين. وتوضح الزعابي: «كانت تقنية الجص الكلسي ابتكاراً رئيسياً في ذلك الوقت. فقد استُخدمت في كل شيء، من الأرضيات وأغطية الجدران إلى الحلي والأعمال النحتية مثل هذا التمثال». ومع ذلك، فقد ترك عامل الزمن بصمته الحتمية على القطع الأثرية، وتوضح الزعابي: «في الأصل، صُنعت التماثيل باستخدام هيكل داخلي من حزم القصب والكُحل المستخلص من مادة القار لعمل حدقة العين، ولكن عندما اكتشفها علماء الآثار عامي 1983 و1985، كانت هشة، وقد تضررت بنيتها الهيكلية بشكل كبير». وقد تولى خبراء من مؤسسة سميثسونيان في واشنطن العاصمة والمتحف البريطاني في لندن مهمة الترميم الدقيقة والشاقة، حيث قاموا بتثبيت التماثيل وترميمها بعناية فائقة، وهي عملية استغرقت قرابة عقد من الزمن.
ووفقاً للزعابي، فعلى الرغم من إنجازاتها الفنية والتكنولوجية، واجهت مجتمعات العصر الحجري الحديث التي صنعت تماثيل عين غزال تحديات بيئية. «مع نهاية الألفية السابعة قبل الميلاد، نشهد أدلة على انتشار إزالة الغابات واستنزاف الموارد. وربما أجبر هذا الأمر المجتمعات على هجر مستوطناتها والبحث عن مناطق جديدة لإعادة التشكُل والبناء». إنها حقيقة تكشف أن حتى أقدم الحضارات كانت مضطرة للتعامل مع تغيّر المناخ وتبعات التأثير البيئي الناتج عن الإفراط في استغلال الموارد. وتُشكل معاناتهم انعكاساً واقعياً يُثير التأمل في قضايا الاستدامة التي نواجهها اليوم.
جسور ثقافية
منذ عرضه في عام 2017، يُعد تمثال عين غزال من أبرز القطع في مجموعة متحف اللوفر أبوظبي. وقد أُعير التمثال من متحف الأردن في عمّان، ليُجسّد التزام المتحف بتعزيز الشراكات الدولية. وفي عام 2022، سافرت الزعابي إلى الأردن للمشاركة في المؤتمر الدولي «تاريخ وآثار الأردن» في جامعة اليرموك، حيث تحدثت عن أهمية التمثال ومكانته ضمن السرد العالمي الذي يقدّمه المتحف. قائلة: «كانت أيضاً فرصة لتعريف الجمهور الأردني بأهمية التمثال ضمن قصة اللوفر أبوظبي، وكيف يُسهم في ترسيخ العلاقات القوية القائمة بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة».
إن القطع الأثرية، مثل تمثال عين غزال، تُشكّل جسوراً ثقافية تربط بين الحضارات القديمة والجمهور المعاصر. فعندما يقف الزوار أمام عينيه الأخّاذتين، المُكحلتين، يُذكّرهم ذلك بأن التاريخ ليس مجرد سلسلة من الأحداث البعيدة، بل هو قصة مستمرة لا تزال تُشكّل فهمنا لهويتنا. وتختتم الزعابي بقولها: «إنه لشرفٌ لنا أن نُشارك هذه القصص. هذا التمثال ليس مجرد أثرٍ، بل هو رابط حي مع التجربة الإنسانية المشتركة»، وهو يُجسد التزام متحف اللوفر أبوظبي بعرض مثل هذه القطع الفنية، حرصه على أن يبقى إرث تمثال عين غزال وصانعوه حاضراً، من خلال حوار خالد بين الماضي والحاضر.