هل صار اسمها من الممنوعات ؟
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
في القدس. يهود يرفعون علم فلسطين تنديداً بالهجمات الصاروخيّة على غزة من دون ان يعترض عليهم أحد، فحرية التعبير مكفولة لليهود فقط. وفي المملكة العربية السعودية رفع لاعبو النادي الأهلي المصري علم فلسطين تضامناً مع غزة فانهالت عليهم الشتائم واللعنات لأن حرية التعبير غير مكفولة هناك للمتضامنين مع الحق.
وفي المستوطنات الإسرائيلية تظاهر متدينون يهود من جماعة (ناطوري كارتا) وكانوا يرفعون الأعلام الفلسطينية في (عيد الاستقلال)، تعبيراً عن رفضهم للصهيونية من دون أن يعترض عليهم أحد. وفي امريكا خرج اليهود في مظاهرات عارمة، وكانوا يلوحون بالعلم الفلسطيني في الساحات والشوارع من دون ان يمنعهم احد. .
ومن داخل الكنيست الإسرائيلي رفع النائب (أحمد الطيبي) عقيرته بالصياح للتعبير عن حبه لفلسطين، وطالب بوقف إطلاق النار على غزة. ثم بصق بوجه (بن حقير) الذي كان جالساً أمامه، ونعته بأبشع النعوت والأوصاف. قال له: انت مجرم يا بن غفير. ولن يغفر لك الله ما اقترفته يداك من جرائم تقشعر لها الأبدان. .
لكن الأوضاع مختلفة تماماً في بعض الديار العربية والإسلامية، فقد تعرض الممثل المصري محمد إمام، نجل الفنان عادل إمام، إلى هجوم واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي عقب توجيهه رسالة تضامن للشعب الفلسطيني خلال مشاركته في حفل توزيع جوائز (جوي أوردز) بالرياض. وكل القصة وما فيها انه القى كلمة قصيرة من جملة واحدة، قال فيها: (يحيا الشعب الفلسطيني)، فانتقده المغردون والمطبلون بسبب ثناءه على الشعب الفلسطيني. قال بعضهم: ان كلمته المُختزلة جاءت في غير محلها. .
عاد محمد امام مع شقيقه إلى وطنه، وربما سيلقى اللوم والتوبيخ والإساءة من السلطة المصرية، التي سبق لها ان اتخذت قراراً ظالماً بحبس الشاب (عز منير خضر) بسبب رفعه علم فلسطين في ملعب القاهرة أثناء مباراة منتخب مصر وجنوب أفريقيا. ثم أصدرت السلطات قراراً بمنع رفع علم فلسطين أو بيعه. بعد ذلك ببضعة اشهر اختفى شاب مصري (عمر مرسي) من ميدان التحرير بعد رفعه علم فلسطين، ولم يعد إلى منزله منذ عامين، واعتقلت الشرطة المصرية الصحفية (نور الهدى زكي) بعد رفعها علم فلسطين في ميدان التحرير، ثم أخلي سبيلها بضمان محل إقامتها بعد احتجازها من قبل القوات الأمنية أثناء محاولتها التضامن مع الشعب الفلسطيني. . وسبق ان تداولت المنصات فيديوهات مثيرة للجدل لعناصر من الشرطة الفرنسية وهم بصدد محاولة منع مشجعين تونسيين من رفع علم فلسطين في ملاعبهم. .
العَلَم الفلسطيني هو تعبير عن وجود شعب، له هوية وعَلَم ووطن وله حقوق طبيعية في الحرية والاستقلال والسيادة على وطنه، حتى وإن لم تتحقق هذه السيادة بعد. . هذا يفهمه الصهاينة جيداً. وينبغي ان تفهمه الشرطة السعودية والشرطة المصرية. . .
كلمة أخيرة: الحياة دواره تصيب الظالم بما ظلم. الشامت بما شمت. المسئ بما أساء، فالمشاهد ستُعاد، والأدوار ستتبدل. وكل ساقٍ سوف يُسقى بما سقى. فلا تحزن وربك أعدل العادلين. .
د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات علم فلسطین
إقرأ أيضاً:
من اليمن إلى فلسطين: المشروع القرآني يفرض معادلاته
محمد الجوهري
الاتفاق الأخير بين صنعاء وواشنطن لم يكن وليدَ ضعفٍ أو تراجع، بل هو نتيجةٌ طبيعية لمسار طويل من العمليات البطولية التي فرضت على العدو الأمريكي إعادة حساباته، والقبول بالمهادنة مقابل الحفاظ على مصالحه الخاصة، حتى لو كلّفه ذلك التخلي عن حماية الكيان الصهيوني، حليفه التقليدي. وهذه سابقة غير معهودة في تاريخ السياسة الأمريكية، التي طالما قدمت مصالح “إسرائيل” على حساب شعوبها ومبادئها، لكن يبدو أن الموازين قد تبدلت، وأن الزمن قد أذن بمرحلة جديدة، عنوانها التحرر والاستقلال، وبوّابتها بإذن الله تحرير الأقصى.
هذا التحول يعيد إلى الأذهان اتفاقاً مشابهاً حصل قبل نحو عقدين، وتحديدًا خلال الحرب الثالثة على صعدة، أواخر عام 2006. فقد اضطر حينها نظام علي عبدالله صالح، ولأول مرة، إلى وقف عدوانه عبر اتفاق مباشر مع المجاهدين، في سابقة كسرت غرور السلطة وغيّرت قواعد المواجهة. ذلك الاتفاق الذي قاده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي – حفظه الله – كان بمثابة إعلان هزيمة للسلطة العميلة رغم تفوقها العددي والتسليحي، بعدما عجزت عن تحقيق نصر عسكري حاسم. وتضمّن الاتفاق حينها الإفراج الكامل عن مئات الأسرى من المجاهدين، في خطوة مثلت ضربة قاصمة لنظام صالح وأدواته من الخونة المحليين، الذين انخرطوا في العدوان بدوافع نفاقية بحتة.
وكما هي عادتهم، لجأ الخونة بعد تلك الهزيمة إلى تبرير موقفهم بترويج فرضية “المسرحية”، واعتبار الحرب مؤامرة استهدفتهم هم لا غيرهم، في محاولة بائسة للتنصل من نتائج الفشل. فاضطر كثير منهم إلى الرضوخ للمشروع القرآني، وقبوله كأمر واقع، فيما اختار آخرون الهروب بعدما أدركوا أن الحسم العسكري لم يعد مطروحاً، وأن المشروع القرآني لم يعد فكرة قابلة للإجهاض، بل أصبح واقعاً قائماً يتعذر تجاوزه.
واليوم، تتكرر مأساة الخونة، ولكن هذه المرة على نطاقٍ أوسع بكثير وأكثر فداحة. فلم يعد الخونة مجرد زعامات محلية أو شيوخاً مأجورين من أبناء صعدة، بل أصبحوا أنظمة بأكملها، يقودها حكام أغلب الدول العربية الذين باعوا قضايا الأمة في سوق الذل والتطبيع، وارتموا في أحضان العدو الصهيوني، ظنًّا منهم أن الولاء له يحمي عروشهم من السقوط. ومعهم، أيضاً، جحافل من الفصائل المسلحة المرتزقة، ممن ارتضوا أن يكونوا أدوات للعدوان وأذرعاً عسكرية تخدم أجندات الاستكبار العالمي.
هؤلاء الخونة، على اختلاف مواقعهم ومسمياتهم، وجدوا أنفسهم في نهاية المطاف أمام حقيقة واحدة لا تقبل الجدل: أن المشروع القرآني الذي ولد من رحم المعاناة والتضحيات، لم يعد ظاهرة محلية أو حركة مقاومة محاصرة، بل تحوّل إلى قوة إقليمية عظمى، لها كلمتها ومشروعها وأهدافها، وتتمدد بثباتٍ في وعي الأمة وساحات المواجهة. لقد أدركوا – مكرهين – أن لا مفر من التعايش مع هذه القوة الجديدة، بل والخضوع لمعادلاتها، لأنها ببساطة باتت تمسك بزمام المبادرة وتفرض شروطها على الأرض، كما فعلت في اليمن، وفي البحر الأحمر، وعلى أبواب فلسطين.
فالمعادلة انقلبت، والمشروع القرآني بات في موقع المهاجم، لا المدافع، والمبادر، لا المنتظر. أما هم، فانتقلوا من موقع السيادة إلى خانة الترقب والارتهان، يحسبون كل صيحة عليهم، ويراقبون كل بيان، وكل عملية، وكل موقف، لأنهم يعلمون جيدًا أن هذا المشروع لا يعرف المهادنة مع الخيانة، ولا يقبل التعايش مع الاحتلال، وأن أول تحركاته الحاسمة – والتي بدأت فعلياً – هي فتح الطريق نحو تحرير فلسطين من دنس الصهاينة، وإعادتها إلى حضن الأمة، طاهرةً محرّرة، مرفوعة الراية.
إن ما جرى ويجري اليوم، ليس مجرد تحولات سياسية عابرة، بل هي دلائل قاطعة على اقتراب وعد الله لعباده الصادقين، وتبدل سننه في الأرض. فالأقصى اليوم أقرب من أي وقت مضى، والخونة، في كل مكان يعيشون أسوأ لحظات الانكسار والتهميش. لقد سقطت الأقنعة، وتكشفت النوايا، وباتت الأمة قادرة – بمشروعها القرآني – أن تصنع التاريخ بيدها، وأن تعيد العزّة والكرامة إلى ديارها، وما النصر إلا من عند الله.