جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@05:39:43 GMT

الحل المُرضي للجميع في فلسطين

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

الحل المُرضي للجميع في فلسطين

 

 

د. عبدالله الأشعل **

 

في البداية، لا بُد أن نُحيي المُقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمنية على البطولات التي أدُّوها، وسيظل للمقاومة مكان مرموق في قلوب الشعوب العربية.

أما الحل المُرضي للجميع في فلسطين، والذي أشرنا إليه في عنوان هذا المقال، فيقوم على المُعطيات الآتية:

أولًا: أن أمريكا تريد الهيمنة على غزة وليكن ذلك استثمارا للثروات الفلسطينية، ولكن الذي يوافق على ذلك هو الشعب الفلسطيني نفسه وليس أي أحد آخر.

ثانيًا: أن بعض الحكام العرب لا يميلون للمقاومة لأسباب مختلفة ولذلك فإنَّ هذا الحل يرضيهم تمامًا.

ثالثًا: أن أمريكا تتربص بإيران وتُريد قطع الصلة بين إيران والمقاومة وهذا الحل يُحقق هدف أمريكا.

رابعًا: رددت التقارير الدولية أن غزة تعوم على ثروة بترولية وغازية هائلة، وهذا ما أسال لعاب الولايات المتحدة. وهذا الحل يُحقق هدف الولايات المتحدة بالتعاون مع الدولة الفلسطينية.

خامسًا: أن إسرائيل في فلسطين لها وضعان؛ الوضع الأول: خاص بإسرائيل في المنطقة بأسرها وهي فوق القانون الدولي وتفعل ما تشاء، اعتمادًا على الحماية الأمريكية؛ بل إنَّ واشنطن شريك مباشر في أعمال الإبادة لأن لها تاريخ طويل في ذلك في أمريكا الشمالية منذ نهاية القرن الخامس عشر. أما الوضع الثاني؛ فهو الأراضي الفلسطينية التي تُشكِّل الدولة الفلسطينية. وإسرائيل ليس لها علاقة بهذه الدولة التي نشأت رسميًا عام 2012، علمًا بأنَّ الفلسطينيين قبلوا قرار التقسيم عام 1988 في دورة المجلس التشريعي في الجزائر. وإسرائيل رفضت هذا القرار رغم إنه صدر لصالحها؛ فإسرائيل بالنسبة للأراضي الفلسطينية تُمثِّل سلطة احتلال. أما المشروع الصهيوني القاضي بإبادة الفلسطينيين وإفراغ فلسطين من أهلها والاستيلاء على كل فلسطين من جانب إسرائيل، فيجب أن تتخلى عنه إسرائيل. وهذه هي المشكلة الحقيقية في فلسطين.

والحل الذي نقترحه فيما بعد ليس بحاجة إلى حلول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو غيره.

سادسًا: أن ترامب يريد إنشاء "إسرائيل الكبرى"، وهذا المخطط يجب أن يتخلى عنه ترامب إذا أرادت إسرائيل أن تعيش في هذه المنطقة التي زُرِعَت فيها، ويريد ترامب أن يُؤمِّن إسرائيل من أكبر مُهدداتها، وهي المقاومة الفلسطينية؛ لأنَّ المقاومة في الدول المجاورة كانت تتضامن مع المقاومة الفلسطينية، والمقاومة كما أسلفنا في بداية المقال لها كل الاحترام وأدت دورها كاملًا، كما إن المقاومة قائمة بسبب الاحتلال، والمؤكد أن إسرائيل سلطة احتلال للأراضي الفلسطينية في قرارات المحكمة الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ولا يجوز لسلطة الاحتلال أن تبيد الشعب المحتل، وإنما إسرائيل لا تعترف بأنها سلطة احتلال وتزعم أن فلسطين ملك للصهاينة منذ آلاف السنين، لكن يجب أن تتخلى إسرائيل عن هذه الأوهام.

مضمون الحل الذي يُرضي كل الأطراف هو فض الاشتباك بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل على أن تقوم الدولة الفلسطينية بالتفاوض مع إسرائيل- إذا أرادت- لترتيب علاقتيهما، ولا علاقة للدول العربية والإسلامية بالدولة الفلسطينية.

وهناك شرطان لنجاح هذا الحل، الشرط الأول: تخلي الدولة الفلسطينية عن المطالبة بكل فلسطين. والحق أن رئيس الدولة الفلسطينية لا يُطالب بكل فلسطين. أما المقاومة فهي التي تُطالب بها ردًا على المشروع الصهيوني.

وفى هذه الحالة لا حاجة للمقاومة ولا إلى إيران؛ لأن الدولتين- إسرائيل والدولة الفلسطينية- لا علاقة بينهما إلّا بقدر ما يريد الشعبان والحكومتان، وبالتالي نُنهى هذه الملحمة ولا حاجة لتدخل أمريكا ولا الغرب.

أما ترتيب علاقتها بإسرائيل، فلا تخصنا، ويمكن للدولة الفلسطينية إذا أرادت أن تتفاوض على استغلال ثرواتها الطبيعية لغزة، علمًا بأن الأراضي الفلسطينية كلها وحدة واحدة ويجب أن تنسحب منها إسرائيل.

الشرط الثاني: أن تتخلى إسرائيل عن أوهام المشروع الصهيوني، وعن منطق القوة تجاه الفلسطينيين وحدهم، ولا علاقة بين فلسطين وعدوان إسرائيل على الدول العربية المجاورة.

أما إيران فيجب أن تحافظ على بقائها، وأن تحقق ذاتها كلاعب رئيسي في المنطقة، وأنا أؤيد تسوية المنازعات بينها وبين أمريكا بالتفاوض. وهُنا تحية واجبة لسلطنة عُمان التي تستضيف المحادثات النووية في مسقط.

وإذا سُوِّيت المشكلات بين أمريكا وإيران، فسوف تُحل جميع مشاكل المنطقة؛ فيختفى ما يُسمى "الصراع العربي الإسرائيلي"، ومعنى ذلك أن المشروع الصهيوني والصراع العربي الإسرائيلي وكل الأساطير المرتبطة بإسرائيل في فلسطين ستصبح تاريخًا ويتفرغ الجميع للبناء والتنمية.

أما الموقف العربي، فيجب أن يتبنى هذا الحل وهو المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للدولة الفلسطينية، واحترام سيادة هذه الدولة، وترك الشؤون الفلسطينية للفلسطينيين أنفسهم، ولا حاجة للعرب أو المسلمين لما كان يسمى بالمصالحات، فهذه أوهام من الماضي، ويجب على الدول العربية أن تحترم سيادة الدولة الفلسطينية ووحدة أراضيها ولا حاجة لهم لأي ارتباط بفلسطين.

أما مصر، فإنَّ فلسطين تُعد جزءًا من الأمن القومي المصري بحكم الواقع والجغرافيا والتاريخ، وإن التزمت إسرائيل بهذا الحل، فإنَّ إسرائيل يجب أن تُعلَن دولة محايدة، حتى تأمن مصر شرورها، خاصةً أن ترامب يجب أن يتخلى عن أوهامه في "إسرائيل الكبرى"، وفي هذه الحالة يُترك الفلسطينيون لشأنهم، وتُترك إسرائيل لشأنها، ويُترك العرب- سواء تفرقوا أو اتحدوا- لشؤونهم.

** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حسين الشيخ: لا بديل عن السلطة الفلسطينية في غزة.. والمقاومة السلمية طريقنا نحو الدولة

صراحة نيوز ـ أكد نائب رئيس الوزراء الفلسطيني حسين الشيخ أن المقاومة السلمية هي الخيار الأمثل في المرحلة الحالية لتحقيق الدولة الفلسطينية، مشددًا على ضرورة ضبط السلاح الفلسطيني ليكون موحدًا وتحت مظلة الشرعية الوطنية.

وقال الشيخ، في مقابلة مع قناة “العربية”، إن “البندقية الفلسطينية مسيّسة، ويجب أن تكون طلقتها بقرار سياسي”، مشيرًا إلى أن السلطة الفلسطينية على تواصل وحوار مع حركة حماس، لكنه دعا الحركة إلى التخلي عن سلاحها وقبول سلطة واحدة وشرعية واحدة.

وأضاف: “حماس جزء من الشعب الفلسطيني ولا يمكن إقصاؤها من الحياة السياسية، لكن عليها أن تغير من سياساتها لتصبح جزءاً من النظام السياسي الفلسطيني”.

وفي الشأن الداخلي، أقر الشيخ بوجود “خلافات طبيعية داخل حركة فتح ومنظمة التحرير”، داعيًا إلى الحفاظ على منظمة التحرير وتفعيل المجلس الوطني الفلسطيني. وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية لا تمانع في خوض الانتخابات، لكنها ترى أن “الظروف غير مهيأة حاليًا”، مؤكدًا أن “الرئيس الفلسطيني المقبل سيكون منتخبًا وفق الدستور”.

وعن العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، أوضح الشيخ أن “العلاقة شبه ميتة، ولا يوجد شريك حقيقي في إسرائيل لتحقيق السلام”، مضيفًا أن “لا تفريط بحقوق شعبنا، ورفضنا القاطع لتهجير الفلسطينيين من أرضهم خط أحمر لا يمكن تجاوزه”.

وبشأن غزة، شدد الشيخ على أن “لا بديل عن حكم السلطة الفلسطينية في القطاع”، مؤكدًا أن “أي تصور أميركي لم يُطرح بشأن مستقبل غزة أو الدولة الفلسطينية”، ومضيفًا: “نرفض أي حلول تتجاوز الشرعية الفلسطينية”.

كما أعرب عن أمله في أن تتخذ حركة حماس “قرارات جريئة توقف الحرب”، قائلاً: “نحن نفاوض إسرائيل من منطلق الواقعية والمصلحة الوطنية، وأولويتنا تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه”.

وعن الموقف العربي، ثمن الشيخ الدعم السعودي للقضية الفلسطينية، كاشفًا أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أكد أن “القضية الفلسطينية هي قضية كل مواطن سعودي”، مشيرًا إلى بحث التحضير لمؤتمر دولي للسلام في السعودية خلال لقائه مع المسؤولين هناك.

وختم الشيخ تصريحاته بالتأكيد على أن المعركة الحقيقية اليوم هي الحفاظ على الوجود الفلسطيني، ومنع التهجير، وتوحيد الصف الوطني لمواجهة التحديات القادمة.

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى: السعودية أكدت لا تطبيع مع إسرائيل إلا بقيام الدولة الفلسطينية
  • الغويل: الحل في حكومة ليبية واحدة تنهي التناحر وتؤسس للاستقرار
  • باحث سياسي: لا تطبيع سعودي مع إسرائيل قبل قيام الدولة الفلسطينية
  • فلسطين: رابط الأسماء التي تم فرزها بقرعة مكرمة الحج 2025 - قطاع غزة
  • الجنرال إسحق بريك: لن نهزم حماس والأسرى والجنود سيموتون.. هذا هو الحل الوحيد
  • دول الخليج هي التي ستملي سياسة أمريكا الخارجية
  • بدلاً من عزل اليمن عن فلسطين.. اليمن يعزل أمريكا عن كيان العدو الإسرائيلي
  • حسين الشيخ: لا بديل عن السلطة الفلسطينية في غزة.. والمقاومة السلمية طريقنا نحو الدولة
  • تناقضات ترامب تربك مسار الحل السياسي.. هل تتخلى واشنطن عن إسرائيل؟