جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-28@21:45:18 GMT

الحل المُرضي للجميع في فلسطين

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

الحل المُرضي للجميع في فلسطين

 

 

د. عبدالله الأشعل **

 

في البداية، لا بُد أن نُحيي المُقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمنية على البطولات التي أدُّوها، وسيظل للمقاومة مكان مرموق في قلوب الشعوب العربية.

أما الحل المُرضي للجميع في فلسطين، والذي أشرنا إليه في عنوان هذا المقال، فيقوم على المُعطيات الآتية:

أولًا: أن أمريكا تريد الهيمنة على غزة وليكن ذلك استثمارا للثروات الفلسطينية، ولكن الذي يوافق على ذلك هو الشعب الفلسطيني نفسه وليس أي أحد آخر.

ثانيًا: أن بعض الحكام العرب لا يميلون للمقاومة لأسباب مختلفة ولذلك فإنَّ هذا الحل يرضيهم تمامًا.

ثالثًا: أن أمريكا تتربص بإيران وتُريد قطع الصلة بين إيران والمقاومة وهذا الحل يُحقق هدف أمريكا.

رابعًا: رددت التقارير الدولية أن غزة تعوم على ثروة بترولية وغازية هائلة، وهذا ما أسال لعاب الولايات المتحدة. وهذا الحل يُحقق هدف الولايات المتحدة بالتعاون مع الدولة الفلسطينية.

خامسًا: أن إسرائيل في فلسطين لها وضعان؛ الوضع الأول: خاص بإسرائيل في المنطقة بأسرها وهي فوق القانون الدولي وتفعل ما تشاء، اعتمادًا على الحماية الأمريكية؛ بل إنَّ واشنطن شريك مباشر في أعمال الإبادة لأن لها تاريخ طويل في ذلك في أمريكا الشمالية منذ نهاية القرن الخامس عشر. أما الوضع الثاني؛ فهو الأراضي الفلسطينية التي تُشكِّل الدولة الفلسطينية. وإسرائيل ليس لها علاقة بهذه الدولة التي نشأت رسميًا عام 2012، علمًا بأنَّ الفلسطينيين قبلوا قرار التقسيم عام 1988 في دورة المجلس التشريعي في الجزائر. وإسرائيل رفضت هذا القرار رغم إنه صدر لصالحها؛ فإسرائيل بالنسبة للأراضي الفلسطينية تُمثِّل سلطة احتلال. أما المشروع الصهيوني القاضي بإبادة الفلسطينيين وإفراغ فلسطين من أهلها والاستيلاء على كل فلسطين من جانب إسرائيل، فيجب أن تتخلى عنه إسرائيل. وهذه هي المشكلة الحقيقية في فلسطين.

والحل الذي نقترحه فيما بعد ليس بحاجة إلى حلول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو غيره.

سادسًا: أن ترامب يريد إنشاء "إسرائيل الكبرى"، وهذا المخطط يجب أن يتخلى عنه ترامب إذا أرادت إسرائيل أن تعيش في هذه المنطقة التي زُرِعَت فيها، ويريد ترامب أن يُؤمِّن إسرائيل من أكبر مُهدداتها، وهي المقاومة الفلسطينية؛ لأنَّ المقاومة في الدول المجاورة كانت تتضامن مع المقاومة الفلسطينية، والمقاومة كما أسلفنا في بداية المقال لها كل الاحترام وأدت دورها كاملًا، كما إن المقاومة قائمة بسبب الاحتلال، والمؤكد أن إسرائيل سلطة احتلال للأراضي الفلسطينية في قرارات المحكمة الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ولا يجوز لسلطة الاحتلال أن تبيد الشعب المحتل، وإنما إسرائيل لا تعترف بأنها سلطة احتلال وتزعم أن فلسطين ملك للصهاينة منذ آلاف السنين، لكن يجب أن تتخلى إسرائيل عن هذه الأوهام.

مضمون الحل الذي يُرضي كل الأطراف هو فض الاشتباك بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل على أن تقوم الدولة الفلسطينية بالتفاوض مع إسرائيل- إذا أرادت- لترتيب علاقتيهما، ولا علاقة للدول العربية والإسلامية بالدولة الفلسطينية.

وهناك شرطان لنجاح هذا الحل، الشرط الأول: تخلي الدولة الفلسطينية عن المطالبة بكل فلسطين. والحق أن رئيس الدولة الفلسطينية لا يُطالب بكل فلسطين. أما المقاومة فهي التي تُطالب بها ردًا على المشروع الصهيوني.

وفى هذه الحالة لا حاجة للمقاومة ولا إلى إيران؛ لأن الدولتين- إسرائيل والدولة الفلسطينية- لا علاقة بينهما إلّا بقدر ما يريد الشعبان والحكومتان، وبالتالي نُنهى هذه الملحمة ولا حاجة لتدخل أمريكا ولا الغرب.

أما ترتيب علاقتها بإسرائيل، فلا تخصنا، ويمكن للدولة الفلسطينية إذا أرادت أن تتفاوض على استغلال ثرواتها الطبيعية لغزة، علمًا بأن الأراضي الفلسطينية كلها وحدة واحدة ويجب أن تنسحب منها إسرائيل.

الشرط الثاني: أن تتخلى إسرائيل عن أوهام المشروع الصهيوني، وعن منطق القوة تجاه الفلسطينيين وحدهم، ولا علاقة بين فلسطين وعدوان إسرائيل على الدول العربية المجاورة.

أما إيران فيجب أن تحافظ على بقائها، وأن تحقق ذاتها كلاعب رئيسي في المنطقة، وأنا أؤيد تسوية المنازعات بينها وبين أمريكا بالتفاوض. وهُنا تحية واجبة لسلطنة عُمان التي تستضيف المحادثات النووية في مسقط.

وإذا سُوِّيت المشكلات بين أمريكا وإيران، فسوف تُحل جميع مشاكل المنطقة؛ فيختفى ما يُسمى "الصراع العربي الإسرائيلي"، ومعنى ذلك أن المشروع الصهيوني والصراع العربي الإسرائيلي وكل الأساطير المرتبطة بإسرائيل في فلسطين ستصبح تاريخًا ويتفرغ الجميع للبناء والتنمية.

أما الموقف العربي، فيجب أن يتبنى هذا الحل وهو المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للدولة الفلسطينية، واحترام سيادة هذه الدولة، وترك الشؤون الفلسطينية للفلسطينيين أنفسهم، ولا حاجة للعرب أو المسلمين لما كان يسمى بالمصالحات، فهذه أوهام من الماضي، ويجب على الدول العربية أن تحترم سيادة الدولة الفلسطينية ووحدة أراضيها ولا حاجة لهم لأي ارتباط بفلسطين.

أما مصر، فإنَّ فلسطين تُعد جزءًا من الأمن القومي المصري بحكم الواقع والجغرافيا والتاريخ، وإن التزمت إسرائيل بهذا الحل، فإنَّ إسرائيل يجب أن تُعلَن دولة محايدة، حتى تأمن مصر شرورها، خاصةً أن ترامب يجب أن يتخلى عن أوهامه في "إسرائيل الكبرى"، وفي هذه الحالة يُترك الفلسطينيون لشأنهم، وتُترك إسرائيل لشأنها، ويُترك العرب- سواء تفرقوا أو اتحدوا- لشؤونهم.

** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فضح محاباة أمريكا لـ إسرائيل.. رئيس الاستخبارات السعودية السابق: لن أزور أمريكا حتى يرحل ترامب

وجّه الأمير تركي الفيصل، السفير السعودي السابق في واشنطن ولندن، والرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العامة السعودية، انتقادات حادّة للسياسات الغربية تجاه الشرق الأوسط، مشددًا على ما وصفه بـ"انهيار النظام الدولي القائم على القواعد"، وتفشي ازدواجية المعايير، لاسيما في التعامل مع الملفين الإيراني والإسرائيلي.

وفي مقال تحليلي مطوّل، استعرض الأمير الفيصل جملة من المفارقات التي تفضح التحيّز الغربي، مشيرًا إلى أن إسرائيل، التي تمتلك أسلحة نووية مؤكدة، لم توقّع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ولم تخضع منشآتها النووية لأي تفتيش دولي.

 ورغم ذلك، لم تواجه أي عقوبات أو تدخلات، في حين تُهدد دول أخرى لمجرد وجود شبهات أو تصريحات سياسية.

ماذا يقصد ترامب برسالته إلى إيران حول العسل والخل؟إيران .. تمديد إلغاء الرحلات وإغلاق المجال الجوي شمالا وغربا وجنوباماكرون يحذر: انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي يشكل السيناريو الأسوأ

ولفت إلى أن أولئك الذين يبررون الهجوم الإسرائيلي على إيران، بناءً على تصريحات بعض القادة الإيرانيين، يتجاهلون عن عمد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة منذ عام 1996، والتي دعا فيها صراحة إلى إسقاط الحكومة الإيرانية، دون أن يتعرض لأي انتقاد دولي مماثل.

وقال الأمير الفيصل إن الهجوم الإسرائيلي غير المشروع على إيران، والدعم الغربي الصامت له، يعكس انحيازًا صارخًا لا يختلف عن الدعم الذي تحظى به إسرائيل في عدوانها المستمر على الفلسطينيين. 

وتابع قائلاً "الغرب يعاقب روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، بينما يغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية، وهذا ما يعكس تهاوي ما يسمى بـ(النظام القائم على القواعد)".

ورغم الانتقادات الموجهة للحكومات الغربية، أثنى الأمير الفيصل على الشعوب الغربية، التي وصفها بأنها "تتحرر من صمتها"، وتقف إلى جانب القضية الفلسطينية. 

وأشار إلى أن الدعم الشعبي المتزايد في أوروبا وأمريكا للفلسطينيين بات يؤثر تدريجيًا على مواقف قادة تلك الدول.

وفي تعليق مباشر على تصعيد الأزمة مع إيران، كشف الأمير الفيصل أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى الإذن بقصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية، بناءً على تقديرات ووعود من رئيس الوزراء الإسرائيلي. 

وأضاف أن ترامب، الذي كان قد عارض الحرب على العراق قبل أكثر من 20 عامًا، عليه أن يتعلم من "قانون العواقب غير المقصودة" الذي ظهر جليًا في العراق وأفغانستان.

ودعا الفيصل إلى العودة إلى المسار الدبلوماسي، مطالبًا الرئيس ترامب بعدم الوقوع في فخ ازدواجية المعايير، والاستماع إلى شركاء السلام الحقيقيين في المنطقة، وتحديدًا في السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، الذين يسعون للاستقرار وليس للحرب.

وفي ختام مقاله، أعلن الأمير تركي الفيصل عن موقف رمزي احتجاجي، مستشهدًا بموقف والده الراحل الملك فيصل، الذي امتنع عن زيارة الولايات المتحدة بعد تراجع الرئيس هاري ترومان عن وعود سلفه بدعم القضية الفلسطينية. 

وقال "سأمتنع عن زيارة الولايات المتحدة إلى أن يغادر ترامب منصبه، كما فعل والدي مع ترومان".

ويعكس المقال رؤية سعودية ناضجة حيال التوترات المتصاعدة في المنطقة، ويؤكد على ضرورة تجنيب الشرق الأوسط مزيدًا من الحروب عبر العودة إلى الدبلوماسية، ووقف ازدواجية المعايير التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين.

طباعة شارك الأمير تركي الفيصل واشنطن الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العامة السعودية الاستخبارات العامة السعودية أسلحة نووية الهجوم الإسرائيلي روسيا السفير السعودي امريكا اسرائيل الهجوم الإسرائيلي على إيران

مقالات مشابهة

  • الألفية السعيدة.. توفيق عكاشة: هذه هي العلامات التي دفعت إسرائيل لضرب إيران -(فيديو)
  • وزير فلسطيني سابق: أمريكا تدعم إسرائيل في تحقيق أهدافها بغزة
  • الكشف عن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل في الحرب مع إيران
  • فضح محاباة أمريكا لـ إسرائيل.. رئيس الاستخبارات السعودية السابق: لن أزور أمريكا حتى يرحل ترامب
  • عشرات الشهداء بسبب القصف الإسرائيلي بغزة .. وجوتيريش: عمليات الإغاثة التي تدعمها أمريكا غير آمنة
  • أمريكا تدرس إنشاء برنامج نووي إيراني بقيمة 30 مليار دولار
  • «المسرح للجميع».. طنطا تحتضن للمرة الأولى فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري
  • حبس طبيبة مصرية لدعم غزة عبر واتساب.. وتجديد حبس شباب بقضية لافتة فلسطين
  • الكرملين: ينبغي تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية
  • الرئيس السيسي وستارمر يرحبان بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ويشددان على الحل السلمي