سودانايل:
2025-05-11@17:09:11 GMT

الزيلعي يعلن عن حالة توهان اليسار

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

حضرت الندوة التي أقامها نادي الكتاب باسكتلندا عبر خدمة " Zoom" و التي تحدث فيها الدكتور صديق الزيلعي مستعرضا كتاب " The Root Causes of The Nuba Marginalisation" " الجذور التاريخية لتهميش النوبة" و استطاع الزيلعي أن يغطي محتويات الكتاب، و يفتح حوارا حول قضية التهميش في السودان، و لفت نظري في حديث الزيلعي أنه يعتبر تحقيق الاستقلال مسألة شكلية، و أن الاستقلال أخرج المستعمر و لكنه استبقى على أجندته و أدواتها، و اسفي أن الزملاء الذين وقفوا ضد الحكم الذاتي كمرحلة أولى لنيل الاستقلال، حيث تكتسب فيه القيادات السياسية الخبرة لإدارة البلاد، و قد وافق عليها الحزب الوطني الاتحادي و حزب الأمة و عارضها الحزب الشيوعي، ثم في فترة لاحقة نقد الشيوعي موقفه الذي كان معارضا.

. يؤكد النقد أن القيادات الوطنية كانت واعية لدورها في تحقيق الاستقلال. و نقد الحزب الشيوعي لموقفه الذي كان معارضا يؤكد أن الاستقلال جاء (مبرأ من كل عيب ) كما قال الزعيم الأزهري.. أما البلاد لم تسير في طريق النهضة و الاستقرار هذه مسألة أخرى، لأنها ترتبط بدخول عامل جديد هي القوات المسلحة في الشأن السياسي من بوابة الأحزاب " الأمة – الشيوعي - القوميين العرب و الإسلاميين" و هؤلاء يتحملون جميعا بإختلاف الدرجات مسؤولية عدم الاستقرار في البلاد، لآن الصراع الأيديولوجي يمثل أزمة و عائقا كبيرا لعملية الاستقرار في البلاد.
أن مصطلح التهميش و دخوله في الحقل السياسي جاء به الدكتور جون قرنق عندما كان يؤمن بالماركسية طريقا فكريا للحل في منفستو 1983م، و كانت الحركة تحت حماية الرئيس الأثيوبي منقستو هيلامريام، سقط نظام منقستو و سقط منفستو 1983م، و اتجه قرنق للغرب و تبنى شعار تقرير المصير، عندما طالب كل قوى الهامش أن تثور من أجل حقوقها، و قرنق في حديثه عن الهامش لم يقدم فيه مشروعا مفصلا، و لكن جعله شعارا لاستنفار ما يسمى أهل الهامش.. و لم يحدد ماهية المصطلح هل تحكمه عملية الصراع الطبقي أم المناطق الجغرافية في بعدها من المركز.. الغريب في الأمر أن النخب السياسية و المثقفة التي تؤمن بمصطلح التهميش حتى الآن لم تحدد من هي القوى الاجتماعية و السياسية التي تسيطر على المركز و تجعل بقية الأطراف أو حتى قوى أجتماعية بعينها مهمشة.
الملاحظ: قد سكتت كل قبائل اليسار عندما أنحرفت الحركة الشعبية عن مسارها الوحدوي إلي الانفصال. و كانت الحركة الشعبية على لسان قياداتها تعتقد أن الجلابة هم وراء عملية تهميش المناطق المختلفة في السودان، و هؤلاء قد استحوذوا على السلطة و الثروة. و بعد فصل الجنوب أصبح الجلابة بعيدين عن دولة الجنوب.. ماذا حصل: هل الجلابة كانوا وراء الحرب القبلية التي دارت و راح ضحيتها الملايين في دولة جنوب السودان؟ هل الجلابة وراء تأسيس النظام الشمولي الذي تتحكم فيه الحركة الآن؟ هل الجلابة هم وراء الانتهاكات لحقوق الإنسان و الاعتقالات التي تجري حتى اليوم في جنوب السودان؟ الغريب سكتت الحركة الشعبية في جنوب السودان؛ و نسيت كل شعاراتها التي كانت ترددها عندما كان السودان موحدا.. سكتت الحركة الشعبية شمال بكل مكوناتها و أفرعها و لم تقدم نقدا حتى الآن لماذا انحرفت الحركة الشعبية من طريق الوحدة.. و لم يجد هؤلاء غير التمسك بشعارات " مخاطبة الجذور و العلمانية و غيرها من القضايا التي لا تقود إلي أي فعل إيجابي ينهي حالة عدم الاستقرار في البلاد، كان المتوقع أن الحرب الدائرة الآن تجعل الناس تفكر بعيدا عن الشعارات السالبة التي ترفعها و لا تقود إلي إي حوار إيجابي. تجد تفكير اليسار بكل كلياته عن الديمقراطية، لا يخرج عن مفهوم الصراع الطبقي الذي لا يقود مطلقا للديمقراطية، لآن الصراع الطبقي يعني أنتصار طبقة على الأخرى و تتحكم هي على وسائل الانتاج و الدولة، و الديمقراطي مشروع فكري بعيدا عن هذه المفاهيم التي تجاوزتها مسيرة الشعوب في التحرر من أنظمة الحزب الواحد التي كان يتحكم فيها المؤمنين بالصراع الطبقي. هل العقل اليساري قادر ان يتجاوز ذلك.في مقال لمحمد إبراهيم نقد كتبه لجريدة الرأي العام 12\10\2002م يقول فيه ( تصنيف الدولة دينية و علمانية و مدنية لا يعفينا من تطوير ثقافتنا و معرفتنا بنظرية الدولة في حد ذاتها كظاهرة تاريخية اجتماعية، بدلا من القناعة الكسولة بتوصيفها أو تصنيفها، و لعل أفضل مدخل يتناسب و قدراتنا النظرية الأولية المتواصلة أن تبدأ بدراسة الدولة السودانية و نشأتها و أطوارها و تجلياتها المتعاقبة دون أن نحشرها في قوالب و أطوار لدولة الأوروبية الحديثة) أن نقد يدعوا للدراسة و الاجتهاد و حتى التفكير خارج الصندوق للوصول إلي اتفاق في توصيف الدولة التي فيها كل القوى بتياراتها المختلفة.
أن إشكالية المثقفين و خاصة في دوائر اليسار بكل تفرعاته، تهمهم في السياسة تزيين خطابهم السياسي و الثقافي بعدد من المصطلحات، دون تقديم اراء و مبادرات تساعد على الخروج من الأزمة. أشار الزيلعي في حديثه أن الجذرية و العمانية و الإسلامية و غيرها من المصطلحات المختلف عليها ليست هي الحل، أنما الحل يكمن في وضع كل هذه الاراء للتيارات الفكرية المختلفة على مائدة حوار، و يصل فيها الناس لتوافق وطني. و هي إشارة صائبة قد كررها الزيلعي كثيرا في كتاباته. و كما قال البعض أن قيادات الحركات يعتقدون إن التهميش سوف ينتهي عندما يتم تعينهم في الحقائب الدستورية، و ليس قيام نهضة اقتصادية و ثقافية و اجتماعية في المناطق التي حملوا السلاح من أجلها.
أن حديث الصديق الزيلعي عن تفكيك دولة الحزب الواحد لمصلحة التعددية، مسألة لا اعتقد هناك من يختلف عليها، و لكن دون محاولات فرض الأراء، و لا اعتقد هناك من يكون ضد العدالة في المحاسبة إذا كان فسادا أو جرائم أرتكبت ضد المواطنين.. و النخب السياسية و المثقفة لا تستطيع أن تتجاوز أزمتها و تصبح قادرة على تقديم الأفكار إذا ظلت قابعة في الإحساس بالتهميش و الدونية، لأنها سوف تستهلك جل وقتها في جدل لن يخرجها من هذه الدائرة. أن المركز الذي يعتقدون أنه يهمش الآخرين لا ينتمي لمجموعة بعينها بل هو تشكيلة من كل أهل الثروة في أقاليم السودان المختلفة، و يسيطر من خلال نفوذه الاقتصادي.. أنظر إلي الحركة و ميليشيا الدعم كل قياداتهم ذهبوا إلي مناطقهم التي يدافعون عنها أم اشتروا منازل في المركز و في أرقى الأحياء.. هل هناك كان حجرا عليهم و منعهم من الشراء؟ المركز تتشابك فيه علاقات المصالح الاقتصادية و المال غض النظر عن المناطقية التي جاء منها هؤلاء. أخرجوا الشعب من دائرة الجدل الذي لا ينتهي لنتيجة.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
/////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة

إقرأ أيضاً:

الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء

 

الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
صلاح شعيب

للأسف ما تزال المواجهة العسكرية في البلاد تسير من تصعيد كبير إلى تصعيد أكبر. والمردود لكل هذا المزيد مما يلوح في الأفق من شبح انهيار الدولة ما لم يحدث اختراق إن لم تكن معجزة. فالاستقطابان المدني والعسكري العميقان اللذين مزقا وحدة الشعب السوداني بعد الحرب أفشل أي مسعى في السابق لإحداث التسوية بين طرفي القتال.
حتى الآن ما تزال حكومة بورتسودان – بضغط من قادة الحركة الإسلامية – تتعنت للتسوية في مقابل إبداء الدعم السريع الموافقة دوماً للعودة إلى طاولة المفاوضات. وبالمقابل ليس لدى القوى المدنية المركزية الآن ما تقدمه لإطفاء النيران غير المزيد من الافتراق، وقلة الحيلة، وضعف التأثير. وعلى صعيد المجتمعين الإقليمي، والدولي، لا نعثر البتة على جدية لحمل المتقاتلين على وقف إطلاق النار.
ووسط هذه التحديات تشتعل الميديا بخطاب التخوين، والعمالة، والكراهية، والبذاءة، كآخر سقوف للتعاطي مع الأزمة. وبالتزامن تراجعت فاعلية كبار السياسيين، والمثقفين، ورجالات المجتمع الحكماء، والذين فضلوا الانزواء في ظل تفاقم مناخ الابتزاز، والمزايدة.
إن المسؤول الأول عن كل هذه الحرب هو رأس الدولة، والإسلاميون من خلفه. فالحكمة السياسية للبرهان غابت منذ بدايات مسؤوليته الرئاسية الشرفية، وسعى بالتعاون مع المكون العسكري للوقوف ضد المكون المدني لفض الاعتصام الذي شاركت فيه فيالق إسلاموية داعشية من خلف المشهد. ولكن ثوار ديسمبر أجبروا البرهان وحميدتي على الرضوخ لمطالبهم حتى تمخضت الوثيقة الدستورية. ولكن المكون العسكري لم يتعظ. فعرقل الحكومة الانتقالية، وفضل التعاون السري مع قيادات الحركة الإسلامية. ولما حانت ساعة الصفر فرض البرهان وحميدتي الانقلاب الذي أفشله نضال ثوار ديسمبر.
مرة ثانية لاحت فرصة لإنقاذ الوضع بالاتفاق الإطاري، ولكن البرهان خدع القوى السياسية في الوقت الذي كان يدبر مع الإسلاميين للتخلص من الدعم السريع الذي أبدى موافقته لدعم الاتفاق الإطاري. وهكذا خلص التآمر ضد الحل التفاوضي إلى الحرب للتخلص من قوة الدعم السريع كخطوة أولى لإنهاء كل ما يتصل بثورة ديسمبر، ومؤسساتها، وخطابها، وأحزابها، ورموزها.
الآن..حصد البرهان، والإسلاميون، ثمار مشروعهم الحربي الذي أدّى إلى الكوارث الإنسانية التي لا تُخفى آثارها على أحد. فالتدمير غير المسبوق الذي يقوم به الدعم السريع للمنشآت العسكرية والحيوية كرد فعل على قصف الجيش لمناطق سيطرته ربما يؤدي إلى شل حركة البلد تماماً. وهذا ينذر بكارثة إنسانية لم تشهدها البشرية من قبل، وستكون متضاعفة عشرات المرات عما هو عليه حال السودان من كوارث.
ما تزال الفرصة سانحة لإنقاذ السودان، ومواطنيه، إذا توفرت قدرات سياسية داخلية لإيقاف الحرب مدفوعة بضغط دولي على المكونات الإقليمية الداعمة للطرفين. وبغير ذلك فإن المتوقع هو تحقيق مشروع الحركة الإسلامية القائم على تفتيت البلاد إذا لم يعودوا للسلطة مرة ثانية. وهذه هي كل قصة الحرب بلا رتوش، أو مكياج فكري، أو فقهي، ولا يفهمها إلا من أوتي البصارة بتاريخ ودوافع الإسلاميين.
لقد ظللنا منذ بدء الحرب ندعو الرأي العام، وعقلاء السودان، للضغط من أجل إيقاف الحرب اللعينة، وكشف مخططات الحركة الإسلامية لمحو تراث ثورة ديسمبر، والعودة إلى السلطة. وسنظل في هذا الموقف إلى آخر لحظة تسبق الانهيار التام لوحدة البلاد.

الوسومالاتفاق الإطاري البرهان الحركة الإسلامية الدولة السودانية القوى السياسية ثوار ديسمبر صلاح شعيب

مقالات مشابهة

  • مشاجرة تعطل الحركة المرورية
  • السودان.. الدفاع المدني يعلن السيطرة على حرائق مستودعات الوقود في بورتسودان بالكامل
  • في ختام مهرجان نوادي المسرح 32.. "لعنة زيكار" يحصد المركز الأول وناصف يعلن عن مضاعفة ميزانية العروض
  • كيكل: ستجدوننا قريباً في موقع المسيرات التي تقصف
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • تعيين الفريق أحمد العمدة بادي نائب لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان (ش)
  • العمدة   نائبا لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان
  • «رئيس حزب التجمع»: يكشف عن تباين مواقف اليسار تجاه «الإخوان الإرهابية».. فيديو
  • الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان