محمود الهواري: كبار العلماء كانوا أمناء على الدين بالفتاوى الوسطية
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
واصل جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الثلاثاء، سلسلة ندواته التثقيفية التي يعقدها في إطار حملة "إقرأ"، حيث ناقشت ندوة اليوم كتاب "هيئة كبار العلماء وقضايا الأمة"، بمشاركة الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، الدكتور حسن يحيى، مدير عام شؤون هيئة كبار العلماء بالأزهر، ويدير الندوة الإعلامي حسن الشاذلي، المذيع بالتلفزيون المصري.
,قال الدكتور محمود الهواري إنني قد شرفت في الكتاب الذي بين أيدينا بالحديث عن فهم كبار العلماء للنصوص وتحويل هذا الفهم إلى سلوكيات وواقع معاش، ويقوم الكتاب على محاور ثلاثة هي القضايا العلمية، والقضايا الوطنية، والقضايا العالمية، وقد حاولنا أن نصف بشكل مجرد ما أوردته الوثائق التاريخية عن المواقف العظيمة لكبار علماء الأزهر منذ العام ١٩١١ وحتى العام ١٩٦١، مع توضيح أمر مهم وهو أن كبار العلماء بالأزهر كانو، ولا يزالون، على اشتباك تام بالواقع المحيط وليسو منعزلين عنه، بالإضافة للحديث عن دورهم في ترسيخ الحق الفلسطيني الثابت.
وأوضح الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية الكتاب في جزء كبير منه قد تحدث عن الكثير من القضايا الوطنية والعلمية والعالمية التي أسهم فيها كبار العلماء، موضحا أن الأزهر طوال تاريخه يحترم التنوع، وقد عرف ذلك عبر تشكيل الهيئة عبر تاريخها، خاصة في الحقبة التي تحدث عنها الكتاب، حيث كان هناك أعضاء كثيرون منها غير مصريين، منهم الشيخ محمد الخضر حسين، الذي تولى مشيخة الأزهر الشريف، لافتا أن كبار العلماء كانو أمناء على الدين بما كان لهم من فتاوى تصدت للدفاع عن الدين، وترسيخ وسطية الإسلام وتسامحه، وتعزيز مفاهيم التكافل الاجتماعي في المجتمع المصري، عبر نشاطاتهم العملية داخل المجتمع، وما شكلوه من جمعيات اهتمت بجميع جوانب الحياة، الدينية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها داخل مصر.
وبين الدكتور حسن يحيى أن هدفنا من هذا الكتاب هو إلقاء الضوء على حقبة زمنية غاية في الأهمية في تاريخ مصر بداية من العام ١٩١١، بجانب تصحيح المفاهيم المغلوطة المأخوذة عن المشايخ، وأنهم منعزلين عن قضايا أمتهم الوطنية والاجتماعية، وهو أمر غير صحيح، بل كانو متداخلين مع كل ما يحيط بهم من قضايا وأحداث وطنية مهمة، مع عرض تفصيلي لجهود كبار علماء الأزهر في تطوير العلم والدعوة والفتوى بالأزهر الشريف، وقد كان لكبار العلماء فتاوى تاريخية تتعرض للحراك السياسي داخل مصر وخارجها.
وأضاف مدير عام شؤون هيئة كبار العلماء أن أعضاء هيئة كبار العلماء قد تولو منبر الحراك الوطني في هذه المرحلة المهمة، وكان لهم دور كبير في نجاح الثورات في تلك الحقبة الاستعمارية، كما استمر هذا الدور الوطني المهم بعد ثورة يوليو، والتحول للنظام الجمهوري، وقد كان للهيئة دور بارز في تلك الفترة عبر دعم جميع الخطوات والتحركات التي اتخذتها الدولة في ذلك الوقت، ومنها تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي وتسليح الجيش المصري وغيرها من القضايا المفصلية في تاريخ مصر، مضيفا أن الهيئة كانت لها تحركات خارجية كذلك، فقد كانت لهم بيانات في أحداث مراكش وبرقة، وبيانات تدعم الثورات في الجزائر والعراق، بل ووجدنا لهم بيانات تطالب بالإفراج عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد، وبهذا كان لكبار علماء الأزهر حضورهم القوي، داخل مصر وخارجها.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جناح الأزهر الازهر الشريف معرض القاهرة الدولي للكتاب كبار العلماء قضايا الأمة هیئة کبار العلماء الأزهر الشریف
إقرأ أيضاً:
أمين البحوث الإسلامية: رسالة الأزهر بقيادة الإمام الأكبر قائمة على نَشْر السلام
ألقى الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، كلمةً في المؤتمر العِلمي الذي نظَّمه المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإسبانية (مدريد)، تحت عنوان: (دَور المؤسَّسات الدِّينيَّة في صناعة الوعي الفكري الآمن وانعكاسات ذلك على سلامة المجتمعات)، وذلك بمشاركة الدكتور عبَّاس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ونخبة من أساتذة الجامعات الأوروبيَّة.
وخلال كلمته، أكَّد الدكتور محمد الجندي أنَّ رسالة الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيِّب، شيخ الأزهر، تقوم على الدعوة للسلام، وترسيخ قِيَم الرحمة، ونبذ العنف والكراهية، واحترام إنسانيَّة جميع البشر، مشيرًا إلى أنَّ هذا المؤتمر يمثِّل محطَّةً مهمَّةً لتصحيح المفاهيم المغلوطة حول الإسلام، وإبراز دعوته ودعوة الشرائع السماويَّة للتعايش والسلم العالمي، ورَفْض التطرُّف وإراقة الدماء.
وأوضح الدكتور الجندي أنَّ حِفظ النفْس الإنسانيَّة قيمةٌ ثابتةٌ لا يختلف عليها عاقلان، وأنَّ احترام خصوصيَّة أصحاب الديانات، وحماية حقِّهم في ممارسة شعائرهم- أصلٌ من أصول الاستقرار الإنساني، لافتًا إلى أنَّ الإسلام جاء بمنهج ينسجم مع طبيعة الوجود، ويهذِّب السلوك البشري، ويقود المجتمع نحو الإخاء والتكامل بعيدًا عن صراعات الهيمنة ونزعات التمييز.
وتابع الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة أنَّ القرآن الكريم وضع أُطُرًا واضحةً لإدارة العَلاقات الإنسانيَّة على أساس السلام والمحبَّة، مستشهدًا بنماذج مِنَ الآيات التي تُذكِّر الإنسان بوحدة الأصل البشري، وتوجِّه المسلمين إلى البر والقسط مع مَن لا يحاربونهم في الدِّين، مؤكِّدًا أنَّ جميع الرسالات السماويَّة جاءت لتكرِّم الإنسان أيًّا كان معتقده أو لونه أو عِرقه.
وأردف أنَّ التاريخ الإسلامي زاخر بمواقف عمليَّة رسّخت البرَّ والقسط مع الآخر، وضمنت حماية دُور العبادة، وصون حقوق أهل الذمَّة، مشيرًا إلى نماذج من عهد الخلفاء الراشدين والمعاهدات التي حفظت للناس أرواحهم وأموالهم ومعتقداتهم.
وأشار إلى أنَّ العواصم الإسلاميَّة -عبر العصور- فتحت أبوابها أمام العلماء والمفكِّرين من مختلِف الديانات؛ ما جعل التسامح قوَّةً حضاريَّةً وليس موضع ضعف، وأنَّ مسيرة الأزهر الشريف -عبر تاريخه الطويل- قامت على ترسيخ قِيَم التسامح والتعايش، وأنه جسَّد هذه القِيَم واقعًا معاصرًا بإنشاء (بيت العائلة المصريَّة)، والدعوة إلى (حوار الشرق والغرب)، وصياغة (وثيقة الأخوَّة الإنسانيَّة)، وإطلاق مبادرة (صُنَّاع السلام).
كما أكَّد الدكتور محمد الجندي أنَّ العالَم اليوم يحتاج إلى خطاب حضاري عادل ومتوازن، يفتح أبواب الشراكة بدل الصراع، ويعيد للإنسان مكانته أمام موجات الماديَّة والأنانية، وأنَّ قضايا المجتمعات لا تُحلُّ بالعزل والإقصاء؛ بل بالحوار والاندماج، وأنَّ صون كرامة الإنسان حجر أساس لسلام الأمم.
وشدَّد الدكتور الجندي على أنَّ التطرُّف والعنصريَّة ليستا نتاجًا دِينيًّا بقدْر ما هما أمراض حضاريَّة تغذِّيها المصالح الضيِّقة حين تطغى على القِيَم والأخلاق، موضِّحًا أنَّ بناء قِيَم التسامح يقوم على تشريعات عادلة تحمي الجميع دون تمييز.
وتوقَّف الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة عند تأثير التكنولوجيا في صناعة الوعي العالمي، مؤكِّدًا أنَّ غياب القِيَم يحوِّلها إلى أداة تمزيق، بينما توظيفها عبر معايير أخلاقيَّة يجعلها قادرةً على تعزيز التفاهم والتكامل بين الشعوب.
ودعا الدكتور محمد الجندي في ختام كلمته إلى ضرورة فهم رسالة الإسلام ودعوته لاحترام الآخر، وأهميَّة إنشاء مراكز بحثيَّة عالميَّة لنشر ثقافة السلام والأخوَّة الإنسانيَّة، إضافةً إلى وَضْع منظومة دوليَّة مترابطة لتعزيز التسامح الدِّيني، وتوظيف الآليَّات الإعلاميَّة والدِّعائيَّة كافَّة لتحقيق هذا الهدف.