كيف تؤثر اضطرابات البحر الأحمر على الاقتصاد الصيني؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
تشهد منطقة البحر الأحمر اضطرابات واسعة النطاق بفعل هجمات مستمرة من قبل الحوثيين على السفن، ما أدى إلى تغيير مسارات عدة سفن نحو طرق بديلة حول أفريقيا.
تقود تلك الاضطرابات إلى تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي. والصين كواحدة من أكبر الدول الاقتصادية على مستوى العالم، تواجه تحديات خاصة نتيجة لهذه الاضطرابات، لا سيما فيما يرتبط بالصادرات.
تحت عنوان (فوضى الشحن في البحر الأحمر تضع ضغوطًا على الصادرات الصينية)، ذكر تقرير نشرته منصة thinkchina، أن:
ما يقدر بنحو 120 مليار دولار أميركي من الواردات الصينية و160 مليار دولار أميركي من الصادرات الصينية تتدفق عبر مضيق باب المندب كل عام، من إجمالي التجارة البحرية المقدرة بـ 1.5 تريليون دولار أميركي.
يعد مضيق باب المندب أساسياً في ربط القارة الآسيوية بأوروبا وأميركا الشمالية، حيث ينتقل حوالي 12 بالمئة من النفط المنقول بحرا، و8 بالمئة من الغاز الطبيعي المسال، ونسبة كبيرة من حركة الحاويات عبر هذا الممر الضيق.
خلال الأوقات العادية، من الممكن إعادة توجيه بعض التدفقات التجارية التي تدور الآن حول رأس الرجاء الصالح عبر السكك الحديدية إلى أوروبا أو عبر قناة بنما إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة . ومع ذلك، تواجه ممرات النقل هذه بالمثل اضطرابات شديدة.
إن تعطل التجارة في البحر الأحمر، جنباً إلى جنب مع الاضطرابات الأخرى في ممرات النقل التي تربط الصين ببقية العالم، يفرض ضغوطاً إضافية على التجارة الصينية.
هناك بالفعل بعض العلامات المبكرة التي تشير إلى انخفاض بنحو 10بالمئة إلى 15بالمئة من الصادرات التي تغادر الموانئ الصينية.
تأثير مزدوج
الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الصينية، حسين إسماعيل، قال إن اضطرابات البحر الأحمر لها تأثير مزدوج على الصين؛ فشركات الشحن والنقل الصينية استفادت من الاضطرابات؛ باعتبارها ليست مستهدفة، ومن ثم يشكل ذلك فرصة لتلك الشركات، لجهة إمكانية توسع اتجاه كثير من الشركات التي تقوم بنقل البضائع إلى الشركات الصينية لكونها آمنة ويُمكن أن تصل إلى مقاصدها دون التعرض إلى أي مخاطر عند عبورها منطقة باب المندب والبحر الأحمر عامة.
وأوضح إسماعيل في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أنه من الناحية الأخرى، الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل كبير على التصدير والناقلات التي تقوم بشحن البضائع الصينية إلى الدول الأخرى (..) كذلك ناقلات رُبما ترفع أعلام الدول المستهدفة في البحر الأحمر، ما يُعني أن البضائع الصينية أصبحت تستغرق وقتًا أطول في الوصول إلى مقاصدها، ما أدى لارتفاع تكلفة التأمين والشحن، سواء يتحملها الجانب الصيني أو الجهة المستقبلة للشاحنات، مؤكدًا أن ذلك له تأثير على تقليل أو تحجيم حركة التجارة الخارجية الصينية.
إعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح تضيف ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع لرحلة الذهاب والإياب، وفقًا لمذكرة من شركة Honor Lane Shipping.
وذكرت المذكرة أنه "يمر حوالي 25 بالمئة إلى 30 بالمئة من أحجام شحن الحاويات العالمية عبر قناة السويس (بشكل رئيسي في التجارة بين آسيا وأوروبا)، وتشير التقديرات إلى أن إعادة التوجيه على نطاق واسع حول إفريقيا يمكن أن يقلل من فعالية سعة شحن الحاويات العالمية بنسبة 10 بالمئة إلى 15 بالمئة".
وأكد الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الصينية، على أنه حتى الآن ليس هناك تأثيرًا ملموسًا (بشكل مستدام) على الاقتصاد الصيني فيما يخص اضطرابات البحر الأحمر، مشددًا على ضرورة الانتظار ورؤية مدى تأثير اضطرابات البحر الأحمر واستهداف السفن على الاقتصاد الصيني ارتباطاً بمدى استمرارية تلك الأوضاع، وذلك رُبما يظهر خلال أيام أو الأسابيع القليلة المقبلة.
وزير التجارة الصيني حذر من أن "الحمائية المتزايدة" و"الاضطرابات" الجيوسياسية في البحر الأحمر، علاوة على ضعف الطلب تؤدي إلى بيئة تجارية عالمية "أكثر تعقيدا وشدة" هذا العام.
وانغ وينتاو، قال إن بكين ستسعى إلى تعزيز الصادرات، التي انخفضت العام الماضي للمرة الأولى منذ 2016، وكذلك الواردات، التي عانت من ضعف معنويات المستهلكين، مما أعاق التعافي الاقتصادي الكامل من الوباء.
دعت الصين إلى سلامة الملاحة في البحر الأحمر، حيث عطلت هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار وصواريخ الشحن التجاري، ردا على الحرب في غزة.
الباحث في العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهي، قال إن البحر الأحمر يُشكل أهمية استراتيجية كبرى في حركة التجارة الدولية (..)، وبالتالي فإن الاضطرابات التي يشهدها حالياً تلقي بظلالها على حركة التجارة حول العالم، وتؤثر على الاقتصاد الدولي، ما يضعنا أمام سيناريو يجعل المجتمع الدولي يواجه موجة شديدة من التضخم، بسبب تحويل ناقلات النفط والبضائع مسارها المختصر من قناة السويس (الطريق الأقصر والأسرع) إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، ومع ارتفاع تكلفة الشحن الدولي وما يرتبط به من خدمات للسفن والشاحنات، وبما ينعكس على أسعار السلع والمنتجات.
ويعد البحر الأحمر شريان إمداد رئيسي، لكنه أصبح يمثل خطراً بشكل متزايد مع المسلحين الحوثيين في اليمن، ردًا على الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في قطاع غزة، بمهاجمة الشاحنات المتوجهة لها.
لكنه في الوقت نفسه قلل من تأثير الاضطرابات في البحر المتوسط على الاقتصاد الصيني حتى الآن، لجهة حجم إنتاج البضائع والمنتجات الصينية، بينما التأثير ربما يُلاحظ في حركة مرور وانتقال السفن.
وأشار إلى احتمالية دخول الصين على خط الأزمة؛خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية، طلبت منها الوساطة والتواصل مع طهران للضغط على الحوثيين لوقف عمليات البحر الأحمر، وبالتالي هناك تغيرات جيوسياسية، وجيواقتصادية مهمة تحدث الآن على الصعيد الدولي (تنعكس على المشهد الاقتصادي).
وأكد أن تداعيات هذه الأحداث لن تكون خطيرة على الصين وربما تسبب انفراجة في بعض النقاط، على غرار وجود ملف جيد تنشغل به أميركا بعيدًا عن انشغالها بالصين، خاصة بعدما أعلنت حربها التجارية ضد بكين (..) موضحاً أن "اشتعال الأزمات في الشرق الأوسط سيجعل أميركا منشغلة بصورة أو بأخرى في هذا الملف".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الصين البحر الأحمر الحوثي اقتصاد اضطرابات البحر الأحمر على الاقتصاد الصینی فی البحر الأحمر بالمئة من
إقرأ أيضاً:
اتفاق ستوكهولم.. خطأ الغرب الذي عزز قوة الحوثيين وأفشل الردع في البحر الأحمر (ترجمة خاصة)
قالت مجلة أمريكية إن العنف المتصاعد في البحر الأحمر، لم ينشأ من العدم، بل ملأ فراغًا خلقه الغرب نتيجة حسابات خاطئة.
وذكر المجلس في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن من الحسابات الخاطئة للغرب اتفاقية ستوكهولم لعام 2018، التي شرّعت سيطرة الحوثيين على موانئ رئيسية في البحر الأحمر، بينما احتفت الأمم المتحدة بـ"التقدم" الدبلوماسي.
وأضاف إن "الخلط الناتج بين المسرح الدبلوماسي والواقع الاستراتيجي قد أصبح نمطًا متكررًا، اختار فيه الغرب باستمرار الاحتواء على المواجهة، وهو نمط أثبت تكراره".
وتابع "استمر هذا النمط حتى كشف الحوثيون عن نواياهم في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد أظهرت حملتهم المتزامنة ضد التجارة البحرية وإسرائيل التنسيق العملياتي الذي عززته طهران بين وكلائها. وبتصوير الإرهاب البحري على أنه تضامن فلسطيني، سعى الحوثيون إلى إضفاء الشرعية على الحرب الاقتصادية، مع كشف ضعف الغرب أمام التهديدات غير المتكافئة".
وأكد أن تردد الغرب في المخاطرة بصراع في البحر الأحمر، وإن كان مفهومًا، إلا أنه خلق حالة من الشلل عندما كانت هناك حاجة إلى عمل حاسم. ألقى مسار التصعيد الذي أعقب ذلك الضوء على تباين استراتيجي جوهري داخل التحالف الغربي حول كيفية التعامل مع الحوثيين.
ثالوث الانتهازية
وحسب المجلس الأطلسي فإن أزمة البحر الأحمر كشفت كيف يمكن للقوى المتنافسة تحقيق توافق استراتيجي من خلال السعي المتوازي وراء مصالحها الفردية، مما يُحدث آثارًا تراكمية تتجاوز ما يمكن لأي قوة أن تحققه بمفردها.
وقال إن هذه القوى اكتشفت أن السعي المتوازي وراء مصالحها الفردية يُحدث آثارًا نظامية مُعززة لبعضها البعض. لا يواجه الغرب مؤامرة، بل يواجه شيئًا أكثر صعوبة: توافق عضوي بين المصالح المتعارضة لا يتطلب تخطيطًا مركزيًا للحفاظ عليه ولا يُوفر أي وسيلة ضغط واحدة.
"يتجلى هذا التوافق في كل مكان. وفق التحليل فبينما أدانت الصين وروسيا الهجمات على الشحن المدني علنًا، امتنعت تلك الدولتين في 15 يوليو/تموز 2025 عن التصويت على قرار الأمم المتحدة رقم 2787 بشأن هجمات الحوثيين، كاشفةً عن الفجوة بين التصريحات الدبلوماسية والسياسات الفعلية.
حذّرت الصين من "إساءة تفسير" قرارات مجلس الأمن أو إساءة استخدامها لتبرير العمل العسكري ضد اليمن (والذي في الواقع يُخفف الضغط على الحوثيين، وليس اليمن). يسمح هذا النمط للدول بالحفاظ على الأعراف الدبلوماسية الرسمية مع السعي لتحقيق أهداف استراتيجية متناقضة.
"من جانبهم، حقق الحوثيون تكيفًا عملياتيًا متطورًا في استخدامهم للأصول التي استولوا عليها. حُوّلت سفينة "غالاكسي ليدر"، وهي ناقلة سيارات ترفع علم جزر البهاما اختطفتها الميليشيات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إلى محطة رادار عائمة مُجهزة بأنظمة مراقبة لتتبع حركة الملاحة البحرية. يُظهر هذا التحول كيف يستغل الوكلاء المدعومون من إيران قدرات الدولة في حرب غير متكافئة. هذا المزيج من جمع المعلومات الاستخبارية المتقدمة والعنف المُصطنع، والذي يُبرَّر جميعه بسرديات التضامن مع فلسطين، يُوفر مزايا تكتيكية وغطاءً استراتيجيًا لما يُعادل الإرهاب البحري" وفق التحليل.
لكن الدعم المادي الصيني يُمثل أهم مُمكّن للقدرات الإيرانية. تُوضح الشحنة القادمة من الموانئ الصينية، والتي تكفي لتزويد 260 صاروخًا متوسط المدى بالوقود وفقًا لحسابات صحيفة "فاينانشيال تايمز"، استعداد بكين لتقويض معايير حظر الانتشار النووي عندما يخدم ذلك مصالحها. يكشف وصفهم للمواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الصواريخ بأنها "تجارة عادية" كيف تستغل القوى الاستبدادية الغموض التنظيمي لتحقيق أهداف استراتيجية.
وطبقا للتحليل فإنه في وقت سابق من شهر مارس، اكتشف مركز أبحاث التسلح في النزاعات أن طائرات الحوثيين المسيرة تتضمن الآن خلايا وقود هيدروجين صينية الصنع، مما يزيد مداها ثلاثة أضعاف مع تقليل بصمتها الحرارية، مما يجعلها شبه غير مرئية للدفاعات التقليدية. تصل المكونات مُلصقة بشكل خاطئ على أنها أسطوانات أكسجين، مستغلةً ثغرات جمركية لإيصال أول محاولة استخدام لوقود الهيدروجين في أنظمة غير مأهولة من قِبل أي جهة مسلحة غير حكومية، على مستوى العالم.
ويأتي هذا النقل التكنولوجي -حسب التحليل- بالتزامن مع ترتيب اقتصادي أوسع يكشف عن نهج الصين المدروس تجاه الأزمة. فعلى الرغم من الضغوط على السفن الأوروبية، تُبحر السفن الصينية دون أي مضايقات في المياه نفسها. وأكدت عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية أن زعيم الحوثيين محمد علي الحوثي "تواصل مع مسؤولين من روسيا وجمهورية الصين الشعبية لضمان عدم قيام مسلحي الحوثي باستهداف السفن الروسية أو الصينية العابرة للبحر الأحمر".
"في هذه الأثناء، تُكمل مساهمة روسيا في هذا الترتيب في البحر الأحمر هذه العلاقة، محافظةً على مكانتها التقليدية كوسيط بين الفوضى والنظام. يُنسجم كشف صحيفة وول ستريت جورنال في أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن تقديم روسيا بيانات أقمار صناعية للحوثيين عبر وسطاء من الحرس الثوري الإيراني مع نمطٍ من التدخل المتصاعد. في الوقت نفسه، يُظهر اجتماع فيكتور بوت في أغسطس/آب 2024 لترتيب مبيعات أسلحة صغيرة بقيمة 10 ملايين دولار للجماعة المسلحة، بما في ذلك بنادق AK-74 وربما صواريخ كورنيت المضادة للدبابات، استعداد موسكو لاستخدام حتى أكثر أصولها شهرةً لتأجيج عدم الاستقرار الإقليمي" كما يقول المجلس.
التغلب على الشلل في البحر الأحمر
يضيف التحليل "تواجه أطر السياسات الحالية قيودًا متعددة: التردد في تسليح الحكومة اليمنية بسبب مخاوف تتعلق بالحوكمة، وقيود الموارد مع دعم أوكرانيا، والفشل الواضح للاتفاقيات التي توسطت فيها الأمم المتحدة مثل اتفاقية ستوكهولم. تُخلق هذه القيود ثغراتٍ عملياتية تستغلها الجهات الفاعلة الإقليمية".
وقال إن اختلافات النهج تتجلى بوضوح: فالصين تفرض ترتيباتها البحرية من خلال العمل المباشر، وروسيا تقدم الدعم الاستخباراتي لوكلائها، وإيران تحافظ على سلاسل توريد مكونات الصواريخ رغم العقوبات.
واقترح المجلس الأطلسي نماذج بديلة للتعاون الاستراتيجي دون هياكل تحالف رسمية لتجاوز الأخطاء منها:
أولاً، تتطلب الأطر متعددة الأطراف إعادة تقييم. فقد فشلت اتفاقية ستوكهولم وعملية "راف رايدر" لأسباب متناقضة: إحداهما عملية ثقة فوق السلطة، والأخرى قوة ثقة فوق الشراكة. ويتطلب النجاح تكاملاً حقيقياً: هياكل قيادة مشتركة بين القوات الأمريكية والأوروبية، ومنصات استخبارات مشتركة تجمع بين القدرات الإسرائيلية والمراقبة الأوروبية واستخبارات الإشارات الأمريكية، وقواعد اشتباك متزامنة. وتعمل عملية "أسبايدس" الأوروبية والجهود الأمريكية حالياً بالتوازي؛ فهما بحاجة إلى اندماج عملياتي، وينبغي أن تشملا الديمقراطيات الآسيوية لكسر سردية بكين "الشرق مقابل الغرب".
ثانياً: ربط الابتزاز البحري بمنافسة استراتيجية أوسع. تتطلب أزمة البحر الأحمر إعادة صياغة من حوادث معزولة إلى استراتيجية منسقة. تخدم هجمات الحوثيين طموحات إيران الإقليمية، والمزايا التجارية للصين، وهدف روسيا المتمثل في تحويل الموارد الغربية، وليس التضامن الفلسطيني كما يزعمون. يجب على أي تحليل جاد أن يأخذ في الاعتبار كيف يُسخّر هذا الترتيب الإيراني الصيني الروسي ممرات الشحن لتفكيك التحالفات الغربية وإرساء نماذج جديدة لإضعاف النفوذ الأمريكي. وتتمثل الرؤية الاستراتيجية في الآتي: اكتشف الخصوم أنهم قادرون على جعل القيادة الغربية باهظة الثمن دون إطلاق رصاصة واحدة. إن إدراك هذه الروابط يُمكّن من استجابة أكثر فعالية من معالجة كل أزمة على حدة.
ثالثًا: اعتبار اليمن محاولة إيرانية للسيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية. إن تأطير المجتمع الدولي لـ"الحرب الأهلية" يُخفي هدف طهران الحقيقي: السيطرة على العديد من نقاط الاختناق البحرية. تستغل إيران بالفعل مضيق هرمز لتهديد تدفقات الطاقة، وتسعى الآن إلى تكرار هذا النفوذ في باب المندب من خلال وكلائها الحوثيين. في حال نجاحها، فإن السيطرة على كلا نقطتي الاختناق ستمنح إيران قدرة غير مسبوقة على خنق التجارة العالمية. ولتحقيق ذلك، يعمل الحوثيون كحركة محلية وقوة استطلاعية إيرانية متمركزة للسيطرة على الجغرافيا الاستراتيجية لصالح طهران. بالنظر إلى هذه المخاطر، فإن دعم الحكومة اليمنية المدعومة من الأمم المتحدة الآن أقل تكلفة بكثير من مواجهة السيطرة الإيرانية على العديد من المعابر لاحقًا.
وأشار إلى أن التقارب بين إيران والصين وروسيا يظهر أن الخصوم الصبورين يمكنهم تقسيم الموارد العالمية المشتركة بينما تناقش الديمقراطيات خيارات الرد. كما أظهروا أن الإرهاب البحري يمكن إعادة تسميته بالمقاومة، وأن الحرب الاقتصادية يمكن أن تكون انتقائية، وأن القانون الدولي لا ينطبق إلا على من يختار اتباعه. البنية التحتية للرد موجودة، لكن ما ينقص هو إدراك أن التقاعس هو في حد ذاته خيار، وهو ما يفسره الخصوم على أنه إذن.
ويكشف سعي روسيا لإقامة قاعدة بحرية دائمة في البحر الأحمر وفق المجلس عن حساباتٍ مُضللة وقالت "إنهم يراهنون على أن السيطرة الغربية لن تعود. وكما يُجادل إيليا كرامنيك من المجلس الروسي للشؤون الدولية، فإن هذا يُعزز "دور روسيا كقوة عالمية"، لا بالتحوط ضد انتعاش الغرب، بل بافتراض غيابه.
وخلص المجلس الأطلسي في تحليلها إلى القول "على مدى ثمانية عقود، كان الردع يعني تحدي النظام الدولي الذي يقوده الغرب، مما أدى إلى عواقب تلقائية. لكن الأيام العشرة الأخيرة من العنف المُدبّر في يوليو/تموز أثبتت عكس ذلك. فقد فكّكت الصين وروسيا وإيران السيطرة البحرية الغربية بشكل منهجي، مع البقاء دون عتبة الانتقام، مما جعل الردع اختياريًا وليس تلقائيًا. لقد تعلم كل خصم مُحتمل في جميع أنحاء العالم هذا الدرس، وأنه بمجرد الضغط والارتباك الكافيين، سيخلق الغرب فراغًا يستغلونه".