الجديد برس:

قال موقع “Responsible Statecraft” الأمريكي، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تواصل إنكار أي صلة بين الحرب على قطاع غزة والصراعات المستمرة التي تشارك فيها القوات الأمريكية في العراق وسوريا واليمن.

وبقدر ما قد ترغب الإدارة في إبقاء الصراع محصوراً في قطاع غزة، فإن الحقيقة هي أنه امتد إلى عدة بلدان أخرى، وفق الموقع.

وأشارت إلى أنه “لأمر ضار بالشعب الأمريكي والعسكريين الأمريكيين أن نتظاهر بأن الدعم الأمريكي للحرب في غزة لم يخلف عواقب سلبية خطيرة على الاستقرار الإقليمي، وعلى القوات الأمريكية في المنطقة، في حين أنه قد أحدث بالفعل عواقب سلبية خطيرة”.

وعندما سُئل عن هذا “الصراع الأكبر” في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء، نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، أي صلة بين غزة والقتال الأمريكي مع اليمنيين أو الضربات المتبادلة بين الفصائل المحلية والولايات المتحدة.

واعتبر الموقع أن إجابة كيربي “مضللة وكاذبة”، موضحاً أن المقاومة الإسلامية في العراق التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم في الأردن، أعلنت صراحةً أن هجومها كان مرتبطاً بالحرب على قطاع غزة، فيما أكد اليمنيون أن هجماتهم ستستمر طالما استمرت الحرب.

وتابع بأن “رفض مواجهة حقيقة الارتباط بين هذه الصراعات يضمن استمرار الولايات المتحدة في انتهاج سياسات غير فعالة وهدامة، من خلال تجاهل حقيقة مفادها بأن المفتاح إلى نزع فتيل التوترات الإقليمية يتلخص في إنهاء الحرب على قطاع غزة في أسرع وقتٍ ممكن”.

ورأى الموقع أنه لدى إدارة بايدن حوافز سياسية قوية لإنكار الروابط بين هذه الصراعات المختلفة، مضيفاً أنهم “إذا اعترفوا بوجود صلة، فإن ذلك يجعل من الصعب عليهم تبرير دعمهم غير المشروط للحرب الإسرائيلية بسبب التكاليف الباهظة المترتبة على ذلك، كما أنه يقوض حجتهم للقيام بعملٍ عسكري في اليمن”.

وبحسب ما تابع، ويحتاج البيت الأبيض إلى أن يعتقد الأمريكيون أن تكاليف الدعم المستمر للحرب أقل مما هي عليه الآن، ويحتاجون أيضاً إلى أن يقتنع الأمريكيون بأن الضربات على اليمن ليست مرتبطة بمعارضتهم العنيدة لوقف إطلاق النار على غزة.

واشنطن تريد تجزئة الصراع

والآن بعد سقوط قتلى أمريكيين نتيجة لهجوم شنته فصائل عراقية، تريد الإدارة الأمريكية تجزئة كل صراع على حدة حتى لا يستنتج الشعب الأمريكي أن الجنود الأمريكيين يُقتلون بسبب حرب خارجية اختار الرئيس دعمها دون شروط.

ولفت الموقع إلى أن الإدارة الأمريكية تصر على أنها تريد منع نشوب حرب إقليمية، “لكن ذلك لن ينجح إذا فشلت في إدراك العلاقات بين الحملة الإسرائيلية وما يحدث في أماكن أخرى من الشرق الأوسط”.

وأوضح أن إنكار الارتباط مع غزة في اليمن أدى بالفعل إلى خطأ التصعيد ضد اليمن، مضيفاً أن هذا لم يفعل أي شيء لجعل الشحن التجاري “أكثر أماناً”، ولكنه دفع الولايات المتحدة إلى معركة أخرى غير ضرورية ومفتوحة.

وبوسع الولايات المتحدة أن تختار توريط نفسها بشكلٍ أعمق في صراعات الشرق الأوسط كما تفعل الآن، أو يمكنها أن تدرك “عبث وحماقة” السير على نفس الطريق المسدود الذي سلكته من قبل، وفق “Responsible Statecraft”.

واعتبر الموقع أنه إذا أرادت واشنطن تجنب التورط في صراعات جديدة، فعليها أن ترفض طريق التصعيد، وعليها أن تتوقف عن تأجيج الحرب على قطاع غزة التي تعد أحد المحركات الرئيسية لعدم الاستقرار الإقليمي.

وأكد أنه على المدى الطويل، تحتاج الولايات المتحدة إلى الحد من وجودها العسكري في المنطقة لتجعل من الصعب على الجهات الفاعلة الأخرى ضرب القوات الأمريكية، كما تحتاج إلى إعادة تقييم علاقاتها مع عملائها وتقليصها بشكل كبير.

ورأى الموقع أن “الجمهور يستحق محاسبة صادقة عما تفعله حكومتنا في الشرق الأوسط ولماذا”، مردفاً أنه “في الوقت الحالي لا يقدم البيت الأبيض أي شيء قريب من ذلك”.

وبحسب ما أكد، فإذا لم يغير الرئيس مساره، فإن أقل ما يمكنه فعله هو أن يصارح الشعب الأمريكي بالتكاليف الكاملة للاستمرار في السير على الطريق الخطير الذي اختاره.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الحرب على قطاع غزة الولایات المتحدة الشرق الأوسط الموقع أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

نظرة على الشرق الأوسط في عقل ترامب

في الزوايا الباردة من خرائط النفوذ، حيث تتداخل خطوط الجغرافيا مع أنماط الهيمنة، وتتماهى المبادئ مع المصالح، كما تتماهى الظلال في الغروب، لم يكن حضور دونالد ترامب إلى مشهد السياسة الخارجية سوى اقتحامٍ صاخبٍ لنسقٍ ظلّ طويلًا أسير التقاليد البروتوكولية وصياغات المؤسسات.

جاء الرجل لا كصوتٍ إصلاحيٍّ يحاول إعادة إنتاج العالم، بل كحاملِ ميزانِ صفقةٍ يريد أن يقيس به حجم المكاسب لا عمق التحولات، وأن يُخضع منطق التغيير لقواعد السوق لا لمنظورات القيم أو نظريات الانتقال الديمقراطي.

وفي هذا السياق، لم يكن مبدأ ترامب في الشرق الأوسط مبدأ بالمعنى الذي اعتدناه مع ترومان، أو كارتر، أو بوش، بل حالةً فلسفيةً نقيضةً لكل ما سُمِّي سابقًا بالالتزام الأخلاقي للدبلوماسية الأميركية.

فقد أسّس ترامب لمقاربةٍ تقوم لا على تصدير النماذج السياسية، ولا على التدخل التغييري، بل على إعادة تعريف الشرعية من خلال نفعيّتها لا عبر مشروعيتها، وعلى تحييد الديمقراطية بوصفها عاملًا مكلفًا لا استثمارًا إستراتيجيًا مضمون العائد.

ففي عالمٍ تسوده براديغم الصفقة، قرَّر ترامب أن ينأى بسياسة بلاده عن منطق الوصاية التحديثية، وأن يستبدل خطاب (من سيحكم) بخطاب كيف يمكن أن يُحكم دون أن يُزعج المصالح.

إعلان

وهنا تتجلّى فلسفته بوصفها رفضًا صريحًا للتورط في مشاريع تحوّلية مفتوحة، واختيارًا واعيًا للاستقرار القابل للتوظيف، مع ما يرافقه من براغماتيةٍ حذرة لا تستغرق في أيديولوجيا التغيير، بقدر ما تنشد قابلية التفاهم الإستراتيجي.

ولعلّ هذا المنطق قد بلغ ذروته خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط في مايو/ أيار 2025، حيث بدت جولاته بين الرياض وأبو ظبي والدوحة لحظةً مفصليةً في إعادة إنتاج اللغة السياسية الأميركية، لا بوصفها استئنافًا لمشروع فروضٍ إصلاحيةٍ تبشيرية، بل كتحوّلٍ نحو الواقعية الهيكلية التي تقيس العلاقات بمعيار الاستقرار والتوافق.

في الرياض، صرّح بوضوح بأن ما سُمِّي بالمشروع الديمقراطي في كلٍّ من بغداد وكابل لم يكن إلا مغامرةً خاسرةً استنفدت الجهد والموارد دون أن تُنتج نماذج قابلةً للحياة أو التكرار.

وقدّم في المقابل رؤيةً بديلةً قوامها التفاهم مع الأنظمة القائمة وفق صيغةٍ متوازنةٍ تحفظ المصالح المتبادلة وتعفي الطرفين من كلفة الإملاء أو الصدام القِيَمي.

وبذات المنطق، أبدى تقديرًا واضحًا لما أسماه (فاعلية أنماط الحُكم المستقرة) التي تمكّنت من توفير بيئةٍ تنموية، وشراكاتٍ إستراتيجية، وسياقاتٍ أمنيةٍ متماسكة، دون أن تنخرط في جدل التجريب السياسي، أو مغامرة النماذج المستوردة.

وهكذا، اتّسم حضوره الإقليمي بميلٍ متزايدٍ إلى تحويل العلاقات إلى بُنى تعاقدية، قوامها الصفقات الكبرى، من اتفاقيات التسليح إلى الشراكات الرقمية، في صورةٍ تعكس فلسفةً ترى في الدولة الشريكة طرفًا عقلانيًّا لا موضوعًا لسياسات إعادة التشكيل، أو الفرض الخارجي.

فلسفة ترامب في الشرق الأوسط ليست مجرد توجّهاتٍ ظرفية، بل رؤية متكاملة تُعلي من شأن الاستقرار التوافقي، وتؤجّل أسئلة التحوّل السياسي إلى أجلٍ غير مسمّى. إنها مقاربةٌ لا تستند إلى القيم الليبرالية التقليدية، بل إلى ضرورات التوازن الإقليمي، وإدارة النفوذ ضمن هندسةِ مصالحَ مرنة.

إعلان

وإذْ تتبدّى هذه المقاربة في صورتها الكُلّية، يتّضح أن مبدأ ترامب لم يكن وثيقةً مكتوبة، بل خطابًا مضمَرًا صاغته الوقائع أكثر ممّا صاغته الأدبيات، وبلورته النتائج أكثر ممّا بلورته النوايا.

فهو ليس دعوةً إلى الجمود، بل تأجيلًا ممنهجًا للتحوّل يُبقي على منظومة المصالح في حالة سيولةٍ منظّمة، دون القفز إلى مغامرات التأدلج أو إعادة هندسة المجتمعات.

وبينما يترسّخ هذا المنطق في خلفية العلاقات الدولية الراهنة، يغدو الحضور الأميركي مشروطًا، لا بالتبشير بل بالتفاهم، ولا بالهيمنة بل بالقدرة على التكيّف مع معطيات الواقع كما هو، لا كما يُراد له أن يكون.

مبدأ ترامب في الشرق الأوسط، في نهاية المطاف، لا يُمثّل انقلابًا على السياسة الأميركية بقدر ما يُجسّد ذروتها البراغماتية، حين تُختزل القيم في معادلات العائد، وحين تُدار ملفات الإقليم كما تُدار صفقات السوق، بمزيجٍ من الحساب والحدس، وبنزعةٍ ترى في الاستقرار المُربح خيرًا من التغيير المُكلِف.

وهو بذلك لا يُؤسّس لمرحلةٍ انتقالية، بل يُؤطّر لزمنٍ سياسيٍّ جديد، تغدو فيه القواعد القديمة مُعلّقة، واليقينيّات السابقة محلّ مراجعة، في انتظار مشهدٍ دوليٍّ لا تحكمه المبادئ وحدها، بل موازين القدرة على البقاء عند تقاطع المصالح.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يبحث مع السيناتور الأمريكي تيم شيهي تعزيز التعاون ودعم الاستقرار في الشرق الأوسط
  • متخصص: طابع شرفي لوجود واشنطن بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي في مشروع المساعدات بغزة
  • خلافات ترامب وماسك تندلع علناً في الشرق الأوسط
  • وزير الدفاع الأمريكي : واشنطن لا تسعى إلى حرب أو هيمنة على الصين
  • الإماراتية شيخة النويس أول امرأة على مستوى العالم تفوز بمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة
  • الإماراتية شيخة النويس أول امرأة تفوز بمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة
  • من هي الإماراتية شيخة النويس أول امرأة تفوز بمنصب أمين عام الأمم المتحدة للسياحة؟
  • رغم الجدل القضائي.. واشنطن تواصل إبرام صفقات تجارية كبرى
  • نظرة على الشرق الأوسط في عقل ترامب
  • دور الذكاء الاصطناعي والبيانات في تحويل قطاع النفط والغاز في الشرق الأوسط