أسطورة الكاتيوشا: "سلاح ستالين" الذي أرّق النازيين في الحرب العالمية ونهاية مأساوية لمبتكره
تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT
وقف إريك لانغيماك، مبتكر قاذفة صواريخ "كاتيوشا BM-13"، على أصول صناعة الصواريخ المحلية وكان بإمكانه تحقيق اختراق في علوم الفضاء لولا إعدامه بتهمة تجسس زائفة.
صرح بذلك ميخائيل مياغكوف، المؤرخ والمدير العلمي للجمعية التاريخية العسكرية الروسية، خلال مقابلة مع وكالة "نوفوستي".
قبل 125 عاما بالضبط، في 20 يوليو 1898، ولد إريك لانغيماك (1898-1938) - أحد مطوري قذائف "آر إس – 28" و"آر إس -132"، التي أصبحت من أهم الصواريخ الأسطورية "كاتيوشا" (قاذفة صواريخ بي إم -13) - "سلف" كل مدفعية الصواريخ السوفيتية والروسية. وفي المجموع، تم تصنيع 11 ألف منظومة خلال سنوات الحرب.
وقال مياغكوف: "مصير لانغيماك، للأسف كان مأساويا. في بداية عام 1938، تم اعتقاله بناء على إدانة كاذبة، في نفس الوقت الذي تم فيه اعتقال زملائه المصممين المشهورين فالنتين غلوشكو، وسيرغي كوروليف وكثيرين آخرين. فقط بسبب جنسيته تم التشهير به على أنه جاسوس ألماني وحُكم عليه بالإعدام. لولا وفاة صاحب الـ 39 عاما فقط، لكان بإمكانه تحقيق اختراق في تكنولوجيا الفضاء السوفييتية".
وأكد المؤرخ أن لانغيماك، أثناء عمله في معهد أبحاث الطائرات المعروف باسم "إن إي إي – 3"، لم يكن مهتما فقط بالقذائف العسكرية، بل فكر أيضا في إنشاء محركات صاروخية يمكن استخدامها للأغراض السلمية، وفي المقام الأول استكشاف الفضاء.
وأضاف، "من الجدير بالذكر أن لانغيماك هو من استخدم لأول مرة في العلوم الروسية كلمة "رواد الفضاء". وشدد مياغكوف، على أنه كان يعتقد أنه يجب أيضا تكييف تقنيات الصواريخ للأغراض السلمية - لإطلاق الصواريخ في الفضاء مع وجود شخص على متنها.
وفي حديثه عن مساهمة مبتكر "كاتيوشا" في العلوم المحلية، ذكر المؤرخ أنه بالتعاون مع أحد مؤسسي صناعة الصواريخ والفضاء السوفيتية، فالنتين غلوشكو، كتب لانغيماك أول كتاب في الاتحاد السوفيتي، والذي لخص التجربة تصميم الصواريخ السائلة والصلبة بعنوان "الصواريخ: أجهزتها وتطبيقها" (1935).
"جهاز ستالين"
لم يتم استخدام الصواريخ التي طورها المهندس لأول مرة مع قاذفة "كاتيوشا"، ولكن مع مقاتلات "إي – 16" خلال معركة "خالخين غول" عام 1939. بعد ذلك، في إحدى المعارك، دمرت هذه الصواريخ ثلاث طائرات يابانية، وكان ذلك أول انتصار حققته قذائف "آر إس – 28" و"آر إس -132" للجيش الأحمر.
وكان القدر، أن المخترع لم يكن متجها لرؤية عمل "من بنات أفكاره الرئيسية": لأول مرة، تم استخدام "كاتيوشا" بواسطة بطارية الكابتن إيفان فليروف في 14 يوليو 1941، على تجمع للآليات الألمانية في أورشا (الآن منطقة فيتيبسك في بيلاروس). لقد تركت هذه الضربة انطباعا "صادما" لدى النازيين.
وقال المؤرخ: "عندما كنت أعمل بوثائق ألمانية، أتيحت لي الفرصة لقراءة انطباعات النازيين عن العمل عليها "كاتيوشا". كتب بعض الجنود الألمان في رسائلهم من وقت معركة موسكو أنهم "يستلقون بلا حراك" و"سلاح ستالين" يسبب لنا خسائر فادحة".
وشدد مياغكوف على أن القيادة العسكرية السوفيتية راهنت بشكل خاص على استخدام المدفعية الصاروخية - فقد كانت تابعة مباشرة للقيادة العليا. تم تعويض الدقة المنخفضة لقذائف الهاون ذات الدفع الصاروخي بنيران كثيفة - قامت فرقة "كاتيوشا" بحرث مواقع العدو في منطقة مماثلة للعديد من ملاعب كرة القدم.
وأوضح المؤرخ: "بأمر من مفوضية الدفاع الشعبية، كان لابد من استخدام "كاتيوشا" كجزء من فرقة، أي 12 منشأة من طراز بي إم – 13، ثم كان لكل منشأة 14 دليلا، أي في غضون ثوان قليلة تطلق آلة واحدة 14 صواريخ. إذا ضاعفنا هذا الرقم في 12، فسيتم الحصول على قوة الضرب هذه التي يمكن أن تدمر أجسام العدو على الأرض في منطقة تضم ملعبي كرة قدم أو ثلاثة".
في الهجوم والدفاع
منذ نهاية عام 1941، لم تكتمل أي عملية هجومية كبيرة للجيش الأحمر بدون استخدام "بي إم – 13"، وكانت فعالة أيضا في التصدي لهجوم العدو.
وقال المؤرخ: "خلال معركة ستالينغراد، كان مركز قيادة قائد الجيش 62 آنذاك، الجنرال فاسيلي تشويكوف، على بعد 300 متر فقط من مواقع العدو، لكن العدو لم يستطع الاقتراب منه، لأن الفضاء بين الطرفين المتعارضين كان "تحت نيران" قصفنا الصاروخي. بمجرد أن دخل العدو في المعركة، تطلق الكاتيوشا النار على هذه المنطقة، ويتراجع العدو بخسائر فادحة".
المصدر: نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا الجيش الروسي الحرب العالمية الثانية النازية تاريخ روسيا صواريخ
إقرأ أيضاً:
أحمد عبد اللطيف.. بطل « سلاح الإشارة » يروي كيف سطّر المصريون ملحمة أكتوبر
تحل اليوم، الإثنين، الذكرى الـ 52 لأعظم معركة في التاريخ الحديث، والتي انتصرت فيها قواتنا المسلحة، واستعادت روح العزة والكرامة باسترداد أرض سيناء الحبيبة، والتي سيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
تلك الحرب المجيدة، التي كانت ولا زالت بمثابة علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة، والتي أظهرت شجاعة و بسالة الجندي المصري في الدفاع عن أرضه.
تفاصيل مثيرة يحكيها لنا الآباء والأجداد ممن خاضوا هذه الحرب أو عاشوا وقتها، فلم تنكسر أحلام المصريين المشروعة على صخرة هزيمة يونيو 1967 ، وإنما كان التفكير دائمًا نحو البناء من جديد، إذ أصر الشعب والجيش على الثأر من العدو الإسرائيلى، واستطاع بحق قلب موازين القوى العالمية آنذاك.
حيث أنه في إحدى ليالي أكتوبر المجيدة عام 1973م، جلس الجندي أحمد عبد اللطيف حسن يوسف، المقيم بقرية الجهاد 4 بمركز العدوة، محافظة المنيا، يحكي قصته بصوتٍ يملؤه الفخر والعزة، يستعيد تفاصيل الأيام التي خطّ فيها هو ورفاقه أعظم صفحات البطولة في تاريخ مصر.
و يروي " عبد اللطيف " أحد أبطال حرب أكتوبر ذكرياته التي لا تُنسى عن لحظة العبور، حين دوّى نداء النصر في أرجاء الجبهة، واشتعلت السماء بأصوات المدافع وهتافات الجنود، قائلا:" إن تلك اللحظات كانت مزيجًا من الخوف والإصرار، لكن حب الوطن كان أقوى من كل شيء، متحدثا بفخر عن زملائه الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن ترفرف راية مصر عاليا فوق أرض سيناء، مؤكدًا أن نصر أكتوبر لم يكن مجرد معركة عسكرية، بل كان ملحمة إيمان وصبر وإرادة لا تنكسر.
وعلى الرغم من أنه كان جنديًا مجندًا في سلاح الإشارة، فإن اجتهاده وانضباطه في أداء مهامه جعلاه محط تقدير قادته، ليُرقّى آنذاك إلى حكمدار الطقم التابع له، بعد أن تلقى تدريبًا مكثفًا على أجهزة الإشارة الروسية واجتاز الاختبارات بنجاح، ليصبح أحد العناصر المسؤولة عن تأمين الاتصالات بين الوحدات خلال لحظات الحرب الفاصلة.
ومنذ تلك اللحظة، بدأت رحلته مع البطولة الحقيقية، حيث كان يقضي ليالي طويلة وسط أصوات الانفجارات وصفير القذائف، محافظًا على تواصل الوحدات بدقة متناهية رغم الخطر المحدق.
و يسرد" عبد اللطيف" حديثه قائلا:" أنه لم يكن يعرف للخوف طريق ، بل كان يشعر أن كل رسالة يرسلها قد تُنقذ حياة جندي أو تحسم معركة، وبرغم قسوة الظروف، ظل الإصرار يملأ قلبه، مؤمنًا بأن النصر قادم لا محالة، وأن تضحياتهم ستُكتب بحروف من نور في تاريخ الوطن.
وعلى حد وصف جندي شارك فعلياً في "نصر أكتوبر "، الأستاذ أحمد عبداللطيف، والذي كان مجنداً أثناء الحرب ويحاول في كل تجمع أسري أو اجتماعي أن يفتح نقاشاً "لا لسرد بطولات الحرب فقط، لكن للربط بين ما جرى قبل 52 عاماً وما يجري اليوم وما سيجري غداً ، سرد لنا تفاصيل خدمته بالجيش المصري قائلا: "خدمت قرابة خمس سنوات في صفوف الجيش المصري، بدأت مجندًا في سلاح الإشارة، ثم تمت ترقيتي إلى حكمدار الطقم بعد أن اجتزت تدريبًا مكثفًا على أجهزة الإشارة الروسية، و كنا نعيش أيامًا صعبة، ولكنها مليئة بالعزيمة والإصرار، لم نكن نفكر في أنفسنا بقدر ما كنا نفكر في الوطن، وكيف نستعيد أرضنا وكرامتنا، كانت لحظة العبور أشبه بالحلم الذي انتظرناه طويلاً، رأينا فيها زملاءنا يسطرون أروع ملاحم البطولة، بعضهم عاد يحمل وسام النصر، وآخرون ارتقوا شهداء في سبيل الله والوطن.
و أنهى الأستاذ أحمد عبد اللطيف خدمته العكسرية عام 1975 م ، بعد حياة حافلة مليئة بالعطاء، متوجها بالشكر والتحية للرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي نجح فى تحويل التحديات التي واجهت الدولة المصرية إلى فرص تنموية لبناء “ الجمهورية الجديدة “، متمنيا لسيادته التوفيق والسداد لما فيه الخير لوطننا الحبيب مصر”.
كما وجه أحمد عبد اللطيف ، تحية إعزاز وتقدير وإجلال، لصاحب قرار الحرب وبطل السلام، الرئيس محمد أنور السادات، طيب الله ثراه، والشعب المصري العظيم صانع الابطال.
موجها التحية أيضا لشهداء القوات المسلحة الباسلة وأسرهم وذويهم، الذين كتبوا بدمائهم الذكية هذه الملحمة الخالدة، فضربوا باخلاصهم وعزيمتهم ، ووطنيتهم أروع الأمثلة في التضحية والفداء وكتبوا أنصع الصفحات في تاريخ الوطنية المصرية.
واختتم " عبد اللطيف"حديثه قائلا:" أرجو من الله عز وجل أن يديم نعمتي الأمن والأمان على مصر وشعبها، وأن يحفظها من كل مكروه وسوء، وأن يحفظ وطننا من كيد الكائدين، لاستكمال مسيرة التقدم والبناء، وأن يعُم الأمن والسلام على العالم أجمع".