شهدت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، انطلاق صالون شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، والذي ينظمه "أتيليه العرب للثقافة والفنون" " بجاليري ضي الزمالك "


وقالت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة: " إن الراحل الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، يُعد أحد أهم المبدعين الذين أسهموا بمؤلفاتهم المتفردة،  في إثراء المشهد الثقافي المصري والعربي على حد سواء، فقد كانت كتاباته تحظى بقراءة متعمقة للواقع،  ورؤية ثاقبة للمستقبل، فكان شغوفًا بالأدب وجمالياته وقضاياه المتعددة، ما جعل من رؤاه النقدية مرجعًا رصينًا لجمهور كبير من الشباب والباحثين والمبدعين ، ويأتي إطلاق هذا الصالون، تخليدًا لمسيرة عطائه، وامتنانًا لما قدمه.

من جانبها وجهت الدكتورة مرفت مرسي أرملة الراحل الدكتور شاكر عبدالحميد، الشكر لوزيرة الثقافة على حرصها على افتتاح الصالون، مُعربة عن امتنانها لوزارة الثقافة، لحرصها  على تكريم اسم الراحل الدكتور شاكر عبد الحميد، بالعديد من المحافل والفعاليات التابعة للوزارة، وثمنت أن يستهل الصالون الثقافي فعالياته بندوة الصناعات الإبداعية والاستثمار الثقافي، حيث كانت القضايا المرتبطة بهذا الموضوع  محورًا كبيرًا لاهتمامه، لاسيما خلال السنين الأخيرة في حياته، حيث كانت آخر مؤلفاته قبل رحيله تحمل عنوان "الثروة الإبداعية للأمم"، والتي تعالج هذه القضية. 

وقال هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة أتيليه العرب: "إن صالون الدكتور شاكر عبد الحميد، يهتم بجوانب النقد الأدبي والفني والجمالي، ويأتي تدشين هذا الصالون الثقافي كمحاولة جادة تستهدف استمرار جهود الراحل الكبير في إثراء النقد الفني والدراسات الجمالية الرصينة  والتي شكلت إضافة مهمة للمشهد الثقافي المصري والعربي، ويأتي الصالون ليمثل لمسة وفاء للدكتور شاكر عبد الحميد، الذي دعم الجاليري، منذ تأسيسه قبل سبع سنوات، حيث كان المدير العام النشاط الثقافي في الجاليري".


وتضمنت مراسم الافتتاح، رفع الستار عن تمثال نصفي للدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، من إبداع الفنان الكبير طارق الكومي.

كما شهدت وزيرة الثقافة، فعاليات الندوة الأولى لنشاط الصالون، والتي أقيمت تحت عنوان "الصناعات الإبداعية والاستثمار الثقافي"، بمشاركة الدكتور عماد أبو غازي -أستاذ التاريخ والوثائق بجامعة القاهرة، ووزير الثقافة الاسبق، والدكتور زين عبد الهادي مدير مكتبة العاصمة الإدارية، وأستاذ الوثائق والمكتبة بجامعة حلوان، والدكتور محمد عبد الدايم مساعد وزيرة الثقافة-، وبمشاركة الدكتور وليد الخشاب أستاذ الدراسات العربية بجامعة يورك بكندا، وأدارها الدكتور سيد ضيف الله أستاذ النقد الأدبي والمشرف على الصالون.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدكتور شاكر عبد الحميد الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة الاستثمار الثقافي بجامعة القاهرة جامع جاليري ضي جامعة القاهرة وزیرة الثقافة

إقرأ أيضاً:

كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (51)

 

 

 

 

تحقيق: ناصر أبوعون

 

يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [(أ) ..أَرْضُهَا حَسَنَةُ التُّرْبَةِ مُسْتَوِيَةٌ قَابِلَةٌ لِلنَبَاتِ، وَآبَارُهَا غَزِيْرَةُ الْمَاءِ لَاتنْزَحُ، وَهِيَ فِي عُمْقِ قَامَةِ إِنْسَانٍ أَوْ أَقَلّ؛ أَعني الآبارَ القريبةَ من الحصنِ، وأمّا البعيدةُ عنهُ فإنّها في عُمقٍ بعيدٍ، وهم يَنْزِفونَ الماءَ منها لِسَقْيِ زُروعِهِم. وأَكثَرُ زَرْعِهِمُ البازاريُّ؛ ويُسَمّى عندَهم (مَسيبْلُو)، والذُّرَةُ، والدُّخنُ. ولا يَزْرَعونَ البُرَّ إِلّا نادِرًا. وكَيْفِيَّةُ زَجْرِهِم من هذهِ الآبارِ؛ أَنَّهُم يَربِطُونَ حَبْلًا في رَحْلِ البَعيرِ، وطَرَفَهُ الثاني بالدَّلْوِ، ويتَشَعَّبُ منهُ حَبْلٌ صَغيرٌ يُمْسِكُ الدَّلْوَ من أَسفلَ، ويَجعلونَ الحَبْلَ الأعلى على آلةٍ مُسْتَديرَةٍ ذاتِ أَضْراسٍ كَبيرةِ الحَجْمِ، تُشْبِهُ المَنْجُورَ عندَنا، إِلّا أنّها أَكْبَرُ منهُ بكَثيرٍ، ويَربِطونَ الحَبْلَ الأسفَلَ على آلةٍ صَغيرَةٍ؛ يَقُولونَ لها: دَوّارَةٌ. وتَزْجُرُ البِيرَ ثَمانيةُ جِمالٍ فقط، ويَفعلونَ ذلكَ بكُلِّ جَمَلٍ ودَلْوٍ؛ فيَقِفُ العامِلُ بينَ كُلِّ جَمَلَينِ أو بينَ أَربَعةٍ يَحدُوهُنَّ؛ وذلكَ بدونِ خَبٍّ ولا حَفْرٍ في أَرضٍ ولا غيرِه. وقَدْرُ الماءِ الذي تَصُبُّهُ دِلاءُ الزَّجْرِ لا يَقِلُّ عنِ الفَلْجِ المُتوسِّطِ عندَنا)].

الطائي يصف تربة ظَفار

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(أَرْضُهَا حَسَنَةُ التُّرْبَةِ مُسْتَوِيَةٌ قَابِلَةٌ لِلنَبَاتِ)]

[(أَرْضُهَا)]، اسم مفرد، وجمعه (أراضٍ، آرُض، أُرُوض)، وهي البسيطة التي تنبت الزرع والشجر ويعيش عليها الخلق. وشاهد الكلمة اللغويّ نقرأه في بيت شعر منسوب إلى هُناءة بن مالك بن فهم الأزديّ، يقول فيه: [لَوْ كَانَ يُفْدِي بَيْتَ الْعِزِّ ذُوْ كَرَمٍ/ فَدَاكَ مَنْ حَلَّ سَهْلَ (الْأَرْضِ) وَالْخَلَدَا(01)].[(حَسَنَةُ التُّرْبَةِ)]، (حَسَنَةُ): طيّبة جيدة؛ (يخرُجُ نباتُها- بإذنِ اللهِ- سريعًا حَسَنًا طَيِّبًا)، و(التُّرْبَة)، أي: التُّراب، وجمعه (تُرَب). ونقرأ شاهد هذه الكلمة في قول الهَدْم بن امريء القيس الأوسيّ: [سَقَى الْأَرْضَ ذَاتَ الطُّوْلِ وَالْعَرْضِ مُثْحِمٌ/ أَحَمُّ الرَّحَا، وَاهِي الْعُرَى، دَائِمُ الْقَطْرِ – وَمَا بِي سُقْيَا الْأَرْضِ، لَكِنَّ (تُرْبَةً)/ أَضَلَّكَ فِي أَحْسَائِهَا مَلْحَدُ الْقَبْرِ(02)]، وتربة ظَفار الزراعية، عبارة عن رواسب فيضية تنشأ مصاحبة لفيضان الأودية، وتحتوي على طبقة من الطَّفْل والذرّات الناعمة، وهي تغطي معظم مساحات (شمال سلسلة جبال ظفار، وتضم الحدود الإدارية لأربع ولايات (المزيونة، ثمريت، شليم وجزر الحلانيات، مقشن). وتغطي هذه التُربة حوالي 80% من مساحة محافظة ظفار، وهذه المساحة تُعدّ من المناطق القابلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية)(03). وقول الطائيّ:(مُسْتَوِيَةٌ)، أي: (منبسطة). وشاهد الكلمة نجده في الحديث النبويّ: [قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):.. رَأَيتُ اللَّيلةَ رَجُلَينِ أتَياني، فأخَذا بيَدَيَّ، فأخرَجاني إلى أرضٍ فَضاءٍ -أو أرضٍ مُستَويةٍ-... (04)]. وفي قول الطائيّ:(قَابِلَةٌ لِلنَبَاتِ)، أي: (صالحة للزراعة)، و(النبات) كلُّ زرع ظاهر على الأرض. ونقرأ شاهد الكلمة في قول كُلَيب بن ربيعة التَّغلبيّ: [يَا طَيْرَةً بَيْنَ (نَبَاتٍ) أَخْضَرِ/ جَاءَتْ عَلَيْهَا نَاقَةٌ بِمُنْكَرِ(05)].

الطائي يصف الآبار في ظفار

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وَآبَارُهَا غَزِيْرَةُ الْمَاءِ لَاتنْزَحُ، وَهِيَ فِي عُمْقِ قَامَةِ إِنْسَانٍ أَوْ أَقَلّ؛ أَعني الآبارَ القريبةَ من الحصنِ)].

 [(آبَارُهَا)]، و(بِئَار)، و(أَبْؤُر)، و(بُؤُور)، و(أَبْيَار) كلها جموع، ومفردها (بئر)، ومعناه: الحُفيرة ذات العُمق، التي يُستخرج منها الماء ونحوه. وشاهد الكلمة نقرأه في قول أبوقيس صيفيّ بن الأسلت الأوسيّ: [غِرَاسٌ كَالفَتَائِنِ مُعْرَضَاتٌ/ عَلَى (آبَارِهَا) أَبَدًا عُطُونُ(06)]،[(غَزِيْرَةُ الْمَاءِ لَاتنْزَحُ)]، لَاتنْزَحُ، أي: لا ينفد ماؤها. وشاهد الكلمة نقرأها في قول عمرو بن الحَمِق الخزاعيّ: [فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي و(نزح) البحور الطوامي...، ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق عليّ من حقك(07)]. وقوله: [(عُمْقِ قَامَةِ إِنْسَانٍ)]،(عُمْقِ البئر)، أي: قعره وطوله. وهو اسم مفرد وجمعه (أعماق). ونقرأ شاهد الكلمة في قول الشَّنفرَى الأزديّ: [ووَادٍ بَعِيْدِ (الْعُمْقِ) ضَنْكٍ جِمَاعَهُ/ مَرَاصِدُ أَيْمٍ، قَانِبُ الرَّأْسِ أَجْوَفُ(08)]، [(وأمّا البعيدةُ عنهُ فإنّها في عُمقٍ بعيدٍ، وهم يَنْزِفونَ الماءَ منها لِسَقْيِ زُروعِهِم)] (يَنْزِفونَ)، أي: (ينزحون)، ويُطلق على استقاء الماء من البئر ونحوها شيئًا بعد شيء. وشاهد الكلمة في قول الخليل بن أحمد الفراهيدي: [و(النزف): نزح الماء من البئر أو النهر شيئا بعد شيء(09)].[(سَقْيِ زُروعِهِم)] إرواء الأرض بالماء ونحوه. ونقرأ شاهد الكلمة في قول الأعشى الكبير، يصف ناقته القويّة التي يُحسِنُ عَلَفَها، ويرويها من الماء الصافي: [بَنَاهَا السَّوَادِيُّ الرَّضِيْخُ مَعَ الْخَلِي/ وَ(سَقْي)، وَإِطْعَامِي الشَّعِيْرَ بِمَحْفدِ(10)]

أهم المزروعات في ظَفار

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وأَكثَرُ زَرْعِهِمُ البازاريُّ؛ ويُسَمّى عندَهم (مَسيبْلُو)، والذُّرَةُ، والدُّخنُ. ولا يَزْرَعونَ البُرَّ إِلّا نادِرًا)].

(البازاريُّ)، أي: البرسيم الحجازي، وهو محصول علفيّ ويُسَمّى في اللهجات الظَفارية الدارجة الـ(مَسْيبْلُو). و(الذُّرَةُ) والمقصود بها (الذرة الرفيعة العلفية)، وهي نبات لا يستهلك المياه ويُفضَل في المناطق الجافة؛ لذا هو خَيَار زراعيّ جيد في ظَفار؛ وخاصةً في المناطق التي تُعاني من شُحّ المياه. أمّا(الدُّخنُ) عشبٌ بذوره صغيرة، ومتنوعٌ في ألوانه، ما بين أبيض، وأخضر، وأصفر، وأحمر، صغيرة الحجم، ومستديرة الشكل، ويُستخدم (الدُّخن) بشكل رئيسٍ كغذاء للإنسان؛ ويُوصف بأنّه نَبَاتٌ عُشْبِيٌّ مِنْ فَصِيلَةِ النَّجِيلِيَّاتِ، وأنْوَاعُهُ عَدِيدَةٌ، بَرِّيَّةٌ وَزِرَاعِيَّةٌ، وحَبُّهُ صَغِيرٌ أمْلَسُ يُشْبِهُ حَبَّ السِّمْسِمِ، ويُعَدُّ مِنَ النَّبَاتَاتِ الطَّيِّبَةِ الغنيّة بالماغنيسيوم الضروريّ لخفض مستوى ضغط الدم، ويُقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبة القلبية، ويساهم في تحسين الدورة الدمويّة، والحفاظ على مستويات الكوليسترول، وهو غذاء جيد لمرضى السكري، ويساعد في عملية الهضم، وإزالة السموم من الجسم، ويخفف أعراض الربو، وخيار جيد للذين يعانون من حساسية القمح)(11)، و(الدُّخنُ) في المعجم الوسيط بضم الدَّال المهملة، ينبت بريًّا ومزروعًا، وقال بعض الفقهاء باستحباب إخراج زكاته. أمّا (البُرَّ)، فهو اسم جنس مفرد والجمع (أَبْرار)، وهو حبُّ القمح. ونقرأ شاهده اللغوي في قول المُتَنَخِّل الْهُذَليّ: [لَا دَرَّ دَرِّيَ إِنْ أَطْعَمْتُ نَازِلَكُمْ/قِرْفَ الْحَتِّي وَعِنْدِي (الْبُرُّ) مَكْنُوزُ(12)].

الطائي يصف آلات الري الظَفارية

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وكَيْفِيَّةُ زَجْرِهِم من هذهِ الآبارِ؛ أَنَّهُم يَربِطُونَ حَبْلًا في رَحْلِ البَعيرِ، وطَرَفَهُ الثاني بالدَّلْوِ، ويتَشَعَّبُ منهُ حَبْلٌ صَغيرٌ يُمْسِكُ الدَّلْوَ من أَسفلَ، ويَجعلونَ الحَبْلَ الأعلى على آلةٍ مُسْتَديرَةٍ ذاتِ أَضْراسٍ كَبيرةِ الحَجْمِ، تُشْبِهُ المَنْجُورَ عندَنا، إِلّا أنّها أَكْبَرُ منهُ بكَثيرٍ، ويَربِطونَ الحَبْلَ الأسفَلَ على آلةٍ صَغيرَةٍ؛ يَقُولونَ لها: دَوّارَةٌ)].

[(زَجْرِهِم من هذهِ الآبارِ)](الزَّجْر) مشتقة من (زَجَرَ الثيران ونحوها؛ لسوقها وحثّها على السرعة. ونقرأ شاهد الكلمة اللغويّ في قول الحارث بن صُريم الوادعيّ الهَمَدانيّ: [عَلَى حَنَقٍ وَالْخَيْلُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ/عَوَابِسُ بِالْفِتْيَانِ، تُقْحِمُهَا (زَجْرَا) (13)]و(الزَّاجرة)، هي آلة سقي الأرض من الآبار السطحية أو الأحواض التي يكون مستوى مائها قريباً من سطح الأرض، وهذه الآلة المركّبة عرفت في عُمان باسم (الزاجرة أو المنجور)، وفي مناطق أخرى من الجزيرة العربية تعرف باسم (السَّانية). والعنصر الأساسي فيها(الدَّلْوِ الكبير)، ويسمونه (الغَرْب) وجمعه (غروب) وهو عبارة عن دلوً طويل يصنع من الجلد، يصل طوله لقرابة المتر أو أكثر، ويكون متسعاً في جانب (الطرف العُلْويّ) وضيقاً في الجانب الآخر (الطرف السُّفلْيّ)، وبه فتحتان، فتحة في كل طرف، وتكون الفتحة كبيرة في الجانب المتسع، وهي الفتحة التي يدخل منها الماء لتجويف الغَرْب، أما فتحة الجانب الضيق فتكون صغيرة، وهي الفتحة التي يفرغ منها الماء، ويتم وضع (عَراقي) بداخل كل فتحة، ويربط في كل (عَراقي) خيط في وسطها. ولكي تحدث عملية التفريغ الآلية للمياه يُمرر الخيط الذي ربط بالطرف العلويّ فوق بكَرة على شكل عجلة يتم وضعها على عارضة مثبّتة على قائمتين نُصِبَتا على جانبي فتحة البئر، أما خيط الطرف السفلي فيمرّر فوق بكَرة أسطوانية الشكل تكون أسفل من البكَرة الأولى وقريبة من سطح البئر. وهناك العديد من المسمّيات لتلك الأجزاء والحبال)(14). وقد أطلق العرب القدماء على (الزاجرة أو المنجور) الآلة التي تستخرج الماء من البئر اسم (السانية)، وكانوا يستخدمون الناقة لجرِّ الحبل، ومنها سميت الناقة بـ(السَّانية)، والجمع (السَّواني)، وتسمى (النُّوق) التي يُسْتسقى عليها باسم (النواضح) ومفردها (الناضحة)، وجاء في معجم (تاج العروس) "مادة سني": و(السَّانِيَةُ): الغَرْبُ وأَدَاتُهُ، وأَيْضاً: النَّاقَةُ التي يُسْتَقَى عليها، وهي النَّاضِحَةُ أَيْضاً، والجَمْعُ السَّوانِي، وسَنَتِ النَّاقَةُ تَسْنُو سَناوَةً وسِنايةً: إذا سَقَتِ الأرضَ. وقال السّهيليّ في الرَّوْض: أَي دارَ حَوْلَ البِئْرِ والدابَّة هي السانِيَة"(15).[(يَربِطُونَ حَبْلًا في رَحْلِ البَعيرِ)]،(الْحَبْل) اسم مفرد وجمعُه على سبع صور هي: [حِبال، أحبال، أَحْبُل، حَبائل، حُبْلان، حُبُول، أَحْبِلة)، وهو كل رباط يُشَدُّ به محسوسًا كان أو مجردًا. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول لقيط بن يعمر الإيادي: [جَرَّتْ لِمَا بَيْنَنا (حَبْلَ) الشُّمُوسِ فَلَا/ يَأْسًا مُبِيْنًا تَرَى مِنْهَا، وَلَا طَمَعَا(16)][(الْبَعِيْر)]، هو (الجَمَل) أو(النَّاقة) إذا دخلا في العام الخامس، وهو مفرد، وجمعه على ثماني صورٍ، هي: [أَبَاعِر، بُعُر، بُعْرَان، أبعرة، أَبَاعِيْر، أَبْعُر، بُعُور، بَعَارِين]، ونقرأ شاهد الكلمة في قول حَذِيمةَ بن مالك بن فهم الأزديّ: [أَنْ تَاهَ أَحْوَرُ ذُو رُعَيـــ/ـــنٍ لَنَا، وَأَحْوَى وَ(أَبَاعِرُ) (17)] [(الدَّلْو)] اسم مفرد، وجمعه يأتي على أربع صور: [دِلَاء، دُلِيّ، أَدْلِي، دِلِيّ]، وهو إناء يُرْسَل في الماء لِيُسْتَقَى به. ونقرأ شاهده اللغوي في قول العنبر بن عمرو التميميّ: [قَدْ رَابَنِي مِنْ (دَلْوِي) اِضْطِرَابُها/ وَالنَّأْيُ فِي بَهْرَاءَ وَاغْتِرَابُها(18)] و[(يتَشَعَّبُ منهُ حَبْلٌ صَغيرٌ)] يتَشَعَّبُ، أي: يخرج منه أو يتفرّع عنه، وهو مأخوذ من (الشِّعب)، أي: الطريق. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول تأبَّط شرًّا الفهميّ: [وَ(شِعْبٍ) كَشَلِّ الثَّوْبِ، شَكْسٍ طَرِيْقُهُ/ مَجَامِعُ صُوحَيْهِ نِطَافٌ مَخَاصِرُ(19)][(آلةٍ مُسْتَديرَةٍ ذاتِ أَضْراسٍ كَبيرةِ الحَجْمِ)]، وصف للساقية في كثير من البلدان العربية، وهي عبارة عن دولاب دائريّ كبير يُتَّخَذ من الخشب ونحوه، تُحركّه الدوابُّ، وتعلو محيطه دِلاءٌ لرفع الماء من نهر أو قناة أو بئر، وتُتخذ لسقي الحقول والبساتين)(20)، و(تتكون ساقية الماء من سبعة عناصر، هي:(الطوي/البئر) و(الحبل) و(المنجور) و(الفقه) و(الجر) و(الدلو) و(اللجل). فأمّا (المنجور)، وإن كان أحد مكونات الساقية؛ إلا إنه يُستعمل في الدارجة العُمانيّة المحلية للدلالة على الساقية بجميع تكويناتها، وهو عبارة عن (عجلة خشبية مسننة تدور حول محور يسمى (حطبة المنجوار)، حيث يقوم الحيوان بجر (الحبل) ذهابا وإيابا باستمرار في ممر مائل أمام البئر. ويتم خلال مرحلة الذهاب جرّ الإناء المملوء بالماء من البئر لتفريغه في (الجابية)، أما خلال رحلة العودة فإن الإناء يعود فارغا إلى البئر ليُملأ بالماء مرة أخرى، وقد يكون هناك مساعدون للسَّقَاي مهمتهم استقبال الإناء المملوء بالماء وتفريغه في الساقية وبعدها إعادته إلى البئر(21)) (تُشْبِهُ المَنْجُورَ عندَنا، إِلّا أنّها أَكْبَرُ منهُ بكَثيرٍ)(22)).

الطائي يصف عملية ري الأراضي

يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وتَزْجُرُ البِيرَ ثَمانيةُ جِمالٍ فقط، ويَفعلونَ ذلكَ بكُلِّ جَمَلٍ ودَلْوٍ؛ فيَقِفُ العامِلُ بينَ كُلِّ جَمَلَينِ أو بينَ أَربَعةٍ يَحدُوهُنَّ؛ وذلكَ بدونِ خَبٍّ ولا حَفْرٍ في أَرضٍ ولا غيرِه)].

و(تَزْجُرُ البِيرَ ثَمانيةُ جِمالٍ) وقول الشيخ عيسى الطائي:(البير)، هي (البئر)، ولكن بتسهيل همزتها إلى ياء نطقًا وكتابة في اللهجات العربية المحلية. والهمزة فيها أصلية وليست منقلبة عن ياء، ومادتها الثلاثية الأصلية (بَ ءَ رَ).(فيَقِفُ العامِلُ بينَ كُلِّ جَمَلَينِ أو بينَ أَربَعةٍ)، و(العامِلُ) هو مساعد للسَّقاي مهمته استقبال الإناء المملوء بالماء وتفريغه في الساقية وبعدها يقوم بإعادته إلى البئر(23)).(يَحدُوهُنَّ) يسوقهن، و(حادي الإبل) سائقها، الذي يُغَنّي لها أثناء العمل ليَحثُّها على السير والحركة. وجمعه:(حُدَاة، حوادي). ونقرأ شاهده اللغويّ في قول سالم بن قُحْفان العنبريّ: [إِلَيْكَ تَشْكُو آزِبَاتٍ مُغْلِقِ/ وَ(حَادِيًا) كَالسَّيْذَنُوقِ الْأَرَق(24)][(بدونِ خَبٍّ ولا حَفْرٍ في أَرضٍ)] الـ(خَبٍّ): العَدْو السريع، وشاهده اللغويّ في قول محمد بن سهل بن المرزبان البغداديّ: [يَوْمُ التَّلَاقِي يَوْمٌ تُقَارِعُهُ الْأَيَّامُ عَنْ حَظِّهِ مِنَ الْمَهَلِ مُنَافَسَةً، وَتُسْرِعُ إِلَيْهِ نَظْرَةُ عُيُونِ الْحَوَادِثِ حَسَدًا، سَالِفُهُ عَنِيْفُ (الْخَبِّ)، مُغِدُّ السَّيْرِ، وَسَاعَاتُهُ خُلْسُ الْأَلْحَاظِ(25)]،و[(لا حَفْرٍ)] مصدر، وجمعه (حُفُور)، ومعناه: إحداث فجوة ذات عمق داخله. وشاهده اللغويّ في قول طريفة/ظريفة الحميرية الكاهنة: [إِذَا رَأَيْتَ جُرْذًا يُكْثِرُ بِيَدَيْهِ فِي السَّدِّ(الْحَفْر)، وَيُقَلِّبُ بِرِجْلَيْهِ الصَّخْرَ، فَاعْلَمْ أَنَّه قَدِ اقْتَرَبَ الْأَمْر](26)[(وقَدْرُ الماءِ الذي تَصُبُّهُ دِلاءُ الزَّجْرِ لا يَقِلُّ عنِ الفَلْجِ المُتوسِّطِ عندَنا)].[(وقَدْرُ الماءِ)] قَدْرُ: صفة مشبهة. والمعنى: المضبوط قياس مقداره. ونقرأ شاهدها اللغويّ في قول محمد بن بشير الخارجيّ: [خَوْدٌ مُبَتَّلَةٌ، رَيًّا مَعَاصِمُهَا/ (قَدْرُ) الثِّيَابِ فَلَا طُوْلٌ، وَلَا قِصَرٌ(27)] [(تَصُبُّهُ دِلاءُ الزَّجْرِ)] تَصُبُّهُ: تُفرغه. ونقرأ شاهدها اللغويّ في قول امريء القيس بن حُجْر الكنديّ: [فَلَمَّا اِسْتَطَابُوا، (صُبَّ) فِي الصَّحْنِ نِصْفُهُ/ وَشُجَّتْ بِمَاءٍ غَيْرِ طَرْقٍ، وَلَا كَدَرْ(28)][(لا يَقِلُّ عنِ الفَلْجِ المُتوسِّطِ)] الفَلْجِ: النهر الصغير، وهو اسم مفرد والجمع: أفلاج. ونقرأ شاهده اللغويّ في قول امريء القيس بن حُجْر الكندي: [بِعَيْنَيَّ ظُعْنُ الْحَيِّ لَمَّا تَحَمَّلُوا/ لَدَى جَانِبِ (الْأَفْلَاجِ) مِنْ جَنْبِ(29)]

.....

المراجع والمصادر:

(01) شعراء عُمان في الجاهلية وصدر الإسلام، جمع وتحقيق: أحمد محمد عبيد، المجمع الثقافي، أبوظبي، 2000م، ص:90

(02) الأمالي، أبو علي القالي(ت، 356هـ)، تحقيق: محمد عبد الجواد الأصمعي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1975م، 2/16

(03) الجغرافيا الطبيعية لسلطنة عمان، د. سالم بن مبارك الحتروشي، جامعة السلطان قابوس، مجلس النشر العلمي، 2014م، ص: 95/96/125/126، منقول بتصرف.

(04) الراوي: سمرة بن جندب، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند لشعيب، ص أو رقم: 20165، أخرجه النسائي، (السنن الكبرى) (7658)، وأحمد (20165) واللفظ له. خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين

(05) شعراء تغلب في الجاهلية، صنعة: علي أبوزيد، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط1، 2/115

(06) ديوان أبي قيس صيفي بن الأسلت، جمع وتحقيق: حسين محمد باجودة، مكتبة دار التراث، القاهرة، 1973م، ص: 92

(07) وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري(ت، 212هـ)، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، 1990، ص: 103هـ

(08) شعر الشنفرى الأزديّ، تحقيق: أحمد محمد عبيد، المجمع الثقافي، أبوظبي، 2000م، ص: 104م

(09) كتاب العين، الخليل الفراهيدي(ت، 175هـ)، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، دار مكتبة الهلال، القاهرة، د.ت، 7/373

(10) ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس بن جندل، تحقيق: محمود إبراهيم محمد الرضوانيّ، وزارة الثقافة والفنون والتراث، الدوحة، ط1، 2010م، 2/33

(11) ما هي حبوب الدخن وفوائدها الصحية، مجد حثناوي، https://www.webteb.com/articles/21089

(12) ديوان الهُذَليين، تحقيق: أحمد الزين وآخرين، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، ط2، 1995م، 2/15

(13) شعر هَمدان وأخبارها في الجاهلية والإسلام، تحقيق: حسن عيسى أبو ياسين، دار العلوم، الرياض، ط1، 1983م، ص: 247

(14) المعجم الزراعي البحراني، حسين محمد حسين، جريدة الوسط البحرينية، العدد 3563 - الجمعة 08 يونيو 2012م الموافق 18 رجب 1433هـ

(15) المعجم الزراعي البحراني، حسين محمد حسين، جريدة الوسط البحرينية، العدد 3563 - الجمعة 08 يونيو 2012م الموافق 18 رجب 1433ه

(16) ديوان لقيط بن يعمر، تحقيق: عبد المعيد خان، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1971م، ص: 37

(17) الشعراء الجاهليون الأوائل، تحقيق: عادل الفريجات، دار المشرق، بيروت، ط2، 2008م، ص: 152

(18) طبقات فحول الشعراء، محمد بن سلام الجمحيّ(ت، 231هـ)، قرأه وشرحه: محمود محمد شاكر، دار المدني، جُدّة، 1974م، 1/27

(19) ديوان تأبط شرًا وأخباره، جمع وتحقيق: علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، ط1، 1984م، ص: 94

(20) الرسالة البغدادية، أبوحيان التوحيدي(ت، 414هـ)، تحقيق: عبود الشالجيّ، منشورات الجمل، كولونيا، ط1، 1997م، ص: 349

(21) (المنجور) تراث من الزمن الأصيل، جريدة الشبيبة، الأربعاء ٢٣/يناير/٢٠١٩ ٠٠:٢١ https://shabiba.com/article/115901

(22)“المنجور” مفردة سياحية، يوسف البلوشي، صحيفة وجهات، 22 مارس,2023، https://wejhatt.com/?p=71983#

(23) (المنجور) تراث من الزمن الأصيل، جريدة الشبيبة، مرجع إلكتروني سابق

(24) أراجيز المقلين، تحقيق: محمد يحيى الزين الدين، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، مج68، ج2، 1993م، مج70، ج، 2، 3/623- 624

(25) كتاب المنتهى في الكمال، محمد بن سهل بن المَرْزُبان البغداديّ(ت، 330هـ)، رواية: أبي محمد عبيد الله بن محمد بن جميل الكرخيّ، تحقيق ودراسة: سالم مرعي الهدروسيّ، معهد الدراسات الشرقية، جامعة يوستس لايبزيغ، ألمانيا، 1987م، ص: 59

(26) كتاب المسالك والممالك، أبوعبيد البكريّ الأندلسيّ(ت، 487هـ)، تحقيق: أدريان فان ليوفن، أندري فيري، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، الدار العربية للكتاب، المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات، تونس، 1992م، 1/66

(27) شعر محمد بن بشير الخارجيّ، جمع وتحقيق: محمد خير البقاعي، دار قتيبة، دمشق، ط1، 1985م، ص: 74

(28) ديوان امريء القيس، شرح: عبد الرحمن المصطاوي، دار المعرفة، بيروت، ط2، 2004م، ص: 99

(29) ديوان امريء القيس، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط5، 1995م، ص: 56

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • نتانياهو أسدل الستار على النظام الإيراني
  • كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (51)
  • الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الـ47 من المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية
  • انطلاق الباقة الرياضية الصيفية بالداخلية
  • «حرب الجبالي» الحلقة 19.. القبض على فردوس عبد الحميد بتهمة القتل
  • مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد انطلاق فعاليات الأنشطة الصيفية
  • نيابة عن وزيرة التضامن.. "صاروفيم" تشهد تسليم جائزة الملك عبد العزيز للبحوث في قضايا الطفولة والتنمية
  • الحكم بحبس 4 أشخاص بسبب تمثال فينيسيوس جونيور.. تفاصيل
  • ثقافة النواب تناقش طلب إحاطة عن الاستثمار الثقافي بهيئة الكتاب
  • الثقافة بين الورق والرقمية.. مناقشات برلمانية حول الاستثمار الثقافي ومستقبل النشر في مصر