لجريدة عمان:
2025-05-21@02:35:16 GMT

القدس والبنت الشلبية

تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT

القدس والبنت الشلبية

من يرغب بزيارة القدس دون تأشيرة وجواز سفر ومطارات ومواصلات، فليقرأ هذا الكتاب، في كل صفحة فيه، حياة كاملة، وتاريخ طويل، هذا كتاب لا يفارق حقيبتي، قرأته أكثر من مرة، وسأقرأه، كثيرا لنفسي وطلبتي في المدارس، أنا الممنوع مع الآلاف من شعبي من زيارة القدس، حجم ودقة المعلومات التاريخية التي فيه، باهرة، وكافية لتعـزيز الإيمان المطلق بأن هذه البلاد لنا، يبدو أننا الشعب الوحيد الذي يسكن الكتب والأغاني، تبدو الروايات والكتب التاريخية والفنون بشكل عام وسيلة رائعة مؤقتة للعيش في خيامها، حلمًا وقربًا من مدن سحرية هي مدننا المحتلة، ننتظر لحظة العودة لها، نتمسك بالأغنية والقصص الخيالية والتاريخية، والمسرح؛ حتى لا نموت من القهر والحسرة.

كتاب القدس والبنت الشلبية، للدكتورة عايدة النجار ابنة قرية لفتا قضاء القدس، هو كتاب في الحياة المقدسية والعادات، والحارات والناس، فيه محاور عديدة: القدس باعتبارها تاريخا وقصورا وأمكنة لها ذاكرة، ونباتات متجذرة في التراث، وتكامل القرية والمدينة والبنت الشلبية، والعالم جمال، وأفراح وأحزان المدينة، ونساء متطوعات، وثوب القرية الشلبية، وصحافة قوية، وحجاب بنات القدس أيام زمان، والقدس ترحب ببنات فلسطين، وأديبات مبدعات من فلسطين، ونساء وسياسة.

عن دوافع وسياق هذا الكتاب المرجع والبوصلة، تقول الكاتبة عايدة النجار في حوار مهم منشور في موقعها على الشبكة: وثّقت بأسلوب علمي اجتماعي معزز بالتاريخ الفلسطيني العربي الإسلامي والمسيحي لمدينة القدس في كتابي «القدس والبنت الشلبية»، فالقدس لها خصوصية للفلسطينيين لتاريخها الطويل الموغل في القدم بما فيه من تراث مادي ومعنوي، يؤكد ويعزز الهوية والثقافة الفلسطينية الساكنة في الحجر والشجر وفي المعتقدات الدينية والعلمية، أخذت معي في رحلتي المقدسية، البنت «الشلبية» أي الجميلة كما يصفها أهل القدس والقرى المحيطة بها.

المكان له خصوصية ليس لي وحدي، بل يخلق عالمًا وحنينًا ومشاعر خاصة لمن يزورها، حجارة عتيقة داخل أسوار القدس العتيقة، بالإضافة للتراث المعماري ونقوشها التي تختزن تاريخ مَن مرّوا بها وتركوا الآثار الحضارية الضالعة في التاريخ، فيها ذاكرة العصر الروماني والبيزنطي والأموي والصليبي والأيوبي والمملوكي والعثماني، وفي نقوشها العربية تحمل التراث والهوية العربية الإسلامية. وتتطرق عايدة النجار إلى التعليم كأحد أهم مرتكزات النهضة المقدسية: للتعليم والثقافة مساحة كبيرة في الثقافة والوجود الفلسطيني قبل النكبة في القدس وقراها ومدنها، وعن مكانة المرأة في فلسطين قبل النكبة تقول: كان للمرأة دور مهم مع الرجل في بناء الحضارة والاستفادة من ثقافة الحضارات العالمية، ولعل الفصل المتعلق بالبنت الشلبية، منذ ولادتها ما يشير إلى مكانتها المتقدمة آنذاك، فقد كان لها تحت الانتداب البريطاني دور اجتماعي إنساني للتخلص من الجهل والأمية، بالإضافة لدورها السياسي الوطني لرفض وعد بلفور والانتداب البريطاني حتى عام النكبة 1948، جنبا لجنب مع الرجل، وهناك سرد مطول وتفصيلي عن الرائدات في مختلف المجالات .

وتضيف الباحثة المخلصة: (ولعل هذا الكتاب الذي أصبح مرجعا تاريخيا اجتماعيا في الفترة الزمنية تحت الانتداب البريطاني يعزز حق الشعب الفلسطيني بالقدس وفلسطين التي نحلم ونعمل لتكون العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المستقلة).

الذين تحمسوا للكتاب واستلهموه كُثر والذين استفادوا منه كُثر، منهم الأدباء والفنانون والشعراء والمسرحيون الذي مُلئوا بمعلومات مهمة فيه عن طقوس حياة المقدسيين وتاريخ الأمكنة المقدسية ورموز أزمان القدس؛ لبناء أدبهم ومسرحهم وأفلامهم ورواياتهم، في المجالات كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومنهم الباحثون في تاريخ فلسطين والقدس خصيصا الذين يبحثون عن المعلومة التاريخية، لدعم نظرياتهم، ومنهم من استضاؤوا بمعلومات الكتاب لدراسة الحياة الاجتماعية الفلسطينية وتوجهات السكان الفلسطينيين، للخروج بنظريات عن تطور الحياة الاجتماعية في فلسطين قبل النكبة، ومنهم مدرسو وواضعو المنهاج الفلسطيني لعرض التاريخ المقدسي في المدارس الفلسطينية على طبق بأسلوب لغوي جذاب وبسيط وعميق ودقيق، والذين سيجدون فيه أهم وأرسخ الدلائل، ومنهم المناضلون والسياسيون الذين اتخذوه مرجعا ودليلا كبيرا على صخب وتنوع وعمق الحياة الفلسطينية بكل حقولها وامتدادها على مر القرون، وعلى رسوخ الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني قبل النكبة، مما يدحض رواية المحتل بفراغ البلاد وانعدام الحياة فيها.

الكتاب مدعّم بالصور النادرة التي تؤرخ لكل حدث ومعلومة، الحسرة التي تسببها قراءة هذا الكتاب غير مسبوقة، فالوضع الحالي للقدس في الحضيض؛ بسبب إجراءات الاحتلال في تهويدها وحصارها وتمزيق أوصالها واعتقال مناضليها، ومحاربة كل محاولة لتوثيق ماضيها الجميل، بل والتدخل في منهاجها بالمدارس العربية؛ لكسر كل محاولة لاسترجاع الأمجاد عاطفيا وفكريا، والشعور الذي يخرج به القارئ غريب ومؤلم، فهو سيتساءل بحزن: كيف يمكن إعادة القدس إلى ازدهارها وعروبتها؟ يقول الكاتب مالك الريماوي في نص جميل حول إحساسه بهذا الكتاب: (بعد قراءتي له، رأيت نفسي أذهب إلى القدس، وأبحث عن الأماكن المذكورة في الكتاب، حارة حارة وعقبة عقبة، وبابًا بابًا، وحيًّا حيًّا، وجدت الأماكن على حالها، صامدة وقوية ووجدت روحها راسخة، لكن الناس كانوا مقهورين وفقراء، ومحاصرين، فبيوتهم مهددة بالسرقة، والطريق إلى الأقصى غالبا غير آمن، وعلم الأغراب مرفوع فوق أماكن كثيرة، وجنود الكراهية يتجولون بعنجهية، بحثت عن بيّاع الفستق النيجيري الفلسطيني، لم أجده، كان هناك فراغ كثير في مكانه، بحثت عن الصحفية الشجاعة ساذج نصار، وخليل السكاكيني والنشاشيبي، وحبيب خوري، وافتيم شلبك، وجورج خميس وجورج انطونيوس، وذهبت لحضور فيلم ليوسف وهبي، فلم أجد الفيلم ولا يوسف ولا السينما).

عايدة النجار في سطور:

من قرية «لفتا» القريبة من مدينة القدس، ولِدت في ديسمبر عام 1938.

غادرت مع أسرتها إلى الأردن عام 1948، ونالت شهادتها الجامعية من العاصمة المصرية القاهرة في علم الاجتماع عام 1960.

حصلت على ماجستير في الصحافة والتنمية من جامعة «كانساس» الأمريكية.

حصلت على الدكتوراة في وسائل الاتصال الجماهيري من جامعة «سيراكيوز» الأمريكية.

الراحلة أشهرت قبل أشهر آخر مؤلفاتها بعنوان «عمّان بين الغزل والعمل».

صدر لها كتاب «صحافة فلسطين والحركة الوطنية في نصف قرن: 1900- 1948» عام 2005 وحاز على جائزة جامعة فيلادلفيا (لأحسن كتاب في العلوم الإنسانية).

نالت جائزة أفضل كتاب عربي بمسابقة «الأيام» البحرينية والعديد من الجوائز العربية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا الکتاب

إقرأ أيضاً:

اتحاد الكتاب: حصلنا على تعهد بتأجيل إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة

كتب- محمد شاكر:

عقدت النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، برئاسة الدكتور علاء عبدالهادي، مساء أمس الأحد اجتماعا مهما بمقر الاتحاد بالزمالك، بمشاركة المجلس الاستشاري الأعلى بنقابة، مع اللواء خالد اللبان رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بحضور الشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، حول قرارات هيئة قصور الثقافة الأخيرة وما أثير حول إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة.

وقال الكاتب أحمد قرني عضو المجلس الاستشاري الأعلى بنقابة اتحاد الكتاب ورئيس النقابة الفرعية لكتاب بني سويف والفيوم، في تصريحات لمصراوي: حرصا من نقابة اتحاد الكتاب وتقديرها للموقف وغضبة الأدباء فقد دعا الاتحاد لهذا الاجتماع، حيث تحدث رئيس الاتحاد عن أهمية الشراكة الثقافية بين نقابة الكتاب وبين وزارة الثقافة وأكد خلال كلمته على أهمية الثقافة والهيئة لكونها تتعامل مع الكتاب والمواهب في كل المجالات.

وأضاف قرني: تحدث بعد ذلك اللواء خالد اللبان حول رؤيته لتطوير هيئة قصور الثقافة وكيفية تنمية مواردها وطرح ما أثير حول غلق بيوت الثقافة في الأماكن المستأجرة وأن هناك مقرات لا تتجاوز عدة أمتار ولا تصلح لإقامة الأنشطة ولا تليق بمكانة المثقف والفنان وبعضها يظل مغلقا طوال العام بلا عمل مع تغيب الموظفين الدائم وأنه يمتلك رؤية سيقدمها قريبا لوزارة الثقافة لتنمية الموارد.

وأكمل قرني: استمع " اللبان" إلى آراء الزملاء وانتقادتهم للقرار من كل جوانبه وأهمية إتاحة الثقافة لكل ربوع مصر، واستمر الاجتماع لعدة ساعات.

وختم قرني بقوله: انتهى اللقاء باقتراح تشكيل لجنة لمتابعة أنشطة وفعاليات البيوت المزمع غلقها، وأي بيت ثقافة أو مكان يثبت فاعليته وقيامه بأنشطة حقيقية ستتكفل الهيئة بتدبير مكان لائق قبل قرار الغلق، وأوضح أنه بالنسبة لتلك المقرات سيؤجل قرار إخلائها لحين رأيي اللجنة.

اقرأ أيضاً:

ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025

تنسيق الجامعات 2025.. كل ما تريد معرفته عن برنامج الطب الفرنسي "كاف" لطلاب الثانوية

8 توجيهات من جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن الامتحانات

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

اتحاد كتاب مصر إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة الدكتور علاء عبدالهادي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان

أخبار

اتحاد الكتاب: حصلنا على تعهد بتأجيل إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

كيف ردت مصر على طلبات صندوق النقد الدولي في المراجعة الخامسة؟ .. فخري الفقي يجيب زيادة الرواتب في يوليو.. جدول أجور الموظفين بالدرجات المالية الدولار يتراجع تحت الـ 50 جنيها لأول مرة منذ 5 أشهر 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • كتاب يبرز أهمية الطحالب في الطب والتغذية
  • نسخة عربية من كتاب «الشيخ التنفيذي»
  • الرئاسة الفلسطينية: لا سلام دون غزة... ودولة فلسطين هي صاحبة الحق والسيادة
  • اتحاد الكتاب: حصلنا على تعهد بتأجيل إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة
  • وزارة الأوقاف تصدر كتابًا مبسطًا يشرح مناسك الحج
  • الأوقاف تصدر كتابًا يشرح مناسك الحج بطريقة مبسطة
  • العدالة الانتقالية ومصادرها في التشريع الإسلامي ضمن كتاب جديد
  • كل ما تحتاج معرفته عن رسوم كتب الكتاب ومصاريف عقد ‏القران 2025‏
  • إقرار 65 كتابًا مدرسيًا جديدًا في مختلف المباحث الدراسية
  • كوابيس في الكواليس.. إصدار جديد من هيئة الكتاب لـ سعد الدين وهبة