قراءة جغرافية للحرب الروسية الأوكرانية
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
«بعد سنوات صعبة من انهيار الاتحاد السوفيتى، أصدر المؤرخ الروسى سيربريانكوف في عام 1998 كتابه المهم (حروب روسيا). ومن بين أشهر عبارات الكتاب أن روسيا (وُلدت لتحارب). يتبع المؤلف الحروب التي خاضتها روسيا عبر ألف سنة، فينتهى عبر التحليل الإحصائى إلى أن روسيا- بعد فرنسا- هي أكثر دول العالم خوضًا للحرب. من دون شك تُعد الحرب مكونًا أساسيًّا في الحياة الروسية، بل هي ركن من أركان عقيدة الدولة ونظام الحكم فيها».
الاقتباس السابق من كتاب «روسيا وأوكرانيا- حرب عالمية غير معلنة»، من تأليف الدكتور عاطف معتمد، أستاذ الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة، والصادر حديثًا عن دار الشروق. وقد يكون هذا الكتاب هو الأهم باللغة العربية في موضوعه. وتنبع قوته في تتبعه لأصول تلك الحرب وجذورها في التكوين الجغرافى والسكانى والتاريخى النادر لهذه المنطقة من العالم. وكما يظهر من الاقتباس، فإن الكتاب يُحرض قارئه على النظر إلى هذه المنطقة في إطار خصوصيتها الفريدة، ويعتبر- عن حق- أن الجغرافيا والتاريخ صانعان أساسيان لأحداثها، ومحركان لحاضرها ومستقبلها.
لماذا «وُلدت روسيا لتُحارب»، كما يقول هذا المؤرخ الروسى؟. الفصل الأول يشرح لنا نشأة الدولة الروسية الحديثة قبل خمسمائة عام من رحم تجمعات القبائل السلافية الفرنجية، وبعد غزوة مغولية استمرت مائتى عام. يقول المؤلف: «وكما أن موسكو استلهمت من بيزنطة رسالة الممالك الأرثوذكسية على البحر المتوسط، استلهمت من المغول حضارة البر الآسيوى، وأصبحت بذلك مؤهلة لمواجهة حاسمة مع دول أوروبا، ومشحونة بطاقة هائلة للتوسع والتوغل».
هي إمبراطورية أوراسية كبرى إذن شهدت أكبر عمليات توسعها في القرن السادس عشر، ثم صاغت منذ بطرس الأكبر في مطلع القرن السابع عشر مفهومًا عجيبًا لترسيخ هذا التوسع المستمر تحت مُسمى «النطاقات الجغرافية العازلة». في 1809 ضمت فنلندا لتصنع منها حاجزًا أمام السويد، وتحمى مدينتها الأهم على البلطيق «سان بطرسبرج»، ثم استولت على القوقاز بين 1800 و1840 لتخلق منطقة عازلة بينها وبين تركيا وإيران، وضمت منطقة أواسط آسيا في منتصف القرن التاسع عشر لتقوم عازلًا بينها وبين بريطانيا في الهند!.
الامتداد الجغرافى الهائل، من فيلاديفوستوك على المحيط الهادى وحتى شرق أوروبا، صاغ «شخصية الدولة». مساحة تفوق 17 مليون كيلومتر مربع، تطوى 11 منطقة زمنية، وثقافات وهويات شتى. روسيا القيصرية خاضت الحروب دفاعًا عن هذا الكيان العملاق، جغرافيًّا وسُكانيًّا. ظل الجيش الروسى هو الأكبر في أوروبا، ورمانة الميزان في توازن القوى في القارة. ربما كانت الشيوعية «مظلة جديدة»، أو طريقًا آخر، للسيطرة على هذا الامتداد الجغرافى المهول والتنوع القومى الفريد.
إن الناظر إلى هذه المنطقة يعجب من حجم التشابكات الجغرافية والسياسية، المُورَّثة من أزمنة قديمة وحديثة ومُعاصرة. المُعضلة الكبرى تتمثل في علاقة روسيا بمحيطها المباشر، هل هي إمبراطورية تُسيطر على الهوامش؟، وأين تنتهى هذه الهوامش؟. مثلًا: خرجت فنلندا حينًا من فلك الهيمنة الروسية بعد الحرب الأولى، ثم ما لبث أن عاد ستالين، وحاربها، واقتطع منها إقليم «كاريلينيا». فُرض على هذه الدولة، بموجب معادلة وُقعت في 1948، أن تكون منطقة عازلة بين روسيا والغرب. اليوم، وكنتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، انضمت فنلندا إلى الناتو، وهى على مرمى حجر من المدينة الروسية الأهم على البلطيق «سان بطرسبرج». إنها بيئة أمنية متوترة. مملوءة بالشكوك والمخاوف المتبادلة، ومعبأة باحتمالات لانفجار الصراع في المستقبل.
قل مثل ذلك عن علاقة روسيا بدول البلطيق الثلاث وبمولدوفا (ذات الموقع الاستراتيجى المهم، والتى تقتطع روسيا منها كذلك إقليمًا انفصاليًّا لم يعترف به أحد!). في هذه الدول تسود الروسوفوبيا، (أى رُهاب روسيا). رئيسة لاتفيا لخصت الأمر حين كانت بلادها تسعى لعضوية الناتو بقولها: «إن هذه العضوية ستحقق لنا أن نأوى إلى فراشنا آمنين دون أن يكون هاجسنا في الليل قدوم أحدهم يطرق بابنا بعنف، ويُلقى بنا عنوة في قطاع ذاهب إلى سيبريا»!.
من المزايا المهمة للكتاب الذي بين أيدينا أنه يدفعنا إلى رؤية الصورة من أكثر من زاوية. الزاوية الروسية مهمة، مهما حاول الغرب تسطيحها أو اختزالها في الرغبة في الغزو والهيمنة، أو النزعة السلطوية في الحكم. رؤية روسيا لذاتها وتاريخها مُحرك رئيسى للأحداث، مهما كان حكمنا عليها. المؤلف لا يقع أسيرًا لهذه النظرة، ولكنه ينجح في عرضها في حياد كامل. ساعده في ذلك بطبيعة الحال تمكنه من اللغة الروسية بحكم حصوله على الدكتوراه من جامعة سان بطرسبرج، ثم عمله مستشارًا ثقافيًّا في السفارة المصرية بموسكو.
ما رؤية موسكو؟. هي رؤية ضدية في الأساس، أي أنها مبنية على مواجهة الغرب. الخطاب الروسى، في عهد بوتين، يقوم على أن الغرب ليس كتلة صلبة ولكن قابلة للتفكك. أحد دوافع «بوتين» في تسخين خطاب القومية في أوروبا عبر مساندة قادة اليمين، مثل «مارى لوبان» في فرنسا، هو ما تُمثله القومية- خاصة في نسختها المتطرفة- من تهديد للمشروع الأوروبى المُتمثل في الاتحاد العابر للقوميات.
لا تعتبر روسيا البوتينية أن الديمقراطية أكمل النظم السياسية كما يُبشر الغرب بزعامة الولايات المتحدة، بل ترى أن الديمقراطية هي أن يختار كل شعب النظام الحضارى والاجتماعى والسياسى الذي يناسبه. وهى ترى العولمة مؤامرة نتيجتها استئثار «المليار الذهبى» بالثورة والنفوذ، رغم أن هذا المليار لا يمثل أكثر من 13% من سكان العالم. ويرى بوتين روسيا حضارة مستقلة، قائمة بذاتها ومكتفية بنفسها، تجمع في داخلها أعراقًا وهوياتٍ دينية مختلفة.
على أساس من هذه الرؤية، تسعى روسيا لتكوين حلف مناهض للغرب ومتحدٍّ لهيمنته. الكاتب لا يفوته ما ينطوى عليه هذا الحلف المُفترض من تناقضات. يلفت النظر، مثلًا، إلى العلاقة المرتبكة بين روسيا والصين: «بينما تتقن روسيا سياسة الترهيب أكثر من الترغيب، ولا تصدر للعالم سوى النفط والسلاح، تحتاج الصين إلى الحفاظ على علاقتها القوية بأغلب دول العالم لإكمال مشروعها ببناء إمبراطوريتها التجارية». وفى موضع آخر، وفى إطار الحديث عن انكشاف روسيا الديموغرافى، يضع الكاتب خطًّا تحت معلومة مهمة: «فى وقت يتناقص فيه عدد السكان الروس، فإن أعدادًا متزايدة من المهاجرين من الصين تتدفق من مناطق الحدود عند الشرق الأقصى إلى روسيا بسبب الخلل الديموغرافى. ويمكن فهم هذا الخلل حين نعرف أنه في الشطر الروسى من شرق سيبريا يعيش أقل من 10 ملايين نسمة في مساحة تزيد على 6 ملايين كم2، في حين يعيش على الجانب الصينى نحو 150 مليون نسمة يعانون البطالة والفقر في مساحة لا تصل إلى مليونى كم2»
والحق أن الكتاب يزخر بمعلومات متنوعة حول التشابكات الجغرافية والسكانية المحيطة بروسيا، في القوقاز وآسيا الوسطى. كما يُخصص فصلًا كاملًا لشرح مسألة الطاقة (النفط والغاز) وتأثيرها في هذه التشابكات. وبعد الفراغ من قراءة الكتاب نفهم، مثلًا، لماذا يحظى الاحتفاظ بمنطقة القرم بإجماع روسى لا علاقة له ببوتين، وكيف أسهمت «الهوية المشطورة» في أوكرانيا، وفشل مسار الثورة البرتقالية، في تهيئة المسرح للحرب الحالية؟.
أما الخلاصة، كما يراها المؤلف، فهى أنه لا انتصارًا كاسحًا لأى طرف في أوكرانيا. ثمة ما يشبه الخط الأحمر الذي رسمته القوى الغربية لروسيا، وبحيث لا تتجاوز نهر الدنيبر أو تهدد أوديسا (منفذ صادرات أوكرانيا على البحر الأسود). عندما تجاوزت موسكو الخط تم إغراق المدمرة «موسكوفا» في إبريل 2022 في رسالة واضحة لبوتين. وبالتالى، فقد تنتهى الحرب إلى «صراع مجمد». صحيح أن موسكو سيطرت على ربع مساحة أوكرانيا بطاقتها الصناعية الكبيرة، ولكنها خسرت حياد فنلندا والسويد، وصار الناتو أقرب من حدودها، فيما أمريكا تستنزفها من بعيد بدماء أوكرانية.
إنه كتابٌ محكم التنظيم والعرض، يعكس جهدًا واضحًا ودراية كبيرة بالموضوع وأبعاده. يستحق القراءة لكل المهتمين بالشؤون الروسية، وبالسياسة العالمية بوجهٍ عام.
جمال أبوالحسن – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.. نهاية للحرب أم تصعيد للصراع في السودان؟
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإدراج الإخوان المسلمين “الحركة الإسلامية” في السودان ضمن قائمة المنظمات الإرهابية موجة من الجدل والتساؤلات حول تأثيره على الوضع السياسي والاجتماعي في السودان. فهل سيكون هذا القرار بداية لنهاية الحركة الإسلامية في السودان، أم سيزيد من تعقيد الأوضاع في البلاد؟
تقرير: التغيير
طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من وزيري الخارجية ماركو روبيو والخزانة سكوت بيسنت بدء بحث تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابيين، في خطوة من شأنها التمهيد لفرض عقوبات على الفروع المستهدفة.
وذكر البيت الأبيض في نص بيان الأمر التنفيذي، أن ترامب أمر ببدء “عملية يتم بموجبها اعتبار بعض أقسام الجماعة منظمات إرهابية أجنبية”، مع الإشارة خصوصا إلى فروعها في لبنان ومصر وتونس والأردن. ووجّه روبيو وبيسنت بتقديم تقرير عمّا إذا كان سيتم تصنيف أي من فروع الجماعة، كما طلب منهما المضي قدما في تطبيق أي تصنيفات في غضون 45 يوما من صدور التقرير.
حاكم تكساسوقبل إجازة القرار بشكل رسمي سارع حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) رسميًا كمنظمة إرهابية أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود الوطنية.
ويمنع هذا التصنيفُ الجماعةَ من شراء أو امتلاك الأراضي في تكساس، ويمنح المدعي العام في تكساس سلطة اتخاذ إجراءات قانونية لإغلاقهما.
كما تستمر الجهود الأوروبية للحد من نفوذ جماعة الإخوان في القارة، مع ارتفاع الوعي بخطر انتشار التطرف داخل المجتمعات، وفي خطوة غير مسبوقة، شهدت مدن مثل فيينا وبراج ولندن وباريس وبرلين وبروكسل وسويسرا، وصولًا إلى هولندا وأيرلندا، تجمعات احتجاجية طالبت بتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، وفرض عقوبات دولية على شبكاتها المالية ووقف مصادر تمويل الإرهاب المرتبطة بها.
اخوان السودان
في السودان، طالبت كيانات سياسية بتصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي، من بينها تحالف صمود برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، وتحالف تأسيس برئاسة قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”. ويأتي هذا المطلب بهدف تقليص دور الإخوان المسلمين في السودان، خاصة الحركة الإسلامية بزعامة علي كرتي، التي يتم اتهامها بإشعال حرب منتصف أبريل 2023.
ويرى مراقبون أن تصنيف الحركة الإسلامية كجماعة إرهابية قد يعقد الأزمة في السودان ويطيل أمد الحرب، خاصة وأن الحركة لديها مقاتلون إلى جانب الجيش في حربه ضد الدعم السريع، التي تقترب من دخولها عامها الرابع، والتي خلفت أكبر أزمة إنسانية في العالم وفقًا للأمم المتحدة.
تأخر القرارويرى السياسي والمفكر السوداني دكتور النور حمد، أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تأخر كثيرًا جدًا. وقال النور حمد لـ(التغيير) إن كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأخيرا المملكة الأردنية، صنفت هذه الجماعة جماعة إرهابية، منذ سنوات.
وأضاف أن كل العنف والاضطراب والزعازع التي تحدث في العالمين العربي والإسلامي، وحتى في الدول الغربية، تقف وراءها هذه الجماعة.
وتابع: لقد نشأت هذه الجماعة في عشرينات القرن الماضي وتقارب الآن أن تكمل قرنا كاملا. ولا بد من ملاحظة أن هذه الجماعة أخطبوطية متعددة الرؤوس. وهذا التعدد في الرؤوس جزء من خطتها لإرباك الحكومات العربية والإسلامية والقوى الدولية بصورة تجعل محاصرتها أمرًا صعبا.
وأشار إلى أن كل عمل إرهابي حدث في العقود الأخيرة وقفت وراءه هذه الجماعة المتطرفة المعسكرة. ولذلك، لا أرى أي فرق بين جماعة الإخوان المسلمين في السودان، أو في مصر، أو في تونس، أو في الأردن، أو في اليمن، أو في باكستان، وبين جماعة بوكو حرام، أو القاعدة، أو الشباب الصومالي، أو داعش، وغيرها.
وأوضح أن كل هذه المسميات التي تتكاثر كما يتكاثر الفطر في البرية تضمها مظلة واحدة ماكرة. فهي جميعها جماعات عنفية تؤمن بالوصول إلى السلطة عن طريق العنف وتؤمن بأن من حقها إخراس أي صوت غيرها صوتها.
وقال حمد لقد سبق أن استخدمت المخابرات الأمريكية هذا التيار في مقاومة المد اليساري الشيوعي في العالم العربي في خمسينات وستينات القرن الماضي. كما استخدمتها في محاربة الغزو السوفيتي لأفغانستان في السبعينات. وأضاف وقد جرى ذلك من قبل المخابرات الأمريكية بمساعدة المملكة العربية السعودية والمؤسسة الدينية الوهابية حين كانت مهيمنة على الخطاب الديني في المملكة العربية السعودية.
وتابع لكن، لقد اكتوت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية بنار ذلك الدعم الذي قدمتاه للمتطرفين. فقد جرى نسف مباني الأمريكيين في الخبر في المملكة العربية السعودية، وجرى نسف السفارات الأمريكية في شرق أفريقيا، كما جرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وغير ذلك. وكما جاء في الشعر العربي: (ومن يجعل الضرعام بازًا لصيده تصيَّده الضرغام فيما تصيدا).
وأردف: فمن يستخدم المتطرفين لخدمة أجندة تكتيكية سيجيء يوم ينقلب فيه عليه أولئك المتطرفون. وفق تعبيره.
وزاد ولذلك، أرجو أن يكون التصنيف الذي جرى من قبل الإداراة الأمريكية، حتى الآن، لبعض الجماعات، في بعض الأقطار، مقدمة لكي يصبح هذا التصنيف شاملاً لكل الجماعات التي تنشط في العالمين العربي والإسلامي، بل وفي في أوروبا.
وقد اتضح للأوربيين أن هذه الجماعة تعمل على بث روح التطرف وسط أبناء المسلمين في الدول الغربية بل كانت وراء إرسالهم إلى دول الشرق الأوسط ليحاربوا مع المتطرفين. وقال إن في السودان بلغوا حد إرسال طالبات الجماعات إلى مناطق حروب المتطرفين ليسهموا بما أسموه (جهاد النكاح) فهذه الجماعة متعددة الرؤوس تتخفَّى خلف مختلف المسمَّيات ومختلف الأنشطة الخيرية الخبيثة.
باختصار، هذه أكبر من أعاق العالمين العربي والإفريقي من الإمساك مبادئ الحداثة المتمثلة في الحرية والديمقراطية. فهي جماعة تعمل، بطبيعتها، ضد السلام، وضد الاستقرار، وضد الديمقراطية، وضد التقدم، وتستخدم العنف لتحقق رؤيتها القروسطية الفاشية هذه.
تمرير القانونبدوره، يرى الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو الجوخ أن تأثير القرار الأمريكي الذي أجازته لجنة العلاقات الخارجية في انتظار اجازته من الكونغرس “مجلس النواب” ومجلس الشيوخ ليصبح قانونًا بعد توقيع الرئيس ترامب عليه فعليًا.
وقال أبو الجوخ لـ(التغيير) إن هذا الإجراء تجاوز المرحلة الأولى ولا يتوقع أن يجد معارضة باعتباره تشريع مقترح من ترامب المسنود بالاغلبية الجمهورية في كل من مجلسي النواب والشيوخ ولذلك فلا يتوقع أن يجابه القانون أي عقبات لتمرير القانون شكلاً.
وأشار إلى أن تأثير هذا القرار سيكون مرتكز بشكل أساسي على الرباعية بداية لكون الدول المشكلة لها بعد هذا القانون كلها قد أصدرت قوانين صنفت جماعة الاخوان المسلمين “تنظيمًا إرهابيًا” حيث سبق لكل من مصر والامارات والسعودية هذا التصنيف وهو ما يعزز بيان 12 سبتمبر الصادر عن الرباعية الذي ينص على ابعاد الاخوان المسلمين والحزب المحلول والمجموعات الارهابية عن تدابير المستقبل للسودان وهذا يغلق كوة الضوء التي يحاول الحزب المحلول التسلل من خلالها بطرح نفسه في المشهد السياسي مجددًا.
تصعيد الصراعوفي المقابل، يرى المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد ميرغني، أن تصنيف الإخوان المسلمين أو الحركة الإسلامية في السودان كجماعة إرهابية قد يؤدي إلى تصعيد الصراع. حيث قد ترى الحركة الإسلامية أنها مستهدفة من المجتمع الدولي وتزيد من مقاومتها. كما قد يؤدي إلى زيادة التوترات بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي، مما قد يعيق الجهود الرامية إلى تحقيق السلام.
وقال ميرغني لـ(التغيير) إن قيادات الحركة لن ترضخ لهذا القرار وستحاول مقاومته بجميع الوسائل، خاصة بعد أن فقدت خيرة شبابها في الحرب الحالية. وأضاف أن الحركة الإسلامية لن تتخلى عن خيار الحرب وتحقيق السلام في السودان إلا إذا وجدت ضمانات من المجتمع الدولي بعدم تعرض مصالحها وقياداتها لمحاكمات مستقبلية.
ورأى أن المخرج من الأزمة الحالية هو جلوس جميع السودانيين في حوار جامع لا يستثني أحدًا، يتم فيه تناسي مرارات الماضي إذا أردنا سودانًا واحدًا موحدًا.
التضييق في تركياوراجت أنباء في الأيام الماضية عن بدء تركيا التضيق على الإسلاميين السودانيين بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام الماضية بتصنيف الاخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
ويقول النور حمد إن ما يتردد حول أن تركيا بدأت إجراءات صد المقينين لديها من الإخوان المسلمين فلا توجد معلومات مركدة حوا هذا الامر.
وأضاف لكن كلفت الإدارة الأمربكية وكالتها للاستخبارات CIA بمراقبة تدفق السلاح على السودان وتدفق الأموال إضافة إلى صادرات الذهب وذلك لتجفيف المعينات التي تساعد على استمرار الحرب. وهذه خطوة جيدة نحو أنهاء الحرب.
من جهته، يقول ماهر أبو الجوخ معلوم أن التصنيف الأمريكي للجماعة وواجهاته يعد قانونًا وطنيًا وبالتالي فإن نطاق سريانه ينطبق على الدولة الصادر عنها ولا ينتقل أثره بشكل إلزامي على غيرها من الدول ما لم يتضمن تنفيذه وسريانه اتفاق مشترك ومثل هذا الاجراء ملزم في حال صدوره من مجلس الأمن الدولي.
وأشار إلى أن هذا التباين لا يخلق تناقضًا في العلاقات ما بين الدول إذا ما اختلفت تقديراتها والدليل على ذلك علاقات انقرة مع الدول الثلاثة الأخرى بالرباعية التي تصنف الجماعة “كياناً إرهابياً” ولكن النقطة ذات التأثير هي المرتبطة بعدم السماح باطلاق انشطة يمكن أن تفسر بأنها عدائية تجاه اي من الدول الصديقة وهذه الانشطة نفسها يرتبط تفسير وتعريف “عدوانيتها” من طرف وقبل الدولة الأخرى.
وعليه فإن أمر وقف الانشطة سواء كانت إقتصادية أو إعلامية محكوم بأمرين مقدار الضرر والاعتراضات على تلك الانشطة وثانيها علاقة الطرف المتضرر بأنقرة نفسها واقناعها بضرورة وقف تلك الأنشطة.
واوضح أن هذا يجعل مسألة الالتزام في ظل التباين من الموقف من “إرهابية” جماعة الاخوان أو عدمه قائم على اساس مستوي العلاقات والتفاهمات بين الحكومات وفي هذه الحالة سيكون مقدار التفاهم مع أنقرة.
وتابع: من المؤكد أن التوجه التركي الحالي لن يتخلي عن الاخوان عمومًا وتنظيم الحزب المحلول على وجه الخصوص المتواجد في أراضيهم لكن إذا وجدوا أنفسهم أمام طلبات أمريكية أو إقليمية أو من الرباعية قد يحجموا أنشطتهم السياسية والاعلامية والاقتصادية إذا طُلب منهم ذلك.
واستدرك قائلًا: لكن حتى اللحظة على المستوي المنظور لا توجد مؤشرات على اللجوء لهذا التوجه والخيار لا على مستوي الرباعية أو الادارة الامريكية نفسها في ما يتصل بوضعية تنظيم اخوان السودان والحزب المحلول.
اختلاف الآراءفي الختام، يظل تصنيف الحركة الإسلامية كجماعة إرهابية محل جدل وتساؤل حول تأثيره على الحرب في السودان. بينما يرى بعض الخبراء أن هذا التصنيف قد يضعف قدرة الحركة على مواصلة الحرب، يعتقد آخرون أنه قد يؤدي إلى تصعيد الصراع. وفي كل الأحوال، يبقى الأهم هو أن يكون هذا التصنيف جزءًا من خطة شاملة لتحقيق السلام والاستقرار في السودان، وليس وسيلة لزيادة تأجيج الأزمة.
الوسومالإخوان المسلمين الإرهاب الولايات المتحدة الأمريكية